قال تعالى:"فآمنوا خيرا لكم"
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى:فآمنوا خيرا لكم " وقوله تعالى"انتهوا خيرا لكم" حيث يحذف المتكلم من كلامه ما لا يحتاج إليه وما يستغني الكلام عنه ،ويحذف ما دل عليه الدليل ، لعدم الأهمية المعنوية ، ويمكن أن نقول :إن الأصل في الآية الكريمة هو :انتهوا يكن الانتهاء خيرا لكم "و"فآمنوا يكن الإيمان خيرا لكم " كما جاء في الحديث الشريف :التمس ولو خاتما من حديد ،والتقدير :ولو كان الملتمس خاتما من حديد ،فحذف كان واسمها بدلالة السياق الداخلي .ويمكن أن نقول كذلك أن الأصل في هاتين الآيتين الكريمتين هو:آمنوا وإن تؤمنوا يكن الإيمان خيرا لكم " و"انتهوا وإن تنتهوا يكن الإنتهاء خيرا لكم " فحذف حرف الشرط وفعل الشرط وجوابه واسم يكن لأن الكلام مفهوم بدونها ،جاء في الحديث الشريف:خللوا بين أصابعكم لا يخللْلها الله بالنار" والتقدير:إن تخللوا لا يخلْلها الله بالنار ، وجاء في الحديث الشريف:صلِّ في بيتي مكانا أتخذْه مصلى" والتقدير:إن تصلِّ أو إن تفعل أتخذْه مصلى " فهذا ينجزم على جواب الأمر . والعرب تقول:ائتني آتك، ولا تفعل يكنْ خيرا لك ، وأين بيتك أزرْك، وليته عندنا يحدثْنا، وألا تنزل تصبْ خيرا ، وكل هذه الأفعال مجزومة بالشرط المقدر الموجود في العقل ، وأصلها هو: ائتني وإن يكنْ منك إتيان آتك. لا تفعل وإن لم تفعل يكنْ خيرا لك . أين بيتك وإن أعلم مكان بيتك أزرْك. وليته عندنا وإن يكن عندنا يحدثْنا .ويمكن أن نعدَّ هذا من قبيل الاقتصاد اللغوي حيث يبذل المتكلم أقل جهد ممكن في الكلام في سبيل الوصول إلى أعلى معنى .والتقدير الأول أولى لأن التقدير ينبغي أن يكون بقدر يحتاجه التركيب.