بسم الله الرحمن الرحيم



الإحتفال بالمولد النبوي بداية من بدعية

إيقاد الشموع، ونهاية بعبادة قبره صلى الله عليه وسلم




الحمد لله الواحد الأحد، الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد والصلاة والسلام على النبي أحمد، ثم أما بعد: لكل أمة عظماء في تاريخهم ومبدأ نشأة دولهم وحضاراتهم أو إمبراطوريتهم ، ولكل أمة طريقة خاصة في تمجيد عظماءهم ، وساداتهم وزعماءهم ، فمنهم من يعبدهم من دون الله تعالى ، ويخلص لهم في الحياة والممات، ومنهم من يشهد لهم بالتنبأ ونزول الوحي عليهم من غير سلطان من الله، ومنهم من يشهد لهم بالعصمة ومنهم من يصفهم بالإلهام والتسديد والتوفيق في كل شيء ، ومنهم من ينعتهم بالنورانيين والملائكة، ومنهم من يزعم عودتهم قبل قيام الأرواح بغير نص من شريعة الله، ومنهم من يسمهم بما لا يليق بالبشر، أو مما هو من صفات الله وحده، ومنهم من يبتكر لهم خرافات بهلوانية، وينسج لهم أساطير من الخيال حتى يعظمهم في أعين العامة وأهل الجهل، فيجعلهم بذلك يخلدون في ذاكرة الأجيال، ومنهم من يحدث لهم كرامات ومعجزات تشبه معجزات الأنبياء، وفي الحقيقة هي خزعبلات تدليس أهل الدجل وشطحات من تلبيس أهل البهتان والكذب والإفتراء ، ومنهم من يخدم قبورهم من بعدهم حتى يكون لهم مخلصا، فيعكف عليها ويبني عليها المباني، ويشيدها بالعمران والزخرفة والتحف، حتى تبدو في ذهن الغفل من الناس أنها خارجة عن العادة، وتحدث للمرء الخوارق من الأحوال التي لا يستطيعها أحد من البشر، وغير ذلك من العادات الفاسدة الكفرية، والبدع العوائد الشركية، والعبادات الإبليسية التي خدع بها إبليس بني آدم ، ولا يزال يفعل بهم الأعاجيب من الأفاعيل المضحكة، وشرها المبكية في نفس الوقت، فبداية الشرك بالصغيرة من العقائد الكفرية الباطلة، ونهايته بالشرك الأكبر المخرج من الملة ، ولقد جاء في كتب الدرر السنية في بيان حقيقة التوحيد وحد الشرك في الإسلام عند مشايخ التوحيد من أهل نجد : (ج1ص85) : أن أول من أدخل الشرك في هذه الأمة هم الرافضة، الذين يدعون علياً وغيره، ويطلبون منهم قضاء الحاجات، وتفريج الكربات ، فمعلوم ما قد عمت به البلوى من حوادث الأمور، التي أعظمها الإشراك بالله، والتوجه إلى الموتى وسؤالهم النصر على الأعداء، وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات ، التي لا يقدر عليها إلا رب الأرض والسموات، وكذلك التقرب إليهم بالنذور، وذبح القربان، والاستغاثة بهم في كشف الشدائد، وجلب الفوائد، إلى غير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله ، وصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله : كصرف جميعها، لأنه سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك، ولا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا، كما قال تعالى { فاعبد الله مخلصاً له الدين، إلا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدى من هو كاذب كفار}[الزمر:2-3]، فأخبر سبحانه : أنه لا يرضى من الدين إلا ما كان خالصاً لوجهه، وأخبر أن المشركين يدعون الملائكة، والأنبياء والصالحين، ليقربوهم إلى الله زلفى، ويشفعوا لهم عنده، وأخبر أنه لا يهدي من هو كاذب كفار فكذبهم في هذه الدعوى، وكفرهم، فقال { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار}وقال تعالى:{ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون}[يونس:18] ، فاخبر أن من جعل بينه وبين الله وسائط، يسألهم الشفاعة، فقد عبدهم، وأشرك بهم، وذلك أن الشفاعة كلها لله، كما قال تعالى {قل لله الشفاعة جميعاً}[الزمر:44] ، فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، كما قال تعالى :{ من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} [البقرة:255] ، وقال تعالى : {يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن و رضي له قولاً} [طه:109] وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد، كما قال تعالى: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى}[الأنبياء:28] وقال تعالى:{ قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له}[سبأ:22-23] فالشفاعة حق ولا تطلب في دار الدنيا إلا من الله تعالى، كما قال تعالى:{وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً}[الجن:18]، وقال{ ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين}، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد الشفعاء، وصاحب المقام المحمود، وآدم فمن دونه تحت لوائه، لا يشفع إلا بإذن الله، لا يشفع ابتداء، بل يأتي فيخر ساجداً فيحمده بمحامد يعلمه إياها، ثم يقال : [ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، ثم يحد له حداً فيدخلهم الجنة ]، فكيف بغيره من الأنبياء، والأولياء ، " وهذا الذي ذكرناه : لا يخالف فيه أحد من علماء المسلمين، بل قد أجمع عليه السلف الصالح، من الصحابة"{انتهى}،

فبداية البدع بالإحداث في الدين بإيقاد الشموع، ونهايته بسؤال أهل القبور ، وطلب قضاء الحوائج منهم، وتفريج الكربات، والمعصوم من عصمه الله تعالى من الكفر والشرك الحلول والإتحاد والله المستعان.

و كتبه
عبد الفتاح زراوي
لمشرف العام لموقع ميراث السنة
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1557