بل اتبع أيضاً أسلوب الاستفزاز لكل مؤمن،
والنيل من عقيدة الإسلام بكل احتقار واستهزاء،
ويدلك على ذلك أن اسم الله عز وجل (العلي)
يفهم منه سلف الأمة وعلماؤها الأفاضل
أن المقصود به العلو الحقيقي المستلزم مباينته تعالى لخلقه،
والعلو المجازي الذي هو علو المكانة،
فالله علي بذاته سبحانه وتعالى لأنه فوق عرشه،
والعرش سقف المخلوقات
كما مدح نفسه بذلك في سبع آيات من كتابه الكريم،
وكما قال مالك بن أنس:
"الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة"،
وأما المكانة فمنزلة الله عز وجل فوق كل منزلة،
فهو العلي العظيم سبحانه وتعالى،
والخالق القوي القدير،
وما سواه معبود مربوب مقهور،
فحتى العلماء الذين نفوا عن الله العلو الحقيقي،
وأثبتوا علو المكانة فقط ما نفوا عن الله هذه الصفة،
ولكن انظر إلى ابن عربي كيف فهم هذه الصفة،
وطبقها حسب عقيدته الباطلة:
قال (الفصوص ص76-77):
"ومن أسمائه الحسنى العلي،
على من.. وما ثم إلا هو؟
فهو العلي لذاته.
أو عن ماذا.
وما هو إلا هو؟
فعلوه لنفسه،
وهو من حيث الوجود عين الموجودات،
فالمسمى المحدثات هي العلّية لذاتها،
وليست إلا هو،
فهو العلي، لا علو إضافة،
لأن الأعيان التي لها العدم الثابتة فيه ما شمت رائحة من الوجود،
فهي على حالها مع تعداد الصور في الموجودات،
والعين واحدة من المجموع في المجموع،
فوجود الكثرة في الأسماء، وهي النسب، وهي أمور عدمية،
وليس إلا العين الذي هو الذات فهو العلي لنفسه لا بالإضافة،
فما في العالم من هذه الحيثية علو إضافة
لكن الوجوه الوجودية متفاضلة،
فعلو الإضافة موجود في العين الواحدة من حيث الوجوه الكثيرة،
لذلك نقول في: هو لا هو، أنت لا أنت،
قال الخراز (رحمه الله تعالى)
وهو وجه من وجوه الحق ولسان من ألسنته
ينطق عن نفسه
بأن الله تعالى لا يعرف إلا بجمعه بين الأضداد في الحكم عليه بها،
فهو الأول والآخر، والظاهر والباطن،
فهو عين ما ظهر، وهو عين ما بطن في حال ظهوره،
وما ثم من يراه غيره،
وما ثم من يبطن عنه،
فهو ظاهر لنفسه باطن عنه،
وهو المسمى أبا سعيد الخراز
وغير ذلك من أسماء المحدثات".
فانظر استهزاءه باسم الله (العلي) حيث يقول:
على من؟ وعن ماذا؟
وليس في الوجود غيره، فهو المحدثات،
بل هو المسمى أبو سعيد الخراز،
وأبو سعيد هذا أحد أئمة القوم في القرن الثالث الهجري..
وانظر كيف جعلوا العلو إنما هو لبعض المحدثات على بعض،
وما دام أن جميع المحدثات هو الحق،
وهو الله عندهم،
فلا يوصف الله بالعلو إضافة أبداً،
لأنه ليس شيء غيره في الكون،
ولكن يوصف -عندهم-
بالعلو لذاته فقط.