تقديم الكتاب على الحكم على النبوة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله تعالى:" أُولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴿٨٩ الأنعام﴾ وقال تعالى:" مَاكَانَ لِبَشَرٍأَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواعِبَادًا لِي﴿٧٩ آل عمران﴾ وقال تعالى:"يايَحْيَىٰ خُذِالْكِتَابَ بِقُوَّةٍوَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴿١٢ مريم﴾ وقال تعالى:" وَلَمَّابَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًاوَعِلْمًاوَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴿٢٢ يوسف﴾ حيث نجد هذه الآية الكريمة مبنية على ما يعطيه الله للأنبياء عليهم السلام ،وتتقدم المباني نحو المبني عليه بحسب الأهمية المعنوية ، ولهذا تقدم الكتاب المنزل على الحكم (الفهم) على النبوة ، بالأهمية المعنوية والفضل والشرف والزمن والطبع ، جاء في التفسير الكبير:"قوله تعالى"أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة،إشارة إلى ثلاثة أشياء ذكرها على ترتيب في غاية الحسن ، وذلك لأن الكتاب السماوي ينزل أولا ثم إنه يحصل في عقل النبي فهم ذلك الكتاب وإليه الإشارة بالحكم ، فإن أهل اللغة والتفسير اتفقوا على أن هذا الحكم هو العلم (والحكمة والقول الصائب والفهم ) ، قال تعالى : " وآتيناه الحكم صبيا" يعني العلم والفهم ، ثم إذا حصل فهم الكتاب ، فحينئذ يبلغ ذلك إلى الخلق وهو النبوة فما أحسن هذا الترتيب . وبهذا تترتب المباني بحسب قوة العلاقة المعنوية مع المبني عليه ،والمتقدم في المنزلة والمكانة متقدم في الموقع والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع كذلك.