تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 13 الأولىالأولى 123456789101112 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 41 إلى 60 من 244

الموضوع: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

  1. #41

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    2 ـ ومن الأدلة على ثبوت أسماء الله
    من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه
    أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

    ‏( ‏إن لله تسعةً وتسعين اسمًا،
    مائة إلا واحدًا،
    من أحصاها دخل الجنة‏ )‏

    ‏[‏متفق عليه‏]‏‏.

    ‏ وليست أسماءُ الله منحصرة في هذا العدد،

    بدليل ما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
    أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏

    ( ‏أسألُكَ بِكُلِّ اسمٍ هو لَكَ،
    سمَّيتَ به نفسك،
    أو أنزلتَهُ في كتابكَ،
    أو علَّمتهُ أحدًا من خلقك،
    أو استأثرت به في علم الغيب عندك،
    أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي‏ )‏

    الحديث

    ‏[‏رواه أحمد في المسند وصححه ابن حبان]


    - وقد دلّ على عدم حصر أسماء الله
    في تسعة وتسعين‏.

    ‏ فيكون المراد بالحديث
    - والله أعلم -

    أن من تعلم هذه الأسماء التسعة والتسعين
    ودعا الله بها وعبده بها دخل الجنة
    ويكون ذلك خاصية لها ‏]‏‏.‏


    وكل اسم من أسماء الله،
    فإنه يتضمن صفة من صفاته؛

    فالعليمُ يدل على العلم،
    والحكيم يدل على الحكمة،
    والسَّميعُ البصير
    يدلان على السمع والبصر،

    وهكذا كلُّ اسم
    يدل على صفة من صفات الله تعالى،
    الحمد لله رب العالمين

  2. #42

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وقال تعالى‏:‏

    { ‏قُلْ هُوَ
    اللَّهُ أَحَدٌ *
    اللَّهُ الصَّمَدُ *
    لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ *
    وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ‏ }

    ‏[‏سورة الإخلاص‏]‏‏.‏


    عن أنس رضي الله عنه قال‏:
    ‏ كانَ رجلٌ من الأنصار يؤمهم في مسجد قُباء،
    فكان كلما افتتح سورة
    يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به؛

    افتتح بـ‏( ‏قل هو الله أحد‏ )‏،
    حتى يفرغ منها،
    ثم كان يقرأ سورة أخرى معها،

    وكان يصنعُ ذلك في كل ركعة،
    فكلَّمهُ أصحابهُ فقالوا‏:‏
    إنك تفتتح بهذه السورة،
    ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بالأخرى‏!‏
    فإما أن تقرأ بها،
    وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى،

    فقال‏:‏ ما أنا بتاركها،
    إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلتُ،
    وإن كرهتم تركتكم،

    وكانوا يرون أنه من أفضلهم،
    وكرهوا أن يؤمهم غيره،

    فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر‏.

    ‏ فقال‏:‏
    ‏( ‏يا فُلانُ،
    ما يمنعُك أن تفعلَ ما يأمرك به أصحابُك‏؟‏
    وما حملَكَ على لُزوم هذه السُّورة في كل ركعة‏ )‏‏؟‏

    قال‏:‏
    إنِّي أُحبُّها،

    قال‏:
    ‏ ‏( ‏حبُّكَ إياها أدخَلَكَ الجنَّة ‏)‏

    ‏[‏رواه البخاري في صحيحه‏]‏‏.‏


    وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ
    أن النبي صلى الله عليه وسلم

    بعثَ رجلًا على سرية

    وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم،
    فيختمُ بـ‏( ‏قل هو الله أحد ‏)‏،

    فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم
    فقال‏:‏
    ‏(‏سلوه‏:‏ لأي شيء يفعلُ ذلك‏)‏‏؟‏

    فسألوه، فقال‏:‏
    لأنها صفةُ الرحمن،
    وأنا أحب أن أقرأ بها،

    فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم‏:‏
    ‏( ‏أخبروه
    أن الله تعالى يحبه ‏)‏

    ‏[‏رواه البخاري في صحيحه‏]‏‏.‏

    يعني أنها اشتملت على صفاتِ الرَّحمن‏.‏

    وقد أخبر سبحانه أنَّ له وجهًا،
    فقال‏:‏

    { ‏وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ‏ }

    ‏ ‏[‏الرحمن/27‏]‏‏.‏


    وأن له يدين،
    فقال‏:‏ ‏{ ‏لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ‏}

    ‏[‏ص/75‏]‏،

    { ‏بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ‏}

    ‏[‏المائدة/64‏]‏‏.‏

    وأنه يرضى ويحب
    ويغضب ويسخط،

    إلى غير ذلك
    مما وصف الله به نفسه،
    أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  3. #43

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ب ـ وأما الدليل العقلي

    على ثبوت الأسماء والصفات
    التي دلَّ عليها الشرع
    فهو أن يُقال‏:‏

    1- هذه المخلوقات العظيمة على تنوعها،
    واختلافها،
    وانتظامها في أداء مصالحها،
    وسيرها في خططها المرسومة لها،
    تدل على عظمة الله وقُدرته،
    وعلمه وحكمته،
    وإرادته ومشيئته‏.‏


    2- الإنعام والإحسان،
    وكشف الضر،
    وتفريج الكربات؛
    هذه الأشياء تدلّ على الرحمة والكرم والجود‏.‏


    3- والعقاب والانتقام من العصاة؛
    يدلان على غضب الله عليهم
    وكراهيته لهم‏.‏


    4- وإكرامُ الطائعين وإثابتهم؛
    يدلان على رضا الله عنهم
    ومحبته لهم‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  4. #44

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ثانيًا‏:‏

    منهجُ أهل السّنَّة والجماعة
    في أسماء الله وصفاته

    منهج أهل السُّنَّةِ والجماعة؛
    من السلف الصالح وأتباعهم‏:

    ‏ إثباتُ أسماءِ الله وصفاته،
    كما وردت في الكتاب والسنة،
    وينبني منهجهم على القواعد التالية‏:‏


    1- أنهم يُثبتون أسماء الله وصفاته؛
    كما وردت في الكتاب والسنة على ظاهرها،
    وما تدل عليه ألفاظها من المعاني،

    ولا يؤولونها عن ظاهرها،
    ولا يُحرفون ألفاظها ودلالتها عن مواضعها‏.‏


    2- يَنفونَ عنها مشابهة صفات المخلوقين،
    كما قال تعالى‏:‏ ‏

    { ‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
    وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ‏ }‏

    ‏[‏الشورى/11‏]‏‏.‏

    3- لا يتجاوزون ما ورد في الكتاب والسنة؛
    في إثبات أسماء الله وصفاته،

    فما أثبته الله ورسوله من ذلك أثبتوه،
    وما نفاهُ الله ورسولُه نفوه،
    وما سَكتَ عنه الله ورسوله سكَتُوا عنه‏.‏


    4- يعتقدون أنَّ نصوصَ الأسماءِ والصفات
    من المحكم الذي يُفهم معناه ويُفسَّر،
    وليست من المتشابه؛

    فلا يُفَوِّضون معناها،
    كما يَنسبُ ذلك إليهم مَن كَذَبَ عليهم،
    أو لم يعرف منهجهم
    من بعض المؤلفين والكتاب المعاصرين‏.‏


    5- يُفوّضونَ كيفية الصفات إلى الله تعالى،
    ولا يبحثون عنها‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  5. #45

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ثالثًا‏:‏

    الرّدُّ على من أنكَرَ الأسماءَ والصّفاتِ،

    أو أنكر بعضها


    الذين يُنكرون الأسماءَ والصفاتِ ثلاثة أصناف‏:‏

    1- الجهمية‏:‏

    وهم أتباع الجهمِ بن صفوان،
    وهؤلاء يُنكرون الأسماء والصفات جميعًا‏.‏

    2- المعتزلة‏:‏

    وهم أتباعُ واصل بن عطاء؛
    الذي اعتزل مجلس الحسن البصري،

    وهؤلاء يُثبتون الأسماءَ
    على أنها ألفاظ مُجرَّدة عن المعاني،
    وينفون الصفات كلها‏.‏


    3- الأشاعرة والماتريدية ‏ومن تبعهم،

    وهؤلاء يثبتون الأسماءَ وبعضَ الصِّفات،
    وينفون بعضها،

    والشُّبهة التي بنوا عليها جميعًا مذاهبهم‏:‏

    هي الفرارُ من تشبيه الله بخلقه بزعمهم؛
    لأن المخلوقين يُسَمَّون ببعضِ تلك الأسماء،
    ويوصفون بتلك الصفات،

    فيلزمُ من الاشتراك في لفظ الاسم والصفة ومعناهما‏:‏
    الاشتراك في حقيقتهما،

    وهذا يَلزمُ منه تشبيه المخلوق بالخالق في نظرهم،

    والتزموا حيال ذلك أحد أمرين‏:‏

    أ ـ إما تأويلُ نصوص الأسماء والصفات عن ظاهرها،

    كتأويل الوجه بالذات،
    واليد بالنعمة‏.‏


    ب ـ وإما تفويض معاني هذه النصوص إلى الله،

    فيقولون‏:
    ‏ الله أعلم بمراده منها؛
    مع اعتقادهم أنها ليست على ظاهرها‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  6. #46

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    وأول من عُرفَ عنه إنكار الأسماء والصفات‏:‏

    بعضُ مشركي العرب،

    الذين أنزل الله فيهم قوله تعالى‏:‏

    ‏{‏ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ
    قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ
    لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِيَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
    وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ ‏}‏

    ‏[‏الرعد/30‏]‏‏.‏


    وسببُ نزول هذه الآية‏:‏

    أنَّ قريشًا لما سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
    يذكر الرحمن؛
    أنكروا ذلك،
    فأنزل الله فيهم‏:‏
    ‏{ ‏وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـنِ }‏‏.‏


    وذكر ابن جرير أن ذلك كان في صلح الحديبية؛
    حين كتب الكاتبُ في قضية الصلح
    الذي جرى بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم‏"

    ‏ فقالت قريش‏:‏
    أما الرحمن فلا نَعرفهُ‏.‏

    وروى ابنُ جرير أيضًا عن ابن عباس‏:
    ‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ساجدًا يقول‏:

    ‏ ‏"‏يا رحمن يا رحيم‏"‏

    فقال المشركون‏:‏
    هذا يَزعمُ أنه يدعو واحدًا،
    وهو يدعو مثنى‏.

    ‏ فأنزل الله‏:‏ ‏
    { ‏قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ
    أَيًّا مَّا تَدْعُواْ
    فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى‏ }

    ‏ ‏[‏الإسراء/110‏]‏‏.‏


    وقال تعالى في سورة الفرقان‏:‏

    ‏{‏ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ
    قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ}‏

    ‏[‏الفرقان/60‏]‏‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  7. #47

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    فهؤلاء المشركون هُم سلف الجهمية،
    والمعتزلة والأشاعرة،

    وكل من نفى عن الله ما أثبتَهُ لنفسه،
    أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم
    من أسماء الله وصفاته‏.‏

    وبئسَ السلف لبئس الخلف‏.‏


    والرد عليهم من وجوه‏:‏

    الوجه الأول‏:‏

    أن الله سبحانه وتعالى أثبتَ لنفسه الأسماءَ والصفاتِ،
    وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم،

    فنفيُها عن الله أو نفي بعضِها‏:‏
    نفيٌ لما أثبته الله ورسوله،
    وهذا محادة لله ورسوله‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  8. #48

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الوجه الثاني‏:‏

    أنه لا يلزم من وجود هذه الصفات في المخلوقين،
    أو من تسمِّي بعض المخلوقين
    بشيء من تلك الأسماء
    المشابهة بين الله وخلقه،


    فإن لله سبحانه أسماءً وصفات تخصه،
    وللمخلوقين أسماء وصفات تخصهم،


    فكما أن لله سبحانه وتعالى ذاتًا
    لا تشبه ذوات المخلوقين،

    فله أسماء وصفات
    لا تشبه أسماءَ المخلوقين وصفاتهم،


    والاشتراك في الاسم والمعنى العام
    لا يوجب الاشتراك في الحقيقة،

    فقد سمَّى الله نفسَهُ عليمًا، حليمًا،
    وسمَّى بعض عباده عليمًا،

    فقال‏:‏
    ‏{ ‏وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ‏}‏

    ‏[‏الذاريات/28‏]‏

    يعني إسحاق،


    وسمى آخر حليمًا،

    فقال‏:
    ‏ ‏{ ‏فَبَشَّرْنَاه بِغُلامٍ حَلِيمٍ‏ }‏

    ‏[‏الصافات/101‏]

    ‏ يعني إسماعيل،

    وليسَ العليم كالعليم،
    ولا الحليم كالحليم،


    وسمَّى نفسه فقال‏:‏
    ‏{ ‏إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا‏ }‏

    ‏[‏النساء/58‏]‏

    وسمَّى بعض عباده سميعًا بصيرًا،

    فقال‏:‏

    ‏{ ‏إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ
    فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ‏}‏

    ‏[‏الإنسان/2‏]‏،

    وليس السميعُ كالسَّميع
    ولا البصيرُ كالبصير‏.‏


    وسمَّى نفسه بالرؤوف الرحيم فقال‏:‏

    ‏{ ‏إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ‏}

    ‏ ‏[‏الحج/65‏]‏،


    وسمَّى بعضَ عباده رؤوفًا رحيمًا،

    فقال‏:‏ ‏{ ‏لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ
    عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ
    حَرِيصٌ عَلَيْكُم
    بِالْمُؤْمِنِين َ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ‏}‏

    ‏[‏التوبة/128‏]‏،

    وليس الرؤوف كالرؤوف،
    ولا الرحيمُ كالرَّحيم‏.‏


    وكذلك وصف نفسَهُ بصفاتٍ،
    ووصَفَ عباده بنظير ذلك،

    مثل قوله‏:‏
    {‏ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ ‏}

    ‏[‏البقرة/255‏]‏

    فوصف نفسَهُ بالعلم، ووصف عباده بالعلم،

    فقال‏:
    ‏ ‏{‏ وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا‏ }

    ‏[‏الإسراء/85‏]‏،

    وقال‏:‏
    {‏ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ‏}

    ‏[‏يوسف/76‏]‏،

    وقال‏:‏ ‏
    { ‏وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ‏}

    ‏ ‏[‏القصص/80‏]‏،


    ووصف نفسه بالقوة فقال‏:‏

    {‏ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ‏}

    ‏[‏الحج/40‏]‏،

    { ‏إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ‏}

    ‏[‏الذاريات/58‏]‏،


    ووصف عبادهُ بالقوة
    فقال‏:‏
    {‏ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ
    ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً
    ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ‏}

    ‏[‏الروم/54‏]‏،
    إلى غير ذلك‏.‏

    ومعلومٌ أن أسماء الله وصفاته
    تخصه وتليق به،

    وأسماء المخلوقين
    تخصهم وتليق بهم،

    ولا يلزمُ من الاشتراك في الاسم والمعنى
    الاشتراك في الحقيقة؛

    وذلك
    لعدم التماثل بين المُسَمَّيين والموصوفين،


    وهذا ظاهر،

    والحمد لله‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  9. #49

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الوجه الثالث‏:‏

    أنَّ الذي ليس له صفات كمال،
    لا يصلح أن يكون إلهًا؛

    ولهذا قال إبراهيم لأبيه‏:‏

    { ‏لِمَ تَعْبُدُ
    مَا لا يَسْمَعُ
    وَلا يُبْصِرُ‏ }

    ‏[‏مريم/42‏]‏‏.‏


    وقال تعالى في الرد
    على
    الذين عبدوا
    العِجْلَ‏:‏

    { ‏أَلَمْ يَرَوْاْ
    أَنَّهُ
    لاَ يُكَلِّمُهُمْ
    وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا‏ }

    ‏[‏الأعراف/148‏]‏‏.‏


    الوجه الرابع‏:‏

    أنَّ إثباتَ الصفات كمالٌ،
    ونفيها نقص،


    فالذي ليس له صفات،
    إما معدومٌ وإما ناقص،

    والله تعالى
    مُنزَّه عن ذلك‏.‏


    الوجه الخامس‏:‏

    أنَّ تأويلَ الصّفاتِ عن ظاهرها
    لا دليلَ عليه،
    فهو باطلٌ،


    وتفويض معناها‏؟

    ‏ يلزم منه أن الله خاطبنا في القرآن
    بما لا نفهم معناه‏؟‏

    وأمرنا بتدبر القرآن كله،
    فكيفَ يأمرنا بتدبر مالا يُفهم معناه‏؟‏


    فتبين من هذا

    أنه لابد من إثبات أسماء الله وصفاته
    على الوجه اللائق بالله،
    مع نفي مشابهة المخلوقين،


    كما قال تعالى‏:

    ‏ ‏{ ‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
    وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ‏}

    ‏ ‏[‏الشورى/11‏]‏‏.‏


    فنفى عن نفسه مُماثلة الأشياء،
    وأثبت له السمع والبصر،


    فدل على أن إثبات الصفات
    لا يلزم منه التشبيه،

    وعلى وجوب إثبات الصفات
    مع نفي المشابهة ،


    وهذا معنى قول
    أهل السنة والجماعة
    في النفي والإثبات في الأسماء والصفات‏:


    ‏ إثباتٌ بلا تمثيل

    وتنزيهٌ بلا تعطيل‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  10. #50

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الباب الثالث‏:‏
    في بيان الشرك والانحراف في حياة البشرية

    ولمحة تاريخية
    عن الكفر والإلحاد والشرك والنِّفاق


    الفصل الأول‏:
    ‏ الانحراف في حياة البشرية


    خلق الله الخلق لعبادته،
    وهيأ لهم ما يعينهم عليها من رزقه،

    قال تعالى‏:‏
    ‏{‏ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ
    إِلا لِيَعْبُدُونِ *

    مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ
    وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ *

    إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ
    ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ‏ }‏

    ‏[‏الذاريات‏:‏ 56-58‏]‏‏.‏


    والنفسُ بفطرتها إذا تُركت؛
    كانت مقرة لله بالإلهية،
    مُحبَّةً لله،
    تعبدُه لا تُشرك به شيئًا،

    ولكن يفسدها وينحرف بها عن ذلك
    ما يُزيِّنُ لها شياطين الإنس والجن
    بما يوحي بعضهم إلى بعض
    زخرف القول غرورًا،

    فالتوحيد مركوز في الفطرة،
    والشرك طارئ ودخيل عليها،

    قال الله تعالى‏:‏

    ‏{ ‏فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا
    فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا
    لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ‏}‏

    ‏[‏الروم/30‏]‏‏.‏


    وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏(‏ كل مولود يُولَدُ على الفطرة
    فأبواه يُهوِّدانه،
    أو يُنصِّرانه،
    أو يُمجِّسانه‏ )‏ ‏

    [‏في الصحيحين من حديث أبي هريرة‏]‏‏.‏


    فالأصلُ في بني آدم‏:‏
    التوحيد‏.‏
    والدينُ الإسلام وكان عليه آدم عليه السلام،
    ومن جاءَ بعدَهُ من ذُرّيته قُرونًا طويلة،


    قال تعالى‏:‏
    ‏{‏ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً
    فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ‏}‏

    ‏[‏البقرة/213‏]‏‏.‏


    وأوَّلُ ما حدثَ الشركُ
    والانحراف عن العقيدة الصحيحة
    في قوم نوح،

    فكانَ عليه السلام أول رسول إلى البشرية
    بعد حدوث الشرك فيها‏:

    ‏ ‏{ ‏إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ
    كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ
    وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ‏ }‏

    ‏[‏النساء/163‏]‏‏.‏


    قال ابن عباس‏:‏

    كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرةُ قرون؛
    كلهم على الإسلام‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  11. #51

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    قال ابن القيِّم ‏:‏

    ‏( ‏وهذا القولُ هو الصواب قطعًا؛
    فإنَّ قراءة أُبيّ بنِ كعبٍ
    - يعني‏:‏ في آية البقرة -‏:‏

    ‏( ‏فاختلفوا
    فبعث الله النبيين ‏)‏‏.‏

    ويشهد لهذه القراءة
    قوله تعالى في سورة يونس‏:‏

    ‏{ ‏وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً
    فَاخْتَلَفُواْ }

    ‏ ‏[‏يونس/19‏]‏‏.‏


    يريد - رَحمهُ الله -
    أنَّ بعثةَ النبيين سببُها الاختلاف
    عما كانوا عليه من الدين الصحيح،


    كما كانت العربُ بعد ذلك
    على دين إبراهيمَ عليه السلام؛

    حتى جاء عمرو بن لحي الخزاعي
    فغيّر دينَ إبراهيم،
    وجلبَ الأصنام إلى أرض العرب،
    وإلى أرض الحجاز بصفة خاصة،

    فعُبدت من دون الله،
    وانتشر الشركُ في هذه البلاد المقدسة،
    وما جاورها؛

    إلى أن بعثَ الله نبيه محمدًا
    خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم
    فدعا الناس إلى
    التوحيد،
    واتّباع ملَّة إبراهيم،
    وجاهد في الله حق جهاده؛
    حتى عادت عقيدة التوحيد
    وملة إبراهيم،
    وكسَّر الأصنام

    وأكمل الله به الدين،
    وأتمَّ به النعمة على العالمين،


    وسارت على نهجه القرون المفضَّلَة
    من صدر هذه الأمة؛


    إلى أن فشا الجهل في القرون المتأخرة،
    ودخلها الدخيلُ من الديانات الأخرى،
    فعاد الشرك إلى كثير من هذه الأمة؛
    بسبب دعاة الضلالة،
    وبسبب البناء على القبور،
    متمثلًا بتعظيم الأولياء والصالحين،
    وادعاء المحبة لهم؛


    حتى بنيت الأضرحة على قبورهم،
    واتخذت أوثانًا تُعبدُ من دون الله،
    بأنواع القُربات من دعاء واستغاثة،
    وذبح ونذر لمقامهم‏.‏

    وسَموا هذا الشرك‏:‏
    توسُّلًا بالصالحين،
    وإظهارًا لمحبتهم،
    وليس عبادة لهم،
    بزعمهم،

    ونسوا أن هذا هو قول المشركين الأولين
    حين يقولون‏:‏

    ‏{ ‏مَا نَعْبُدُهُمْ
    إِلا لِيُقَرِّبُونَا
    إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ‏}‏

    ‏[‏الزمر/3‏]‏‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  12. #52

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ومع هذا الشرك الذي وقع في البشرية
    قديمًا وحديثًا،

    فالأكثرية منهم يؤمنون بتوحيد الربوبية،
    وإنما يُشركون في العبادة،

    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{‏ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ
    إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ‏ }‏ ‏

    [‏يوسف/106‏]‏‏.‏


    ولم يجحد وجودَ الرب
    إلا نزرٌ يسير من البشر،
    كفرعون والملاحدة الدهريين،
    والشيوعيين في هذا الزمان،

    وجحودهم [ باللسان ]


    وقرارة نفوسهم،
    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَجَحَدُوا بِهَا
    وَاسْتَيْقَنَتْ هَا أَنفُسُهُمْ
    ظُلْمًا وَعُلُوًّا‏ }‏

    ‏[‏النمل/14‏]‏‏.‏


    وعقولهم تعرف أن كل مخلوق
    لابد له من خالق،

    وكل موجود
    لابد له من موجد،


    وأن نظام هذا الكون المنضبط الدقيق
    لابد له من
    مُدّبر
    حكيم،
    قدير
    عليم،


    من أنكره فهو
    إما فاقد لعقله،
    أو مكابر
    قد ألغى عقله
    وسفه نفسه،
    وهذا لا عِبرةَ به‏.‏

    `````````````````````````````
    * زيادة لتستقيم العبارة
    ( أبو فراس السليماني )
    الحمد لله رب العالمين

  13. #53

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الثاني‏:‏

    الشرك ‏:‏ تعريفه، أنواعه

    أ ـ تعريفـه


    الشرك هو‏:‏
    جعل شريك لله تعالى في ربوبيته وإلهيته‏.‏

    والغالب الإشراك في الألوهية؛
    بأن يدعو مع الله غيره،
    أو يَصرفَ له شيئًا من أنواع العبادة،
    كالذبح والنذر،
    والخوف والرجاء والمحبة‏.‏


    والشركُ أعظمُ الذنوب؛
    وذلك لأمور‏:‏

    1 ـ لأنه تشبيه للمخلوق بالخالق
    في خصائص الإلهية،

    فمن أشرك مع الله أحدًا فقد شبهه به،
    وهذا أعظم الظلم،

    قال تعالى‏:‏
    ‏{ ‏إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ‏}‏ ‏

    [‏لقمان/13‏]‏‏.‏

    والظلم هو‏:‏
    وضع الشيء في غير موضعه،
    فمن عبد غير الله؛
    فقد وضع العبادة في غير موضعها،
    وصرفها لغير مستحقها،
    وذلك أعظم الظلم‏.‏


    2 ـ أن الله أخبر أنه لا يغفره لمن لم يتب منه،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{‏ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ
    أَن يُشْرَكَ بِهِ
    وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ‏}‏ ‏

    [‏النساء/48‏]‏‏.‏


    3 ـ أن الله أخبر أنه حرَّم الجنة على المشرك،
    وأنه خالد مخلد في نار جهنم،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ
    فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ
    وَمَأْوَاهُ النَّارُ
    وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ‏}‏

    ‏[‏المائدة/72‏]‏‏.‏


    4 ـ أنَّ الشركَ يُحبطُ جميعَ الأعمال،

    قال تعالى‏:‏

    ‏{‏ وَلَوْ أَشْرَكُواْ
    لَحَبِطَ عَنْهُم
    مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ‏}‏

    ‏[‏الأنعام/88‏]‏‏.‏


    وقال تعالى‏:‏ ‏

    {‏ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ

    وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ

    لَئِنْ أَشْرَكْتَ

    لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ

    وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ‏}

    ‏ ‏[‏الزمر/65‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  14. #54

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    5 ـ أنَّ المشرك حلالُ الدم والمال،

    قال تعالى‏:‏
    ‏{‏ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ
    وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ
    وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ‏}‏

    ‏[‏التوبة/5‏]‏‏.‏

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏(‏ أمرتُ أن أقاتلَ حتى يقولوا‏:‏
    لا إله إلا الله،
    فإذا قالوها
    عصموا مني دماءهم وأموالهم
    إلا بحقها ‏)‏

    ‏[‏رواه البخاري ومسلم‏]‏‏.‏


    6 ـ أنَّ الشركَ أكبرُ الكبائر،

    قال صلى الله عليه وسلم‏:‏
    ‏(‏ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر‏)‏

    قلنا‏:‏ بلى يا رسول الله،
    قال‏:‏ ‏( ‏الإشراك بالله،
    وعقوق الوالدين‏.‏‏.‏ ‏.‏‏)‏

    الحديث ‏[‏رواه البخاري ومسلم‏]‏‏.‏


    قال العلامة ابن القيم‏:‏

    ‏ ‏( ‏أخبر سُبحانه أن القصد بالخلق والأمر‏:‏
    أن يُعرفَ بأسمائه وصفاته،
    ويُعبدَ وحده لا يُشرك به،

    وأن يقوم الناس بالقسط،
    وهو العدل الذي قامت به السماوات والأرض،

    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ
    وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ
    لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ‏}‏

    ‏[‏الحديد/25‏]‏‏.‏


    فأخبر سبحانه أنه أرسل رسله،
    وأنزلَ كُتبه؛
    ليقوم الناس بالقسط،
    وهو العدل،

    ومن أعظم القسط‏:‏
    التوحيد،
    وهو رأس العدل وقوامه؛

    وإن الشرك ظلم
    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{‏ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ‏ }‏

    ‏[‏لقمان/13‏]‏‏.‏

    فالشرك أظلم الظلم،
    والتوحيد أعدل العدل؛

    فما كان أشد منافاةً
    لهذا المقصود
    فهو أكبر الكبائر‏ )‏‏.‏

    إلى أن قال‏:‏ ‏

    (‏ فلما كان الشرك منافيًا بالذات لهذا المقصود؛
    كان أكبر الكبائر على الإطلاق،
    وحرم الله الجنة على كل مشرك،

    وأباح دمه وماله وأهله لأهل التوحيد،

    وأن يتخذوهم عبيدًا لهم
    لما تركوا القيام بعبوديته،


    وأبى الله سبحانه أن يقبل لمشرك عملًا،
    أو يقبلَ فيه شفاعة،

    أو يَستجيب له في الآخرة دعوة،
    أو يقبل له فيها رجاء؛


    فإن المشرك أجهل الجاهلين بالله،

    حيث جعل له من خَلْقِهِ ندًّا،
    وذلك غاية الجهل به،

    كما أنه غاية الظلم منه،
    وإن كان المشرك في الواقع
    لما يظلم ربَّه،
    وإنَّما ظلَمَ نفسه ‏)‏

    انتهى‏.‏


    7 ـ أنَّ الشركَ تنقص وعيب
    نزه الرب سبحانه نفسه عنهما،


    فمن أشرك بالله
    فقد أثبت لله ما نزه نفسه عنه،

    وهذا غاية المحادَّةِ لله تعالى،
    وغاية المعاندة والمشاقَّة لله‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  15. #55

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    ب ـ أنواع الشرك

    الشرك نوعان‏:‏

    النوع الأول‏:‏


    شرك أكبر
    يُخرج من الملة،
    ويخلَّدُ صاحبُهُ في النار،
    إذا مات ولم يتب منه،

    وهو صرفُ شيء من أنواع العبادة لغير الله،
    كدعاء غير الله،
    والتقرب بالذبائح والنذور
    لغير الله من القبور والجن والشياطين،

    والخوف من الموتى
    أو الجن أو الشياطين
    أن يضروه أو يُمرضوه،

    ورجاء غير الله
    فيما لا يقدر عليه إلا الله
    من قضاء الحاجات،
    وتفريج الكُربات،

    مما يُمارسُ الآن
    حولَ الأضرحة
    المبنية على قبور الأولياء والصالحين،


    قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ
    وَيَقُولُونَ هَـؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ

    قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ
    بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ
    وَلاَ فِي الأَرْضِ

    سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى
    عَمَّا يُشْرِكُونَ‏ }‏

    ‏[‏يونس/18‏]‏‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  16. #56

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    والنوع الثاني‏:

    ‏ شرك أصغر

    لا يخرج من الملة؛
    لكنه ينقص التوحيد،
    وهو وسيلة إلى الشرك الأكبر،

    وهو قسمان‏:‏

    القسم الأول‏:‏

    شرك ظاهر على اللسان والجوارح وهو‏:‏
    ألفاظ وأفعال،


    فالألفاظ
    كالحلف بغير الله،

    قال صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏( ‏من حلف بغير الله
    فقد كفر أو أشرك ‏)‏

    ‏[‏رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم‏]‏‏.‏


    وقول‏:‏
    ما شاء الله وشئت،

    قال صلى الله عليه وسلم‏:
    ‏ لما قال له رجل‏:
    ما شاء الله وشئت،
    فقال‏:‏

    ‏( ‏أجعلتني لله نِدًّا ‏؟‏‏!‏

    قُلْ‏:‏

    ما شاءَ الله وحده ‏)

    ‏ ‏[‏رواه النسائي‏]‏‏.



    وقول‏:
    ‏ لولا الله وفلان،

    والصوابُ
    أن يُقالَ‏:‏

    ما شاءَ الله ثُمَّ شاء فلان؛
    ولولا الله ثمَّ فلان،

    لأن ‏(‏ثم‏)‏ تفيدُ الترتيب مع التراخي،
    وتجعلُ مشيئة العبد تابعة لمشيئة الله،

    كما قال تعالى‏:‏
    ‏{ ‏وَمَا تَشَاؤُونَ
    إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ‏ }‏

    ‏[‏التكوير/29‏]‏‏.‏


    وأما الواو‏:‏
    فهي لمطلق الجمع والاشتراك،
    لا تقتضي ترتيبًا ولا تعقيبًا؛


    ومثلُه قول‏:‏
    ما لي إلا الله وأنت،

    و‏:‏ هذا من بركات الله وبركاتك‏.‏


    وأما الأفعال‏:‏

    فمثل لبس الحلقة والخيط
    لرفع البلاء أو دفعه،

    ومثل تعليق التمائم
    خوفًا من العين وغيرها؛

    إذا اعتقد
    أن هذه أسباب لرفع البلاء أو دفعه،
    فهذا شرك أصغر؛
    لأن الله لم يجعل هذه أسبابًا،


    أما إن اعتقد أنها تدفع
    أو ترفع البلاء بنفسها؛
    فهذا شرك أكبر
    لأنه تَعلَّق بغير الله‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  17. #57

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    القسم الثاني
    من الشرك الأصغر‏:‏

    شرك خفي

    وهو الشرك في الإرادات والنيات،
    كالرياء والسمعة،

    كأن يعمل عملًا مما يتقرب به إلى الله؛
    يريد به ثناء الناس عليه،
    كأنه يُحسن صلاته، أو يتصدق؛
    لأجل أن يُمدح ويُثنى عليه،

    أو يتلفظ بالذكر ويحسن صوته بالتلاوة
    لأجل أن يسمعه الناس،
    فيُثنوا عليه ويمدحوه‏.‏

    والرياء إذا خالط العمل أبطله،

    قال الله تعالى‏:‏
    ‏{ ‏فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ
    فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
    وَلا يُشْرِكْ
    بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ‏}‏

    ‏[‏الكهف/110‏]‏‏.‏


    وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏(‏ أخوفُ ما أخافُ عليكم
    الشرك الأصغر ‏)‏

    قالوا‏:‏ يا رسول الله،
    وما الشرك الأصغر‏؟‏

    قال‏:‏
    ‏"‏الرياء‏"‏

    ‏[‏رواه أحمد والطبراني
    والبغوي في شرح السنة‏]‏‏.‏


    ومنه‏:‏

    العملُ لأجل الطمع الدنيوي،

    كمن يحج أو يؤذن أو يؤم الناس لأجل المال،
    أو يتعلم العلم الشرعي،
    أو يجاهد لأجل المال‏.‏

    قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

    ‏( ‏تَعِسَ عبدُ الدينار،
    وتَعِسَ عبد الدرهم،
    تعس عبد الخميصة،
    تعس عبد الخميلة،
    إن أُعطي رضي،
    وإن لم يُعطَ سخط‏ )‏

    ‏[‏رواه البخاري‏]‏‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

  18. #58

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    قال الإمام ابنُ القيم رحمه الله‏:‏

    ‏(‏وأما الشرك في الإرادات والنيات،
    فذلك البحر الذي لا ساحل له،
    وقلَّ من ينجو منه‏.‏

    فمن أراد بعمله غير وجه الله،
    ونوى شيئًا غير التقرب إليه
    وطلب الجزاء منه؛

    فقد أشرك في نيته وإرادته،

    والإخلاص‏:‏

    أن يُخلصَ لله في أفعاله وأقواله،
    وإرادته ونيته‏.‏

    وهذه هي الحنيفية ملة إبراهيم
    التي أمر الله بها عباده كلهم،
    ولا يُقبلُ من أحد غيرها،
    وهي حقيقة الإسلام،


    كما قال تعالى‏:‏

    ‏{ ‏وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا
    فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ
    وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ‏}

    ‏ ‏[‏آل عمران/85‏]‏‏.‏

    وهي ملَّةُ إبراهيمَ
    - عليه السلام -

    التي من رغب عنها
    فهو من أسفَهِ السُّفهاء ‏)‏

    انتهى‏.‏
    الحمد لله رب العالمين

  19. #59

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    يتلخَّصُ مما مرّ

    أن هناك فروقًا
    بين الشرك الأكبر والأصغر،
    وهي‏:‏

    1- الشرك الأكبر‏:‏
    يُخرج من الملة،
    والشرك الأصغر لا يُخرج من الملة،
    لكنه ينقص التوحيد‏.‏

    2- الشرك الأكبرُ يخلَّدُ صاحبه في النار،
    والشرك الأصغر
    لا يُخلَّد صاحبُه فيها إن دَخَلها‏.‏

    3- الشركُ الأكبرُ يحبطُ جميعَ الأعمال،
    والشركُ الأصغرُ
    لا يُحبِطُ جميع الأعمال،

    وإنما يُحبِطُ الرياءُ والعملُ لأجل الدنيا
    العملَ الذي خالطاه فقط‏.‏

    4- الشرك الأكبر يبيح الدم والمال،
    والشرك الأصغر لا يبيحهما‏.‏


    الحمد لله رب العالمين

  20. #60

    افتراضي رد: عقيدة التوحيد وما يضادها من الشرك الأكبر والأصغر والتعطيل والبدع

    الفصل الثالث:‏


    الكفر‏:‏ تعريفه، أنواعه



    أ ـ تعريفـه



    الكفر في اللغة‏:‏ التغطية والستر،

    والكفر شرعًا‏:‏ ضد الإيمان،


    فإنَّ الكُفرَ‏:‏
    عدم الإيمان بالله ورسله،
    سواءً كان معه تكذيب،
    أو لم يكن معه تكذيب،
    بل مجرد شك وريب
    أو إعراض
    أو حسد،
    أو كِبر
    أو اتباع لبعض الأهواء
    الصادة عن اتباع الرسالة‏.‏


    وإن كان المكذب أعظم كفرًا،
    وكذلك الجاحدُ والمكذِّب حسدًا؛
    مع استيقان صدق الرسل‏.‏

    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •