قال تعالى: :" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ"
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم كما هو الحال في قوله تعالى:" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " فلماذا قال تعالى "ليعذبهم " و "معذبهم"؟
السبب الأول:لأن لام الجحود تدخل على الفعل ولا تدخل على الاسم،فعندما جاء باللام أتبعها بالفعل ،ولا يصح مجيء الاسم بعدها،لأنه لا يوجد احتياج معنوي بينهما ، بل هناك تنافر معنوي،لأنها تنفي قصد الفعل .
السبب الثاني:لأن عدم تعذيبهم ورسول الله بينهم آكد من عدم تعذيبهم وهم يستغفرون ، ولهذا جاء باللام التي تفيد توكيد النفي ، ومما يدل على ذلك أن الله – تعالى - يقول بعد ذلك:" وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون *وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلامُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ " فاستغفارهم ليس بمانع من العذاب ،فقد يحدث العذاب مع الاستغفار،أمَّا ورسول الله بين ظهرانيهم فلا ،جاء في مغني اللبيب وهو بصدد الحديث عن لام الجحود ما معناه أنها تنفي قصد الفعل ونفي القصد أبلغ من نفيه "(1)ولا يعذب الله قوما ورسوله والمؤمنون بين ظهرانيهم.
========================
(1)ابن هشام- مغني اللبيب-ج1-ص 211