ومن هذه الاستلزامات الخاطئة والعجيبة ما تعقيبه على نقلي لقول العلامة علي القارئ التالي :
" ووجه الجمع .
أن ما كان من الرقية بغير أسماء الله تعالى وصفاته وكلامه في كتبه المنزلة أو بغير اللسان العربي وما يعتقد منها أنها نافعة لا محالة فيتكل عليها فإنها منهية .
وإياها أراد عليه الصلاة والسلام بقوله ( ما توكل من استرقى ) .
وما كان على خلاف ذلك كالتعوّذ بالقرآن وأسماء الله تعالى والرقي المروية فليست بمنهية .
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام للذي رقى بالقرآن وأخذ عليه أجراً من أخذ برقية باطل فقد أخذت برقية حق "
انظر أيها المبارك كيف استدل الشيخ علي القارئ رحمه الله تعالى على أن الرقية بغير القرآن والرقى المروية منهيٌ عنها وأنها باطلة من هذا الحديث الذي اجتهد فيه الصحابي بالرقية بالفاتحة ولكنه لم يكتف بذلك بل عرض الأمر على رسول الله عليه الصلاة والسلام فجاء التصويب من المشرع عن الله . رسول الله عليه الصلاة والسلام .
وجاء حكم الله على اجتهاد الصحابي في اختيار الفاتحة رقية لرقية المعتوه ( المجنون ) الذي في القيود .
فكان الحكم أنها رقية حق .
فمن رقى بغير القرآن والسنة فرقيته باطلة"
فقال صاحب التعقيب .
قلت/وهنا استوقفتني هذه العبارة وما بعدها خاصة((فكان الحكم أنها رقية حق))ولا حول ولاقوة إلا بالله أليس اخواني المسلمين ما سواها-أي الفاتحة- من السور حق أيضاً أم أنها باطلة؟!
كلامه هذا من أشد التدليس المكشوف الذي مارسه صاحب التعقيب .
فهو يعلم جيدا أني ومع قولي بقول العلماء الذين قالوا بأن بعض آيات وسور القرآن رقية مأثورة فأنا لا أقول بأن الفاتحة هي السورة الوحيدة من القرآن التي يرقي بها .
بل في القرآن سور وآيات أخرى منها المعوذتين والإخلاص والكافرون .
ثم استعماله كلمة باطلة على سور القرآن التي لم ترد في السنة أنها رقية هو استعمال خطير ومقصود لإثارة مشاعر القارئ .
" فمن رقى بغير القرآن والسنة فرقيته باطلة "
ولم أقل فمن رقى بغير الفاتحة فرقيته باطلة .
ولم أقل فمن رقى بغير المأثور من سور القرآن فرقيته باطلة .
صحيح أنا أقول بأن الحكم على سورة أو آية من كتاب الله العزيز بأنها رقية لعلاج الأمراض يحتاج إلى حكم الشرع وليس لكل أحد والدليل قول النبي عليه الصلاة للصحابي الذي رقى بالفاتحة "وما يدريك أنها رقية "
ولكن هذا لا يعني أبدا أن من اختار أن يرقي بآية أو سورة لم ترد في السنة فرقيته باطلة كبطلان الرقى الشركية ! .
فهذا استلزام باطل يتوهمه الذي لا يعلم أصول الاستدلال والفقه وهمّه إثارة مشاعر القارئ .
فكما أن من يرقي بقول النبي عليه الصلاة والسلام "
" أذهب الباس رب الناس ، اشف وأنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما" البخاري
ومن رقى بقوله عليه الصلاة والسلام :
" من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه " البخاري
ومن يرقي بالمعوذتين نقول له هذه رقية .
ومن يرقي بسورة براءة نقول له هذه ليست رقية .
فالقرآن والسنة كلاهما حق وخير وهدى ونور ولكن كون هذه الآية رقية أو هذا الحديث رقية هذا هو موضوع البحث وهذا هو محل الخلاف بين العلماء حول معنى { من ) في سورة الإسراء .
لذلك لا يستوجب الأمر كل هذه الأساليب الملتوية من صاحب التعقيب .
ولو كان عنده علم بأصول الفقه والاستدلال وعنده شيء من الإنصاف ما أطلق استلزاماته الخاطئة .
فليتق الله ولا يستعمل هذا الأسلوب المكشوف لكل من يتابع الموضوع بتجرد وإنصاف .
فأهل السنة هم أهل العدل والإنصاف والعلم .
" ثم قوله فمن رقى بغير القرآن والسنة فرقيته باطلة
وهل الرقية بآيات من آيات القرآن لم ترد الرقية بها في السنة رقية باطلة ؟!!
لأن صاحب الموضوع يقول أن ((من)) للتبعيض
أرى أن هناك تناقض عند صاحب الموضوع أو أنه يريد أن يقول((من رقي بغير السنة فرقيته باطلة))
وكلا القولين له يدخل فيه الآيا ت التي لم ترد لأن ((من)) للتبعيض عند صاحب الموضوع
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ((فقد أخذت برقية حق))
أليس القرآن كله حق وينطبق عليه هذا القول أم أن ((من)) كما يقول صاحب الموضوع للتبعيض فبعضه حق وبعضه لا سبحان الله عما يصفونيا اخواني لابد للإنسان أن يحتاط لكي لا يقع في مثل هذه التلبيسات الشيطانية وأن يتأدب مع كلام رب العالمين وهذا دليل على أن الرقية بالقرآن عامة حق تندرج تحت هذا المسمى"
وفي كلامه السابق تكفير صريح لي ولقد قال عليه الصلاة والسلام " :
" إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما " رواه مسلم
وقد تمت الإجابة أكثر من مرة على تغييره للحقائق أعلاه واستلزاماته الخاطئة والمؤسفة والمكشوفة لكل من له علم وبصيرة وإنصاف .
وسأفرد بحثا خاصا لبيان معنى { من } في آية سورة الإسراء بإذن الله تعالى .
ومن الطرائف التي لفتت انتباهي أيضا وربما انتباه كل متابع منصف هي استعمال صاحب التعقيب لكلمتي (شك أو وهم) فكان يكررها بعد ذكره لأقوالي من أول التعقيب لآخره . فأقوالي عنده كلها شك ووهم .
واستعماله لهاتين الكلمتين له غاية وهي ما ذكره من تقسيم العلماء لمراتب العلم ومنها مرتبة الشك والوهم اللتين لا تعتبران من العلم المعتبر .
فأراد أن يكرر هاتين الكلمتين كثيرا ليستصحب القارئ المبارك هاتين الكلمتين وأنهما صفتان لازمتان لأقوالي كلها فتكون النتيجة هي أن كل أقوالي شك ووهم ! .
ومعذرة من القارئ الكريم على الإطالة .
أسأل الله أن يعلمني وإياكم ما ينفعنا وأن ينفعني وإياكم بما نعلم .