الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لانبي بعده محمد وآله وصحبه صلي الله عليه وسلم
وبعد
فهذه آية من كتاب الله وما أروعها من آية فقد جمعت الكثير والكثير

قال المولي تبارك وتعالي

"مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ " 10 فاطر
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا } أي: مَنْ كان يحب أن يكون عزيزًا في الدنيا والآخرة، فليلزم طاعة الله، فإنه يحصل له مقصوده؛ لأن الله مالك الدنيا والآخرة، وله العزة جميعها

{ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ } قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس الكلم الطيب ذكر الله يصعد به إلى الله عز وجل والعمل الصالح أداء فرائضه ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله فكان أولى به.
وكذا قال مجاهد العمل الصالح يرفع الكلام الطيب .
وكذا قال أبو العالية وعكرمة وإبراهيم النَّخعِيّ والضحاك والسُّدِّيّ والربيع بن أنس وشَهْر بن حَوْشَب وغير واحد من السلف
وقال إياس بن معاوية القاضي: لولا العمل الصالح لم يرفع الكلام .
وقال الحسن وقتادة: لا يقبل قولٌ إلا بعمل .

{ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ } : قال مجاهد وسعيد بن جُبَيْر وشَهْر بن حَوْشَب هم المراؤون بأعمالهم يعني يمكرون بالناس يوهمون أنهم في طاعة الله وهم بُغَضَاء إلى الله سُبحانه وتعالي .

{ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ } أي يفسد ويبطل ويظهر زيفهم عن قريب لأولي البصائر والنهى فإنه ما أسر عبداً سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله رداءها إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر فالمرائي لا يروج أمره ويستمر إلا على غبي أما المؤمنون المتفرسون فلا يروج ذلك عليهم بل يُكشَف لهم عن قريب وعالم الغيب لا تخفى عليه خافية. أهــ تفسير ابن كثير بتصرُف يسير

نسأل الله أن نكون من المُتفرسين أصحاب البصيرة 1 وألا نكون من الأغبياء أتباع كُل ناعق وأن يُصلح لنا سرائرنا وأن يوفقنا لما يُحب ويرضي اللهم آمين .

1- البصيرة هُنا بصيرة المؤمنين الموحدين الذين هُم بالطاغوت كافرين لا بصيرة المُنافقين .