تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: أسباب انتشار رواية حفص عن عاصم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    1

    افتراضي أسباب انتشار رواية حفص عن عاصم

    [justify]الحمد لله الكريم المنان, سابغ النعم والإحسان, رحيم بأوليائه, يخرجهم من الظلمات إلى النور, ويهديهم إلى سواء السبيل. وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين, وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه, وعمل بسنته إلى يوم الدين. أما بعد:
    فلقد اشتهر في كل طبقة من طبقات الأمة جماعة عنيت بحفظ القرآن الكريم وإقرائه، ولما وقع الخلاف على ما يحتمله رسم المصحف العثماني - من التشكيل والإمالة والإدغام والهمز والنقل, وغيرها من القراءات, وتمسك القراء بما أخذوه بالتلقي - أجمع أهل العلم على اختيار قارئ مشهور بالثقة والأمانة في النقل من كل مصر للأخذ عنه, بشرط التواتر، وموافقة رسم المصحف العثماني، وموافقة اللغة العربية ولو بوجه.
    وكانت قراءات الأئمة السبعة قد اشتهرت على رأس المائتين في الأمصار, وفي أوائل المائة الثالثة من الهجرة في بغداد جمع ابن مجاهد قراءات أهل المدينة ومكة والشام والبصرة والكوفة؛ على قراءة القراء السبعة، ثم أضيفت القراءات الثلاث؛ قراءة أبي جعفر ويعقوب وخلف, واختير أربعة قراءات من الشواذ، وأُلفت الكتب الكثيرة في القراءات, حتى وصل الحال إلى اختيار قراءات الأئمة العشرة ورواتهم المشهورة, وجرى العمل على ذلك إلى يومنا هذا، وأصبحت الآن تؤخذ بالتلقي والإقراء بموجب متن الشاطبية، والدرة, وطيبة النشر.
    وثمة أسباب لانتشار رواية حفص عن عاصم الكوفي منها:
    1 – عدم وجوب القراءة بكل القراءات؛ قال تعالى: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}. وجاء في صحيح البخاري قوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ على سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فاقرؤوا منه ما تَيَسَّرَ". وعند مسلم قال جِبْرِيلُ عليه السَّلام للنبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ الْقُرْآنَ على سَبْعَةِ أَحْرُفٍ, فَأَيُّمَا حَرْفٍ قرأوا عليه فَقَدْ أَصَابُوا". وهذا يفيد اختيار الأيسر, ويفيد عدم وجوب القراءة بكل الروايات, ولو كان واجبًا لوقع الاهتمام الشديد بكل الروايات, وكان لها الانتشار كرواية حفص أو أشد.
    فهذا سبب قوي يفضي إلى ترك القراءة التي فيها أعمال كثيرة للغالبية من الناس؛ إلا من كانت عنده الهمة والرغبة في تعلم القراءات والقراءة والإقراء بها, وهم كُثر ولله الحمد والمنة, حتى زاد في هذا العصر الاهتمام بهذا العلم الجليل, وإني لأذكر أنه كان في كل أرض مصر معهد واحد لتدريس القراءات, والآن في كل محافظة معهد لتعليم القراءات.
    ولما كانت قراءة حفص من السهولة واليسر بمكان – كما سيأتي تفصيله في السبب الرابع – لا جرم كَـثُر إقبال الناس عليها تلاوة وحفظًا وتعليمًا.
    2 - اشتهرت روايته عن عاصم بن أبي النجود في الكوفة، وكانت دار الخلافة حينئذ, يفد إليها العلماء وطلاب العلم, وكان حفص متفرغًا للإقراء عن غيره من القراء, ولما انتقلت الخلافة إلى بغداد انتقل حفص إليها, وأيضًا جاور بمكة وأقرأ بها, ومكة محل التقاء لعلماء العالم الإسلامي. ودار الخلافة بغداد كانت محط العلماء والمتعلمين, وكَثُر فيها الناس لوفرة العيش فيها؛ فاشتهرت روايته في بغداد أيضًا, وكثر عدد الآخذين لرواية حفص, ومن ثم انتشرت في سائر البلدان, وخاصة بلاد المشرق, وكان السائد في بلاد المغرب قراءة ورش وأبي عمرو.
    3 – إتقان حفص لروايته عن عاصم, وقوة سنده من الأسباب المهمة في انتشار روايته؛ إذ يقول الشاطبي:
    فَأَمَّا أَبُو بَكْـرٍ وَعَاصِمٌ اسْـمُهُ فَشُـعْبَةُ رَاوِيهِ المُبَـرِّزُ أَفْضَلاَ
    وَذَاكَ ابْنُ عَيَّاشٍ أَبُو بَكْرٍ الرِّضَا وَحَفْصٌ وَبِاْلإتْقَانِ كانَ مُفضَّلاَ
    وذلك أن حفصًا – وكنيته: أبو بكر - كان ابن زوجة شيخه عاصم بن أبي النجود, وكان معه في دار واحدة.
    قال أبو عمرو الداني: "وهو الذي أخذ قراءة عاصم على الناس تلاوة, ونزل بغداد فأقرأ بها, وجاور بمكة فأقرأ بها أيضًا". وقال ابن المنادي: "وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر ابن عياش – يعني: شعبة – ويصفونه بضبط الحروف التي قرأ على عاصم, وأقرأ الناس دهرًا, وكانت القراءة التي أخذها عن عاصم ترتفع إلى علي رضي الله عنه؛ يعني: سندًا".
    فثناء الفقهاء والعلماء على إتقانه وضبط قراءته؛ زاد الإقبال الشديد على روايته.
    4 - تمتاز قراءة حفص بأنها يسيرة سهلة الأداء, والنفس ترغب في التيسير, والرواية ليس فيها عمل كثير إضافي كغيرها من قراءة الكوفيين؛ فضلاً عن غيرهم, كالإمالة الكثيرة في قراءة حمزة والكسائي وخلف - وهم قراء الكوفة - وأيضًا المد المشبع في المنفصل والمتصل, والسكت المتكرر على الهمز الذي قبله ساكن موصولاً كان أم مفصولاً, والوقف على الهمز في قراءة حمزة وهشام, وإمالة هاء التأنيث حال الوقف عند الكسائي, والمدود أيضًا في قراءة ورش عن نافع, أو صلة ميم الجمع وسكونها واختلاف المد المنفصل في قراءة قالون عن نافع أيضًا, والصلة المتكررة أيضًا في قراءة ابن كثير المكي وأبي جعفر المدني, أو الإدغام الكثير للمثلين الكبير والمتقاربين في رواية السوسي عن أبي عمرو, أو العمل في الهمز المتتالي سواء كان في كلمة أو كلمتين, عند نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر؛ وهذا يعد عاملاً آخر للإقبال على رواية حفص.
    5 – وفي هذا العصر زاد انتشار قراءة حفص واشتهارها؛ بسبب طباعة المصاحف برسم قراءته؛ فلا تكاد تجد أرضًا إلا وغالب المصاحف المطبوعة فيها برواية حفص عن عاصم، اللهم إلا النـزر اليسير من بلاد المغرب وإفريقيا؛ ومع هذا فقد بدأ الانتشار الواسع لمطبوعات المصاحف الجديدة يدبُّ إليها, وذلك بشهادة من التقيت بهم من حفَّاظ بلاد المغرب, وخاصة موروتنانيا.
    6 – وسائل الإعلام المسموعة والمرئيَّة؛ من إذاعة وتلفاز وأشرطة وحاسب آلي؛ القراءة في معظمها برواية حفص، وهذا شيء ملحوظ ومشاهد. وكان أول تسجيل صوتي للقرآن الكريم في العالم الإسلامي بصوت الشيخ محمود خليل الحصري برواية حفص.
    7 – تدريس القرآن برواية حفص في المدارس والمعاهد والجامعات والكتاتيب في أغلب الأقطار؛ حتى في معاهد القراءات أول ما يدرس الطلاب القرآن برواية حفص؛ تلاوة وحفظًا وتجويدًا, ثم يُبنـى عليها بقية القراءات العشر المتواترة, والأربعة من الشواذ.
    7 – وثمة سبب لعله هو أقوى الأسباب وأهمها: أن الله عزَّ جلَّ قد وضع لهذه الرواية القبول والإقبال, لأسباب قد لا نعلمها؛ وهي مع ذلك لا تنفي القراءات الأخرى وأهميتها, ولا تحط من شأنها، فكلٌّ كلام رب العالمين, وتنزيل من حكيم حميد. والله تعالى أعلى وأعلم.
    كما نحث أهل الاختصاص في هذا العلم, بالعمل على نشر القراءات وتداولها بين المسلمين, وتسجيل القراءات وإذاعتها على الناس؛ تلاوة وتعليمًا, وترغيبهم فيها, واتخاذ الطرق التي تيسرها لهم؛ ليتعرفوا على كلام الله بحلاوته وطلاوته.
    نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والعمل الصالح.
    يوم عاشوراء عام 1428 هـ, الموافق 29/2/2007م.[/justify]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    5

    افتراضي رد: أسباب انتشار رواية حفص عن عاصم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Dec 2007
    المشاركات
    109

    افتراضي رد: أسباب انتشار رواية حفص عن عاصم

    جزاك الله خيرا أخي الكريم
    ومن يك سائلاً عني فإني . . بمكة منزلي وبها ربيت

  4. #4

    افتراضي رد: أسباب انتشار رواية حفص عن عاصم

    أشكرك أخي في البداية على الموضوع
    ولكن هناك تساؤلات كثيرة حول دعوى الانتشار الكبير لرواية حفص
    فأولا: مقياس هذا الانتشار هل هو بحسب الإنتاج المقروء والمسموع والمبصر أو بحسب عدد الحفظة؟
    وثانيا: ينبغي الاعتماد على إحصاء دقيق لتوزيع القراءات في العالم الإسلامي، والذي أعرفه أن كل الدول المتبعة لمذهب المالكية تقرأ بحرف نافع إن ورشا أو قالونا، وهذه الدول تمثل إفريقيا كلها ما عدا مصر والسودان وربما كينيا
    لذا أرجو مزيدا من البحث في الموضوع، وهو هام جدا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •