بسم الله ارحمان الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يو الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نريد مشاركة من الإخوان لتأكيد هذه الفتوى.. خاصة إذا علمنا أنه يوجد من يقول أنها من ترجعات الشيخ آل عثيمين عن فتاوى سابقة له في نفس الموضوع وبارك الله فيكم

التحرير في مسألة التكفير - في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله
الفتوى المتأخرة للعلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -
منقول

مُقدّم هذا السؤال لفضيلتكم: ابنكم وطالبكم أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني من مأرب باليمن، في يوم الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ألف وأربعمائة وعشرين من الهجرة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

السؤال: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، أما بعد:
فهذا السؤال أقدمه عبر الهاتف، وعبر تسجيله في الهاتف أيضاً، لفضيلة الوالد الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله، ومتع به، وجعل فيه وفي أمثاله العوض عن سماحة الوالد رحمة الله عليه - .
وهذا السؤال حول مسألة كثر فيها النزاع بين طلبة العلم، وكثر بها - أيضاً - الاستدلال من بعض كلمات لفضيلة الوالد العلامة محمد بن صالح العثيمين - حفظه الله تعالى - .
أولاً أقول للشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وزادكم الله علماً، ورفع قدركم في الدنيا وفي الآخرة.
فضيلة الشيخ - سلمكم الله - : هنا كثير من طلبة العلم يدندنون حول الحاكم الذي يأتي بشريعة مخالفة لشريعة - الله عز وجل - ، ولا شك أنه يأمر الناس بها ويلزمهم بها، وقد يعاقب المخالف عليها،ويكافئ أو يجازي بالخير وبالعطاء الملتزم بها، وهذه الشريعة في كتاب الله وفي سنة نبيه - عليه الصلاة والسلام - تعتبر مخالفة ومُصادمة لنصوص الكتاب والسنة.
هذه الشريعة إذا ألزم هذا الحاكم بها الناس، ومع أنه يعترف أن حكم الله هو الحق، وما دونه هو الباطل، وأن الحق ما جاء في الكتاب والسنة، ولكنه لشبهة أو لشهوة جرى إلزام الناس بهذه الشريعة، كما وقع مثل ذلك كثيراً في بني أمية وفي بني العباس وفي أمراء الجور الذين ألزموا الناس بأمور لا تخفى على مثلكم، بل لا تخفى على كثير من الناس، عندما ألزموا الناس بما لا يرضي الله - عز وجل - كالأمور الوراثية، وجعلوا الملك عاضّاً بينهم كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقربوا شرار الناس، وأبعدوا خيارهم، وكان من يوافقهم على ما هم فيه من الباطل قربوه، ومن يأمرهم وينهاهم ربما حاربوه.. إلى آخره.
فلو أن الحاكم في هذا الزمان فعل مثل هذه الشريعة؛ هل يكون كافراً بهذه الشريعة إذا ألزم الناس بها؟ مع اعترافه أن هذا مخالف للكتاب والسنة، وأن الحق في الكتاب والسنة؛ هل يكون بمجرد فعله هذا كافراً؟ أم لا بد أن يُنظر إلى اعتقاده بهذه المسالة؟
كمن - مثلاً - يلزم الناس بالربا، كمن يفتح البنوك الربوية في بلاده، ويأخذ من البنك الدولي - كما يقولون - قروضاً ربوية، ويحاول أن يؤقلم اقتصادها على مثل هذا الشيء، ولو سـألته قـال: (الربـا حــرام ، ولا يجـوز)، لكـنْ لأزمة اقتصادية، أو لغير ذلك، يعتذر مثل هذه الاعتذارات، وقد تكون الاعتذارات مقبولة، وقد لا تكون، فهل يكفر بمثل ذلك؟ أم لا؟
ومع العلم أن كثيراً من الشباب ينقلون عن فضيلتكم أنكم تقولون أن من فعل ذلك يكون كافراً، ونحن نلاحظ في بلاد الدنيا كلها أن هذا شيء موجود بين مُقلّ ومستكثر، وبين مصرح وغير مصرح، نسأل الله العفو والعافية.
نريد من فضيلتكم الجواب على ذلك، عسى أن ينفع الله - سبحانه وتعالى - به طلاب العلم، وينفع الله - عز وجل - به الدعاة إلى الله - عز وجل - ؛ لأنه لا يخفى عليكم أن الخلاف كم يؤثر في صفوف الدعوة إلى الله - عز وجل - .
هذا؛ وأني لأنقل لفضيلتكم محبـة أبنائكم وطلابكم طلبـة العلم في هذه البـلاد، ورغبتهم أيضاً في سماع صوتكم، وتوجيهاتكم، ونصائحكم؛ سواء عبر الهاتف أو غير ذلك.
والله - سبحانه وتعالى - المسؤول أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال.

جواب العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :
مُقدمة
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينـا محمـد، وعـلى آلـه وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد..
تأريخ الفتوى
ففي هذا اليوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول عام عشرين وأربعمائة وألف؛ استمعت إلى شريط مسجل باسم أخينا أبى الحسن في مأرب، ابتدأه بالسلام عليَّ فأقول: عليك السلام ورحمة الله وبركاته.
خطر التكفير
وما ذكره من جهة التكفير؛ فهي مسألة كبيرة، عظيمة، ولا ينبغي إطلاق القول فيها إلا مع طالب علم يفهم ويعرف الكلمات بمعانيها، ويعرف العواقب التي تترتب على القول بالتكفير أو عدمه، أما عامة الناس؛ فإن إطلاق القول بالتكفير أو عدمه في مثل هذه الأمور يحصل فيه مفاسد.
نصيحة قيمة
والذي أرى أولاً ألّا يشتغل الشباب بهذه المسألة، وهل الحاكم كافر؟ أو غير كافر؟ وهل يجوز أن نخرج عليه؟ أو لا يجوز؟
على الشباب أن يهتموا بعباداتهم التي أوجبها الله عليهم، أو ندبهم إليها، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهة أو تحريماً، وأن يحرصوا على التآلف بينهم، والاتفاق، وأن يعلموا أن الخلاف في مسائل الدين والعلم قد جرى في عهد الصحابة - رضي الله عنهم - ولكنه لم يُؤدّ إلى الفرقة، وإنما القلوب واحدة، والمنهج واحد.
التفصيل في المسألة
أما فيما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله: فهو كما في الكتاب العزيز ينقسم إلى ثلاثة أقسام: كفر وظلم وفسق، على حسب الأسباب التي بُنيَ عليها هذا الحكم.
فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعاً لهواه، مع علمه بأن الحق فيما قضى الله به: فهذا لا يكفر، لكنه بين فاسق وظالم.
وأما إذا كان يَشْرَع حكماً عاماً تمشي عليه الأمة، يرى أن ذلك من المصلحة، وقد لُبِّس عليه فيه: فلا يكفر أيضاً؛ لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل في علم الشريعة، ويتصل بهم من لا يعرف الحكم الشرعي، وهم يرونه عالماً كبيراً فيحصل بذلك المخالفة.
وإذا كان يعلم الشرعَ ولكنه حكم بهذا، أو شَرَع هذا، وجعله دستوراً يمشي الناس عليه؛ يَعتقد أنه ظالم في ذلك، وأن الحق فيما جاء به الكتاب والسنة: فإننا لا نستطيع أن نكفِّر هذا.
وإنما نكفِّر: من يرى أن حكم غير الله أولى أن يكون الناس عليه، أو مثل حكم الله عز وجل؛ فإن هذا كافر؛ لأنه مكذب لقول الله - تبارك وتعالى - : {أَلَيْسَ اللهُ بأحكم الحاكمين} [التين: 8] ، وقوله: {أَفَحُكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون} [المائدة 50].
لا تلازم بين التكفير والخروج
ثم هذه المسائل: لا يعني أننا إذا كفرنا أحداً فإنه يجب الخروج عليه؛ لأن الخروج يترتب عليه مفاسد عظيمة أكبر من السكوت، ولا نستطيع الآن أن نضرب أمثالاً فيما وقع في الأمة العربية وغير العربية.
من شروط الخروج على الكافر
وإنما إذا تحققنا جواز الخروج عليه شرعاً فإنه لابد من استعداد وقوة تكون مثل قوة الحاكم أو أعظم.
الخروج مع عدم القدرة: سفه
وأما أن يخرج الناس عليه بالسكاكين والرماح ومعه القنابل والدبابات وما أشبه هذا؛ فإن هذا من السفه بلا شك، وهو مخالف للشرع".
انتهت الفتوى .

[العناوين لتوضيح مواضيع الفقرات، مستفادة من كتاب (الحكم بغير ما أنزل الله - مناقشة تأصيلية علمية نافعة) للشيخ بندر بن نايف المحياني العتيبي].

*****
نحبكم في الله
لا حول ولا قوة إلا بالله
والحمد لله