السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المتتبع لكتابات الحقبة الماضية يجد نقدا كثيفا وجه للشيخ محمد الغزالي رحمه الله بخصوص منهجه الحديثي ... وقبل اي شئ اود ان انوه الاخوه انه لا يلتفت الى كلام الاقران ان كان بينهم مشاحنات ...
فلا تنتظر من ابن محجوب المالكي ان يثني على ابن تيمية مثلا !
ولا تنتظر من تلاميذ مالك ان يثنوا على الشافعي في زمانه ! فقد كانوا يقيمون الليل ويدعون عليه ان يميته الله !! ..
فالحكم على حملة العلم والافاضل انما يكون بالموضوعية والانصاف وليس بالاهواء والنوازع وتصيد الزلات ...
بعد هذه المقدمة اقول والله المستعان ، فقد بحثت في كل ماوجه الى الشيخ محمد الغزالي من انتقادات حول منهجه الحديثي فوجدته لا يخرج عن احد هذين الامرين
الاول : انكار احاديث صحيحة بدون دليل واضح منه ( كذا قالوا )
الثاني : تصحيح الروايات التاريخية المنقطعة والمعضلة والمعلّقة

بالطبع لو ثبت كلا الامرين بهذا السياق لكان امرا خطيراً !
لكن دعونا نتكلم بحيادية وموضوعية .. وبدون تحكيم للصراعات والاهواء ...

بخصوص الامر الاول : قد بحثت في دراسة الرجل الاصولية فعلمت عنه انه تخصص في الفقه الحنفي وبرع فيه وكان اصوليا من الدرجة الاولى في هذا المذهب ..
فانكار الرجل لبعض الاحاديث التي يراها مصادمة للعقل عنده ! كان اعتمادا على مذهب الاحناف في احاديث الاحاد ، وانهم يرونها ظنية الثبوت !
وكان من الاولى ان يقوم المتصدرون بالرد عليه ، بدلا من اتهامه بانه منكر للسنة وهادم للأثار ! ان يراعوا انه "حنفي" المذهب ! قبل اي شئ ! ويناقشوه من الجهة الاصولية ! ويناظروه في مخالفة مذهبه للجمهور في هذه الجزئية وان يراعي هذا !
وليس ان يهاجمه البعض ! وهم كما يوصفون ( تزببوا قبل ان يتحصرموا ) ..
ولك ان تتخيل انك تدرس اصول المذهب الحنفي لعشرات السنين ! وتعتقد ان حديث الاحاد يفيد العلم النظري ! ثم تجد من يجادلك في هذا ! ..
ولهذا فانه هو ومريديه اذا قرأوا الانتقادات ! ربما نظروا الى كاتبها على انه من "كوكب آخر" ! او شخص متعالم بالنسبة للاصول التي درسوها ! او شخص متهور ! او طالب علم متسرع ! او خلافات اقران ! .. ولذلك لم يعبأوا بها ..

فالقارئ في كتب الرجل لابد ان يضع في اعتباره انه امام احد الحنفية الغلاة في اصول المذهب ... ! ولا يعني هذا انه يتعمد انكار السنة في شئ !! .. فلو كان حيا رحمه الله .. كان الاولى اثارة انتباهه الى تلك الجزئية وبيان الراجح فيها !
اما ان تنتقد بعض الاحاديث للرجل وتهاجمه بها فليس من الانصاف في شئ ..

وبخصوص الامر الثاني : تصحيح الشيخ لبعض الروايات التاريخية !
فان الشيخ لم يفعل منكراً , بل ان الجمهور على جواز الاحتجاج بالاخبار التاريخية اذا كان رواتها ثقات ومن الائمة المشهورين وسلمت الرواية من النكارة ، وطالما انها خارجة عن باب الاحكام الشرعية ..
وقد اثير هنا اختلاف في زماننا القريب بخصوص الروايات التاريخية هل نطبق عليها قواعد المصطلح الحديثي ؟ ام لا نحتاج لهذا !
الصحيح اننا لا نحتاج لتطبيق قواعد المصطلح لانها لا توجب احكاماً وكذلك لان علم التاريخ له ضبط وعدالة .. ولا يشترط في ضبطه اتصال السند .. انما يكفي فيه امامة المؤرخ وسعة علمه واطلاعه .. ! فمتى ثبتت العدالة والضبط للمؤرخ دل هذا على صحة الخبر بحكم اهل التاريخ ..
والخلاف في المسألة حادث من المعاصرين ومنهم الامام الالباني وبعض تلامذته ! ..
فتعنتوا في مسالة الروايات التاريخية ! وقالوا باجراء القواعد الحديثية , والصحيح مذهب الجمهور
او على الاقل المسألة خلافية من الجهة الاصولية ! ان لم يكن الاجماع قائم على الفصل بين المنهجين ! ..
اذكر مثالاً لا حصرا ان الخطيب البغدادي صنف بابا في كتاب الجامع بعنوان ( باب ما لا يفتقر كتبه الى الاسناد ) .. وذكر فيه الروايات التاريخية .. وانها لا تحتاج للسند !
والحافظ ابن حجر تجده في الفتح اذا تعارض احد الاحاديث الصحيحة مع بعض روايات ابن اسحاق منعدمة السند ! يحاول الجمع بينهم بقدر المستطاع ! وكان رواية ابن اسحاق صحيحة كالمعارضة لها !!
للاسف امر كهذا قام بعض المشايخ الفضلاء بالنفخ فيه وتضخيمه في نفوس طلابهم بما لا يستحق !
فهذان الامران يدخل فيهما كل ماانتقد على الرجل من منهجيته الحديثية
والله عزوجل اعلى واعلى ..