بسم الله الرحمن الرحيم ،
الروى البخاري في "تفسير سورة النساء" من صحيحه ، آخر الحديث رقم ( ) : قَالَتْ عَائِشَةُ : وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِى آيَةٍ أُخْرَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] : رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ ؛ قَالَتْ : فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا عَنْ مَنْ رَغِبُوا فِى مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِى يَتَامَى النِّسَاءِ، إِلاَّ بِالْقِسْطِ ..." .

وقوله : ( عن من ) ، في هذا السياق : مشكل ، وإن كان شراح البخاري ، وأهمهم : ابن بطال ، الكرماني ، ابن حجر ، العيني ، القسطلاني ـ لم يتعرضوا له ، ولا وجهوه .
وأما القاضي عياض ، رحمه الله ، فقد جزم بغلط هذا الحرف ؛ قال ـ "مشارق الأنوار" (2/90) :
" كذا لأبي ذر ، ولا معنى لـ"عن" هنا ، وسقوطها الصواب ، كما للجميع " اهـ
وتبعه ـ فيما يبدو ـ الكشميري ، فقال ـ "فيض الباري" (5/237) : " وحرف «عن» ههنا غَلَطٌ، والصواب: أَنْ ينكحوا مَنْ رَغِبوا ... إلخ." اهـ .

تنبيهان :
في "النسخة السلطانية" ، وما نقل عنها ، من "صحيح البخاري" : لم يشيروا إلى أن اللفظ المذكور : تفرد به "أبو ذر" وحده ، بل ظاهر صنيعهم : أن هذا رواية الجمهور، ولم يشيروا إلى رواية مغايرة إلا عند "الأصيلي ـ ص" بلفظ : ( أنْ يَنْكِحوا من رَغِبوا ) اهـ .
ظاهر صنيع القسطلاني ـ أيضا ـ أن الرواية المذكورة : هي رواية الجمهور ، وأشار أيضا إلى رواية الأصيلي (7/76) : " ينكحوا عمن رغبوا في ماله وجماله : بفتح التحتية ، وللأصيلي : بضمها وإسقاط عن " اهـ ، وقد سبق أن وراية الأصيلي ـ في هامش السلطانية ـ مضبوطة بفتح الياء ، وهو ظاهر السياق ، وتوجيه الرواية بضم الياء : مما يبعد هنا .
والله أعلم .