بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
افتقاد الإنسان للسعادة إما عن جهلا بها أو بالطريقة الموصلة إليها أو بضعف إرادته و إستلاء الشهوات عليه فتجده يعرف، يقول أنا أعرف أن هذا هو طريق الجنة مثل ما يعرف أن هذه هي الشمس، واضح عندي ، أعرف أن هذا طريق الجنة و أن هذا طريق السعادة و عرفت الأدلة على ذلك و عندي آيات و أحاديث و سمعت خطب و مواعظ و تذكيرات ، أعرف ، لكن مصيبته ما هي !!؟؟ عــــدم الـــعـــلــم
ليست هذه مصيبته
مصيبته [ضعف الإرادة - تبلد الهمة ]هذه مصيبته، مصيبته إستيلاء الشهوات عليه ،سيطرت الغفلة عليه ، تجده يعرف أن الصلاة نجاته ، يعرف معرفة يقينية و لو قلت له أعطيني أدله يعطيك أدله ، يحفظ ، و ينادى للصلاة ولا يقوم << مصيبته في إرادته و قصده و همته.!!
قال فكلما أراد ذلك ( أي كل ما أراد هذا الإنسان الذي علِم باللذة و علم بالطريقة الموصلة إليها اعترضته تلك الشهوات و الإرادات و حالت بينه و بينها [ حالة بينه و بين هذه اللذة و السعادة] و هو لا يمكنه تركها و تقديم هذا المطلوب لان الشهوة سيطرت و استولت على قلبه . فتجده كلما تحرك رغبةً في الإقدام على هذه الأمور التي فيها سعادته في الدنيا و الأخر منعته من ذلك الشهوات التي سيطرت على قلبه..!!
كيف يتخلص الإنسان من هذه الشهوات:( هذه فوائد نفيسة جدا و درر و ثمينة يسوقها ابن القيم رحمه الله تعالى لك )
كيف يتخلص الإنسان من هذه الشهوات التي تحول بين كثير من الناس و بين الإقدام على هذه السعادة المتحققة في الدنيا و الآخرة
ماذا يحتاج إليه ..!
قال رحمه الله و هو لا يمكنه تركها و تقديم هذا المطلوب الذي هو السعادة في الدنيا و الآخرة عليها إلا بأحد الأمرين يحتاج إليها العبد، ما هما!!؟
لخصهما في كلمتين ..
قال: [[حب متعلق و فـَرق مزعج ]]،،الفرق هو الخوف.
حب متعلق و فرق مزعج ، تحتاج الى هذين الامرين أن يكونا في قلبك ..
حب و فرق .
حب لمن و فرق ممن ..؟؟
قال رحمه الله : فيكون ( هذا هو يشرح لك الحب الذي إذا وجد في قلبك أعانك بإذن الله سبحانه و تعالى على تخطي هذه الشهوات، و تحطيمها و المضي إلى السعادة الحقيقة .قال فيكون الله و رسوله و الدار الآخرة و الجنة ( اللهم أكرمنا جميعا بدخولها ) و نعيمها أحب إليهم من هذه الشهوات .!!
تحرك في قلبك حب الله، حب رسوله و حب دينه، و حب الجنة و حب نعيم الجنة و ملذاتها ، فإذا قام في قلبك هذا الحب العظيم ثم حدثتك نفسك يوما في شهوة زائفة و ملذة زائلة و فعل محرم و عرفت أن هذه اللذة الزائفة الزائلة المحرمة تعثر وصولك إلى الجنة و تعوقك إلى الوصول إلى الجنة و تؤخر و صولك إلى الجنة ، تجد أن هذا الحب الذي قام في قلبك ،،،
ماذا يصنع ؟؟؟
يصنع فيك العجايب .. يـــــــصنع عجايب ..!!
كل ما كان هذا الحب في القلب قويا { حب الله سبحانه و تعالى ، حب رسول الله صلى الله عليه و سلم}
دعونا من الحب المدعى !
الحب المدعى هذا سهل على كل لسان!!؟
اليهود إخوان القردة و الخنازير أقبح خلق الله سبحانه و تعالى يقولون نحن أبناء الله و أحبائه .. ! الحب المدعى سهل على كل لسان و لكن المقصود الحب الحقيقي الذي يُزعج القلب و يحرك القلب و يُهيج القلب إلى الكمالات، إلى الفلاح ، إلى السعادة..
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

31)سورة آل عمران

فيكون في قلب الإنسان حب لله تعالى و لرسوله و للدار الآخرة و للجنة و لنعيمها و أن تكون أحب إليه من هذه الشهوات، ولا يمكن أن تجتمع هذه الشهوات و الفوز بحب الله و رضاه و جنته..!
مــــــــــــــ ــــــــــا تجتمع !!!
و قال ليعلم أنه لا يمكن الجمع بينهما، أختار أحد الأمرين !!
يختار الإنسان احد الأمرين؟؟
إما و العياذ بالله لذة زائفة زائلة محرمه مليئة بالغصص و النكد و ينحرم من اللذة الباقية ؟؟!!! اللذة تفنى في لحظتها و وقتها لكن كل التبِعات تبقى
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها
من الحرام ويبقى الخزي والعارُ
تبقى عواقب سوء في مغبتها
لاخير فـــــــي لذة من بعدها النارُ

لا خير في لذة من بعدها النارُ !!!
نعم لذة عاجلة ، لذة عاجلة قد يلتذ الإنسان بها ، قد يجد فيها إشباع لشهوته ، إشباع لرغبته،إشباع لميوله ،لكن !!
مجرد ما تنتهي اللذة بلحظتها انتهت ، انتهت و زالت لكن التبعات كلها باقية ،الأضرار الدنيوية باقية و أيضا العواقب الأخروية باقية إلا أن يتدارك الله سبحانه و تعالى عبده بتوبة نصوح تجُبُ ما قبلها.
فيقول ابن القيم رحمه الله:
الجمع بينهما لا يمكن
الجمع بينهما لا يمكن
فماذا على الإنسان عندما يأتيه مفترق الطريق هذا أو هذا ..؟
قال: فيؤثر أعلى المحبوبين على أدناهما ( قاعدة ذهبية )
فيؤثر أعلى المحبوبين على أدناهما ..
حب الله .. حب رسوله .. حب الدار الآخرة.. حب الجنة
هذه أمامك عاليا ثم يجد قلبه ألتفت إلى محبوب آخر لكنه محبوب قبيح محرم سيئ ضار..!
ماذا يمكن أن نكون عليه ؟
نقدم أعلى المحبوبين على أدناهما ، قبيح جدا أن يغمض الإنسان عينه عن هذه القاعدة العظيمة و ينغمس في اللذة المحرمة ، ثم يبوء بتبعة ذلك عياذة بالله جل و علا
وقال و إما أن يحصل له علم ما يترتب على إيثار هذه الشهوات من مخاوف و هذا يشرح فيه (( الفرق المزعج ))
انتهى الآن مع الحب المتعلق و الآن بدأ يشرح الفرق المزعج.. كيف أن الفرق المزعج إذا وجد في قلبك أيضا أبعدك
الآن أعطاك طريقتين نفيستين عظيمتين مباركتين، كل مره تجد نفسك في مفترق الطريق تعالج الوضع بالحب المتعلق، ذكر نفسك ( بحب الله .. حب رسوله ..حب الآخرة .. حب الجنة ) و إنهما لا يجتمعان ،
اما هذا او هذا
ثم طبق القاعدة النفيسة الذهبية بـ إيثار اعلي المحبوبين .. إيثار اعلي المحبوبين < هذه طريقة
الطريقة الثانيه (( الفرق المزعج ))
الفرق المزعج عندما تأتي أيضا لمفترق طريق، أيضا تذكر الجانب الآخر الفرق المزعج ..
قال و هو أن يحصل له علم على ما يترتب على إيثار هذه الشهوات من المخاوف و الآلام التي ألمها اشد من ألم فوات هذه الشهوة و بقائها ،الإنسان قد يصل إلى طريق فيه شهوه محرمه فهو بين ألمين:
إما الم تبعت هذه الشهوة و عقوبات دنيويه و الأخروية أو ألم فوات هذه الشهوة ، قد تألم نفس الإنسان أن هذه شهوة نفسه تميل إليها و تريدها و ترغب في فعلها و يمنع نفسه فتألم لفوات هذه الشهوة لكن أي الألمين أهون ! ألم عقوبة هذه الشهوة في الدنيا و عقوبتها في الآخرة أم ألم ترك الإنسان لهذه الشهوة .
هذا الألم الأخير، ترك الشهوة ألم يسير جدا يعقـُبهٌ الله تعالى في قلب العبد لذة و زكاه و سعادة و أمور لا توصف..
قُل لِّلْمُؤْمِنِين َ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ

النور 30
ذلك أزكى لهم !!
فيعقب الله سبحانه و تعالى عبده عوضا عن كفهِ لنفسه و منعها مما نهاه الله تبارك و تعالى عنه لذة لا توصف و سعادة لا توصف.
فيقول رحمه الله و تعالى :
فأن تمكن من قلبه هذان العلمان أنتج له إيثار ما ينبغي إيثاره و تقديمه على ما سواه’ متى يصل الإنسان إلى هذه الرتبة العالية انه يؤثر الذي ينبغي فعلا أن يؤثره ، كثير من الناس في مسلكه العملي في حياته يؤثر أمور ما كان ينبغي له أن يؤثرها ، و يقدم أمور ما كان ينبغي له أن يقدمه
تجده في مفترق طريق .. تجده يقدم أمور أو يؤثر أمور ما كان ينبغي له، لكن لو كان في قلب الإنسان مثل هذه التقعيدات المباركة و التأصيلات النافعة و يأتي في مواضع الامتحان و المَحك و مفترق الطريق و يعمل هذه القواعد و يفكر، يجد أنه بإذن الله يسير سيرا مستقيماً ،أما الآخر الذي لا يبالي الذي همه و تفكيره عند لذته لا يرفع بصره إلى الأمام . لا ينظر إلى الأشياء القادمة ، لذته الحاضرة هي التي يفكر فيها أما ما بعد ذلك لا يفكر فيها ( العواقب .. التبعات .. الآثار .. الأضرار ) كل هذا لا يفكر فيه ،فالذي يسعد الذي يوجد عنده هذان العلمان و إذا وجد أنتج له إيثار مما ينبغي إيثاره و تقديمه على ما سواه ..