بسم الله الرحمن الرحيم
مع آفة الردة والتنصير: أنصيحة للأقارب أم مناصرة للأباعد؟!
كلُّ غيور على الجزائر – مواطنًا كان أم مواطنة – يسُوءه ويؤلـمُه أن يَرَى جزائريا أو جزائرية يرتدان عن الإسلام خيرِ الأديان وأكملها وخاتـمها، لأي سبب من الأسباب، وخاصة إذا كان ذلك بتآمرٍ وحركةٍ من أجانب عن الجزائر موطنا، وجنسا، ولغة، ودينا، وتاريخا، كما يشاهد ذلك في مناطق متعددة من بلدنا الغالي على أيدي شرذمة من الإنغليكانيين البروتستانتيين المتصهينين الذين يلوثون الجو الجزائري الطاهر النقي، بسموم التفريق والتمزيق لأواصر الوحدة الوطنية الجزائرية الشاملة، بشتى أساليب الخداع، والإغراءات المادية والأدبية، معلنين تنصلَهم من أي ضغط مادي أو أدبي يمارسونَه مع الـمرتدين الـمتنصرين، بل إنهم يتجاوزون هذه الحالة البريئة في زعمهم، إلى التظلم من أية جهة شعبية أو رسمية تبدي استنكارها لحركتهم العدوانية الأثيمة.
على أن الأغرب والأنكى
من كل هذه التصرفات العدوانية الخطيرة، الظاهرة والباطنة التي يقوم بها أولئك الـمصطادون في الـمياه العكرة، هو ردود أفعال تصدر من بعض الإعلاميين، في جريدتي " الحرية " (LIBERTE) و"يومية وهران" (QUOTIDIEN D ORAN) الناطقتين باللغة الفرنسية، اللتين تناصران الحركة الارتدادية التنصيرية، بأسلوب يرتدي ثوب النصيحة، بحيث يصوبون ما يقولُه الـمنصرون والـمتنصرون، ويؤيدون ما يقوله رئيسا الكنيستين: الكاثوليكية والبروتستانتية بالجزائر، من جهة، ويشدِّدون النكير في استخفاف وقلة احترام، على فتاوى علماء الجزائر الشعبيين والرسميين، وينددون بقرارات الحكومة الجزائرية في مجال ممارسات الأجانب لشعائرهم الدينية، من جهة أخرى، زاعمين أنهم في اتخاذهم هذا الـموقف الـمنحاز للطابور العامل على زعزعة وحدة الشعب واستقراره، وأمنه النفسي والاجتماعي – إنما يقدمون النصيحة للمسؤولين في الجزائر على ترك الـمنصرين الأنغليكانيين يمكرون ما يمكرون، ويعيثون في الأرض فسادا ما يعيثون، دون أية رقابة ولا تحذير، وذلك خشية أن تُصنف الجزائر في زمرة الدول التي تُضطهدُ فيها الأقليات الدينية، فتتعرض - لا قدّر الله – لتدخلات دولية لا تحمد عقباها، إلى غير ذلك من التعليلات التي تصم الجزائر بأنها دولة عنصرية منغلقة متخلفة عن ركب الحضارة الحرة الرحبة الرحيمة.
فن بلاغي جديد
إن هذا الأسلوب الرامي إلى مناصرة الخصوم الأباعد في ثوب مناصحة الأولياء الأقارب أسلوب خطير، يلتجئ إليه الـمنافقون لتحقيق أغراضهم الخبيثة الدفينة، بوسائل شيطانية ملتوية، وهو ما حذّر الله تعالى منه رسوله الخاتـم محمد – صلوات الله عليه وسلامه – في الآية القرآنية الحادية عشرة من سورة الفتح في وصف الـمنافقين:"يَقُ ولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم ْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ...".
حفظ الله الجزائر من كل بلاء آتٍ من عدوٍّ سافر أو مقنَّع، خادع أو مخدوع، مؤمن أو منافق، وطنيٍّ أو عميل.
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ" الرعد: 17.
عبد الرحمن شيبان
رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
http://www.merathdz.com/play.php?catsmktba=1535