.. :: ضياء الشميري :: ..

بسم الله الرحمن الرحيم

.. ﴿ يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أتوا العلم درجات و الله بما تعملون خبير ..



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

هناك موضوع دائما مايثار ويطرح على المجالس العامة بل وفي واقع الحياة ..
الموضوع هو كما علمتم من اسمه ..

وكنت قد عزمت في الكتابة فيه إلا أن شريطا للشيخ الفاضل عبد السلام بن برجس العبد الكريم رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته ، كنت قد سمعته في وقت قريب فرجعت إليه البارحة وخلصت منه بفوائد لعلها هي معظم مشاركتي هذه ..

بإختصار أقول :
إن الإغترار بمن يصفهم العامة والرعاع بالعلماء أمر قديم العهد له جذوره ..
يذكر لنا الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه ( فضل علم السلف على علم الخلف ) هذا الأمر ويجليه فيقول : ( وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسَّع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم، فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كلِّ من تقدم من الصحابة ومن بعدهم ؛ لكثرة بيانه ومقاله، ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين ) ..

وبعد أن لمح وصرح بالأئمة الثقات كالثوري والأوزاعي والليث وابن المبارك قال : ( فإنّ هؤلاء كلهم أقل كلاما ممن جاء بعدهم، وهذا َنَقُّص عظيم بالسلف الصالح، وإساءة ظن بهم، ونسبتهم إلى الجهل وقصور العلم ولا حول ولا قوة إلا بالله )...

وعند ذكره لأثر ابن مسعود رضي الله عنه ( إنّكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه ) , قال : ( وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه فمن كثر علمه وقل قوله فهو الممدوح ، ومن كان بالعكس فهو مذموم ) .انتهى كلام الحافظ رحمه الله .



قلت : الحافظ رحمه الله لم يعش إلى زمننا هذا ، وإلا لكان القول أغلظ والخطب أمر ..


فالله المستعان ..




.............................. ....



يستمر الحافظ رحمه الله بإتحافنا بعلامات يتميز بها أهل الفضل والعلم الذين ورد الشرع بفضائلهم وبتزكيتهم فيقول : من علاماتهم :



إنّهم لا يرون لأنفسهم حالا ولا مقاما، ويكرهون بقلوبهم التزكية و المدح، ولا يتكبرون على أحد، وأهل العلم النافع كلما ازدادوا في العلم ازدادوا تواضعا لله وخشية وانكسارا وذُلاًّ.



ومن علاماتهم أيضا الهرب من الدنيا، وأولى ما يهربون عنه منها الرِّياسة والشُّهرة والمدح، فالتباعد عن ذلك والاجتهاد في مجانبته من علامات أهل العلم النافع، فإنْ وقع شيء من ذلك -يعني الرياسة أو الشهرة أو المدح- من غير قصد واختيار كانوا على خوف شديد من عاقبته وخشوا أن يكون مكرا واستدراجا، كما كان الإمام أحمد رحمه الله يخاف ذلك على نفسه عند اشتهار اسمه وبعد سيطه.



ومن علاماتهم أيضا أنهم لا يدعون العلم، فلا يفخرون على أحد، ولا ينسبون غيرهم إلى الجهل؛ إلا من خالف السنة وأهلها فإنهم يتكلمون فيه غضبا لله، لا غضبا للنفس، ولا قصدًا لرفعتها على أحد.



ومن علاماتهم أيضا أنهم سيؤون الظن بأنفسهم، ويحسنون الظن بمن سلف من العلماء، ويقرون بقلوبهم وأنفسهم بفضل من سلف عليهم، وبعجزهم عن بلوغ مراتبهم والوصول إليها أو مقاربتها، وكان ابن المبارك إذا ذَكر أخلاق من سلف ينشد : لا تعرضن بذكرانا لذِكـرهم ........... ليس الصحيح إذا مشى كالمُقعـد


ولعل في هذه العلامات ما يستطيع به العامِّي وأمثاله أن يميز بين من يستحق أن يُطلق عليه لفظ العالم ممن لا يستحق هذا اللفظ، والفائدة المَرْجُوَّة من هذا التمييز هي الأخذ عن أهل العلم النافع دون من عَدَاهم من متكلم فصيح و كتاب كبير ممن ليس من أهل العلم. إهـ



..................



إذا من هو العالم ؟؟

عقد الإئمة في أماليهم ومصنفاتهم أبوابا خاصة في مميزات زصفات أهل العلم ..
فقد ذكرنا فيما سبق أقوال لامعة في سماء السنة للحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله ..
بل أن الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى في كتابه القيم النافع ( جامع بيان العلم وفضله ) عقد بابا صريحا في هذا الموضوع سمه بـ ( فيمن يستحق أن يسمى فقيها أو عالما ) .





.......................



العالم ياإخواني ليس من ملك الفصاحة والبلاغة في خطبة ومحاضراته ...

ليس العالم من ألف كتابا أو نشره ..
ليس العالم من حقق مخطوطة أو أخرجها..
فهذه الأمور هي الموازين عند كثير من الناس جلهم من العامة ..
فتجدهم يحبون من إتصف بهذه الأوصاف ويدافعون عنه أيا كان مقصده أو منهجه ..





.......................



أقول بارك الله فيكم ..

العالم في الحقيقة هو من ذاب وأختلط دمه وتجانست أنفاسه مع العلم الشرعي علم أهل السنة فقط .





العالم هو من ألَمَّ بمجمل أحكام الكتاب والسنة ، عالما بناسخها ومنسوخها ، بمطلقها ومقيدها ، بمجملها ومفسرها ..



العالم فوق ذلك كله هو من ألَمَّ بشيء بإجماع السلف وإختلافهم .

فهم لم يأخذو هذا العلم بين ليلة وضحاها ..
ولم يأخذوه من أقوال منظري الأفكار والجماعات ..
ولم يأخذوه من أفواه أعداء الأمة وساستها ..
ولم يستشهدوا بسائق هولندي في بكين ولا بصيحات وآهات تحت ثلوج سيبيريا ..
ولم ينزلوا آيات الله لتخدم نضرياتهم وإعجازهم وحوادثهم الكونية ..
ولم يداهنوا حاكما أو محكوما في أمر من أمور الشريعة ..
ولم يتحامقوا بإصدار فتاوى الدم الحرام وبعد ذلك يعتذرون للأمة برجوعهم عن فتواهم بعد ذهاب أمة ..
العلماء أجل وأتقى وأنقى من ذلك كله ..





العلماء همهم أصول سنتهم وعقيدتهم ، لاأصول قلوب الناس وعواطفهم ..

أرجو أن أكون وفقت بإيصال معنى العالم ..
والله المستعان ..





والسلام عليكم ورحمة الله