كنت يوما في طريقي من العمل إلى البيت بفؤاد عليل سقيم وذهن كليل منهك ، ففتحت إذاعة القرآن وإذا بتلاوة أسمعها للمرة الأولى ولم أدر من صاحبها، والمهم أني أحسست بسكينة وخشوع لا يُوصف، وطمأنينة ليست من صنع البشر !
وسرّ ذلك أن التلاوة كانت على المنهاج النبوي في التجويد والتغني، فلا عسف ولا تكلّف

فلما وصلت إلى البيت وصلّيت العصر، فاضت هذه الأبيات :

صوتٌ أتى أمضى من السِّحْرِ * صوتٌ إلى أرواحنا يسْري
صوتٌ به تحيا القلوب وكم * ماتت قلوبٌ وهْي لا تدري
ماتت فلا شيءٌ يحركها * أفذو الحياة كساكن القبر؟
إبراهيمُ لا تسكتْ وأمتعْنا * متغنّيا بالفجر والعصر
أنعش قلوبا ملؤها سقَمٌ * نبّهْ وأيقظ أمةَ الخيْر
ترتيلك النّبويُّ كرّمه الرحـــمـــن عن زجر وعن قسر
ما استعبدتك مقاماتٌ وألحانٌ * تلحينَ أهل العزف والخمر
ففؤادك الحر الطليق أبى * شُغلا عن الأمثال والذِّكْر
وكلام رب العرش أكرمُ من * لحْنٍ ومن كرٍّ ومن فرِّ

فلئن تُعُلِّلَ بالذي يُزري * لَنَدِيُّ صوتك شارحٌ صدري