تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 6 من 8 الأولىالأولى 12345678 الأخيرةالأخيرة
النتائج 101 إلى 120 من 154

الموضوع: القواعد المستخلصة من الشرح الممتع

  1. #101
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة السابعة والسبعون:
    ((الأصل في الأمر الوجوب، إلا أن يوجد ما يصرفه عن الوجوب))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((وإذا أسلم الكافر وجب عليه الغُسْل سواء كان أصليًّا، أو مرتدًّا.
    فالأصليُّ: من كان من أول حياته على غَيْرِ دِينِ الإِسلام كاليهوديِّ والنَّصْرانيِّ، والبوذيِّ، وما أشبه ذلك.
    والمرتدُّ: من كان على دين الإِسلام ثم ارتدَّ عنه ـ نسأل اللهَ السَّلامة ـ كَمَنْ ترك الصَّلاة، أو اعتقد أنَّ لله شريكًا، أو دعا النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أن يُغِيثَه من الشِّدَّة، أو دعا غيره أن يُغِيثه في أمرٍ لا يمكن فيه الغَوْثُ.
    والدَّليل على وجوب الغُسْل بذلك:
    1 - حديث قَيس بن عاصم أنَّه لمَّا أسلم أَمَره النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن يغتسل بماءٍ وسِدْر، والأَصْلُ في الأمر الوُجوب.
    2 - أنه طَهَّر باطنه من نَجَسِ الشِّرْك، فَمِنَ الحِكْمَةِ أن يُطَهِّرَ ظاهره بالغُسْلِ))اهـ([2]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «وموت»؛ هذا هو الموجِب الرابع من موجبَات الغُسْل.
    أي: إِذا مات المسلم وجب على المسلمين غَسْلُه، والدَّليل على ذلك: قوله صلّى الله عليه وسلّم فِيمَنْ وَقَصَتْهُ ناقتُه بعرفة: «اغسلوه بماءٍ وسِدْرٍ ... »؛ والأصل في الأَمْرِ الوُجُوب))اهـ([3]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((والدَّليل على وجوب الغُسْل من الحيض ما يلي:
    1 - حديث فاطمة بنت أبي حُبيش أنها كانت تُستحاض فأمَرها النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن تجلس عادتها، ثم تغتسل وتُصلِّي؛ والأصل في الأمر الوجوب...))اهـ([4]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «يلزم الزوجين العشرة بالمعروف»؛ «يلزم» بمعنى يجب و «الزوجين» الرجل والمرأة، «العشرة» فاعل يلزم يعني المعاشرة بالمعروف، أي: بما يُعرف شرعًا وعرفًا؛ لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]؛ وهذا أمر، والأصل في الأمر الوجوب؛ وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228].
    فأثبت أن عليهن عشرة، فيجب على الزوج والزوجة، كل منهما أن يعاشر الآخر بالمعروف))اهـ([5]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (1/ 138)، (1/ 303)، (1/ 340)، (1/ 342)، (1/ 344)، (1/ 354)، (1/ 372)، (2/ 141)، (3/ 310)، (3/ 395)، (4/ 133)، (4/ 230)، (5/ 114)، (5/ 263)، (5/ 302)، (6/ 306)، (7/ 42)، (7/ 99)، (11/ 338)، (12/ 8)، (12/ 382)، (12/ 454)، (14/ 298)، (14/ 353)، (15/ 92)، (15/ 126).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (1/ 340، 341).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (1/ 342).

    [4])) ((الشرح الممتع)) (1/ 344).

    [5])) ((الشرح الممتع)) (12/ 382).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #102
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الثامنة والسبعون:
    ((الأصل في النهي التحريم))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((وقوله: «إلى المسجد»؛ أي: لحضورِ صلاةِ الجماعةِ، فإنَّه يُكره له أن يمنَعَها، والكراهةُ في كلام الفقهاءِ كراهةُ التنزيهِ التي يستحقُّ عليها الثوابَ عند التَّرْكِ، ولا يُعاقب عليها عند الفِعْلِ.
    والدليلُ: قولُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «لا تمنعوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ»؛ وفيه إشارةٌ إلى توبيخِ المانعِ، لأنَّ الأَمَةَ ليست أَمَتَكَ، والمسجدُ ليس بيتَكَ، بل هو مسجدُ الله، فإذا طلبتْ أَمَةُ اللهِ بيتَ اللهِ فكيف تمنعُها؟ ولأنَّه مَنع مَن لا حَقَّ له عليها في المَنْعِ منه، وهو المسجد.
    وقال بعض العلماء: إنَّ هذا الحديث نهيٌ، والأصلُ في النَّهيِ التحريمُ، وعلى هذا؛ فيحرمُ على الوَليِ أنْ يمنعَ المرأةَ إذا أرادت الذِّهابَ إلى المسجدِ لتصلِّي مع المسلمين، وهذا القول هو الصَّحيحُ))اهـ([2]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «ويكره»؛ المكروه في اصطلاح الفقهاء هو: الذي يثاب تاركه امتثالًا، ولا يعاقب فاعله، وهو كراهة التنزيه، لا كراهة التحريم.
    قوله: «تجصيصه» أي: أن يوضع فوقه جص؛ لأن هذا داخل في تشريفه، وقد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي الهياج الأسدي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته.
    قوله: «والبناء» عليه؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ذلك.
    والاقتصار على الكراهة في هاتين المسألتين فيه نظر؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ذلك، أي: عن تجصيصها، وعن البناء عليها، والأصل في النهي التحريم؛ ولأن هذا وسيلة إلى الشرك، فإنه إذا بني عليها عظمت، وفي النهاية ربما تعبد من دون الله؛ لأن الشيطان يَجُرُّ بني آدم، من الصغيرة إلى الكبيرة، ومن الكبيرة إلى الكفر.
    فالصحيح: أن تجصيصها والبناء عليها حرام))اهـ([3]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «ويحرم على من يضحي أن يأخذ في العشر من شعره أو بشرته شيئًا»؛ الحرام من تركه لله أثيب، وإن فعله استحق العقاب على فعله.
    والدليل على ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذن من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئًا»؛ والأصل في النهي التحريم.
    والحكمة من ذلك أن الله سبحانه وتعالى برحمته لما خص الحجاج بالهدي، وجعل لنسك الحج محرمات ومحظورات، وهذه المحظورات إذا تركها الإنسان لله أثيب عليها، والذين لم يحرموا بحج ولا عمرة شرع لهم أن يضحوا في مقابل الهدي، وشرع لهم أن يتجنبوا الأخذ من الشعور والأظفار والبشرة لأن المُحْرم لا يأخذ من شعره شيئًا، يعني لا يترفه، فهؤلاء ـ أيضًا ـ مثله، وهذا من عدل الله عز وجل وحكمته، كما أن المؤذن يثاب على الأذان، وغير المؤذن يثاب على المتابعة، فشرع له أن يتابع.
    وقوله: «يحرم»، هذا أحد القولين في المسألة.
    والقول الثاني: أنه يكره وليس بحرام.
    ولكن الذي يظهر أن التحريم أقرب؛ لأنه الأصل في النهي لا سيما فيما يظهر فيه التعبد، ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أكد النهي بقوله: «فلا يأخذن»، والنون هذه للتوكيد))اهـ([4]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (1/ 124)، (3/ 359)، (4/ 181)، (4/ 201)، (5/ 366)، (7/ 486)، (12/ 22)، (12/ 30)، (15/ 17).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (4/ 201، 202).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (5/ 365، 366).

    [4])) ((الشرح الممتع)) (7/ 485، 486).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  3. #103
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة التاسعة والسبعون:
    ((الأصل في الأوامر الفورية))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((وقوله: «إخراج الزكاة»؛ أي: من مِلكه إلى مستحقها.
    وأنواع الأموال هي: الذهب، والفضة، وعروض التجارة، وسائمة بهيمة الأنعام، والخارج من الأرض.
    قوله: «ويجب على الفور»؛ أي: المبادرة.
    قوله: «مع إمكانه»؛ أي: مع إمكان الإخراج، والمراد بهذا وجوب المبادرة بالإخراج، لا وجوب الإخراج فإنه معلوم مما سبق.
    وقوله: «يجب على الفور»؛ دليله أن الأصل في الأوامر الفورية، والدليل على أن الأصل في الأوامر الفورية ما يلي:
    1 ـ قول الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] وقوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148].
    2 ـ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما أمر الصحابة في حجة الوداع أن يحل من إحرامه من لم يسق الهدي منهم، وتأخروا بعض الشيء رجاء أن ينسخ الأمر غضب النبي صلّى الله عليه وسلّم غضبًا شديدًا».
    3 ـ أن الصحابة رضي الله عنهم لما تأخروا في حلق رؤوسهم في غزوة الحديبية؛ ليتحللوا بذلك، غضب لتأخرهم النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، ولو لم يكن الأصل في الأوامر الفورية لم يغضب النبي صلّى الله عليه وسلّم.
    4 ـ أن الإنسان لا يدري ما يعرض له، فهو إذا أخر الواجب يكون مخاطرًا، فقد يموت ويبقى الواجب في ذمته، وإبراء الذمة واجب، فهذا دليل نظري أيضًا على أن الواجب يفعل على الفور))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (6/ 186).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (6/ 186، 187).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #104
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الثمانون:
    ((الأصل في مال المسلم أنه محترم))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «وآنية خمر غير محترمة»؛ آنية الخمر إذا كسرها الإنسان فلا ضمان عليه؛ لأن فيها ما لا يُضمن وهو الخمر، فإن الخمر لا يُضمن، حتى لو كان يساوي آلافًا فأتلفه الإنسان فلا ضمان عليه؛ لأنه لا قيمة له شرعًا.
    ولو قال قائل: ما شأن الآنية، الآنية تحفظ الخمر وغيره فهي تستعمل في الخمر وغيره؟ نقول: لأنه لما كان الخمر فيها ذهبت حرمتها لذهاب حرمة ما فيها فلا تضمن، ويثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا؛ ويدل لذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حرَّق حانوت الخمار، وهذا أبعد من آنية الخمر.
    وقال بعض العلماء: إنه إذا كسر آنية خمر فهو ضامن؛ لأن الآنية محترمة ويمكن إتلاف الخمر دون إتلافها، إلا إذا لم يمكن إتلاف الخمر إلا بإتلافها، بناء على أن الأمر الذي لا يتم الأمر إلا به داخل في الأمر الذي أبيح، وهذا هو الصحيح؛ لأن الأصل في مال المسلم أنه محترم))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (10/ 227).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (10/ 227).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #105
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الحادية والثمانون:
    ((الأصل في العطف المغايرة))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((وقال بعض العلماء: صلاة الله على نبيه صلّى الله عليه وسلّم رحمتُهُ إياه، وهذا فيه نظر؛ لأن الله تعالى فرَّق بين الصلاة والرحمة فقال: {أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 157]، والأصل في العطف المغايرة))اهـ([2]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((بعض العلماء رحمهم الله قالوا: إن كلَّ شيء وَصَفَ النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم نفسَه به من الذُّنوبِ فالمراد ذنوبُ أُمَّتِه؛ لا ذنبه هو؛ لأنه هو لا يُذنب، وكلُّ خطيئة أضافها لنفسه فالمراد خطايا أُمَّتِه، ولا شَكَّ أن هذا قول فيه ضعف؛ لأن الله قال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ} [محمد: 19]؛ فإن العطف يقتضي المغايرة، وليس في ذلك أيُّ قَدْح في أنَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم يقعُ منه الذنوب الصغيرة، ولكنه لا يُقَرُّ عليها، ثم هو مغفورٌ له، وما أكثر ما يكون الإِنسان منَّا بعد المعصية خيرًا منه قبلها، وفي كثير من الأحيان يخطئ الإِنسان ويقع في معصية، ثم يَجدُ مِن قلبِه انكسارًا بين يدي الله عز وجل وإنابةً إلى الله، وتوبةً إليه حتى إن ذَنْبَه يكون دائمًا بين عينيه يندم عليه ويستغفر، وقد يرى الإِنسانُ نفسَه أنه مطيع، وأنه من أهل الطاعة فيصير عنده من العُجب والغرور وعدم الإِنابة إلى الله ما يفسد عليه أمر دينه، فالله عز وجل حكيم قد يبتلي الإِنسان بالذنب ليُصلح حالَه، كما يبتلي الإِنسانَ بالجوع لتستقيم صحَّته، وهل حصل لآدم الاجتباء إلا بعد المعصية والتوبة منها))اهـ([3]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «وإن كرره ببل أو بثم أو بالفاء»؛ إن كرره ببل، فقال: أنت طالق، بل طالق، بل طالق، يقع ثلاثًا؛ لأنه أتى بالعطف، فإن قال: أردت توكيد الأولى بالثانية، قلنا: ما يصح؛ والسبب أن اللفظ ليس بواحد، ولو قال: أردت توكيد الثانية بالثالثة يقبل ويصح؛ لأن اللفظ واحد ومتصل، ولو قال: أردت توكيد الأولى بالثالثة ما يصح لوجود الفصل، واختلاف اللفظ؛ لأن حرف العطف يقتضي أن يكون الثاني غير الأول، كيف تقول: إني أريد التوكيد، وأنت أتيت بحرف العطف؟! لأن معنى التوكيد أن الثاني هو الأول، وحرف العطف يقتضي المغايرة))اهـ([4]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (3/ 51)، (3/ 163)، (5/ 94)، (9/ 300)، (13/ 100).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (5/ 94).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (3/ 51، 52).

    [4])) ((الشرح الممتع)) (13/ 100).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #106
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الثانية والثمانون:
    ((الأصل في الأشياء الواقعة من أهلها الصحة والسلامة))([1])
    قال الشيخ رحمه الله في معرض كلامه عن ذبيحة الكتابي: ((وهل يجب أن نعلم أنه سمى عليه؟ الجواب: لا، والدليل على هذا ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أن قومًا سألوا النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول الله إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ قال: «سموا أنتم وكلوا»، قالت: وكانوا حديثي عهد بالكفر، ومن هو حديث عهد بالكفر يُشَك في كونه سمى؛ لأنه لم يعرف أحكام الإسلام ومع ذلك قال: «سموا أنتم وكلوا»، أي: سموا على الأكل لا على الذبح؛ لأنه لا تمكن التسمية؛ ولأن الإنسان لا يُسأل إلا عن فعل نفسه، وفعلكم أنتم هو الأكل فسموا عليه، أما فعل غيركم فليس عليكم منه شيء، وقد ترجم مجد الدين ابن تيمية رحمه الله على هذا الحديث: بأن الفعل إذا صدر من أهله فالأصل فيه الصحة والسلامة، ولو أننا كُلِّفنا أن نبحث عن كيفية الذبح وهل سمى الذابح أم لا؟ للحقنا بذلك حرج شديد لا يُحتمل، حتى المسلم يمكن أنه لم يسم، أو أنه خنق، فكل شيء محتمل، لكن الأصل في الفعل الواقع من أهله السلامة، وبهذا يستريح الإنسان، ويسلم من القلق الذي يحصل فيما لو ذبح الكتابي اليهودي والنصراني الذبيحة وأهدى له، والحمد لله على التيسير، لقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5]))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (7/ 444)، (7/ 451)، (15/ 84)، (15/ 412).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (7/ 450، 451).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  7. #107
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الثالثة والثمانون
    ((تعليق المباح على شرط يدل على أنه لا يُباح إِلا به))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «ونومٍ»، أي: يُسْتَحَبُّ للجُنُب إِذا أراد النَّوم أن يتوضَّأ؛ واستُدلَّ لذلك بحديث عمر رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أَيَرْقُد أحدُنا وهو جُنُب؟ قال: «نعم، إِذا توضَّأ أحدُكم فلْيَرْقُد وهو جُنُب»، وفي لفظ: «توضَّأ واغسلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ».
    وهذا الدَّليل يقتضي الوُجوب لأنَّه قال: «نعم إِذا توضَّأ»؛ وتعليق المباح على شَرْط يدلُّ على أنَّه لا يُباح إِلا به، وعليه يكون وُضُوء الجُنُب عند النوم واجبًا، وإلى هذا ذهب الظَّاهريَّة وجماعة كثيرة من أهل العِلْمِ، ولكن المشهور عند الفقهاء والأئمَّة المتبوعين أنَّ هذا على سبيل الاستحباب، واستدلُّوا لذلك بحديث عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان ينامُ وهو جُنُبٌ من غير أن يمسَّ ماءً؛ قالوا: فَتَرْكُ النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم للوُضُوء في هذه الحال بيان للجَواز، وأن الأمر ليس للوُجوب، وهذه قاعدة صحيحة معتَبَرة، خلافًا لمن قال: إِن فِعْلَه لا يُعارض قولَه، بل يؤخذ بالقول فلا يدلُّ فِعلُه على الجواز))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (1/ 369).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (1/ 369، 370).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  8. #108
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الرابعة والثمانون:
    ((الأصل براءة الذِّمَّة))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((ويَحْرُمُ على المحدِثِ مسُّ المُصْحَفِ والدَّليل على ذلك:
    1- قوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الواقعة: 77- 80 ].
    وجه الدَّلالة: أنَّ الضَّمير في قوله: {لَا يَمَسُّهُ} يعود على القرآن؛ لأن الآيات سِيقت للتَّحدُّث عنه بدليل قوله: {تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، والمنزَّل هو هذا القرآن، والمُطَهَّر: هو الذي أتى بالوُضُوء والغُسُل من الجنابة، بدليل قوله: {وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } [المائدة: 6].
    وقال داود الظَّاهري وبعض أهل العلم: "لا يحرم على المُحْدِثِ أن يَمَسَّ المصحف".
    واستدلُّوا: بأن الأصل براءةُ الذِّمة، فلا نُؤَثِّم عباد الله بفعل شيء لم يَثْبُتْ به النَّص.
    وأجابوا عن أدلَّة الجمهور:
    أما الآية فلا دلالة فيها، لأن الضَّمير في قوله: {لَا يَمَسُّهُ} يعود إلى «الكتاب المكنون»، والكتاب المكنون يُحْتَمَلُ أن المرادَ به اللوحُ المحفوظ، ويُحْتَملُ أن المرادَ به الكتب التي بأيدي لملائكة؛ فإن الله تعالى قال: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ } [عبس: 11- 15]، وهذه الآية تفسير لآية الواقعة، فقوله: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} كقوله: {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}.
    وقوله: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، كقوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ }.
    والقرآنُ يُفسِّر بعضه بعضًا، ولو كان المراد ما ذَكَرَ الجمهور لقال: «لا يمسُّه إلا المطَّهِّرون» بتشديد الطاء المفتوحة وكسر الهاء المشددة، يعني: المتطهرين، وَفَرْقٌ بين «المطهَّر» اسم مفعول، وبين «المتطهِّر» اسم فاعل، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِي نَ} [البقرة: 222] .
    وقولهم: إن الخبر يأتي بمعنى الطَّلب، هذا صحيح لكن لا يُحْمَلُ الخبر على الطلب إِلا بقرينة، ولا قرينة هنا؛ فيجب أن يبقى الكلام على ظاهره، وتكون الجملة خَبَريَّة، ويكون هذا مؤيِّدًا لما ذكرناه من أن المراد بـ «المطهَّرون»، الملائكة كما دلَّت على ذلك الآيات في سورة «عبس».
    ثم على احتمال تساوي الأمرين، فالقاعدة عند العلماء «إنه إِذا وُجِدَ الاحتمال بَطلَ الاستدلال» فيسقط الاستدلال بهذه الآية، فنرجع إلى براءة الذِّمة))اهـ([2]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «الرجال»؛ أخرجَ به أيضًا الصبيانَ غيرَ البالغين، وخَرجَ بذلك أيضًا صِنفٌ ثالثٌ وهم الخُناثى، والخُنثى هو: الذي لا يُعلم أذكرٌ هو أم أُنثى، فلا تجب عليهم الجماعةُ؛ وذلك لأن الشَّرطَ فيه غير متيقَّن، والأصلُ براءةُ الذِّمَّةِ وعدمُ شغلِها))اهـ([3]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((فاختلف أهل العلم رحمهم الله: هل في العسل الزكاة، أو أَنَّ ما ضربه عمر رضي الله عنه في العسل ليس زكاة، ولكنه اجتهاد لحال مخصوصة؛ لأنه لا يصدق عليه قول الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة: 267]؟
    فذهب الأئمة الثلاثة إلى عدم وجوب الزكاة في العسل، واختار هذا صاحب الفروع ابن مفلح رحمه الله من الحنابلة، وهو أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو من أعلم الناس بفقه شيخ الإسلام ابن تيمية؛ حتى إن ابن القيم كان يرجع إليه يسأله عما يقوله الشيخ في المسائل الفقهية.
    ووجه هذا القول أنه ليس في القرآن ولا في السنة ما يدل على وجوب ذلك، والأصل براءة الذمة حتى يقوم دليل على الوجوب))اهـ([4]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((ومقتضى كلام المؤلف، أنه لا يشترط أن يكون عالمًا؛ لأنه لم يذكر إلا شرطين: العمد والذكر، فإن كان جاهلًا فإنه يفطر.
    والصحيح اشتراط العلم، لدلالة الكتاب والسنة عليه، فتكون شروط المفطرات ثلاثة: العلم، والذكر، والعمد. وضد العلم الجهل، والجهل ينقسم إلى قسمين:
    1 ـ جهل بالحكم الشرعي، أي: لا يدري أن هذا حرام.
    2 ـ جهل بالحال، أي: لا يدري أنه في حال يحرم عليه الأكل والشرب، وكلاهما عذر.
    والدليل لذلك قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]؛ وإذا انتفت المؤاخذة انتفى ما يترتب عليها، وهذا دليل عام.
    وهناك دليل خاص في هذه المسألة للنوعين من الجهل:
    أما الجهل بالحكم، فدليله حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه أراد أن يصوم وقرأ قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [البقرة: 187]، فأتى بعقال أسود- حبل تُربط به يد البعير -وأتى بعقال أبيض، وجعلهما تحت وسادته، وجعل يأكل وينظر إلى الخيطين حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود؛ فهذا أخطأ في فهم الآية؛ لأن المراد بها أن الخيط الأبيض بياض النهار، والأسود سواد الليل، فلما جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أخبره قال له: «إن وسادك لعريض أن وسع الخيط الأبيض والأسود»، ولم يأمره بالقضاء؛ لأنه جاهل لم يقصد مخالفة الله ورسوله، بل رأى أن هذا حكم الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم فعُذِر بهذا.
    وأما الجهل بالحال: فقد ثبت في الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: «أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم طلعت الشمس»، فأفطروا في النهار بناءً على أن الشمس قد غربت فهم جاهلون، لا بالحكم الشرعي ولكن بالحال، لم يظنوا أن الوقت في النهار، ولم يأمرهم النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقضاء، ولو كان القضاء واجبًا لأمرهم به؛ لأنه من شريعة الله وإذا كان من شريعة كان محفوظًا تنقله الأمة؛ لأنه مما تتوافر الدواعي لنقله، فلما لم يحفظ، ولم ينقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فالأصل براءة الذمة، وعدم القضاء))اهـ([5]).
    قلت: ومن أمثلة القاعدة أيضًا:
    إذا ادعى رجل على آخر قرضًا، وأنكر المدعى عليه؛ فالقول للمدَّعى عليه مع اليمين؛ لأن الأصل براءة الذمة، حتى يأتي المدعِي بالبرهان.
    وإذا ادعى رجل على آخر إتلاف شيء، وأنكر المدعى عليه؛ فالقول للمدَّعى عليه مع اليمين؛ لأن الأصل براءة الذمة، حتى يأتي المدعِي بالبرهان.



    [1])) ذكرها الشيخ: (1/ 265)، (1/ 317)، (1/ 329)، (2/ 131)، (3/ 277)، (3/ 311)، (4/ 140)، (5/ 6)، (6/ 87)، (6/ 389)، (6/ 403)، (6/ 411)، (7/ 155)، (7/ 184)، (7/ 222)، (7/ 408)، (7/ 416)، (15/ 219).

    ([2]) (1/ 318، 319) باختصار يسير.

    [3])) ((الشرح الممتع)) (4/ 140).

    [4])) ((الشرح الممتع)) (6/ 86، 87).

    [5])) ((الشرح الممتع)) (6/ 387- 389).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  9. #109
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الخامسة والثمانون:
    ((الأصل في العقود السلامة والصحة حتى يوجد دليل الفساد))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((مسألة: يوجد الآن بيع يتبايعه الناس يكون عنده كومة من الحبوب، فلو قال لك: بعت عليك واحدة من هذه الكومة بريالين، تخير، فعادة الناس الآن أن البيع صحيح نافذ وأن المشتري إذا أخذ الحبة التي يريدها أجازها البائع أو منع، لكن البائع قد عرف أن أعلى ما يكون من ثمن هذه المجموعة أن يبلغ ريالين، ويعلم أنه غير مغبون فمثل هذا ينبغي أنه يقال بالصحة؛ لأن الناس تعارفوا على هذا البيع ولا يرون فيه جهالة ولا غررًا، والأصل في المبايعات والعقود الحل والصحة، وكذلك بيع شاة من قطيع، يأتي إلى قطيع من الغنم ويقول: اختر ما شئت بمائة ريال، هذه ـ أيضًا ـ جرى بها العرف، وهو إذا اختار فإن البائع يعلم أن أعلى ما يكون بمائة ريال))اهـ([2]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «ومن شهد بنكاح أو غيره من العقود فلا بد من ذكر شروطه»؛ هذه المسألة تكاد تكون مبنية على ما سبق في الدعوى، حيث ذكر المؤلف أنه إذا ادعى عقدًا فلا بد من ذكر شروطه، وذكرنا هناك الخلاف في المسألة، فهذه تُشبه تلك، فإذا شهد بعقد نكاح، يقول: أنا أشهد أن فلانًا عقد على بنت فلان، فلا بد أن يذكر الشروط، فيقول مثلًا: بولي، وشاهدين، ورضا معتبر، وتعيين، فلو قال: أشهد أن فلانًا عقد لفلان على ابنته فقط، ولم يذكر الشروط فإن الشهادة لا تقبل حتى يبين الشروط.
    لماذا؟ قالوا: لأنه قد يشهد بعقد نكاح يظنه صحيحًا، وهو فاسد، وعقد النكاح يحتاط له ولا يتهاون به، فلا بد من ذكر الشروط، كذلك ـ أيضًا ـ البيع، قال: أنا أشهد أن فلانًا باع على فلان بيته، فما تكفي هذه الشهادة، فلا بد أن يذكر جميع شروط البيع وهي سبعة، فإن لم يذكر الشروط السبعة فإن شهادته لا تُقبل، وكذلك ـ أيضًا ـ لو شهد بوقف، بأن فلانًا وقف بيته، فلا بد من ذكر شروط الوقف الخمسة السابقة، فكل عقد لا بد فيه من هذه الشروط.
    وهل يشترط ذكر انتفاء الموانع؟ لا يشترط، ففي النكاح ـ مثلًا ـ لا يُشترط أن يقول: وهي ممن تحل له؛ لأن الأصل في العقد الصحة وعدم المانع، كذلك في البيع لا يشترط أن يقول: وأن هذا البيع لم يقع بعد نداء الجمعة الثاني، ولا في مسجد، ولا بيعًا على بيع أخيه، وما أشبه ذلك، ولو أننا قلنا: لا بد للشاهد من ذكر الشروط والموانع، لكانت الشهادة أحيانًا تستوعب مجلدات؛ لأنه لا بد أن يذكر الشروط، وقد تكون كثيرة، والموانع قد تكون كثيرة أيضًا، فإذا قلنا باشتراط هذا وهذا لصَعُبَ على الناس.
    وقال بعض أهل العلم: إنه لا يشترط ذكر الشروط، ولكن للمدعى عليه أن يبين إن كان هناك فوات شرط؛ وذلك لأن الأصل في العقود الصحة والسلامة، ويدل لهذا حديث عائشة رضي الله عنها في البخاري: أن قومًا قالوا: يا رسول الله إن قومًا يأتوننا باللحم، لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «سموا أنتم وكلوا»، فحكم بحل الذبح مع عدم تحقق الشرط وهو التسمية؛ لأن الأصل صحة الفعل، فإن وجد فقد شرط، أو حصل مانع فإن للخصم أن يدعي ذلك وينظر فيه، فلو قال المدعى عليه البيع: إن البيع وقع على وجه مجهول في الثمن، أو المثمن، حينئذٍ نقول: ما نحكم بصحة البيع حتى ننظر في دعوى هذا المدعي أن هناك شرطًا من الشروط لم يتم، كذلك لو ادعى المدعى عليه أن البيع وقع بعد نداء الجمعة الثاني، ما نحكم بالشهادة حتى ننظر في دعوى المدعي، أنه وقع بعد نداء الجمعة الثاني ممن تجب عليه الجمعة، وهذا القول هو الراجح، ويدل لرجحانه حديث عائشة رضي الله عنها الذي أشرنا إليه، والتعليل ـ أيضًا ـ وهو أن الأصل في العقود السلامة والصحة حتى يوجد دليل الفساد، من فوات شرط، أو وجود مانع، وهناك من العقود التي لم تُذكر ففيه عقد الرهن والهبة والإجارة والمساقاة والمزارعة والشركات وغيرها، والمهم أن هذه القاعدة التي أشرنا إليها سارية في جميع العقود))اهـ([3]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (9/ 162)، (15/ 407).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (8/ 162).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (15/ 405- 407).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  10. #110
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة السادسة والثمانون:
    ((تنعقد العقود بما دل عليها عرفًا))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((ولم يذكر المؤلف صيغة معينة للبيع؛ فدل هذا على أنه ينعقد بما دل عليه، مثل أن يقول: بعتك هذا الشيء، أعطيتك هذا الشيء، ملكتك هذا الشيء، فالمهم أنه ليس هناك لفظ معين للبيع، فأي لفظ يدل عليه فإنه ينعقد به.
    وهل هذا شامل لجميع العقود؟
    الجواب: فيه خلاف، فمن العلماء من اشترط لبعض العقود ألفاظًا معينة وقال: لا بد من الإتيان بها، كالنكاح مثلًا، قال: لا بد أن يقال: زوَّجتك وهذا يقول: قبلت.
    ومنهم من قال: جميع العقود تنعقد بما دل عليه عرفًا، وهذا القول هو الراجح، وهو المتعين، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأن المعاملات ليست عبادات يتقيد الإنسان فيها بما ورد، بل هي معاملات بين الناس، فما عدَّه الناس بيعًا فهو بيع، وما عدُّوه رهنًا فهو رهن، وما عدُّوه وقفًا فهو وقف، وما عدُّوه نكاحًا فهو نكاح.
    فالصواب: أن جميع العقود ليس لها صيغ معينة، بل تنعقد بما دل عليها، ولا يمكن لإنسان أن يأتي بفارق بين البيع وبين غيره، فإذا قالوا مثلًا: النكاح ذكره الله بلفظ النكاح، قلنا: والبيع ذكره الله بلفظ البيع، فهل تقولون: إنه لا بد أن تقول: بعت؟ يقولون: ليس بشرط، إذًا ينعقد بكل لفظ دل عليه عرفًا بإيجاب، وقبول بعده))اهـ([2]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «والسَّلَم والسَّلَف»؛ أي: يصح بألفاظ السلم والسلف مع أن السلف يُطلق أحيانًا على القرض، لكن لما كان العقد على هذا الوجه تعين أن يكون سلمًا لا قرضًا.
    والصواب أن جميع العقود تنعقد بما دل عليه اللفظ عرفًا، وأنها لا تتقيد بشيء؛ لأن هذه الأمور لم يرد الشرع بتعيينها وتقييدها، وليست من أمور العبادة التي يتقيد الإنسان فيها باللفظ، ويستثنى من ذلك على المذهب عقد النكاح، فإنه لا يصح إلا بلفظ إنكاح وتزويج، أو قول السيد لأمته: أعتقتك وجعلت عتقك صداقك، ولكن الصواب ما ذكرناه، وأن جميع العقود تنعقد بكل ما دل عليها من قول أو فعل))اهـ([3]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((فتصح الوكالة بكل قول يدل على الإذن، فلو قال رجل: يا فلان خذ هذه السيارة بعها ـ مثلًا ـ فإن الوكالة تصح، وإن لم يقل وكلتك في بيعها؛ لأن قوله: «خذها بعها» يدل على هذا، وإن لم يكن فيه لفظ الوكالة.
    فالإيجاب وهو اللفظ الصادر من الموكل وهو التوكيل، لا بد فيه من قول وليس له صيغة معينة شرعًا، وفي هذا الباب نص الفقهاء على أن العقود تنعقد بما دل عليها، وهذا هو القول الراجح المتعين.
    أما القبول فهو أوسع، فيصح بكل قول أو فعل يدل عليه))اهـ([4]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «وتنعقد»؛ أي: الهبة.
    قوله: «بالإيجاب»؛ وهو اللفظ الصادر من الواهب.
    قوله: «والقبول»؛ وهو اللفظ الصادر من الموهوب له، فيقول: وهبتك هذا الكتاب، ويقول الثاني: قبلت، فالأول إيجاب والثاني قبول.
    قوله: «والمعاطاة الدالة عليها»؛ أيضًا تنعقد بالمعاطاة، أي بدون أن يتلفظ، بشرط أن تكون هذه المعاطاة دالة على الهبة، مثل أن يكون عند شخص وليمة، فأرسل إليه أخوه شاةً ولم يقل شيئًا، فأخذ الشاة وذبحها وقدمها للضِيفان، فتصح الهبة؛ لأن هذا دال عليها؛ لأن المرسل صديقه وأراد أن يساعده، فأرسل إليه الشاة ولم يقل: هبة؛ لأنه يخشى إذا قال: هبة، أن يكون فيها نوع من المنة، ورجل آخر بيده كتاب فرآه صاحبه، فلما رآه ينظر إليه أعطاه إياه بدون أن يقول: وهبتك، وبدون أن يقول ذاك: قبلت، فهذه المعاطاة الظاهر أنها تدل على الهبة، لا سيما إذا كان الواهب ممن عرف بالكرم، وإلا فقد يقال: إن الأصل بقاء ملكه، ولا تصح هذه الهبة؛ لأنه ربما أعطاه إياه من أجل أن ينظر فيه ويستفيد منه، والدليل على انعقادها بالمعاطاة أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يعطي الصدقات ويعطي من الفيء ولا يقول للمعطى: أعطيت، ولا يقول المعطى: قبلت؛ ولأن جميع العقود تنعقد بما دل عليها))اهـ([5]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((قوله: ((ولا يصح ممن يحسن العربية بغير لفظ زوجتُ، أو أنكحتُ)).
    قوله: «ولا يصح»؛ الضمير إما أن يعود على النكاح، أو على الإيجاب والقبول.
    قوله: «ممن يحسن العربية بغير لفظ زوجت أو أنكحت»؛ فإن كان لا يحسن العربية أتى بأي لفظ يفيد هذا المعنى ويصح، ومعلوم أن الناس يختلفون في اللغة؛ لأنه ليس لهم لفظ إلا هذا، سواء كان باللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية أو الروسية؛ ولهذا اشترط المؤلف «ممن يحسن العربية»، فإن كان يحسن أن يقول: زوجت أو أنكحت وهو غير عربي، ولا يدري ما معنى زوجت أو أنكحت، فإنه يقولها بلغته؛ لأنه لا يتعبد بلفظه، بخلاف القرآن الكريم، فلو أراد أحد أن يتلو القرآن الكريم بلغته ولو بالمعنى المطابق قلنا له:، لا؛ لأن القرآن كلام الله، لا يمكن أن يغير، ولأنه يتعبد بتلاوته.
    وقوله: «ممن يحسن العربية بغير لفظ زوجت أو أنكحت»؛ فيقول مثلًا: زوجتك بنتي، أو أنكحتك بنتي، فلو قال: جوزتك بنتي، لا يصح على المذهب؛ لأنه يحسن العربية، فلا بد أن يقول: زوجتك بتقديم الزاي.
    ولو قال: ملكتك بنتي لا يصح؛ لأنه لا بد أن يكون بلفظ زوجت أو أنكحت.
    وما الدليل على أنه لا يصح إلا بهذين اللفظين؟ ليس هناك دليل، لا في القرآن، ولا في السنة أنه لا يصح النكاح إلا بهذا اللفظ، لكن يقولون: لأنهما اللفظان اللذان ورد بهما القرآن، ففي القرآن الكريم: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء: 3]، {فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها} [الأحزاب: 37]، فاللفظان اللذان ورد بهما القرآن هما النكاح والزواج، فلا نتعداهما، فنقتصر على الألفاظ الواردة؛ وذلك لعظم خطر النكاح، فهو أعظم العقود خطرًا وأشدها تحريًّا.
    ولا شك أن هذا التعليل عليل، بل هو ميت.
    القول الثاني: أنه يجوز العقد بكل لفظ يدل عليه عرفًا، والدليل من القرآن ومن السنة.
    من القرآن أن الله قال: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} [النساء: 3]، فأطلق النكاح، وعلى هذا فكل ما سمي نكاحًا عرفًا فهو نكاح، ولم يقل: فانكحوا ما طاب لكم من النساء بلفظ الإنكاح أو التزويج، ولا قال: {فانكحوهن بإذن أهلهن} بلفظ الإنكاح أو التزويج، فلما أطلق العقد رجعنا في ذلك إلى العرف.
    ولو أننا قلنا: إن التعبير بالمعنى معناه التقيد باللفظ لقلنا أيضًا: البيع لا ينعقد إلا بلفظ البيع؛ لأن الله يقول: {وأحل الله البيع} [البقرة: 275]، وكان كل ما ذكره الله بلفظ، قلنا: لا بد فيه من هذا اللفظ، مع أنهم يقولون: إن البيع ينعقد بما دل عليه عرفًا حتى بالمعاطاة.
    ومن السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق صفية رضي الله عنها وجعل عتقها صداقها.
    فلما رأوا أن هذا دليل قالوا: تستثنى هذه المسألة، فقالوا: لا بد أن يكون بلفظ الإنكاح أو التزويج، إلا إذا أعتق أمته، وجعل عتقها صداقها.
    دليل آخر من السنة: قصة المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ملكتكها بما معك من القرآن»، وهذا نص صريح، فأجابوا عنه بأن أكثر الروايات: «زوجتكها بما معك من القرآن»؛ فيقال: كون الرواة ينقلونه بالمعنى «ملكتكها» دليل على أنه لا فرق بين هذا وهذا، ولو كان هناك فرق ما جاز أن يغيروا اللفظ إلى لفظ يخالفه في المعنى؛ لأن شرط جواز رواية الحديث بالمعنى أن يكون اللفظ البدل لا يخالف اللفظ النبوي في المعنى، فدل هذا على أنه بمعناه، وأنه لا فرق عندهم بين هذا وهذا.
    ثم نقول: الدليل النظري القياس على جميع العقود أنها تنعقد بما دل عليها، والله تعالى يقول: {ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} [المائدة: 1]، فما عده الناس عقدا فهو عقد، وعلى هذا القول يصح أن تقول للرجل: جوزتك بنتي، أو ملكتك بنتي، ولكن لا بد أن تكون دلالة اللفظ العرفي دالة على المعنى الشرعي للنكاح، فلو قال: آجرتك بنتي بألف ريال فلا يصح؛ لأن الأجرة لا تستعمل في النكاح إطلاقًا، لكن لو قال: أجرتك بنتي على صداق قدره ألف ريال هنا يصح العقد؛ لأن فيه ما يدل على أن المراد بالأجرة هنا النكاح، وقد سمى الله تعالى المهر أجرة فقال تعالى: {فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} [النساء: 24].
    فالقاعدة: أن جميع العقود تنعقد بما دل عليها عرفًا، سواء كانت باللفظ الوارد أو بغير اللفظ الوارد، وسواء كان ذلك في النكاح أو في غير النكاح، هذا هو القول الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
    وكون عقد النكاح له خطر قد يقال: إن هذا أولى بأن ينعقد بكل ما دل عليه؛ لأنه لو أن أحدًا قال: جوزتك بنتي، وقال: قبلت، ودخل بها، وأتت منه بأولاد، أو مات، أو ماتت، فكوننا نقول: لا ينعقد مع العلم بأن الطرفين الولي والزوج كليهما يعلم المراد فيه خطر، فالصواب قطعًا أن ينعقد بكل لفظ دل عليه))اهـ([6]).
    وقال الشيخ رحمه الله: ((ثم بين المؤلف صيغة التولية فقال: «فيقول» أي: الإمام، أو من ينيبه الإمام، كوزير العدل ـ مثلا ـ في زمننا هذا: «وليتك الحكم، أو قلدتك، ونحوه»؛ أي: ما يشبهه مما يدل على التولية، فلو قال مثلًا: نصبتك قاضيًا في المكان الفلاني، انعقدت الولاية، ولو قال: جعلتك حاكمًا في البلد الفلاني، كذلك؛ وذلك لأن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ، فالألفاظ جعلت قوالب للمعاني، فكل ما دل على المعنى فهو مما تنعقد به العقود، وليس هناك لفظ يُتعبد به، بحيث لا يجزئ الناس إلا العقد به، حتى النكاح على القول الصحيح، فكل لفظ يدل على العقد فإن العقد ينعقد به))اهـ([7]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (8/ 101، 102)، (8/ 106)، (9/ 55)، (9/ 323)، (11، 69)، (12/ 40)، (15/ 262).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (8/ 101، 102).

    [3])) ((الشرح الممتع)) (9/ 55).

    [4])) ((الشرح الممتع)) (9/ 323).

    [5])) ((الشرح الممتع)) (11/ 69).

    [6])) ((الشرح الممتع)) (12/ 37- 41).

    [7])) ((الشرح الممتع)) (15/ 262).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  11. #111

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا مشرفنا الغالي على هذه الددر وجعل سعيكم تام النفع منشورا وأجره مدخرا موفورا
    ورحم الله إمام الفقه والفتوى في زماننا ابن عثيمين وأعلى درجته في العلماء الربانيين فكم نحن في حاجة إلى أمثاله وخلفه ممن يهضمون مسائل الفقه ويحسنون التفريع والتمثيل وربطها بالقواعد والأصول بشمولية واعتدال وإنصاف ..لا كما كثر الآثاريون الظاهرية الذين لا صلة لهم بفقه الشريعة ومقاصدها وأصولها الكبار ولا يحسنون إلا الوقوف على ظواهر الآثار بل والاعتساف بالاعتناء بها دون نصوص الكتاب والسنة والإجماع الفقهي والأصول الكلية والقواعد الجامعة والمقاصد النافعة ومحاسن الشريعة الضافية ..والحمد لله على كل حال

  12. #112
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    وجزاكم مثله أخانا الحبيب أبا محمد الجزائري، ونسأل الله تعالى أن يرزق الأمة أمثال هؤلاء العلماء العظام.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  13. #113
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة السابعة والثمانون:
    ((إذا فُقد الشرط فُقد المشروط))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((وهذه المسألة ـ أعني التسمية على الذبيحة ـ اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال:
    الأول: أن التسمية ليست بشرط، وإنما هي مستحبة؛ إن سمَّى فهو أفضل وإن لم يسمِّ فالذبيحة حلال، سواء تعمد ذلك أم لم يتعمده، وسواء كان ذاكرًا أو ناسيًا، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله، واستدل بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله عليه أو لم يذكر».
    الثاني: أنها شرط ولا تسقط بأي حال من الأحوال، لا سهوًا ولا جهلًا ولا عمدًا مع الذكر، وهذا مذهب أهل الظاهر، وهو رواية عن الإمام أحمد، وعن الإمام مالك رحمهما الله، واختاره جماعة من السلف، من الصحابة والتابعين وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدل هؤلاء بعموم قوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121]، وبأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكُلْ»؛ فَشَرط لحل الأكل التسمية، ومعلوم أنه إذا فُقد الشرط فُقد المشروط، فإذا فُقِدت التسمية فإنه يُفقد الحل، كسائر الشروط، فكل الشروط الثبوتية الوجودية لا تسقط بالسهو ولا بالجهل؛ ولهذا لو أن الإنسان صلَّى وهو ناسٍ أن يتوضأ وجبت عليه إعادة الصلاة، وكذلك لو صلى وهو جاهل أنه أحدث بحيث ظن أن الريح لا تنقض الوضوء، أو أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء مثلًا، فعليه الإعادة؛ لأن الشرط لا يصحُّ المشروطُ بدونه، وكما لو ذبحها ولم ينهر الدم ناسيًا أو جاهلًا فإنها لا تحل، فكذلك إذا ترك التسمية؛ لأن الحديث واحد: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل»؛ وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الصحيح.
    الثالث: وهو المذهب، أنه إذا تركها ناسيًا حلت الذبيحة، وإن تركها عامدًا ولو جهلًا لم تحل الذبيحة، ففرقوا بين الجهل والنسيان، ودليل هذا حديث: «ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله عليه إذا لم يتعمَّد»؛ كما في الروض.
    فإذا قلت: أنت ذكرت الأدلة على أن التسمية لا تسقط لا بالجهل ولا بالنسيان، فبماذا تجيب عن أدلة القائلين بالسقوط؟
    الجواب: أن يقال: أدلة القائلين بالسقوط ضعيفة، لا تقوم بها حجة، وما دامت ضعيفة، فإنها لا يمكن أن تعارض القرآن والسنة، والقرآن والسنة قد دلَّا على أن ذلك شرط، وأنها لا تؤكل الذبيحة إذا لم يذكر اسم الله عليها.
    فإن قلت: إن القول الذي رجحته يَرِد عليه أمور:
    الأمر الأول: قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: 286]، وهذا الرجل ناسٍ أو مخطئ يعني جاهلًا، فهو غير مؤاخذ.
    فالجواب: أننا نقول بذلك، ونقول: إن هذا الذي نسي أن يسمي لا يؤاخذ، وكذلك الجاهل الذي لم يعلم أن التسمية شرط ولم يسمِّ لا يؤاخذ أيضًا، لكنه لا يلزم من انتفاء المؤاخذة صحة العمل، بدليل أنك لو صليت ناسيًا، وأنت مُحْدِث فلا إثم عليك، ولكن صلاتك لا تصح، ولو تعمَّدت الصلاة وأنت محدث لأثمت، حتى إن أبا حنيفة رحمه الله يقول: من صلَّى محدثًا فهو كافر؛ لأنه قد استهزأ بآيات الله.
    فنحن نقول: نعم، نحن لا نؤثِّم هذا الذي نسي أو جهل، لكننا لا نأكل ما لم يُذكر اسم الله عليه؛ لأن الله قال: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}؛ ولهذا نقول: لو أكل مما لم يذكر اسم الله عليه ناسيًا أو جاهلًا فليس عليه إثم؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}.
    وبيان ذلك أن ههنا فعلين: فعل الذابح، وفعل الآكل، فهذا الذابح الذي ذبح ولم يسم ناسيًا، ليس عليه إثم، فإذا جاء الآكل ليأكل قلنا: هذه الذبيحة لم يذكر اسم الله عليها، فلا تأكل؛ لأن الله يقول: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}، وأطلق، ولم يقل: إلا أن يكون الذابح ناسيًا؛ لكن لو أن رجلًا أكل من هذه الذبيحة التي لم يذكر اسم الله عليها وهو لا يدري أو ناسيًا فلا إثم عليه؛ لقوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}...))ا هـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (15/ 81).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (15/ 80- 83).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  14. #114
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الثامنة والثمانون:
    ((الأصل فيما أتلفت البهيمة عدم الضمان))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((فإن قال قائل: ما هو الأصل فيما أتلفت البهيمة من أجل أن نعرف ما خرج عن هذا الأصل، هل الأصل الضمان أو لا؟
    قلنا: الأصل فيما أتلفت البهيمة عدم الضمان، والدليل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «العجماء جبار»؛ ما لم يكن عدوان من صاحبها أو تفريط، فإن كان عدوان أو تفريط عومل بما يقتضيه ذلك العدوان والتفريط.
    فمثلًا الكلب العقور يحرم اقتناؤه كما تقدم، فإذا أتلف شيئًا خارج منزل صاحبه فعليه الضمان، أما الكلب غير العقور إذا أتلف شيئًا خارج منزل صاحبه، ليس فيه ضمان بناءً على القاعدة أن الأصل فيما أتلفت البهيمة عدم الضمان))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (10/ 213).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (10/ 213).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  15. #115
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة التاسعة والثمانون:
    ((الأصل فيمن قبض ملك غيره أنه مضمون عليه))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((قوله: «وإذا قال: أجَّرتك، قال: بل أعرتني، أو بالعكس عقب العقد قُبل قول مدعي الإعارة»؛ إذا قال المالك: أجَّرتك، يعني فأريد منك أجرة، وذاك يقول: بل أعرتني، فليس عليَّ أجرة، يقول: «عقب العقد»؛ يعني إذا كان هذا الخلاف بعد العقد مباشرة، بأن قال مثلًا: أعرني هذا الكتاب فأعاره إياه، وبعد أن أخذه بخمس دقائق قال: إنك أعرتني، فقال له: بل أجَّرتك، فالقول قول مدَّعي الإعارة مع يمينه، وإذا جعلنا القول قول مدعي الإعارة سَهُلَ الأمر؛ لأننا إذا قلنا للمالك: أنت قولك مرفوض، والقول قول مدعي الإعارة، سيقول المالك: ما دام أنها عارية أعطني إياها؛ أما إذا كان بعد مضي مدة لها أجرة، فيقول المؤلف: «وبعد مضي مدة قول المالك بأجرة المثل»؛ قال المالك: آجرتك، قال: بل أعرتني، فالقول قول المالك مع يمينه؛ لأن القاعدة: أن الأصل فيمن قبض ملك غيره أنه مضمون عليه؛ ولأن الأصل أن الإنسان لا يسلطك على ملكه إلا بعوض، والتبرع أمر طارئ))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (10/ 133)، (10/ 136).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (10/ 132، 133).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  16. #116
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة التسعون:
    ((إذا تعارض القولان هل الصفة مقيدة أو كاشفة؟ فالأصل أنها مقيدة))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((وقال بعض العلماء: إن العارية لا تضمن إلا بواحد من أمور ثلاثة:
    الأول: أن يتعدى.
    الثاني: أن يفرط.
    الثالث: أن يشترط الضمان.
    أما في مسألة التعدي والتفريط فلأنه بتعديه أو تفريطه زال ائتمانه، فصار غير أمين، وأما فيما إذا شرط أن يضمنه فلقوله صلّى الله عليه وسلّم: «المسلمون على شروطهم»؛ وهذا قد التزم بذلك والحديث عام، وهناك دليل خاص بالموضوع وهو أن النبي صلّى الله عليه وسلّم استعار أدرعًا من صفوان بن أمية رضي الله عنه، فقال له صفوان: أغصبًا يا محمد؟! قال: «بل عارية مضمونة»، كلمة «مضمونة» من قال: إن العارية مضمونة بكل حال، قال: إن «مضمونة» صفة كاشفة ليست مقيدة، والصفة الكاشفة لا يخرج مفهومها عن الحكم، فكأنه قال: عارية، وكل عارية مضمونة، والذين قالوا: لا تضمن إلا بشرط، قالوا: إن الصفة «مضمونة» مقيِّدة وليست كاشفة.
    وإذا تعارض القولان هل الصفة مقيدة أو كاشفة؟ فالأصل أنها مقيدة؛ لأن الكاشفة لو حُذفت لاستقام الكلام بدونها، والمقيدة لا يتم الكلام إلا بها، والأصل أن المذكور واجب الذكر، وعليه فتكون الصفة هنا مقيدة وهو الصحيح، فتكون دالة على أن العارية تضمن إن شرط ضمانها وإلا فلا))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (10/ 118).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (10/ 117، 118).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  17. #117
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الحادية والتسعون:
    ((فِعْلُ الرسولِ المُجْمَلُ يفسِّرُه قولُهُ المفصَّلُ))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم لا يزيدُ في رمضانَ ولا غيره على إحدى عَشْرَة رَكْعةً، يُصلِّي أربعًا؛ فلا تسألْ عن حُسْنهنَّ وطُولِهنَّ، ثم يُصلِّي أربعًا؛ فلا تسألْ عن حُسْنهنَّ وطُولِهِنَّ، ثم يُصلِّي ثلاثًا»، وهذه الأربع التي كان يُصلِّيها أولًا؛ ثم ثانيًا؛ يُسلِّمُ فيها من ركعتين؛ كما جاء ذلك مفسَّرًّا عنها رضي الله عنها قالت: «كان النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُصَلِّي في الليل إِحدى عَشْرَة رَكْعة، يُسلِّمُ من كُلِّ رَكعتين»، وبه نعرف أنَّ القائِلَ بأنَّ هذه الإحدى عَشْرة، تُجمعُ الأربعُ فيها في سَلامٍ واحدٍ، والأربعُ في سَلامٍ واحدٍ لم يُصِبْ، ولعلَّه لم يَطَّلعْ على الحديث الذي صَرَّحتْ فيه بأنَّه يُسلِّمُ من كُلِّ رَكعتينِ.
    وعلى فَرَضِ أَنَّ عائشةَ لم تُفصِّلْ؛ فإنَّ قولَ الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم: «صلاةُ اللَّيلِ مَثْنَى مَثْنَى»؛ يَحْكم على هذه الأربع بأنَّهُ يُسلَّم فيها مِن كُلِّ رَكعتين؛ لأنَّ فِعْلَ الرَّسولِ المُجْمَلَ يفسِّرُه قولُهُ المفصَّلُ))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (4/ 11).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (4/ 11).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  18. #118
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الثانية والتسعون:
    ((من بنى قوله على سبب تبين أنه لم يوجد فلا حكم لقوله))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((من أفطر قبل أن تغرب الشمس إذا تبين أن الشمس لم تغرب، وجب عليه الإمساك، لأنه أفطر بناءً على سبب، ثم تبين عدمه، وهذا يجرنا إلى مسألة مهمة وهي أن من بنى قوله على سبب تبين أنه لم يوجد فلا حكم لقوله، وهذه لها فروع كثيرة من أهمها:
    ما يقع لبعض الناس في الطلاق، يقول لزوجته مثلًا: إن دخلت دار فلان فأنت طالق، بناءً على أنه عنده آلات محرمة مثل المعازف أو غيرها، ثم يتبين أنه ليس عنده شيء من ذلك، فهل إذا دخلت تطلق أو لا؟ الجواب: لا تطلق؛ لأنه مبني على سبب تبين عدمه))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ: (6/ 389).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (6/ 389، 390).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  19. #119
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الثالثة والتسعون:
    ((النهي إن عاد إلى نفس العبادة فهي باطلة))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((النهي إن عاد إلى نفس العبادة فهي حرام وباطلة.
    مثاله: لو صام الإنسان يوم العيد فصومه حرام وباطل؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن صوم يوم العيد، ولو أن المرأة صامت وهي حائض لكان صومها حرامًا باطلًا؛ لأنها منهية عنه؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد»؛ أي: مردود، وما نهى عنه فليس عليه أمر الله ورسوله؛ ولأننا لو صححنا العبادة مع النهي عنها لكان في هذا نوع مضادة لأمر الله تعالى))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ رحمه الله: (6/ 525).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (6/ 525).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  20. #120
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    القاعدة الرابعة والتسعون:
    ((النهي إن عاد إلى قول أو فعل يختص بالعبادة فهي باطلة))([1])
    قال الشيخ رحمه الله: ((أن يكون النهي عائدًا إلى قول أو فعل يختص بالعبادة، فهذا يبطل العبادة أيضًا.
    مثال ذلك: إذا تكلم في الصلاة، ولو بأمر بمعروف، بطلت صلاته.
    مثال آخر: الأكل في الصوم، فإذا أكل الصائم فسد صومه؛ لأن النهي عائد إلى فعل يختص بالعبادة الذي هو الصوم.
    ومثال ثالث: إذا جامع وهو محرم، فسد إحرامه، والدليل قوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].
    وإذا حلق رأسه وهو محرم فالنهي هنا عن فعل يختص بالعبادة لقول الله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]؛ فهل يفسد الإحرام؛ لأن النهي يعود إلى فعل يختص بالعبادة؟
    الجواب: إما أن يوجد دليل يخصص هذه المسألة، وإما أن يفسد الإحرام بالحلق.
    فالظاهرية ذهبوا إلى فساد الإحرام، وقالوا: إن فعل المحظورات في الإحرام مفسد للإحرام.
    وأما حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه، فجوابه أن الله عز وجل أذن لمن كان مريضًا أو به أذى من رأسه، أن يحلق ويفدي، فهذا مأذون له للعذر، ولا يستوي المعذور وغير المعذور، ولما صار معذورًا صار الحلق في حقه حلالًا ليس حرامًا، فإذا فعله في هذه الحال لم يكن فعل محظورًا.
    ثم قالوا: ونحن نخاصمكم بالقياس مع أننا لا نقول به، لكن نلزمكم إياه؛ لأنكم تقولون به، لماذا تقولون إنه إذا جامع فسد إحرامه، فأي فرق بين الجماع وبين سائر المحظورات؟!
    لكننا نجيبهم بما جاء في القرآن، فالصيد حرام في الإحرام، وقال الله فيه: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا}؛ أي: غير معذور {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95]، ولم يبطل الله الإحرام، فدل هذا على أن الحج والعمرة لهما أحوال خاصة؛ لقوة لزومهما وثبوتهما، فلا يفسدهما المُحَرَّمُ فيهما إلا ما أجمع العلماء عليه، وهو فيما أعلم الجماع، ثم إنه ـ أي المحظور ـ ينجبر بالبدل، ثم إن العذر في المفسد لا يقتضي رفع البطلان، أرأيت الصائم إذا كان مريضًا وأفطر من أجل المرض أفليس يفسد صومه، مع أنه معذور.
    فالظاهرية عند سماع حجتهم ينبهر الإنسان بادي الرأي، لكن عند التأمل نجد أن الفقه مع الذين يتبعون الدليل ظاهره وباطنه، ويحملون النصوص الشرعية بعضها على بعض، حتى تتفق، وهم أهل المعاني والآثار))اهـ([2]).


    [1])) ذكرها الشيخ رحمه الله: (6/ 525).

    [2])) ((الشرح الممتع)) (6/ 525- 527).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •