22-03-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
وقالت صحيفة "معاريف" "الإسرائيلية": إن اللواء الموسع في منطقة جنوب الضفة الغربية قد أجرى مؤخرًا تدريبًا شمل محاكاة تنفيذ عملية فدائية مزدوجة توقع نحو 40 مصابًا "إسرائيليًّا".


"نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله" مقولة أطلقها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وجيوشه على أسوار بيت المقدس تنتظر قدومه لاستلام مفاتيح المدينة المقدسة في أول فتح إسلامي لها.
وأهم ما يلفت النظر في هذه المقولة الخالدة أنها سلطت الضوء على مصدر عز المسلمين الوحيد, ألا وهو التمسك بهذا الدين الحنيف, وأن الذل والصغار والهوان هو المصير المحتوم لهذه الأمة إن هي فرطت بدينها وتخلت عن مصدر عزها ومجدها.
ولقد وعى اليهود وأدركوا هذه الحقيقة جيدا, فعملوا أولا على إبعاد المسلمين عن مصدر عزتهم وقوتهم "الإسلام", ثم كان المسمار الأول في نعش القضية الفلسطينية هو إخراجها من جوهرها الإسلامي العقائدي إلى خرافة القومية ومن ثم القطرية, فما ضاعت فلسطين والقدس إلا في اللحظة التي أخرجت من حضنها الإسلامي العقائدي الواسع, إلى خرم إبرة السياسة والقومية.
ومن هنا بدأ اليهود بالعبث بمقدسات المسلمين دون أي اعتبار لوجودهم ما داموا خارج نطاق استمساكهم بدينهم, فكانت المحطة الأولى في مسلسل اعتداءات اليهود على المسجد الأقصى وسائر مقدسات المسلمين في فلسطين "إحراق المسجد الأقصى" عام 1969م, والذي أتى على 1500 متر مربع من سقف المسجد, لتقف بعد تلك الحادثة رئيسة الوزراء الصهيونية "جولدا مائير" لتقول: "كاد هذا اليوم أن يكون أتعس أيام حياتي ولكنه تحول إلى أسعدها", وغداة طرح سؤال السبب في ذلك ردت بفرحة: "خفت من جيوش المسلمين التي ستنقض على إسرائيل بعد حرق المسجد الأقصى، ولكنهم ظلوا في سباتٍ عميق؛ فلم يتحركوا كما توقعت".
ثم توالت الاعتداءات منذ ذلك التاريخ وحتى لحظة كتابة هذه السطور, فقد اقتحم عدد من جنود جيش الاحتلال "الإسرائيلي" اليوم السبت حرمة مسجد "الحرم الإبراهيمي"، ودنسوه بأحذيتهم؛ لتنفيذ مناورة تحاكي وقوع الكثير من الإصابات داخل الحرم في مدينة الخليل.
وقالت صحيفة "معاريف" "الإسرائيلية": إن اللواء الموسع في منطقة جنوب الضفة الغربية قد أجرى مؤخرًا تدريبًا شمل محاكاة تنفيذ عملية فدائية مزدوجة توقع نحو 40 مصابًا "إسرائيليًّا".
ونقلت الصحيفة العبرية عن ضابط رفيع في اللواء قوله: "إن حصول مثل هذه العملية وارد ولا يهمنا إذا ما كان المصابون هم يهود أم فلسطينيون", على حد قوله.
ولفت الضابط المسئول إلى أن متوسط عدد الزائرين للحرم الإبراهيمي يصل إلى 800 شخص يوميًّا، وفي الأيام الاستثنائية مثل الأيام التي يكون بها أعياد يهود يصل عدد الزائرين إلى 70 ألف زائر خلال يومين، مشيرًا إلى أن الجيش يستعد لأي سيناريو محتمل بما في ذلك تنفيذ عملية فدائية في المكان.
وأوضحت معاريف أن المناورة تحاكي تفجير أحد الفدائيين نفسه في أحد المحال التجارية القريبة من الحرم الإبراهيمي، وأن فلسطينيًّا آخر يكون موجودًا في حديقة الحرم وسط "الإسرائيليين" ، ويقوم بتفجير نفسه هو الآخر بعد دقائق معدودة من الفدائي الأول.
ومن المعلوم أن الحرم الابراهيمي هو أقدم مساجد مدينة الخليل في فلسطين وأبرز ما يميّزها، كما يعتبر رابع أهم المساجد الإسلامية بعد الحرم المكي والمدني والمسجد الأقصى.
تاريخيا وبحسب الباحث المختص في شؤون الحرم "محمد ذياب أبو صالح" فإن المسجد ينسب إلى النبي إبراهيم الخليل عليه السلام الذي دفن فيه قبل أربعة آلاف عام، وسميت الخليل باسمه.
وقد أحضر الملك "هيرودوس بن انتيبيتار الأدومي" - الذي جاء في الفترة بين عامي 37 و4 قبل الميلاد – الحجارة ، وأقام سورا بطول ثمانين ذراعا وعرض أربعين ذراعا حول مقابر الأنبياء , وقد بنى 13 مدماكا ، ثم جاءت الملكة هيلاني سنة 324 ميلادية وأمرت بسقفه ، لكن الفرس هدموه ثم أعاد بناءه الرومان .
وفي عام 15 هـ حوّل المسلمون - مع الفتوحات الإسلامية -البناء إلى مسجد، لأنه بني مسجدا أصلا، بدليل أنه بني باتجاه القبلة قبل الإسلام- حسب الباحث أبو صالح - وطوال عهدي الأمويين والعباسيين بقي المسجد مسجدا إسلاميا حتى الحروب الصليبية، حين حوله الصليبيون إلى كاتدرائية لمدة تسعين عاما، ثم حرره صلاح الدين الأيوبي سنة 587 هـ، وثبت عشر عائلات في الخليل لتشرف على سدانة الحرم وخدمته.
بقي المكان إسلاميا حتى عام 1967، حين وضع الاحتلال عليه العلم الإسرائيلي في الثامن من يونيو/حزيران، لكنه بقي مسجدا إسلاميا حتى عام 1994 حين وقعت مجزرة الحرم الإبراهيمي, ثم شكلت لجنة تحقيق أسفرت عن أول قرار بتقسيم مسجد إسلامي إلى كنيس يهودي ومسجد، ووضعت على مداخله بوابات إلكترونية وفرضت قيود على دخول المسلين إليه.
إن عودة المسلمين إلى دينهم, وتمسكهم بمصدر عزتهم وقوتهم, وإضفاء الصبغة العقائدية والدينية في معركتنا مع اليهود الصهاينة, هي اللحظة الوحيدة التي يمكن لليهود فيها أن يتوقفوا عن تدنيسهم لمقدساتنا.