قدِم على عمر بن الخطاب رجل من أهل العراق، فقال: لقد جئتك لأمر ما له رأس ولا ذنب.
فقال عمر: ما هو؟ قال: شهادات الزور ظهرت بأرضنا.
فقال عمر: أو قد كان ذلك؟!
قال نعم.
فقال عمر: والله لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول، أي: لا يُحبَس، والأسر الحبس، أو لا يملك ملك الأسير؛ لإقامة الحقوق عليه إلا بالصحابة الذين جميعهم عدول، وبالعدول من غيرهم، فمن لم يكن صحابيًا ولم تُعرَف عدالته لم تُقبَل شهادته حتى تُعرَف عدالته من فسقه"
(شرح الزرقاني على الموطأ: [4/10]، رواه مالك في الموطأ: [2/720]).
- وقال رِبعي بن عامر رضي الله عنه لرستم قائد الفرس لما سأله: ما جاء بكم؟
فقال: "الله ابتعثنا لنُخرِج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه حتى نفيء إلى موعود الله..."

ذكره ابن كثير في البداية والنهاية: [7/39]).
- قال ميمون بن مهران: "سمعت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول: لو أقمت فيكم خمسين عامًا ما استكملت فيكم العدل، إني لأريد الأمر وأخاف أن لا تحمله قلوبكم فأخرج معه طمعًا من الدنيا؛ فإن أنكرت قلوبكم هذا سكنت إلى هذا"
(رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق: [45/181]، وذكره الذهبي في تاريخ الإسلام: [7/197]).
وقال ابن حزم: "أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحقِّ وإيثاره"
(الأخلاق والسير، ص: [90]).
- وقال ابن تيمية: "العدل نظام كلِّ شيء، فإذا أُقيم أمر الدنيا بعدل قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، ومتى لم تقم بعدل لم تقم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة" (مجموع الفتاوى: [28/146]).
- وقال أيضا: "وأمور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه الاشتراك في أنواع الإثم، أكثر مما تستقيم مع الظلم في الحقوق وإن لم تشترك في إثم؛ ولهذا قيل: إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة؛ ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة. ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام"

(مجموع الفتاوى: [28/146]).
- وقال ابن القيم: "ومن له ذوق في الشريعة، واطلاع على كمالها، وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد، ومجيئها بغاية العدل الذي يسع الخلائق، وأنَّه لا عدل فوق عدلها، ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح، تُبيِّن له أنَّ السياسة العادلة جزء من أجزائها، وفرع من فروعها، وأنَّ من أحاط علمًا بمقاصدها، ووضعها موضعها، وحسن فهمه فيها لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة.
فإنَّ السياسة نوعان: سياسة ظالمة، فالشريعة تحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحقَّ من الظالم الفاجر، فهي من الشريعة علمها من علمها، وجهلها من جهلها"

(الطرق الحكمية، ص: [5]).
فائدة بخصوص لفظة الكبريت الاحمر

في المثال : أندر من الكبريت الأحمر
الكبريت الأحمر كما يقول أرسطو وابن البيطار يضيء ليلا ويرى ضوءه على بعد فراسخ عدة ما بقي في موضعه.
وفي الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية:
وقولهم: ” أعز من الكِبْريتِ الأحمرِ ” إنَّما هو كقولهم: ” أعزُّ من بَيْضِ الأَنوقِ “. ويقال أيضاً: ذهبٌ كِبْريتٌ، أي خالص.
ويضرب بهذا المثل على ندرة الشيء فيقال في الأمثال :
أثمن من الذهب وأندر من الكبريت الأحمر
ويقال أعز مطلبا من الكبريت الأحمر أي صعب المنال .

http://alqaryooti.com/?p=633

والعدل والانصاف من هذا النوع كما قال الإمام مالك - رحمه الله - : (ما في زماننا شيءٌ أقل من الإنصاف)·
قال القرطبي - رحمه الله - في القرن السادس الهجري معلقًا على كلام مالك -: (هذا في زمن مالكٍ، فكيف في زمانِنا اليوم الذي عمَّ فينا الفساد، وكثُر فيه الطغام، وطُلِب فيه العلم للرياسة لا للدراية، بل للظهور في الدنيا، وغلَبةِ الأقران بالمِراء والجدال الذي يقسِّي القلب، ويُورث الضغن، وذلك مما يحمل على عدم التقوى وتركِ الخوف من الله تعالى)

الجامع لأحكام القرآن (1/286 _ 287)·