قال الشافعي : أقمت أربعين سنة أسأل إخواني الذين تزوجوا : عن أحوالهم في تزويجهم ؟ فما منهم أحد قال : إنه رأى خيرا وقال سمعت بعض أصحابنا ممن أثق به قال : ( تزوجت لأصون ديني فذهب ديني ودين أمي ودين جيراني
هل هذا صحيح عن الشافعي ( رحمه الله )
قال الشافعي : أقمت أربعين سنة أسأل إخواني الذين تزوجوا : عن أحوالهم في تزويجهم ؟ فما منهم أحد قال : إنه رأى خيرا وقال سمعت بعض أصحابنا ممن أثق به قال : ( تزوجت لأصون ديني فذهب ديني ودين أمي ودين جيراني
هل هذا صحيح عن الشافعي ( رحمه الله )
اثر غريب
ولد الشافعي عام 150 ومات عام 204 أي أنه سأل إخوانه وعمره أربعة عشر عاما .غريب فعلا هذا الأثر، ولا إخاله يصح.
لعلك تجده فى الطبقات للسبكى ومناقب الشافعى للبيهقى
جزاك الله خيرا ، بالفعل قد رجعت إلى مناقب الشافعي للبيهقي ، فوجدت الأثر هكذا : قال البيهقي رحمه الله 2 / 192 ـ 193 : أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال : أنبأنا الحسن بن رشيق إجازة ، قال : ثنا إسحاق بن إبراهيم الجلاب قال : سمعت المزني يقول : سمعت الشافعي يقول : أقمت أربعين سنة أسأل إخواني الذين تزوجوا عن أحوالهم في تزويجهم ، فما منهم أحد قال : إنه رأى خيرا . قال : وسمعت الشافعي يقول : سمعت بعض أصحابنا ممن أثق به قال : تزوجت لأصون ديني ، فذهب يني ودين أمي ودين جيراني ! قال : وسمعت الشافعي يقول : ثلاثة إن أهنتهم أكرموك ، وإن أكرمتهم أهانوك : المرأو ، والمملوك ، والنبطي .
قلت( أي البيهقي ) : وهذا الذي ذكره الشافعي في هذه الحكاية ، خبر عن قوم لم يروا فيما جربوا من النكاح غبطة ، فأما الاستحباب فقد قال في كتاب أحكام القرآن : أحببت له النكاح إذا كان ممن تتوق نفسه إليه ؛ لأن الله أمر به ورضيه وندب إليه وجعل فيه أسباب منافع ، وقرأ الآيات والأخبار التي وردت فيه ، وقال : ومن لم تتق نفسه إليه ولم يحتج إلى النكاح ، فلا أرى بأسا أن يدع النكاح ، بل أحب ذلك ، وأن يتخلى لعبادة الله تعالى .
وقال في القديم ـ رواية الحسن بن محمد الزعفراني عنه : فأحب أن لاينكح ، وليتفرغ لله تعالى ، وخفة المؤنة ، ومن كانت تنازعه نفسه إليه ، فأحب أن ينكح ، ويحرز دينه ..إلخ .أهـ
قلت : يتبين مما سبق أن العبارة السابقة من كلام بعض أصحابه رحمه الله ، وقد استغربها البيهقي كما سبق .
ولعله في آداب الشافعي ومناقبه لابن أبي حاتم ، فليس الكتاب تحت يدي الآن ، فلينظر . وليس هو في الطبقات للسبكي ، والله أعلم .
أثابك الله شيخنا
عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس، والمرأة، والدار". متفق عليه
نفع الله بكم جميعا.
تنبيه: قد رُمي أبو عبد الرحمن السُلمي شيخ البيهقي بالوضع وقد ردَّ هذه التهمة ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (11/ 41 - 42)، وإن كان فيه ضعف في حفظه وإتقانه: (وقد جمع أسماءهم: الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب: (تاريخ أهل الصفة)، جمع ذكر من بلغه أنه كان من " أهل الصفة " وكان معتنيًا بذكر أخبار النساك والصوفية؛ والآثار التي يستندون إليها والكلمات المأثورة عنهم؛ وجمع أخبار زهاد السلف. وأخبار جميع من بلغه أنه كان من أهل الصفة؛ وكم بلغوا. وأخبار الصوفية المتأخرين بعد القرون الثلاثة. وجمع أيضًا في الأبواب: مثل حقائق التفسير. ومثل أبواب التصوف الجارية على أبواب الفقه. ومثل كلامهم في التوحيد والمعرفة والمحبة؛ ومسألة السماع وغير ذلك من الأحوال. وغير ذلك من الأبواب. وفيما جمعه فوائد كثيرة. ومنافع جليلة. وهو في نفسه رجل من أهل الخير والدين والصلاح والفضل. وما يرويه من الآثار فيه من الصحيح شيء كثير. ويروي أحيانًا أخبارًا ضعيفة بل موضوعة. يعلم العلماء أنها كذب. وقد تكلم بعض حفاظ الحديث في سماعه. وكان البيهقي إذا روى عنه يقول: حدثنا أبو عبد الرحمن من أصل سماعه. وما يظن به وبأمثاله إن شاء الله تعمد الكذب لكن لعدم الحفظ والإتقان يدخل عليهم الخطأ في الرواية؛ فإن النساك والعباد منهم من هو متقن في الحديث مثل ثابت البناني والفضيل بن عياض وأمثالهما ومنهم من قد يقع في بعض حديثه غلط. وضعف مثل مالك بن دينار وفرقد السبخي ونحوهما. وكذلك ما يأثره أبو عبد الرحمن عن بعض المتكلمين في الطريق أو ينتصر له من الأقوال والأفعال والأحوال. فيه من الهدى والعلم شيء كثير. وفيه - أحيانا - من الخطأ أشياء؛ وبعض ذلك يكون عن اجتهاد سائغ. وبعضه باطل قطعا. مثل ما ذكر في حقائق التفسير قطعة كبيرة عن جعفر الصادق وغيره من الآثار الموضوعة. وذكر عنه بعض طائفة أنواعا من الإشارات التي بعضها أمثال حسنة. واستدلالات مناسبة. وبعضها من نوع الباطل واللغو).
وقال شيخ الإسلام أيضًا في مجموع الفتاوى: (11/ 578): ( ... وإنما نبهت على هذا؛ لأن فيما جمعه أبو عبد الرحمن السلمي ومحمد بن طاهر المقدسي في ذلك حكايات وآثار يظن من لا خبرة له بالعلم وأحوال السلف أنها صدق. وكان " الشيخ أبو عبد الرحمن " - رحمه الله - فيه من الخير والزهد والدين والتصوف ما يحمله على أن يجمع من كلام الشيوخ والآثار التي توافق مقصوده كل ما يجده؛ فلهذا يوجد في كتبه من الآثار الصحيحة والكلام المنقول ما ينتفع به في الدين. ويوجد فيها من الآثار السقيمة والكلام المردود ما يضر من لا خبرة له. وبعض الناس توقف في روايته. حتى أن البيهقي كان إذا روى عنه يقول: حدثنا أبو عبد الرحمن من أصل سماعه ....).
ذكر الحافظ في لسان الميزان السُلمي هذا، ووصفه بأنه شيخ الصوفية وصاحب تاريخهم وطبقاتهم وتفسيرهم، وأنه عني بالحديث ورجاله، وقال: تكلموا فيه وليس بعمدة؛ بل قال ابن القطان: كان يضع الأحاديث للصوفية، وأن الحاكم قال كان كثير السمع والحديث متقنًا فيه من بيت الحديث والزهد والتصوف. (قال) وقال السراج: مثله إن شاء الله لا يتعمد الكذب ونسبه إلى الوهم.
هل يستقيم القول بوضع هذا الأثر؟
لا إخال ذلك.
لعل ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية يصلح أن يكون ضابطًا لما يرويه السلمي من آثار وما ينقله من كلام حيث قال:"يوجد في كتبه من الآثار الصحيحة والكلام المنقول ما ينتفع به في الدين. ويوجد فيها من الآثار السقيمة والكلام المردود ما يضر من لا خبرة له". والله أعلم.