تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: رد الشيخ ذياب على إباحة الموسيقى

  1. #1

    افتراضي رد الشيخ ذياب على إباحة الموسيقى

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين .
    وبعد؛ فقد سمعت ما ذكره فيما يتعلق بفتواه الخاصة في تحليله للموسيقى والمعازف المصاحبة للسلام الملكي، والموسيقى العسكرية، وفواصل الأخبار ... بحجة : أنَّها لا تثير الغرائز، لذا فإنها لا تدخل في باب المحرمات!
    وذلك من خلال لقائه على قناة «اقرأ» الفضائية؛ حيث قال : إن الموسيقى التي تبث في فواصل الأخبار، والموسيقى العسكرية، وما شابه ذلك، لا أجرؤ على القول بحرمتها لأنها لا تثير الغرائز .
    وأضاف قائلا : بأنه يجب أن يتم التفريق بين الموسيقى الرسمية والموسيقى المصحوبة بالغناء، فالموسيقى العسكرية والسلام الملكي والجمهوري والأميري والموسيقى التي في فواصل الأخبار، بما لا يخاطب فؤادًا ولا يحرك شجنًا ولا يثير غريزة من الصعب في ظني إدراجها في المحرمات .
    كما أنه فسر «المعازف» في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : بأنه الغناء ...!
    ولي مع أخي الشيخ صالح المغامسي حفظه الله بعض الملحوظات المختصرة، راجيًا من الله تعالى أن يقف معها بعين الاعتبار والتذكير؛ لأن واجبَ النصيحة حقٌّ مبذول بين عموم المسلمين، لاسيما بين طلاب العلم :
    أولا : فليعلم الشيخ حفظ الله أن هناك فرقا ظاهرا بين المعازف والموسيقى والغناء لغة واصطلاحا، فهذا لون وهذا لون، ولا أعلم أحدا من أهل العلم المعتبرين : فسر المعازف بالغناء!
    أما الغناء المحرم : فهو رفع الصوت بالشعر أو غيره على وجه التلحين والتطريب والتمطيط والتكسير والتهييج للنفوس، مما يحرك الساكن، ويبعث الكامن .
    وهو الغناء الذي ينتحله أهله العارفون بصناعة الغناء وقواعده ..
    أمَّا المعازف : فهي جميع آلات اللهو والطرب كالعود والطنبور والطبل والكوبة والدف ... كما نص عليه أهل العلم كافة من اللغويين والفقهاء والمحدثين .
    فالمعازف حينئذ : هي الأصوات الناتجة عن آلات الطرب واللهو، لا شأن لها بالكلمات الملحونة والممططة، فتأمل .
    أما الموسيقى إذا أطلقت : فهي الأصوات الملحونة الموزونة التي تخرج من الإنسان عن طريق الفم والحلق (القصبة الهوائية)، كما هو معلوم عند أهل الشأن من أهل الغناء والطرب، أما إذا أضيفت إلى آلات اللهو والطرب فلها حكمها؛ حيث تأخذ اسم الأصوات الناتجة عنها، وذلك عند قولهم : آلات الموسيقى .
    ثانيا : فقد دل على تحريم المعازف : السنة الصحيحة والإجماع كما يأتي ذكره، كما أنني لا أعلم أحدا أباح المعازف قديما وحديثا إلا ما جاء عند متأخري الظاهرية، وأهل الطرقية من المتصوفة!
    فقد أخرج البخاري وغيره أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون : الحِرَ، والخمر، والحرير، والمعازف» الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم : «يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف» قيل : يا رسول الله ومتى ذاك؟ قال «إذا ظهرت المعازف وكثرت القِيان وشربت الخمور» الترمذي، وهو صحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم : «يمسخ قوم من هذه الأمة في آخر الزمان قردةً وخنازيرَ» قالوا : يا رسول الله أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله؟ قال : «بلى؛ ويصومون ويصلون ويحجون» قالوا : فما بالهم؟ قال : «اتخذوا المعازف والدفوف والقَيْناتِ، فباتوا على شربهم ولهوهم، فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير» ابن أبي الدنيا وأبو نعيم، والحديث حسن .
    ثم اعلم رحمني الله وإياك؛ أنّه لَا خِلَافَ فيه بين أهل العلم : أن المعازف محرمة سواء أكانت استعمالا أو استئجارا، بيعا أو شراء .. وسواء كانت المعازف مصاحبة للغناء (كما هو شأن مغني أهل زماننا)، أو مفردة!
    وقد نقل الإجماع على تحريم المعازف أكثر من ثلاثين عالما معتبرا : كعبد الله بن مسعود، وعمر بن عبد العزيز، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل، وابن جرير، والآجري، وأبي الطيب الطبري، وأبي الليث السمرقندي الحنفي، وأبي الفتح الرازي، والبغوي، وأبي بكر الطرطوشي المالكي، والقاضي أبي يعلى الصغير، وابن رشد المالكي، وابن قدامة، والرافعي، وابن الصلاح، وأبي العباس القرطبي، والنووي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، وابن رجب، وابن حجر الهيتمي، وغيرهم كثير .
    قال الأوزاعي : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتابا فيه : «وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث من يجز جمتك جمة السّوء» النسائي، بإسناد صحيح .
    وقال ابن قدامة «المغني» (9/115) : «آلة اللهو، والطنبور، والمزمار ... آلةٌ للمعصية بالإجماع» .
    وقال النووي «روضة الطالبين» (8/205) : «المزمار العراقي، وما يُضرب به الأوتار : حرام بلا خلاف» .
    وقال ابن رجب «نزهة الأسماع» (60) : «سماع آلات اللهو ... لا يعرف عن أحد ممن سلف الرخصة فيها، إنما يعرف ذلك عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية ممن لا يعتد بهم» .
    وهناك نقولات كثيرة عن أهل العلم المحققين قاطعة بنقل الإجماع على تحريم المعازف، وآلات اللهو، والموسيقى الحديثة، إلا ما خصه الدليل من ضرب الدف في مواطن مخصوصة للنساء والجواري .. وما ذكرته هنا فهو بعض ما جاء ذكره مبسوطا في كتابي «الريح القاصف» .
    ومن خلال ما مضى ذكره من نقل بعض الإجماعات على تحريم المعازف؛ فإنه لا يليق بمسلم، فضلا عن طالب علم : أن يتجاسر على إباحتها، أو يتوقف عن تحريمها بعد علمه بحرمتها في السنة والإجماع وكلام أهل العلم قديما وحديثا، ولاسيما اللجنة الدائمة، وكذا فتاوي مشايخنا الكبار : كالشيخ ابن باز ومحمد العثيمين رحمهما الله وغيرهم .
    وإني أحسب الشيخ صالح المغامسي حفظ الله من أهل العلم الذين إذا تبين لهم وجه الحق أخذوا به، دون تردد أو حرج .
    ثالثا : أما قول أخي المغامسي : «بأنه يجب أن يتم التفريق بين الموسيقى الرسمية والموسيقى المصحوبة بالغناء كالموسيقى العسكرية والسلام الملكي والجمهوري والأميري والموسيقى التي في فواصل الأخبار، بما لا يخاطب فؤادًا ولا يحرك شجنًا ولا يثير غريزة من الصعب في ظني إدراجها في المحرمات ...» .
    قلت : ليس من الفقه أن يخلط طالبُ العلم بين العلّة وبين الحكمة، كما هو معلوم في كتب أصول الفقه التي لا تخفى على الشيخ المغامسي!
    فالعلّة هي التي يدور معها الحكم وجودا وعدما، خلافا للحكمة، فكل علة حكمة، ولا عكس!
    وعليه؛ فليس من الفقه أن نخلط بين الأحكام الشرعية المعللة، وبين الأحكام التعبدية؛ لذا فإني لا أظن أحدا ممن شم الفقه الشرعي أنه سيقول : بإباحة شرب شيء يسير من المسكر، ولو بدعوى أنه لا يؤثر في شاربه، لقوله صلى الله عليه وسلم : «ما أسكر كثيره؛ فقليله حرام» أحمد وغيره .
    ولا أظن أحدا أيضا سيقول : بإباحة الخمر والميسر .. لمن يدعي أنها لا تصده ولا تلهيه عن ذكر الله والصلاة، وأنها لا توقع في قلبه العداوة والبغضاء!
    وقد علم أن ما جاء ذكره في تحريم الخمر والميسر : فهو من الحكمة في شرب الخمر، واللعب بالميسر، وليس هو من العلة التي لأجلها حرمت الخمر والميسر!
    لذا؛ كان واجبا علينا جميعا أن نتحقق من مناط تحريم المعازف، هل تحريمها جاء لعلة شرعية، أو جاء لحكمة شرعية؟
    فمما لا شك فيه أن تحريم المعازف : جاء لحكم كثيرة، لا لعلة متعدية يدور معها الحكم وجودا وعدما .
    لأجل هذا؛ فكان من الخطأ أن يطلق الشيخ المغامسي القول : «بأن الموسيقى الرسمية كالموسيقى العسكرية والملكية، والموسيقى التي في فواصل الأخبار، ليست محرمة؛ لأنها لا تخاطب فؤادًا ولا تحرك شجنًا ولا تثير غريزة»؛ ظنا منه أن تحريم المعازف جاء لعلة شرعية يدور معها الحكم وجودا وعدما!
    بمعنى : أن المعازف إذا انتفت منها علة الشجون وإثارة الغرائز؛ فإنها تكون مباحة، فهذا لم يقل به أحد من أهل العلم، هذا إذا علمنا أن الحكمة لا تنضبط، فهي نسبية متفاوتة بين عموم المسلمين، فقد يتحقق بعضها في شخص دون آخر .
    وما ذكرته أخي الفاضل؛ من مخاطبة الأفئدة، ومن تحريك الأشجان وغيره : لهو من الحكمة الشرعية في تحريم المعازف، لا أنها علل شرعية، فهذا شيء وهذا شيء آخر، ومن لم يفرق بينها اختلطت لديه كثير من الأحكام الشرعية .
    لذا؛ فليعلم الجميع : أنَّ المعازف محرمة لذاتها، سواء ترتب عليها محظورات شرعية أم لا، فالعبرة بعموم البلوى، ومع هذا فالشرع والعقل يشهدان بوجود حكم كثيرة في تحريمها، لا لكونها علةً مطردة وجودا وعدما .
    وأخيرا؛ فإنني قد بسطت الحديث عن أحكام الغناء والمعازف في مجلد كبير تحت عنوان : «الريح القاصف على أهل الغناء والمعازف»، وقد قرأه وقرظه سماحة المفتى العام شيخنا ووالدنا فضيلة الشيخ العلامة / عبد العزيز بن باز رحمه الله، فمن أراد زيادة بحث في المسألة فلينظره مشكورا .
    أملاه
    الشيخ الدكتور
    ذياب بن سعد آل حمدان الغامدي
    الطائف (2/ 5/ 1435)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    المشاركات
    535

    افتراضي رد: رد الشيخ ذياب على المغامسي في إباحة الموسيقى

    بارك الله في الشيخ ذياب رد مؤدب ومقنع

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •