إستراتيجية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لفتح مكة
د. مصطفى إبراهيم العرفاوي
تمهيد:
هذه الإستراتيجية هي خطة تنفيذية تمثل مرحلة من مراحل خطة إستراتيجية مقاصدية، نفَّذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر على مدى إستراتيجي، وصل إلى ستٍّ وثلاثين سنة، من البعثة النبوية إلى وفاة عمر بن الخطاب.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطط لهذا الأمر منذ الأيام الأولى من دخوله يثرب مهاجرًا من مكة، التي فُتحت في السنة الثامنة للهجرة؛ مما يعني أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مستعجلًا في فتحها، بل عمِل قبل كل شيء على صناعة ظروف ملائمة لذلك، وهو إجراء إداري معمول به في تنفيذ الخطط الإستراتيجية للمنظمات؛ حيث تعمل الإدارة العليا على تهيئة الظروف البيئية الضرورية لتنفيذ مقاصدها.
وكان صلى الله عليه وسلم يتوقع ألَّا يقع قتالٌ، وأن تستسلم له قريش، أو تُسْلِمَ، أو تخلِّيَ بينه وبين القريشيين؛ فقد قال قبل أن تبدأ قريش بإرسال الرُّسُل لتفاوضه على دخول مكة، وهو في ألف وأربعمائة من المسلمين بالحديبية: «والذي نفسي بيده، لا يسألوني خُطَّة يُعظِّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» [1]، وكان له ذلك بفضل صلح الحديبية.
وفي الحقيقة كان هناك سبب آخر مهم جدًّا دعا إلى ضم مكة نهائيًّا للدولة الإسلامية؛ وهو التحالفات التي تبنيها قريش ضدها، وقد ظهرت خطورة هذه التحالفات بوضوح في غزوة الخندق، في هذه الغزوة تحالفت قبائلُ كبيرة مع قريش بتحريض من يهود بني النضير الذين أخرجهم الرسول صلى الله عليه وسلم من العاصمة الإسلامية، بعد أن خانوا المعاهدات، وحاولوا تقويض الأمن والاستقرار الداخليين للمدينة، وقد لجؤوا إلى خَيْبَرَ ليقيموا فيها؛ حيث أراد بنو النَّضِيرِ أن ينتقموا من الدولة الإسلامية؛ فدخلوا في حملة تحريض وتحشيد ضدها، واستجاب لهم من العرب قريش وحلفاؤها؛ كنانة (الأحابيش[2])، وقبيلة غطفان (فزارة وبنو مرة وأشجع)، وحلفاؤها بنو أسد، وسُلَيم، وغيرُها، ثم انضم إليهم يهودُ بني قريظة الذين كان بينهم وبين المسلمين عهدٌ وميثاقٌ، وهم ما يزالون يعيشون بالمدينة[3]، هذا التحشيد ضد الدولة الإسلامية كان انطلاقًا من خيبر اليهودية في ذلك التاريخ، وكانت معروفة بحصونها الصعبة المنال، وتقع على الطريق المؤدية إلى الشام، وتعتبر سدًّا أمام تحركات الجيش الإسلامي نحو الدولة البيزنطية، وكان لا بد من كسر هذه التحالفات بتحييد أو ضمِّ مكةَ، والقضاء على خيبر، في غزوة (الخندق) انتصر المسلمون، ورجعت قريش وأحلافها مهزومين، وتأكدوا حينها أن الدولة التي وُلدت في المدينة أصبحت مستعصية عليهم.
أما بالنسبة لقيادة الدولة الإسلامية، فقد غنِمت امتيازين مهمين في هذه الغزوة: تأكيد قدرتها على الدفاع عن حدودها، وتحصين عاصمتها ببناء الخندق، وتأكد لها أيضًا أمر مهم لا بد أن تقوم به لتوحيد الجزيرة العربية تحت رايتها، وخروج مشروع الإسلام إلى المحيط الدولي؛ هذا الأمر هو فكُّ الارتباط بين قريش والقبائل المتحالفة معها بقيادة وتحريض اليهود في خيبر؛ لذلك بعد صلح الحديبية توجَّه الجيش الإسلامي إلى خيبر مباشرة؛ لحسم الموقف نهائيًّا معها، وتحرير طريق الشام، والقضاء على التحالفات المناهضة لمشروع الدولة الإسلامية، وقد مرت خطة فتح مكة بعدة مراحل متتالية، تخدم كل مرحلة الأخرى وترتبط بها:
1- المرحلة الأولى: كسر تحالف عهود الإيلاف بين قريش والقبائل العربية:
نجحت الدولة الإسلامية الناشئة في كسر هذه التحالفات، بفضل المعاهدات والموادعات مع قبائل الطوق لطريق الإيلاف الذي تمر عبره قوافل قريش التجارية، والناظر في خريطة الغزوات والسرايا إلى حدود صلح الحديبية يلاحظ تركيزها على تطويق مكة، وتأمين الممرات الموصلة إليها؛ فبعد أن اتفقت بعض القبائل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقدت معه معاهدات، أصبحت تشكل خطرًا على تجارة قريش، وصار المسلمون هم السادة في المنطقة.
لذلك عندما قرر صلى الله عليه وسلم أن يعتمر لأول مرة بعد الهجرة كانت طريقه إلى مكة سالكة وآمنة، ولم تمنعه القبائل التي مرَّ بها من العبور، وكانت عملية المحاصرة ضربة موجعة لقريش؛ لأنها قلصت حريتها في التنقل بأمان.
2- المرحلة الثانية: ترسيخ أمن العاصمة:
مثَّل اليهود أكبر سبب في انعدام الاستقرار الأمني داخل المدينة؛ لذلك سارع رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ هجرته إليها بإيجاد ميثاق اجتماعي سياسي، يوضح معالم التعامل بين كل مكونات المجتمع، ووافق على بنوده بنو قريظة[4]، وبنو النضير[5]، وبنو قينقاع[6]، ولكنهم نقضوا عهودهم، وخانوا التزاماتهم، وبدؤوا بحرب المسلمين في الداخل بشتى الأساليب، والتحريض عليهم، والتحالف ضدهم في الخارج، وقد صبر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا قبل طردهم نهائيًّا من المدينة، وقد نتج عن خروج اليهود من عاصمة الحكم الإسلامي:
• استقرار داخلي كان لا بد منه للتفرغ نهائيًّا لردع قريش، واسترجاع الكعبة، وأموال المسلمين التي استولت عليها ظلمًا وقهرًا.
• ارتفاع نسبة المسلمين في التعداد السكاني للعاصمة.
• تحرير التجارة من استغلال اليهود.
• تأكيد سلطة الدولة في العاصمة، وقد ثبت الاستقرار الداخلي حتى عند غياب الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوات، ومن مكونات الأمن الداخلي للعاصمة أيضًا الأمن الاقتصادي؛ فقد تطورت التجارة والزراعة في المدينة وحولها، بفضل الغنائم الحربية، وتشجيع الرسول صلى الله عليه وسلم للمهاجرين على تعاطي التجارة.
3- المرحلة الثالثة: الدعوة للتهدئة والسلام:
كان من نتائج غزوة الأحزاب، وانهزام قريش وحلفائها، أنْ قوِيَت معنويات الجيش الإسلامي، وتأكد لقريش واليهود والقبائل المتحالفة معهما أن الدولة الإسلامية ليست سهلة الْمِراس، وكان هذا الانتصار سببًا أيضًا في تدهور معنوياتهم وجاهزيتهم للقتال.
بالمناسبة يمكن أن نطرح سؤالًا غفل عنه كثيرٌ ممن كتب في السيرة النبوية: ألم تهدِّد الدولة الإسلامية الجديدة التجارةَ الدولية المارة عبر طريق الإيلاف إلى بيزنطة وفارس، والحبشة ومصر، وغيرها من الدول والإمبراطوريات المتحكمة في المشهد الجيوسياسي بالمنطقة؟ ألم يكن طريق الإيلاف - الخارج من مكة إلى الشمال والجنوب - من صناعة هذه الدول الكبرى مع هاشم بن عبد مناف؛ لتوفير السلع، وتنشيط الحركة التجارية منها وإليها؟
إذًا كيف أغفلت هذه القوى الإقليمية الصراعَ القائم داخل الجزيرة العربية بين مشروع الإسلام وأعدائه، الذي قلَّص من هذه الحركة التجارية بتضييقه على حرية تنقل قوافل قريش؟
ونظرًا إلى كثرة ترحال العرب من مكة وغيرها إلى الدول المجاورة، واتصالهم المباشر بالملوك والأباطرة؛ لا يمكن أن ندَّعي أنها لم تكن على علم بهذا الصراع الذي أخذ يغير موازين القوى داخل الجزيرة، وإضافة إلى ذلك، فقد كان لهذه القوى الأجنبية ممثِّلون تجاريون بمكة، مطَّلعون على الوضع السياسي بها، ولا يفوتهم أن يُخبِروا ملوكهم وأباطرتهم بذلك، ويدقوا نواقيس الخطر الذي يحيط بمصالحهم التجارية؛ يقول أحمد أمين نقلًا عن أوليري في كلامه عن علاقة مكة بالروم والفرس: "... كان في مكة نفسها بيوت تجارية (chambre commerciale) رومانية يستخدمها الرومانيون للشؤون التجارية، وللتجسس على أحوال العرب، كذلك كان فيها أحباش ينظرون في مصالح قومهم التجارية"[7]، كما أنه من الممكن أن قادة قريش حاولوا الاستعانة بإحدى القوى الإقليمية للاستقواء على الدولة الإسلامية.
الإجابة على هذا التساؤل هي الوضع العسكري الذي كان سائدًا في المنطقة منذ هجرة المسلمين إلى يثرب، الذي كان نتيجة للحرب البيزنطية الساسانية الأخيرة؛ فقد انهارت دولة الفرس بصفة كبيرة، وكثُرت خلافاتها الداخلية، وانشغلت عن العرب وما يحدث في أرضهم.
وأيضًا كانت بيزنطة منشغلة بشؤونها الداخلية؛ لإعادة بناء الدولة والجيش، وكل مؤسسات الحكم التي ضعُفت بصفة خطيرة، وكادت الإمبراطورية البيزنطية أن تنهار نهائيًّا، كان الإمبراطور هرقل (Flavius Héraclius Augustus) منشغلًا بترميم الجبهة الداخلية، ولا يمكنه أن يخوض حربًا، مهما كانت سهولة الانتصار فيها.
ويرى بيتلر أن هرقل لم يَرَ في القوة الناشئة في جزيرة العرب ما يهدد ملكه[8]، بينما يرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يراقب الحرب الأخيرة بين الفرس والبيزنطيين، وينتظر نتائجها، وتضعضع قوة الغالب والمغلوب منهما[9].
وقد هيَّأت كل هذه الظروف الإقليمية المناخ اللازم لصلح الحديبية، ونشر الدعوة للإسلام، وتوحيد الجزيرة العربية تحت رايته، ولا أعتقد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يحتمل تدخلًا أجنبيًّا ضد الدولة الإسلامية، ولكنه كان يعرف أن الوضع الإقليمي لا يسمح بذلك، بل هو ملائم للمُضِيِّ قُدُمًا في توحيد الصف العربي تحت راية الإسلام، والاهتمام بمثل هذا الاحتمال ينضوي مباشرة تحت التخطيط الإستراتيجي الشامل، ويعتبر استباقًا للمخاطر ودراستها، والاستعداد لمواجهتها، واغتنام الفرص المتاحة لتنفيذ مقاصد الخطة الإستراتيجية، وكان هذا الوضع الإقليمي فرصة ذهبية، أحسنت القيادة الإسلامية استثمارها لصالحها، وقد تمثَّل هذا الاستعداد والاستثمار بكل وضوح في القضاء على خيبر؛ لفتح الطريق نحو الشام، وتسهيل دخول الجيش الإسلامي إلى الحدود الجنوبية للدولة البيزنطية، إذا لزم الأمر.
ورغم ملاءمة الظرف الدولي والمحلي لأهداف مشروع الإسلام، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفكر وقتها في الغزو العسكري المباشر لمكةَ وضمها نهائيًّا إلى الدولة الإسلامية، بل كان يبحث عن السلام والاستقرار، ويأمُل أن تنضم إليه مكة طواعية دون قتال، من أجل هذا الهدف، وبعد دراسة الوضع الإستراتيجي المحيط بمكة؛ قام صلى الله عليه وسلم بمبادرة خطيرة، ولكنها محسوبة بدقة.
4- المرحلة الرابعة: الصلح:
قرر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى مكة للعمرة في ذي القعدة من سنة 6 للهجرة في 1400 مسلم، حسب إجماع رواة السيرة[10]، وكان يعرف أن قريشًا يمكن أن تمنعه من دخول مكة بالقوة العسكرية، ولكن الظرف المحلي والعربي والإقليمي لا يسمح لها بذلك، وليس من صالحها، فقد أصبحت محاصَرة في تجارتها؛ أي في وجودها، حتى صداقاتها الإقليمية لن تنفعها بشيء؛ نظرًا لتدهور الأوضاع في بيزنطة والدولة الساسانية، وانشغالهما بمشاكلهما الداخلية العويصة، وتمثلت خطورة المبادرة في عدم حمل السلاح وعدة الحرب، وكل ما حملوه سيف المسافر الذي لا يغني كثيرًا في الصدام العسكري، وقد حسب صلى الله عليه وسلم الموقف بدقة؛ فقد خرج في شهر تعظمه العرب وهو شهر حرام لا قتال فيه (ذي القعدة)، وكان قاصدًا مكة؛ المدينة المحرَّمة التي يعظمها كل العرب أيضًا، خرج إذًا في زمن حرام وإلى مكان حرام، وكان يعرف أن قريشًا لا تريد قتالًا في مكة أو حولها، وعلى علمٍ بأن حلفاءها تناقصوا، حتى الذين بقوا على حلفهم معها، لم يعودوا بنفس الحماس.
كانت قافلة المعتمرين المسلمين، وهي تسلك الطريق الدولي الرابط بين مكة والمدينة، تبعث الرسائل السِّلمية عبر القبائل التي تمر بها، فقد كانوا بزيِّ الإحرام، ويسوقون أمامهم الهَدْيَ من غنم وبعير، وكانت القبائل ترى هذا المشهد لأول مرة، وتنبهر به، وتعجب مما تغير في يثرب، حتى يخرجوا إلى العمرة بهذا العدد، وهذا الأسلوب، وهذه التلبية التي لا تذكر الأصنام في نصها، وكانوا يتساءلون أيضًا: كيف ستستقبلهم قريش وحلفاؤها، وهم في حالة حرب معهم؟ ومن الأكيد كانت أخبار المعتمرين تسبقهم إلى القرى والأرياف قبل أن يصِلوها، وكانت المواقف من هذا المشهد الجديد متنوعة، هل جاؤوا لحرب أم لسِلْمٍ؟ غير أن رسائل السلم أقوى من رسائل الحرب، ووصلت أخبارهم أيضًا إلى قريش، وعرفوا أن المسلمين جاؤوا للعمرة، وبأسلوبهم لا بالأسلوب المعتاد عند المشركين، جاؤوا يوحِّدون الله وحده، ولا يذكرون آلهة قريش وأحلافها بشيء.
كانت هذه المبادرة النبوية وبهذه الطريقة محرِجة جدًّا لسلطة قريش في مكة بمضمونها وشكلها، وكان لا بد لقيادة قريش أن تتخذ موقفًا يحفظ سمعتها أمام العرب كمركز ديني وتجاري وثقافي؛ لذلك قرروا أن يمنعوا محمدًا صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم دخولَ مكةَ عَنْوَة، فجهَّزوا جيشهم في الانتظار، وأرسل صلى الله عليه وسلم أحد عيونه "بِسْرَ بْنَ سُفْيَانَ الْكَعْبِي"[11]، يستطلع له أخبار مكة، فأكد له أن قريشًا استعدت للحرب والقتال لمنع المسلمين من دخول الحرم[12]، كان قائد مشروع الإسلام يتمنى ألَّا تلتجئ قريش إلى العناد في موقفها، وأن تُخلِّيَ بينه وبين الناس، يدعوهم، ويقبلون دعوته، أو يرفضونها بكل حرية؛ وكان يقول: «إنا لم نجئ لقتال أحد، ولكنا جئنا معتمرين، وإن قريشًا أنهكتهم الحرب وأضرت بهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة، ويخلوا بيني وبين الناس، فإن أظْهَرْ وإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جمُّوا، وإن هم أبَوا، فوالذي نفسي بيده، لأقاتلنَّهم على أمري هذا، حتى تنفرد سالفتي، ولينفذنَّ الله أمره» [13] ، كان صلى الله عليه وسلم يعرف إذًا أن قوة قريش قد ضعفت كثيرًا، وأنها لا تحبِّذ حربه، ولما حل الركب بالحديبية، أرسل إليهم عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ وقال له: «اذهب إلى قريش فأخبرهم أنَّا لم نأتِ لقتال أحد، وإنما جئنا زوارًا لهذا البيت، معظِّمين لحرمته، معنا الهَدْيُ ننحره وننصرف» [14].
وكان هدفه صلى الله عليه وسلم من هذا التمسك الواضح بالحل السلمي مع قريش وأحلافها عدم إراقة الدماء، وفي الحرم خصوصًا، والبحث عن اعتراف أقوى قبائل العرب بالدولة الجديدة، إما استسلامًا، أو إسلامًا، أو مهادنة؛ فقد أرسلت قريش ثمانين فارسًا لمباغتة المسلمين وغزوهم، فوقع أسرهم دون قتلهم؛ لهذا أُرسِل عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ ليؤكد هذه النوايا السلمية تجاه قومه، فبدأت قريش تطمئن إلى سلميته صلى الله عليه وسلم، ودخلت معه في مفاوضات طويلة عبر إرسالها عدة مفاوضين، وكان صلى الله عليه وسلم في مفاوضاته معهم يتجنب الصدام، ويتنازل لهم عند بعض شروطهم التي لا تخل بمضمون رسالة الإسلام.
وحسب علوم الإدارة العصرية وبالأخص علم التفاوض، استعمل النبي محمد صلى الله عليه وسلم إستراتيجية تجنب النزاع، وقد كان همُّه خلال مفاوضات الحديبية توحيد الصف العربي تحت راية الدولة الإسلامية، وتتلخص إستراتيجية تجنب النزاع عنده في النقاط الآتية:
• الخروج بدون سلاح الحرب وبالهدي؛ لإظهار نية العمرة دون القتال.
• استعراض القوة دون الرد على استفزازات قريش القتالية.
• وضع قوة الخصم وإمكانياته العسكرية، وكونه على أرضه في احتمالات الصدام العسكري؛ ومن ثَمَّ تجنبه.
• تعظيم حرمة المكان والزمان (مكة في ذي القعدة).
• إعطاء قيمة لصلة الرحم.
• تقديم الصلح على القتال من أجل مكاسبَ أهمَّ وأكبر.
• حسن إدارة التواصل مع العدو، وضبط النفس، مقابل إستراتيجية النزاع والصدام عند قريش[15].
ولما تأكدت لقريش نوايا المسلمين السلمية، بدأت تبحث معهم عن حل سلميٍّ يبعدهم جميعًا عن المواجهة العسكرية، وقد اقتنع المفاوضون بهذه الدعوة السلمية، ونقلوا حيثياتها إلى رؤوس قريش، الذين رفضوا رفضًا باتًّا دخول المسلمين مكة، ولو بنية العمرة فقط؛ لأنهم اعتبروا ذلك مسًّا بكرامتهم ورئاستهم للعرب، وكان آخر المفاوضين القرشيين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو[16]، فقد أرسلته قريش وطلبت منه أن يصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يعود بعد سنة للاعتمار، وقبِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الشرط، كان همه أن يحصل على هدنة مع قريش:
• لإجبارها على الاعتراف بالدولة الإسلامية؛ لأن المعاهدات تخدم هذا الهدف.
• للاهتمام بنشر الدعوة في الجزيرة العربية وخارجها: فقد أرسل رسائل إلى بعض الأمراء والملوك؛ يدعوهم للإسلام مباشرة بعد صلح الحديبية؛ مثل: المقوقس الوالي البيزنطي على مصر، وهرقل إمبراطور بيزنطة، وكسرى ملك فارس، والمنذر بن ساوى أمير البحرين، وهوذة الحنفي أمير اليمامة، والأقيال العباهلة ملوك حضرموت، وجَيْفر وعبَّاد ابني الجلندي ملكي عمان، والحارث الحميري حاكم اليمن، والحارث الغساني أمير الغساسنة.
• للتفرغ لحرب اليهود في خيبر، وتحرير طريق الشام، وقطع تحالفهم مع قريش، وتحريضهم ضد المسلمين، فبعد رجوعه من الحديبية إلى المدينة بعشرين يومًا[17] فقط توجه جيش الدولة الإسلامية إلى خيبر، وحاصر حصونها حصنًا حصنًا حتى سقطت[18]؛ وبذلك تحررت الطريق الدولية بين المدينة والشام، وانقطع الحبل الذي يربط بين قريش وخيبر، وتفكَّك حِلْفُ الأحزاب الذي هاجم المدينة في غزوة الخندق، وهذا أكبر دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى أنه لا بد من تحرير الطريق الرابطة بين الشام والمدينة من يهود خيبر؛ للخروج بالمشروع من حدود الجزيرة العربية.
• لإدخال الرهبة في صفوف أعداء الدولة.
• للاستعداد لفتح مكة نهائيًّا في صورة استحالة ضمها سلميًّا إلى الدولة الإسلامية.
5- المرحلة الخامسة: التنازل لكسب نتائج تفاوضية أهم:
أثناء هذه المفاوضات تنازل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمفاوضي قريش عن عدة أمور؛ منها ذكر "بسم الله الرحمن الرحيم"، و"هذا من محمد رسول الله" في نص الاتفاقية، ورضي أيضًا بأن يعيد لقريش كل مسلم فارٍّ من مكة إلى المدينة، وألَّا يعيدوا هم كل مشرك فارٍّ من المدينة إلى مكة[19]، وهذا نص صلح الحديبية (6 هجرية).
وقد عظم التنازل في نفوس المسلمين؛ لأنهم لم يجدوا له مبررات مقنعة، ولكنه صلى الله عليه وسلم وهو يتفاوض مع المشركين كان ينظر إلى أبعد من الظرف الذي يتفاوض فيه، كان يخطط لنشر المشروع خارج حدود الجزيرة العربية، ويرى فارس وبيزنطة داخل أرض الإسلام، كان تفكيره على المدى البعيد الإستراتيجي، قريش كانت تريد أن تتفاخر بتنازلات الرسول صلى الله عليه وسلم لها؛ حتى تحافظ على سمعتها أمام بعض القبائل التي ما زالت متحالفة معها، أما هو فكان يفتح حدود الدولة الإسلامية على العالم، وعلى ثقافات لا عهدَ لقريش والمسلمين بها، كان تفكير قريش محليًّا ضيقًا، في حين كان تفكير رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاصديًّا عالميًّا مفتوحًا، لا يرى لمشروعه حدودًا تحده لا في المكان، ولا في الزمان، وكان قبل ذلك والمسلمون يحفرون الخندق لحماية المدينة من قريش وأحلافها في غزوة الأحزاب يخطط لفتح فارس والشام وغيرها، ويبشر المسلمين بذلك، وقد تم فتح الشام وفارس في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أما اليمن فقد أقبلت على الإسلام دون قتال[20].
وبفتح خيبر عُزلت مكة نهائيًّا، وتشتت أغلب حلفائها، وأصبحت سهلة المنال، وأصبح أيضًا من الممكن ضمها إلى الدولة الإسلامية دون قتال، بل استسلامًا وإسلامًا، وهذا ما كان يريده رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخطط له؛ فقد فُتحت مكة منذ اللحظات الأولى التي أُبرم فيها صلح الحديبية.
مراحل فتح مكة:
والحوادث بعد ذلك أثبتت البعد الإستراتيجي المقاصدي لنظرة رسول الله صلى الله عليه وسلم للواقع، وتوظيفه لبناء المستقبل، ولا أدلَّ على هذه النظرة من اختصار الهدنة بين قريش والمسلمين إلى سنتين عوضًا عن ثمانٍ، وعودتهم إلى مكة لفتحها نهائيًّا في عشرة آلاف مقاتل، عوضًا عن ألف وأربعمائة.
وفي إطار تنزيل هذه الخطة التنفيذية، وقعت حادثة غير منتظرة في حد ذاتها، ولكن مثلها محتمل؛ تمثلت هذه الحادثة في قتل مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه، إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك بُصرى والجولان (الشام)، حليف قيصر الروم، وقد قتله ابن الحارث الغساني نفسه[21]، هذه الحادثة دفعت القيادة الإسلامية إلى أن تقوم بالرد عليها، فكانت معركة مؤتة، وكانت قبل فتح مكة، في السنة الثامنة للهجرة؛ أي: الثانية بعد صلح الحديبية[22].
ويمثل هذا الإجراء الخارج عن الخطة الأصلية لفتح مكة دليلًا على مرونة التخطيط عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيادة الدولة، وهو إجراء يدخل ضمن نظريات التخطيط العصري، الذي يعتَبِر الخطة الإستراتيجية قابلة للتعديل، وإعادة النظر في كل لحظة، إذا وقع تغيير في البيئة الداخلية أو الخارجية للمنظمة، والقيادة الناجحة لا تتردد في التعديل بعد دراسة الموقف من جميع جوانبه؛ ذلك أنه من ميزات التخطيط الإستراتيجي العصري أنه ليس جامدًا، بل متحركًا تحركَ البيئة التي يتفاعل في إطارها، وهو ما يطلق عليه الإستراتيجيون "المرونة في التخطيط"، والمرونة اعتبار الفعل وردة الفعل في أثناء التنفيذ.
6- المرحلة السادسة: الفتح والضم النهائي:
كان صلح الحديبية ينص على هدنة مدة عشر سنوات بين قريش وأحلافها من جهة، والدولة الإسلامية وأحلافها من جهة أخرى، وكان من بنود الصلح أنه من أراد أن يدخل في أحد الحلفين، فلا حرج عليه، وأن القبيلة التي تنضم إلى أي من الحلفين تعتبر جزءًا منه، فأي عدوان تتعرض له يعتبر عدوانًا على الحلف الذي تنتمي له ونقضًا للمعاهدة، وحسب هذا البند دخلت خزاعة في حلف المسلمين، ودخلت بنو بكر في حلف قريش، وقد كانت بين القبيلتين عداوة قبل ذلك.
ولكن بعد صلح الحديبية في شعبان من السنة الثامنة للهجرة؛ أي: بعد سنتين من الصلح، أغار بنو بكر على خزاعة ليلًا، ونالوا منهم، وأعانتهم قريش بالسلاح، بل ومنهم من قاتل معهم، وبهذا فإن قريشًا وأحلافها نقضوا الاتفاق الذي عاهدوا عليه المسلمين، وأصبحت الدولة في حِلٍّ منه، ولها حق الرد على النقض الذي وقع، وقد علِم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحادثة في حينها؛ لأن خزاعة أرسلت من يُعْلِمه، ومن الأكيد أن في قريش من لم يرضَ عن هذه الفعلة؛ لذلك أرسلت أبا سفيان إلى المدينة؛ ليعتذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الخيانة، ويطلب تمديد الصلح، باختصار رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقابله ورفض الصحابة رضي الله عنهم التوسُّطَ له.
وقد ألحَّ أبو سفيان على مواصلة الصلح، ولكن اعترضه جدار من الرفض قوي، وعاد إلى مكة كما جاء منها[23]، وكان هذا الموقف إهانة لأبي سفيان وجلبًا لسخرية قريش منه، كيف يمكن أن نفهم هذا الرفض لتجديد الصلح؟ خصوصًا أن رسول صلى الله عليه وسلم قبِل هدنة العشر السنوات، وخطط لاستثمارها من أجل تحقيق بعض مقاصد الدولة، فهل تحققت هذه المقاصد في سنتين فقط؟ هل تغيرت خطة فتح مكة؟
عندما جاء أبو سفيان إلى المدينة لطلب تمديد الصلح كان في خوف من نشوب حرب جديدة مع الدولة الإسلامية، وهو العارف بإمكانيات نصر قريش فيها بعد تشتت حلفها، وهزيمة خيبر وغطفان، وبعد إحكام الدولة الإسلامية الحصار حولها بتحييد كثير من القبائل على طريق الإيلاف، ودليل خوفه الإلحاح الذي صدر منه لمقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم، وطلب التوسط له في ذلك، لم يكن يريد الحرب؛ لأنه يعرف أنها ليست ألبتة في صالح قريش، وأن تمديد الصلح قد يمكنهم من لملمة صفوفهم وحلفائهم، والاستعداد أكثر عسكريًّا، ويمكننا هنا أن نفترض أن المسلمين أو أحد حلفائهم نقضوا العهد، فماذا ستكون النتيجة؟ ستواصل قريش الهدنة؛ لأن الأسباب التي جعلتها تطلب مواصلة الهدنة ستجعلها تواصل فيها، رغم خرقها من طرف الحلف الإسلامي؛ لأنهم هم من طلب الهدنة في صلح الحديبية لاحتياجهم لها، والرسول صلى الله عليه وسلم أعطاهم هذه الهدنة من منطلق القوة لا الضعف، رغم أنها في صالح المسلمين أيضًا.
رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم تمديد الصلح رفضًا باتًّا[24]؛ لأنه كان ينتظر هذه الفرصة الذهبية لفتح مكة بالطريقة التي يريدها، وكان يعمل على إنضاجها منذ أمضى صلح الحديبية، والأكيد أنه كان يحتمل أن تنقض قريش أو أحد حلفائها بعض بنود الصلح، ولكنه لم يبقَ مكتوف اليدين ينتظر ذلك، بل عمِل على الاستعداد التام لجني هذه الثمرة، ولما حانت الفرصة رفض أن يضيعها، وكانت قيادة الدولة الإسلامية تعي كل هذا الضعف الذي أصاب قريشًا، وتعي أيضًا أن أغلب مقاصدها من الصلح قد تحققت في ظرف سنتين؛ لذلك قررت إدخال تعديل آخر على الخطة: فتح مكة في شهر رمضان؛ أي بعد نقض الصلح بشهر أو أقل، عوضًا عن انتظار ثماني سنوات أخرى.
تغيرت إذًا الخطة في مدتها الزمنية بصفة خاصة، وأصبحت الدولة الإسلامية أقدر على تحقيق المرحلة الأخيرة منها؛ وهي الفتح النهائي لمكة، وكانت القيادة الإسلامية تحتمل أن يقع هذا الضم دون قتال؛ نظرًا لضعف قريش وحلفائها، وهذا ما تم على أرض الواقع؛ فقد غزت الدولة الإسلامية بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعشرة آلاف جندي[25]؛ مما أرهب قريشًا وجعلها تستسلم دون كبير قتال، وتدخل في مشروع الإسلام بكثافة، وأصبحت مكة – نهائيًّا - جزءًا لا يتجزأ من إقليم الدولة الإسلامية، ولا يهمنا هنا تفاصيل الفتح؛ لأننا نتحدث في إطار تخطيط إستراتيجي عام.
الخاتمة:
• هذه الخطة هي جزء من خطة إستراتيجية أشمل مثَّلت الجزء الاجتهادي المدعوم من النص القرآني، وهي - من ثَمَّ - صناعة بشرية تتيح للقيادات الإسلامية بناء الدولة حسب الظرف والحال المتاحين، ويعني ذلك أن كل ظرف وحال لهما خطة أو خطط إستراتيجية مقاصدية، تتميز عن غيرها من الخطط الإسلامية، وتلتقي معها في الصفة الإسلامية فقط.
• هذا الموضوع يحتاج بحثًا ذا عمق أكبر، ودراسة لكل جوانبه النظرية والتطبيقية، وهذا ممكن إذا تناولناه بمقاربة إدارية إستراتيجية.
[1] البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب، وكتابة الشروط 3 /193، حديث رقم: 2731.
[2] الأحابيش حلفاء قريش السياسيون والمدافعون عنهم في المعارك؛ وهم خزاعة، وبنو بكر، وغطفان وغيرهم؛ [انظر: تاريخ الإسلام العام لعلي إبراهيم حسن، ص: 111 و112].
[3] انظر: ابن هشام، سيرة، 2 /212.
[4] طُردوا من المدينة في ذي القعدة سنة خمس للهجرة؛ [انظر: الكامل، الجزء الثاني، ص 69، والبداية والنهاية، الجزء الرابع، ص 105].
[5] طُردوا من المدينة في ربيع الأول سنة أربع للهجرة؛ [انظر: تاريخ الرسل والملوك، 2/ 83].
[6] طُردوا من المدينة في شوال من السنة الثانية للهجرة؛ [انظر: تاريخ الرسل والملوك، الجزء الثاني، ص 48، والبداية والنهاية، الجزء الرابع، ص 4].
[7] أمين (أحمد)، فجر الإسلام، منظمة هنداوي للتعليم والثقافة، ص 22.
[8] انظر: بيتلر (جورج)، فتح العرب لمصر، مكتبة مدبولي، القاهرة، الطبعة الثانية، 1996 م، ص 189، كتاب فتح العرب لمصر، ألفريد بتلر PDF - مكتبة نور (noor-book.com).
[9] انظر: بيتلر، ن، م، ص 175.
[10] طبقات ابن سعد 2 /91، والكامل في التاريخ 2 /86، وسير أعلام النبلاء ص 363.
[11] بشر بن سفيان بن عمرو بن عويمر بن صرمة بن عبدالله بن قمير بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة، وهو لحي، الخزاعي الكعبي، أسلم سنة ست من الهجرة، وشهد الحديبية مع رَسُول اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلمَ الثلاثة؛ [أسد الغابة، 1 /378].
[12] انظر: البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط 3/193، حديث رقم: 2731.
[13] البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط 3 /193، حديث رقم: 2731.
[14] الواقدي (أبو عبدالله محمد)، كتاب المغازي، موقع culture d'Islam، غزوة الحديبية، ص 313.
[15] انظر: ابن هشام، سيرة، 2 /311.
[16] سهيل بن عمرو بن عبدشمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي العامري، أحد أشراف قريش وعقلائهم وخطبائهم وساداتهم، أُسِرَ يوم بدر كافرًا، وأسلم يوم الفتح، خرج سهيل بأهل بيته إلا ابنته هندًا إلى الشام مجاهدًا، فماتوا هناك؛ [أسد الغابة 2/585].
[17] انظر: تاريخ الرسل والملوك 2/ 139، البداية والنهاية 4/ 181.
[18] انظر: فتوح البلدان للبلاذري، ص 29 و30.
[19] انظر: البخاري، الجامع الصحيح،كتاب الشروط باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط 3 /193، حديث رقم: 2731.
[20] ن، م، 2 /219، رسم بياني عدد 43، ملخص خطة ضم مكة للدولة الإسلامي.
[21] انظر: ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، 1/ 682.
[22] انظر: مغازي الذهبي، ص 354-358، وطبقات ابن سعد، 2/ 83.
[23] انظر: ابن هشام، سيرة، 2 /396.
[24] انظر: ابن القيم، زاد المعاد، 3/ 396 نقلًا عن ابن هشام.
[25] انظر: البخاري، الجامع الصحيح،كتاب المغازي باب غزوة الفتح في رمضان، 5 /146، حديث رقم: 4276.