22-02-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
وإذا أردنا أن نزيد من الشعر بيتا كما يقال, فإن ظهور كتاب "الإسلاموفوبي والتمييز" للكاتبة المتخصصة في علم الاجتماع "أينكه فاندر فالك" يؤكد هذه السياسة الغربية العنصرية , حيث أكدت وقوع مئات من حوادث الاعتداء وممارسة العنف ضد المجتمع الإسلامي ومؤسساته، مشيرة إلى إفلات الجناة غالبا من العقاب.


"من فمك أدينك" عبارة ومثل يعبر عن إدانة الخصم والعدو من اعترافاته وكلامه, زيادة في تأكيد التهمة وإثباتها عليه, وهو ما ينطبق على ما يمارسه الغرب من عنصرية واضطهاد واضح وظاهر ضد المسلمين هناك, مما بات يعرف "بالإسلاموفوبيا" .
فرغم تأكيد تقرير صادر عن "اللجنة الأوربية لمكافحة العنصرية والتعصب" على تنامي وتزايد ظاهرة الإسلاموفوبيا بشكل غير مسبوق في هولندا منذ عام 2000م, وتحميلها الحكومة ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية المسؤولية الأولى عن ذلك, -وخاصة اليمين المتطرف- ومطالبتها باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من هذه الظاهرة, إلا أن الواقع يشهد بمزيد من تنامي هذه الظاهرة في هولندا حتى الآن.
وقد أشار التقرير أن معظم أفراد الأقلية المسلمة في هولندا يعانون في حياتهم اليومية من أشكال التمييز العنصري في المدارس وأماكن العمل والمواصلات العامة وحتى في المباريات الرياضية، إضافة إلى السباب في الشوارع و علو نبرة المعاداة للأقلية المسلمة في الخطاب العام عبر وسائل الإعلام والمناظرات السياسية.
وإذا أردنا أن نزيد من الشعر بيتا كما يقال, فإن ظهور كتاب "الإسلاموفوبي والتمييز" للكاتبة المتخصصة في علم الاجتماع "أينكه فاندر فالك" يؤكد هذه السياسة الغربية العنصرية , حيث أكدت وقوع مئات من حوادث الاعتداء وممارسة العنف ضد المجتمع الإسلامي ومؤسساته، مشيرة إلى إفلات الجناة غالبا من العقاب.
كما أشارت الكاتبة إلى أن هولندا تعد من أكبر الدول ممارسة للعنصرية والتمييز ضد المسلمين, وقد دللت على ذلك بإحصائية تتحدث عن عدد الحوادث التي شهدتها مساجد هولندا بين عامي 2005 – 2010 م, والتي بلغت 117 حادثة, في مقابل 42 حادثة في الولايات المتحدة الأمريكية بنفس الفترة.
وإذا انتقلنا لاعترافات السياسيين والمسؤولين بتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في هولندا فهي كثيرة, فقد أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الاجتماعية في حكومة رئيس الوزراء "مارك روتا" الثانية بوجود حالة من العنصرية ومظاهر الإسلاموفبيا، ودعا في برنامج على القناة الثانية الهولندية إلى ضرورة التصدي للاستفزازات وكل ما يمس التعايش الاجتماعي.
وعن أسباب تنامي ظاهرة نشر للكراهية والإسلاموفوبيا في هولندا اعتبر البرلماني السابق عن حزب الخضر محمد الرباع أن من أهم أسبابه الحكومة نفسها, مضيفا أن التحالف -الذي تم بين حكومة روتا الأولى واليميني المتطرف خيرت فيلدرز- سهل تمرير العديد من الإجراءات المشجعة للعداء للأجانب والمسلمين خصوصا, كما أن الحكومة السابقة ساهمت في تعكير الوضع، والجديدة لا تفعل شيء للتدارك.
ومن الأسباب أيضا: تبرئة "فيلدرز" من تهم نشر الكراهية والتفرقة والاعتداء على مجموعة من المواطنين, والذي اعتبرته محامية ضحايا هذه القضية "تيس براكن" من أهم الأسباب التي أسهمت إلى حد كبير في تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا والاعتداء على المسلمين تحت مسمى حرية الرأي والتعبير وانتصارا للديمقراطية.
يشار إلى أن المحكمة كانت قد برأت في يونيو/حزيران 2011 "خيرت فيلدرز" من تهم الدعوة للكراهية والتفرقة وإهانة مجموعة من المواطنين، واعتبر قاضي المحكمة أن تصريحات فيلدرز "وقحة ومسيئة، ولكنها لا تدعو للكراهية أو العنصرية.
وبينت "براكن" أن المحكمة تغافلت "عن حق الأقليات في الحماية تحت مظلة الحرية للسياسيين، وكان عليها أن تأخذ بمبدأ حق المواطنين جميعا في الحماية".
وفي محاولة لمقاومة هذا المد العنصري المتزايد في هولندا ضد المسلمين, تحركت مؤسسات وشخصيات هولندية مسلمة وغير مسلمة للضغط على المؤسسات التشريعية والتنفيذية في هولندا من أجل سن قانون يحمي الأقليات ومقدساتها من الاعتداءات العنصرية المتنامية, فبينما يجرم القانون الهولندي صراحة الاعتداء على السامية والمثلية الجنسية، يخلو من أي قانون يردع حملات التخويف من الإسلام!!
وتهدف الحملة -التي تتزامن مع الانتخابات البلدية التي من المفترض أن تجري في منتصف مارس/آذار القادم- إلى التصدي لحملة اليمين المتطرف، والهادفة إلى نشر الخوف لدى الهولنديين من الإسلام والمسلمين والمهاجرين بصفة عامة.
وفي هذا الصدد يقول "دانيال فانبور" من مركز عنصرية الإنترنت: إن المركز يتلقى الكثير من البلاغات عن مقاطع عنصرية ضد المسلمين على الشبكة العنكبوتية, وبين أن تسعة من أصل عشرة تعليقات يتم حذفها بعد تنبيه القائمين على المواقع بها، واعتبر أن عدم وجود قانون واضح يمنع الإسلاموفوبيا يصعب مهمة مقاومتها.
وعن قلة شكاوى المسلمين بخصوص هذه الاعتداءات قالت "مارلين بوسمان" العاملة في مركز مقاومة العنصرية: إن المركز لا يتلقى إلا القليل من الشكاوى (حوالي 5% فقط يتم الإعلان عنها)، الأمر الذي أكده مدير رابطة التواصل بين المسلمين والحكومة في هولندا "أبو بكر أوزتوريه" , عازيا أسباب ذلك إلى يقينهم بانعدام النتيجة من هذا البلاغ .
ومع وضوح العلاج والحل للحد من تنامي هذه الظاهرة, من خلال سن بعض القوانين التي تجرم نشر الكراهية والعنصرية ضد المسلمين -أسوة بتجريم الاعتداء على السامية مثلا- والتي يطالب بها الكثيرون في هولندا, إلا أن الظاهر أن الحكومات المتعاقبة لا تريد أن تحد من هذه الظاهرة أصلا, بل ربما تسعى بالخفاء لدعمها وزيادتها!!