تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 54

الموضوع: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (21)
    من صـــ 203 الى صـــ 209

    بصيرة فى.. ألمص
    هذه السورة نزلت بمكة إجماعا.

    وعدد آياتها مائتان وست آيات فى عد قراء كوفة والحجاز، وخمس فى عد الشام والبصرة.
    وكلماتها ثلاثة آلاف وثلاثمائة وخمس وعشرون كلمة. وحروفها أربعة عشر ألفا وثلاثمائة وعشرة أحرف.
    والآيات المختلف فيها خمس: المص {بدأكم تعودون} {مخلصين له الدين} {ضعفا من النار} على بنى إسرائيل.
    مجموع فواصل آياته (م ن د ل) على الدال منها آية واحدة: المص، وعلى اللام واحدة: آخرها إسرائيل.
    ولهذه السورة ثلاثة أسماء: سورة الأعراف، لاشتمالها على ذكر الأعراف فى {ونادى أصحاب الأعراف} وهى سور بين الجنة والنار. الثانى سورة الميقات؛ لاشتمالها على ذكر ميقات موسى فى قوله: {ولما جآء موسى لميقاتنا} . الثالث سورة الميثاق؛ لاشتمالها على حديث الميثاق فى قوله: {ألست بربكم قالوا بلى} وأشهرها الأعراف.
    مقصود السورة على سبيل الإجمال: تسلية النبى صلى الله عليه وسلم فى تكذيب الكفار إياه (و) ذكر وزن الأعمال يوم القيامة، وذكر خلق آدم، وإباء إبليس من السجدة لآدم، ووسوسته لهما لأكل الشجرة، وتحذير بنى آدم من قبول وسوسته، والأمر باتخاذ الزينة، وستر العورة فى وقت الصلاة، والرد على المكذبين، وتحريم الفواحش ظاهرا وباطنا، وبيان مذلة الكفار فى النار، ومناظرة بعضهم بعضا، ويأسهم من دخول الجنة، وذكر المنادى بين الجنة والنار، ونداء أصحاب الأعراف لكلا الفريقين وتمنيهم الرجوع إلى الدنيا، وحجة التوحيد، والبرهان على ذات الله تعالى وصفاته، وقصة نوح والطوفان، وذكر هود وهلاك عاد، وحديث صالح وقهر ثمود، وخبر لوط وقومه، وخبر شعيب وأهل مدين، وتخويف الآمنين من مكر الله، وتفصيل أحوال موسى (وفرعون والسحرة، واستغاثة بنى إسرائيل، وذكر الآيات المفصلات، وحديث خلافة هارون، وميقات موسى) ، وقصة عجل السامرى فى غيبة موسى و (رجوع موسى) إلى قومه، ومخاطبته لأخيه هارون، وذكر النبى الأمى العربى صلى الله عليه وسلم، والإشارة إلى ذكر الأسباط، وقصة أصحاب السبت، وأهل أيلة، وذم علماء أهل الكتاب، وحديث الميثاق ومعاهدة الله تعالى الذرية وطرد بلعام بسبب ميله إلى الدنيا، [و] نصيب جهنم من الجن والإنس، وتخويف العباد بقرب يوم القيامة، وإخفاء علمه على العالمين، وحديث صحبة آدم وحواء فى أول الحال، وذم الأصنام وعبادها وأمر الرسول بمكارم الأخلاق، وأمر الخلائق بالإنصات والاستماع لقراءة القرآن، وخطبة الخطباء يوم الجمعة، والإخبار عن خضوع الملائكة فى الملكوت، وانقيادهم بحضرة الجلال فى قوله: {يسبحونه وله يسجدون} .

    المتشابهات:

    قوله: {ما منعك} هنا، وفى ص {ياإبليس ما منعك} وفى الحجر {قال ياإبليس مالك} بزيادة {ياإبليس} فى السورتين؛ لأن خطابه قرب من ذكره فى هذه السورة وهو قوله: {إلا إبليس لم يكن من الساجدين قال ما منعك} فحسن حذف النداء والمنادى، ولم يقرب فى ص قربه منه فى هذه السورة؛ لأن فى ص {إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين} بزيادة {استكبر} فزاد حرف النداء والمنادى، فقال: {ياإبليس ما منعك} وكذلك فى الحجر فإن فيها {إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين} بزيادة (أبى) فزاد حرف النداء والمنادى فقال {ياإبليس مالك} .
    قوله: {ألا تسجد} وفى ص {أن تسجد} وفى الحجر {ألا تكون} فزاد فى هذه السورة (لا) . وللمفسرين فى (لا) أقوال: قال بعضهم: (لا) صلة كما فى قوله: {لئلا يعلم} . وقال بعضهم: الممنوع من الشىء مضطر إلى خلاف ما منع منه. وقال بعضهم: معناه: من قال لك: لا تسجد. وقد ذكر فى مطولات مبسوطة. والذى يليق بهذا الموضع ذكر السبب الذى خص هذه السورة بزيادة (لا) دون السورتين. قال تاج القراء: لما حذف منها (يا إبليس) واقتصر على الخطاب جمع بين لفظ المنع ولفظ (لا) زيادة فى النفى، وإعلاما أن المخاطب به إبليس؛ خلافا للسورتين؛ فإنه صرح فيهما باسمه. وإن شئت قلت: جمع فى هذه السورة بين ما فى ص والحجر، فقال: ما منعك أن تسجد، مالك ألا تسجد، وحذف (مالك) لدلالة (الحال ودلالة) السورتين عليه، فبقى: ما منعك ألا تسجد. وهذه لطيفة فاحفظها.
    قوله: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} ، وفى ص مثله. وقال فى الحجر: {لم أكن لأسجد لبشر} فجاء على لفظ آخر، لأن السؤال فى الأعراف وص: ما منعك، فلما اتفق السؤال اتفق الجواب، وهو قوله: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} ، ولما زاد فى الحجر لفظ الكون فى السؤال وهو قوله {مالك ألا تكون مع الساجدين} زاد فى الجواب أيضا لفظ الكون فقال: {لم أكن لأسجد لبشر} .
    قوله: {أنظرني إلى يوم يبعثون} وفى الحجر وفى ص {رب فأنظرنى} لأنه سبحانه لما اقتصر فى السؤال على الخطاب دون صريح الاسم فى هذه السورة، اقتصر فى الجواب أيضا على الخطاب، دون ذكر المنادى. وأما زيادة الفاء فى السورتين دون هذه السورة فلأن داعية الفاء ما تضمنه النداء من أدعو أو أنادى؛ نحو قوله: {ربنا فاغفر لنا} أى أدعوك، وكذلك داعية الواو فى قوله: {ربنا وآتنا} فحذف المنادى، فلما حذفه انحذفت الفاء.
    قوله: {إنك من المنظرين} هنا، وفى السورتين (فإنك) ؛ لأن الجواب يبنى على السؤال، ولما خلا السؤال فى هذه السورة عن الفاء خلا الجواب عنه، ولما ثبت الفاء فى السؤال فى السورتين ثبتت فى الجواب، والجواب فى السور الثلاث إجابة، وليس باستجابة.
    قوله: {فبمآ أغويتني} فى هذه السورة وفى ص {فبعزتك لأغوينهم} ، وفى الحجر: {رب بمآ أغويتني} لأن ما فى هذه السورة موافق لما قبله فى الاقتصار على الخطاب دون النداء، وما فى الحجر موافق لما قبله من مطابقة النداء، وزاد فى هذه السورة الفاء التى هى للعطف ليكون الثانى مربوطا بالأول، ولم يدخل فى الحجر، فاكتفى بمطابقة النداء (لامتناع النداء) منه؛ لأنه ليس بالذى يستدعيه النداء؛ فإن ذلك يقع مع السؤال والطلب، وهذا قسم عند أكثرهم بدليل ما فى ص، وخبر عند بعضهم. والذى فى ص على قياس ما فى الأعراف دون الحجر؛ لأن موافقتهما أكثر على ما سبق، فقال: {فبعزتك} وهو قسم عند الجميع، ومعنى {بما أغويتني} يئول إلى معنى {فبعزتك} والله أعلم. وهذا الفصل فى هذه السورة برهان لامع. وسأل الخطيب نفسه عن هذه المسائل، فأجاب عنها، وقال: إن اقتصاص ما مضى إذا لم يقصد به أداء الألفاظ بعينها، كان اتفاقها واختلافها سواء إذا أدى المعنى المقصود، وهذا جواب حسن إن رضيت به كفيت مؤنة السهر إلى السحر.
    قوله: {قال اخرج منها مذءوما مدحورا} ليس فى القرآن غيره؛ لأنه سبحانه لما بالغ فى الحكاية عنه بقوله: {لأقعدن لهم} الآية بالغ فى ذمه فقال: اخرج منها مذءوما مدحورا، والذأم أشد الذم.
    قوله: (فكلا) سبق فى البقرة. قوله: {ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم} بالفاء [حيث] وقع إلا فى يونس، فإنه جملة عطفت على جملة بينهما اتصال وتعقيب، وكان الموضع لائقا بالفاء، وما فى يونس يأتى فى موضعه.
    قوله: {وهم بالآخرة كافرون} ما فى هذه السورة جاء على القياس، وتقديره: وهم كافرون بالآخرة، فقدم (بالآخرة) تصحيحا لفواصل الآية، وفى هود لما تقدم {هاؤلاء الذين كذبوا على ربهم} ثم قال: {ألا لعنة الله على الظالمين} ولم يقل (عليهم) والقياس ذلك التبس أنهم هم أم غيرهم، فكرر وقال: {وهم بالآخرة هم كافرون} ليعلم أنهم هم المذكورون لا غيرهم، وليس (هم) هنا للتأكيد كما زعم بعضهم؛ لأن ذلك يزاد مع الألف واللام، ملفوظا أومقدرا.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (22)
    من صـــ 210 الى صـــ 216


    قوله: {وهو الذي يرسل الرياح} هنا، وفى الروم بلفظ المستقبل وفى الفرقان وفاطر بلفظ الماضى، لأن ما قبلها فى هذه السورة ذكر الخوف والطمع، وهو قوله: {وادعوه خوفا وطمعا} وهما يكونان فى المستقبل لا غير، فكان (يرسل) بلفظ المستقبل أشبه بما قبله، وفى الروم قبله {ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري الفلك بأمره} فجاء بلفظ المستقبل ليوافق ما قبله.
    وأما فى الفرقان فإن قبله {كيف مد الظل} الآية (وبعد الآية) (وهو الذى جعل لكم [ومرج وخلق] وكان الماضى أليق به. وفى فاطر مبنى على أول السورة {الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا} وهما بمعنى الماضى، فبنى على ذلك (أرسل) بلفظ الماضى؛ ليكون الكل على مقتضى اللفظ الذى خص به.
    قوله: {لقد أرسلنا نوحا} هنا بغير واو، وفى هود والمؤمنين (ولقد) بالواو؛ لأنه لم يتقدم فى هذه السورة ذكر رسول فيكون هذا عطفا عليه، بل هو استئناف كلام.
    وفى هود تقدم ذكر الرسل مرات، وفى المؤمنين تقدم ذكر نوح ضمنا؛ لقوله {وعلى الفلك تحملون} ؛ لأنه أول من صنع الفلك، فعطف فى السورتين بالواو.
    قوله: {أرسلنا نوحا إلى قومه فقال} بالفاء هنا، وكذا فى المؤمنين فى قصة نوح، وفى هود فى قصة نوح، {إني لكم} بغير فاء، وفى هذه السورة فى قصة عاد بغير فاء؛ لأن إصبات الفاء هو الأصل، وتقديره أرسلنا نوحا فجاء فقال، فكان فى هذه السورة والمؤمنين على ما يوجبه اللفظ. وأما فى هود فالتقدير: فقال إنى فأضمر ذلك قال، فأضمر معه الفاء. وهذا كما قلنا فى قوله: {فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم} أى فقال لهم: أكفرتم، فأضمر القول والفاء معا وأما فى قصة عاد فالتقدير: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا فقال، فأضمر أرسلنا، وأضمر الفاء؛ لأن الفاء لفظ (أرسلنا) .
    قوله: {قال الملأ} بغير واو فى قصة نوح وهود فى هذه السورة، وفى هود والمؤمنين (فقال) بالفاء، لأن ما فى هذه السورة فى القصتين لا يليق بالجواب وهو قولهم لنوح {إنا لنراك في ظلال مبين} وقولهم لهود {إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين} بخلاف السورتين، فإنهم أجابوا فيهما بما زعموا أنه جواب.
    قوله: {أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم} فى قصة نوح وقال فى قصة هود {وأنا لكم ناصح أمين} لأن ما فى هذه الآية {أبلغكم} بلفظ المستقبل، فعطف عليه {وأنصح لكم} كما فى الآية الأخرى {لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم} فعطف الماضى (على الماضى) ، فكن فى قصة هود قابل باسم الفاعل قولهم له {وإنا لنظنك من الكاذبين} ليقابل الاسم بالاسم.
    قوله: {أبلغكم} فى قصة نوح وهود بلفظ المستقبل وفى قصة صالح وشعيب {أبلغتكم} بلفظ الماضى، لأن [ما] فى قصة نوح وهود وقع فى ابتداء الرسالة، و [ما] فى قصة صالح وشعيب وقع فى آخر الرسالة، ودنو العذاب.
    قوله: {رسالات ربي} فى القصص إلا فى قصة صالح؛ فإن فيها (رسالة) على الواحدة لأنه سبحانه حكى عنهم بعد الإيمان بالله والتقوى أشياء أمروا بها إلا فى قصة صالح؛ فإن فيها ذكر الناقة فقط، فصار كأنه رسالة واحدة. وقوله: {برسالاتي وبكلامي} مختلف فيهما.
    قوله: {فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنآ} وفى يونس {فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك} لأن أنجينا ونجينا للتعدى، لكن التشديد يدل على الكثرة والمبالغة، وكان فى يونس {ومن معه} ولفظ (من) يقع على أكثر مما يقع عليه (الذين) لأن (من) يصلح للواحد والاثنين، والجماعة، والمذكر، والمؤنث، بخلاف الذين فإنه لجمع المذكر فحسب، وكان التشديد مع (من) أليق.
    قوله: {ولا تمسوها بسواء فيأخذكم عذاب أليم} وفى هود، {ولا تمسوها بسواء فيأخذكم عذاب قريب} وفى الشعراء {ولا تمسوها بسواء فيأخذكم عذاب يوم عظيم} لأن فى هذه السورة بالغ فى الوعظ، فبالغ فى الوعيد، فقال: {عذاب أليم} ، وفى هود لما اتصل بقوله {تمتعوا في داركم ثلاثة أيام} وصفه بالقرب فقال: {عذاب قريب} وزاد فية الشعراء ذكر اليوم لأن قبله: {لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} والتقدير: لها شرب يوم معلوم، فختم الآية بذكر اليوم، فقال: عذاب يوم عظيم.
    قوله: {فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم} على الواحدة وقال: {وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين} حيث ذكر الرجفة وهى الزلزلة وحد الدار، وحيث ذكر الصيحة جمع؛ لأن الصيحة كانت من السماء، فبلوغها أكثر وأبلغ من الزلزلة، فاتصل كل واحد بما هو لائق به.
    قوله: {ما نزل الله بها من سلطان} وفى غيره {أنزل} لأن أفعل كما ذكرنا آنفا للتعدى، وفعل للتعدى والتكثير، فذكر فى الموضع الأول بلفظ المبالغة؛ ليجرى مجرى ذكر الجملة والتفصيل، أو ذكر الجنس والنوع، فيكون الأول كالجنس، وما سواه كالنوع.
    قوله: {وتنحتون الجبال بيوتا} فى هذه السورة، وفى غيرها {من الجبال} لأن [ما] فى هذه السورة تقدمه {من سهولها قصورا} فاكتفى بذلك.
    قوله: {وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين} وفى غيرها {فسآء مطر المنذرين} لأن ما فى هذه وافق ما بعده وهو قوله {فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} .
    قوله: {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة} بالاستفهام، وهو استفهام تقريع وتوبيخ وإنكار، وقال بعده: {أئنكم لتأتون} فزاد مع الاستفهام (إن) لأن التقريع والتوبيخ والإنكار فى الثانى أكثر.
    ومثله فى النمل: {أتأتون} وبعده أئنكم وخالف فى العنكبوت فقال: {إنكم لتأتون الفاحشة} {أئنكم لتأتون الرجال} فجمع بين أئن وأئن وذلك لموافقة آخر القصة، فإن فى الآخر {إنا منجوك} و {إنا منزلون} فتأمل فيه؛ فإنه صعب المستخرج.
    قوله: {بل أنتم قوم مسرفون} هنا بلفظ الاسم، وفى النمل {قوم تجهلون} بلفظ الفعل. أو لأن كل إسراف جهل وكل جهل إسراف، ثم ختم الآية بلفظ الاسم؛ موافقة لرءوس الآيات المتقدمة، وكلها أسماء:للعالمين، الناصحين، المرسلين، جاثمين، كافرون، مؤمنون، مفسدون. وفى النمل وافق ما قبلها من الآيات، وكلها أفعال: تبصرون، يتقون، يعملون.
    قوله: {وما كان جواب قومه} بالواو فى هذه السورة. وفى سائر السور (فما) بالفاء؛ لأن ما قبله اسم، والفاء للتعقيب، والتعقيب يكون مع الأفعال. فقال فى النمل {تجهلون فما كان} وكذلك فى العنكبوت {وتأتون في ناديكم المنكر فما كان} وفى هذه السورة {مسرفون وما كان} .
    قوله: {أخرجوهم من قريتكم} فى هذه السورة وفى النمل {أخرجوا آل لوط} ما فى هذه السورة كناية فسرها ما فى السورة التى بعدها، وهى النمل ويقال: نزلت النمل أولا، فصرح فى الأولى، وكنى فى الثانية.
    قوله: {كانت من الغابرين} (هاهنا، وفى النمل: {قدرناها من الغابرين} أى كانت فى علم الله من الغابرين) .
    قوله: {بما كذبوا من قبل} هنا وفى يونس {بما كذبوا به} لأن أول القصة هنا {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا} وفى الآية {ولاكن كذبوا} وليس بعدها الباء، فختم القصة بمثل ما بدأ به، فقال: كذبوا من قبل. وكذلك فى يونس وافق ما قبله وهو {كذبوه} {فنجيناه} ثم {كذبوا بآياتنا} فختم بمثل ذلك، فقال: {بما كذبوا به} . وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما فى حق العقلاء من التكذيب فبغير الباء؛ نحو قوله: كذبوا رسلى، وكذبوه، وغيره؛ وما فى حق غيرهم بالباء؛ نحو كذبوا بآياتنا وغيرها. وعند المحققين تقديره: فكذبوا رسلنا برد آياتنا، حيث وقع.
    قوله: {كذلك يطبع الله} ، وفى يونس {نطبع} بالنون؛ لأن فى هذه السورة قد تقدم ذكر الله سبحانه بالتصريح، والكناية، فجمع بينهما فقال: {ونطبع على قلوبهم} بالنون، وختم الآية بالتصريح فقال: {كذلك يطبع الله} وأما فى يونس فمبنى على ما قبله: من قوله: {فنجيناه} {وجعلناهم} {ثم بعثنا} بلفظ الجمع، فختم بمثله، فقال: {كذلك نطبع على قلوب المعتدين} .
    قوله: {قال الملأ من قوم فرعون إن هاذا لساحر عليم} وفى الشعراء {قال للملإ حوله} ؛ لأن التقدير فى هذه الآية: قال الملأ من قوم فرعون وفرعون بعضهم لبعض، فحذف (فرعون) لاشتمال الملأ من قوم فرعون على اسمه؛ كما قال:
    {وأغرقنا آل فرعون} أى آل فرعون وفرعون، فحذف (فرعون) ، لأن آل فرعون اشتمل على اسمه. فالقائل هو فرعون نفسه بدليل الجواب، وهو (أرجه) بلفظ التوحيد، والملأ هم المقول لهم؛ إذ ليس فى الآية مخاطبون بقوله: {يخرجكم من أرضكم} غيرهم. فتأمل فيه فإنه برهان للقرآن شاف.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (23)
    من صـــ 217 الى صـــ 223

    قوله: {يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون} وفى الشعراء {من أرضكم بسحره} لأن الآية (الأولى فى هذه السورة بنيت على الاقتصار [وليس] كذلك الآية) الثانية، ولأن لفظ الساحر يدل على السحر.
    قوله: {وأرسل} ، وفى الشعراء: {وابعث} لأن الإرسال يفيد معنى البعث، ويتضمن نوعا من العلو؛ لأنه يكون من فوق؛ فخصت هذه السورة به، لما التبس؛ ليعلم أن المخاطب به فرعون دون غيره.
    قوله: {بكل ساحر عليم} وفى الشعراء بكل {سحار} لأنه راعى ما قبله فى هذه السورة وهو قوله: {إن هاذا لساحر عليم} وراعى فى الشعراء الإمام فإن فيه (بكل سحار بالألف) وقرئ فى هذه السورة {بكل سحار} أيضا طلبا للمبالغة وموافقة لما فى الشعراء.
    قوله: {وجاء السحرة فرعون قالوا} وفى الشعراء {فلما جاء السحرة قالوا لفرعون} لأن القياس فى هذه السورة وجاء السحرة فرعون وقالوا، أو فقالوا، لا بد من ذلك؛ لكن أضمر فيه (فلما) فحسن حذف الواو.
    وخص هذه السورة بإضمار (فلما) لأن ما فى هذه السورة وقع على الاختصار والاقتصار على ما سبق. وأما تقديم فرعون وتأخيره فى الشعراء لأن التقدير فيهما: فلما جاء السحرة فرعون قالوا لفرعون، فأظهر الأول فى هذه السورة لأنها الأولى، وأظهر الثانى فى الشعراء؛ لأنها الثانية.
    قوله: {قال نعم وإنكم لمن المقربين} وفى الشعراء {إذا لمن المقربين} (إذا) فى هذه السورة مضمرة مقدرة؛ لأن (إذا) جزاء، ومعناه: إن غلبتم قربتكم، ورفعت منزلتكم. وخص هذه السورة بالإضمار اختصارا.
    قوله: {إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين} وفى طه {وإما أن نكون أول من ألقى} راعى فى السورتين أواخر الآى. ومثله {فألقي السحرة ساجدين} فى السورتين، وفى طه {سجدا} وفى (السورتين) أيضا {ءامنا برب العالمين} وليس فى طه {رب العالمين} وفى السورتين {رب موسى وهارون} وفى طه {رب هارون وموسى} (وفى هذه السورة: {فسوف تعلمون لأقطعن} [وفى الشعراء: {فلسوف تعلمون لأقطعن} ] وفى طه {فلأقطعن} وفى السورتين [ {ولأصلبنكم أجمعين} ، وفى طه] : {ولأصلبنكم في جذوع النخل} . وهذا كله لمراعاة فواصل الآى؛ لأنها مرعية يبتنى عليها مسائل كثيرة.
    قوله: {ءامنتم به} (وفى السورتين: آمنتم) له) لأن هنا يعود إلى رب العالمين وهو المؤمن (به) سبحانه وفى السورتين يعود إلى موسى؛ لقوله {إنه لكبيركم} وقيل آمنتم به وآمنتم له واحد.
    قوله: {قال فرعون} (وفى السورتين: قال آمنتم، لأن هذه السورة مقدمة على السورتين فصرح فى الأولى، وكنى فى الأخريين، وهو القياس: وقال الإمام: لأن [ما] هنا بعد عن ذكر فرعون فصرح وقرب فى السورتين ذكره فكنى.
    قوله: {ثم لأصلبنكم} وفى السورتين {ولأصلبنكم} ؛ لأن (ثم) يدل على أن الصلب يقع بعد التقطيع، وإذا دل فى الأولى علم فى غيرها، ولأن الواو يصلح لما يصلح له (ثم) .
    قوله: {إنا إلى ربنا منقلبون} وفى الشعراء {لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون} بزيادة (لا ضير) لأن هذه السورة اختصرت فيها القصة، وأشبعت فى الشعراء، وذكر فيها أول أحوال موسى مع فرعون، إلى آخرها، فبدأ بقوله: {ألم نربك فينا وليدا} وختم بقوله ثم {أغرقنا الآخرين} فلهذا وقع زوائد لم تقع فى الأعراف وطه، فتأمل تعرف إعجاز التنزيل.
    قوله {يسومونكم سواء العذاب يقتلون} بغير واو على البدل. وقد سبق.
    قوله: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شآء الله} هنا وفى يونس: {قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شآء الله} لأن أكثر ما جاء فى القرآن من لفظ الضر والنفع معا جاء بتقديم لفظ الضر؛ لأن العابد يعبد معبوده خوفا من عقابه أولا، ثم طمعا فى ثوابه ثانيا. يقويه قوله: {يدعون ربهم خوفا وطمعا} ، وحيث تقدم النفع تقدم لسابقة لفظ تضمن نفعا. وذلك فى ثمانية مواضع: ثلاثة منها بلفظ الاسم، وهى هاهنا والرعد وسبأ.
    وخمسة بلفظ الفعل وهى فى الأنعام {ما لا ينفعنا ولا يضرنا} وفى آخر يونس {ما لا ينفعك ولا يضرك} وفى الأنبياء {ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} وفى الفرقان {ما لا ينفعهم ولا يضرهم} وفى الشعراء {أو ينفعونكم أو يضرون} أما فى هذه السورة فقد تقدمه {من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل} فقدم الهداية على الضلالة.
    وبعد ذلك {لاستكثرت من الخير وما مسني السواء} فقدم الخير على السوء، فكذلك قدم النفع على الضر وفى الرعد {طوعا وكرها} فقدم الطوع وفى سبأ {يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر} فقدم البسط. وفى يونس قدم الضر على الأصل ولموافقته ما قبلها {لا يضرهم ولا ينفعهم} وفيها {وإذا مس الإنسان الضر} فتكرر فى الآية ثلاث مرات.
    وكذلك ما جاء بلفظ الفعل فلسابقة معنى يتضمن فعلا. أما سورة الأنعام ففيها {ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها} ، ثم وصلها بقوله: {قل أندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا} وفى يونس تقدمه قوله:
    {ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين} ثم قال: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك} وفى الأنبياء تقدمه قول الكفار لإبراهيم فى المجادلة {لقد علمت ما هاؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم} وفى الفرقان تقدمه قوله: {ألم تر إلى ربك كيف مد الظل} وعد نعما جمة فى الآيات ثم قال: {ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم} تأمل؛ فإنه برهان ساطع للقرآن.
    فضل السورة
    ثم يرو سوى هذه الأخبار الضعيفة (من قرأ سورة الأعراف جعل الله بينه وبين إبليس سترا يحرس منه، ويكون ممن يزوره فى الجنة آدم. وله بكل يهودى ونصرانى درجة فى الجنة) وعنه صلى الله عليه وسلم: يا على من قرأ سورة الأعراف قام من قبره وعليه ثمانون حلة، وبيده براءة من النار، وجواز على الصراط، وله بكل آية قرأها ثواب من بر والديه، وحسن خلقه. وعن جعفر الصادق رضى الله عنه: من قرأ سورة الأعراف فى كل شهر كان يوم القيامة من الآمنين. ومن قرأها فى كل جمعة لا يحاسب معه يوم القيامة، وإنها تشهد لكل من قرأها.
    بصيرة فى.. يسألونك عن الأنفال
    اعلم أن هذه السورة مدنية بالإجماع وعدد آياتها سبع وسبعون عند الشاميين، وخمس عند الكوفيين، وست عند الحجازيين، والبصريين. وعدد كلماتها ألف ومائة وخمس وتسعون كلمة. وحروفها خمسة آلاف ومائتان وثمانون.
    الآيات المختلف فيها ثلاث {يغلبون} ، {بنصره وبالمؤمنين} ، {أمرا كان مفعولا} .
    فواصل آياته (ن د م ق ط ر ب) يجمعها ندم قطرب، أو نطق مدبر. على الدال منها آية واحدة {عبيد} . وعلى القاف آية واحدة {حريق} وعلى الباء أربع آيات آخرها {عقاب} .
    ولهذه السورة اسمان: سورة الأنفال؛ لكونها مفتتحة بها، ومكررة فيها، وسورة بدر، لأن معظمها فى ذكر حرب بدر، وما جرى فيها.
    مقصود السورة مجملا: قطع الأطماع الفاسدة من الغنيمة التى هى حق الله ولرسوله، ومدح الخائفين الخاشعين وقت سماع القرآن، وبعث المؤمنين حقا، والإشارة إلى ابتداء حرب بدر، وإمداد الله تعالى صحابة نبيه بالملائكة المقربين، والنهى عن الفرار من صف الكفار، وأمر المؤمنين بإجابة الله ورسوله، والتحذير عن الفتنة، والنهى عن خيانة الله ورسوله، وذكر مكر كفار مكة فى حق النبى صلى الله عليه وسلم، وتجاسر قوم منهم باستعجال العذاب، وذكر إضاعة نفقاتهم فى الضلال والباطل، وبيان قسم الغنائم، وتلاقى عساكر الإسلام وعساكر المشركين، ووصية الله المؤمنين بالثبات فى صف القتال، وغرور إبليس طائفة من الكفار، وذم المنافقين فى خذلانهم لأهل الإيمان، ونكال ناقضى العهد ليعتبر بهم آخرون، وتهيئة عذر المقاتلة والمحاربة، والميل إلى الصلح عند استدعائهم الصلح، والمن على المؤمنين بتأليف قلوبهم، وبيان عدد عسكر الإسلام، وعسكر الشرك، وحكم أسرى بدر، ونصرة المعاهدين لأهل الاسلام، وتخصيص الأقارب، وذوى الأرحام بالميراث فى قوله {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض} إلى آخر السورة.
    الناسخ والمنسوخ:
    الآيات المنسوخة فى السورة ست {يسألونك عن الأنفال} م {ما غنمتم} ن {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم} م {وما لهم ألا يعذبهم الله} ن {قل للذين كفروا إن ينتهوا} م {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} ن {وإن جنحوا للسلم} م {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} ن {إن يكن منكم عشرون صابرون} م {الآن خفف الله عنكم} ن {والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء} م {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض} ن.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (24)
    من صـــ 224 الى صـــ 230

    المتشابهات:
    قوله: {وما جعله الله إلا بشرى} وقوله: {ومن يشاقق} وقوله: {ويكون الدين كله لله} قد سبق.
    قوله: {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم} ثم قال بعد آية {كدأب آل فرعون والذين من قبلهم} أجاب عن هذا بعض أهل النظر وقال: ذكر فى الآية الأولى عقوبته إياهم عند الموت؛ كما فعله بآل فرعون ومن قبلهم من الكفار، وذكر فى الثانية ما يفعله بهم بعد موتهم. قال الخطيب: الجواب عندى: أن الأول إخبار عن عذاب لم يمكن الله أحدا من فعله، وهو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم، والثانى إخبار عن عذاب مكن الناس من فعل مثله، وهو الإهلاك والإغراق.
    قال تاج القراء: وله وجهان [آخران] محتملان. أحدهما: كدأب آل فرعون فيما فعلوا، والثانى: كدأب فرعون فيما فعل بهم. فهم فاعلون فى الأول، ومفعولون فى الثانى. والوجه الآخر: أن المراد بالأول كفرهم بالله، وبالثانى تكذيبهم بالأنبياء؛ لأن تقدير الآية: كذبوا الرسل بردهم آيات الله. وله وجه آخر. وهو أن يجعل الضمير فى (كفروا) لكفار قريش على تقدير: كفروا بآيات ربهم كدأب آل فرعون والذين من قبلهم، وكذلك الثانى: كذبوا بآيات ربهم كدأب آل فرعون.
    قوله: {الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} هنا بتقديم أموالهم وأنفسهم وفى براءة بتقديم {في سبيل الله} لأن فى هذه السورة تقدم ذكر المال والفداء والغنيمة فى قوله: {تريدون عرض الدنيا} و {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيمآ أخذتم} أى من الفداء، {فكلوا مما غنمتم} فقدم ذكر المال، وفى براءة تقدم ذكر الجهاد، وهو قوله: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} وقوله: {كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله} فقدم ذكر الجهاد، وذكر هذه الآى فى هذه السورة ثلاث مرات. فأورد فى الأولى {بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله} وحذف من الثانية {بأموالهم وأنفسهم} اكتفاء بما فى الأولى، وحذف من الثالثة {بأموالهم وأنفسهم} وزاد {في سبيل الله} اكتفاء بما فى الآيتين.
    فضل السورة
    يروى بسند ساقط أنه قال صلى الله عليه وسلم: "من قرأ سورة الأنفال وترا فأنا شفيع له، وشاهد يوم القيام أنه برىء من النفاق، وأعطى من الأجر بعدد كل منافق فى دار الدنيا عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان العرش وحملته يصلون عليه أيام حياته فى الدنيا" وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا على، من قرأ سورة الأنفال أعطاه الله مثل ثواب الصائم القائم.
    بصيرة فى.. براءة من الله ورسوله
    هذه السورة مدنية بالاتفاق. وعدد آياتها مائة وتسع وعشرون عند الكوفيين، وثلاثون عند الباقين. عدد كلماتها ألفان وأربعمائة وسبع وتسعون كلمة. وحروفها عشرة آلاف وسبعمائة وسبع وثمانون حرفا.
    والآيات المختلف فيها ثلاث {برياء من المشركين} {عاد وثمود} {عذابا أليما} .
    مجموع فواصل آياته (ل م ن ر ب) يجمها (لم نرب) على اللام منها آية واحدة {إلا قليل} وعلى الباء آية {وأن الله علام الغيوب} وكل آية منها آخرها راء فما قبل الراء ياء.
    ولهذه السورة ثمانية أسماء: الأول براءة؛ لافتتاحها بها، الثانى سورة التوبة؛ لكثرة ذكر التوبة فيها {ثم تاب عليهم ليتوبوا} {لقد تاب الله على النبى} الثالث الفاضحة؛ لأن المنافقين افتضحوا عند نزولها. الرابع المبعثرة؛ لأنها تبعثر عن أسرار المنافقين. وهذان الاسمان رويا عن ابن عباس. الخامس المقشقشة؛ لأنها تبرىء المؤمن، فتنظفه من النفاق وهذا عن ابن عمر. السادس البحوث؛ لأنها تبحث عن نفاق المنافقين. وهذا عن أبى أيوب الأنصارى. السابع سورة العذاب؛ لما فيها من انعقاد الكفار بالعذاب مرة بعد أخرى {سنعذبهم مرتين} الثامن الحافرة؛ لأنها تحفر قلوب أهل النفاق بمثل قوله: {إلا أن تقطع قلوبهم} ، {فأعقبهم نفاقا في قلوبهم} .
    مقصود السورة إجمالا: وسم قلوب الكفار بالبراءة، ورد العهد عليهم، وأمان مستمع القرآن، وقهر أئمة الكفر وقتلهم، ومنع الأجانب من عمارة المسجد الحرام، وتخصيصها بأهل الإسلام، والنهى عن موالاة الكفار، والإشارة إلى وقعة حرب حنين ومنع المشركين من دخول الكعبة، والحرم، وحضور الموسم، والأمر بقتل كفرة أهل الكتاب وضرب الجزية عليهم، وتقبيح قول اليهود والنصارى فى حق عزير وعيسى عليهما السلام، وتأكيد رسالة الرسول الصادق المحق، وعيب أحبار اليهود فى أكلهم الأموال بالباطل، وعذاب مانعى الزكاة، وتخصيص الأشهر الحرم من أشهر السنة، وتقديم الكفار شهر المحرم، وتأخيرهم إياه، والأمر بغزوة تبوك، وشكاية المتخلفين عن الغزو، وخروج النبى صلى الله عليه وسلم مع الصديق رضى الله عنه من مكة إلى الغار بجبل ثور، واحتراز المنافقين من غزوة تبوك، وترصدهم وانتظارهم نكبة المسلمين، ورد نفقاتهم عليهم، وقسم الصدقات على المستحقين، واستهزاء المنافقين بالنبى صلى الله عليه وسلم، وبالقرآن، وموافقة المؤمنين بعضهم بعضا، ونيلهم الرضوان الأكثر بسبب موافقتهم، وتكذيب الحق للمنافقين فى إيمانهم، ونهى النبى عن الاستغفار لأحيائهم، وعن الصلاة على أمواتهم، وعيب المقصرين على اعتذارهم بالأعذار الباطلة، وذم الأعراب فى صلابتهم، وتمسكهم بالدين الباطل، ومدح بعضهم بصلابتهم فى دين الحق، وذكر السابقين من المهاجرين والأنصار، وذكر المعترفين بتقصيرهم، وقبول الصدقات من الفقراء، ودعائهم على ذلك، وقبول توبة التائبين، وذكر بناء مسجد ضرار للغرض الفاسد، وبناء مسجد قباء على الطاعة والتقوى، ومبايعة الحق تعالى عبيده باشتراء أنفسهم وأموالهم، ومعاوضتهم عن ذلك بالجنة، ونهى إبراهيم الخليل من استغفار المشركين، وقبول توبة المتخلفين المخلص من غزوة تبوك، وأمر ناس بطلب العلم والفقه فى الدين، وفضيحة المنافقين، وفتنتهم فى كل وقت، ورأفة الرسول صلى الله عليه وسلم، ورحمته لأمته وأمر الله نبيه بالتوكل عليه فى جميع أحواله بقوله: {فإن تولوا فقل حسبي الله لا إلاه إلا هو عليه توكلت} الآية.
    الناسخ والمنسوخ:
    الآيات المنسوخة ثمان آيات {فسيحوا في الأرض} م {فإذا انسلخ الأشهر الحرم} ن {يكنزون الذهب والفضة} م (آية الزكاة) ن {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما} وقوله: {انفروا خفافا وثقالا} م {وما كان المؤمنون لينفروا} ن {عفا الله عنك لم أذنت لهم} م {فإذا استأذنوك لبعض شأنهم} ن {استغفر لهم} م {سوآء عليهم أستغفرت لهم} ن {الأعراب أشد كفرا ونفاقا} إلى تمام الآيتين م {ومن الأعراب من يؤمن بالله} ن.
    المتشابهات:
    قوله: {واعلموا أنكم غير معجزي الله} وبعده {واعلموا أنكم غير معجزي الله} ليس بتكرار؛ لأن الأول للمكان، والثانى للزمان. وتقدم ذكرهما فى قوله: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} .


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (25)
    من صـــ 231 الى صـــ 237

    قوله: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} وبعده {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} ليس بتكرار؛ لأن الأول فى المشركين، والثانى فى اليهود، فيمن حمل قوله: {اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا} على التوراة. وقيل: هما فى الكفار وجزاء الأول تخلية سبيلهم، وجزاء الثانى إثبات الأخوة لهم ومعنى {بآيات الله} القرآن.
    قوله: {كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله} ثم ذكر بعده {كيف} واقتصر عليه، فذهب بعضهم إلى أنه تكرار للتأكيد، واكتفى بذكر (كيف) عن الجملة بعد؛ لدلالة الأولى عليه. وقيل تقديره: كيف لا تقتلونهم، (ولا) يكون من التكرار فى شىء.
    قوله: {لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة} وقوله: {لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة} الأول للكفار والثانى لليهود. وقيل: ذكر الأول، وجعله جزاء للشرط، ثم أعاد ذلك؛ تقبيحا لهم، فقال: ساء ما يعملون لا يرقبون فى مؤمن إلا ولا ذمة. فلا يكون تكرار محضا.
    قوله: {الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم} إنما قدم {في سبيل الله} لموافقة قوله قبله {وجاهدوا في سبيل الله} وقد سبق ذكره فى الأنفال. وقد جاء بعده فى موضعين {بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله} ليعلم أن الأصل ذلك، وإنما قدم هنا لموافقة ما قبله فحسب.
    قوله: {كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون} بزيادة باء، وبعده {كفروا بالله ورسوله} و {كفروا بالله ورسوله} بغير باء فيهما؛ لأن الكلام فى الآية الأولى إيجاب بعد نفى، وهو الغاية فى باب التأكيد، وهو قوله: {وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله} فأكد المعطوف أيضا بالباء؛ ليكون الكل فى التأكيد على منهاج واحد، وليس كذلك الآيتان بعده؛ فإنهما خلتا من التأكيد.
    قوله: {فلا تعجبك أموالهم} بالفاء، وقال فى الآية الأخرى: {ولا تعجبك} بالواو؛ لأن الفاء يتضمن معنى (الجزاء، والفعل الذى قبله مستقبل يتضمن معنى) الشرط، وهو قوله: {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا} اى إن يكن منهم ما ذكر فجزاؤهم. وكان الفاء هاهنا أحسن موقعا من الواو [و] التى بعدها قبلها {كفروا بالله ورسوله وماتوا} بلفظ الماضى وبمعناه، والماضى لا يتضمن معنى الشرط، ولا يقع من الميت فعل، (وكان) الواو أحسن.
    قوله: {ولا أولادهم} بزيادة (لا) وقال: فى الأخرى {وأولادهم} بغير (لا) لأنه لما أكد الكلام الأول بالإيجاب بعد النفى وهو الغاية، وعلق الثانى بالأول تعليق الجزاء بالشرط، اقتضى الكلام الثانى من التوكيد ما اقتضاه الأول، فأكد معنى النهى بتكرار (لا) فى المعطوف.
    قوله: {إنما يريد الله ليعذبهم} ، وقال: فى الأخرى: {أن يعذبهم} لأن (أن) فى هذه الآية مقدرة، وهى الناصبة للفعل، وصار اللام هاهنا زيادة كزيادة الباء، و (لا) فى الآية. وجواب آخر: وهو أن المفعول فى هذه الآية محذوف، أى يريد الله أن يزيد فى نعمائهم بالأموال والأولاد؛ ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا. والآية الأخرى إخبار عن قوم ماتوا على الكفر فتعلق الإرادة بما هم فيه، وهو العذاب.
    قوله: {في الحياة الدنيا} وفى الآية الأخرى {في الدنيا} لأن (الدنيا) صفة للحياة فى الآيتين فأثبت الموصوف (والصفة فى الأولى، وحذف الموصوف) فى الثانية اكتفاء بذكره فى الأولى، وليست الآيتان مكررتين؛ لأن الأولى فى قوم، والثانية فى آخرين، وقيل: الأولى فى المنافقين والثانية فى اليهود.
    قوله: {يريدون أن يطفئوا نور الله} وفى الصف {ليطفئوا نور الله} هذه الآية تشبه قوله: {يريد الله أن يعذبهم} و {ليعذبهم} حذف اللام من الآية الأولى، لأن مرادهم إطفاء نور الله بأفواههم، وهو المفعول به، والتقدير: ذلك قولهم بأفواههم، ومرادهم إطفاء نور الله بأفواههم.
    والمراد الذى هو المفعول به فى الصف مضمر تقديره: ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب [يريدون ذلك] ليطفئوا نور الله فاللام لام العلة. وذهب بعض النحاة إلى أن الفعل محمول على المصدر.
    أى إرادتهم لإطفاء نور الله.

    قوله: {ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم} هذه الكلمات تقع على وجهين: أحدهما: ذلك الفوز بغير (هو) . وهو فى القرآن فى ستة مواضع: فى براءة موضعان، وفى النساء، والمائدة، والصف، والتغابن؛ وما فى النساء (وذلك) بزيادة واو. والثانى ذلك هو الفوز بزيادة (هو) وذلك فى القرآن فى ستة مواضع أيضا: فى براءة موضعان، وفى يونس، والمؤمن، والدخان، والحديد، وما فى براءة أحدهما بزيادة الواو. وهو قوله: {فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم} وكذلك ما فى المؤمن بزيادة واو. والجملة إذا جاءت بعد جملة من غير تراخ بنزول جاءت مربوطة بما قبلها إما بواو العطف وإما بكناية تعود من الثانية إلى الأولى، وإما بإشارة فيها إليها.
    وربما يجمع بين اثنين منها، والثلاثة؛ للدلالة على مبالغة فيها. ففى السورة {خالدا فيها ذلك} و {خالدين فيها ذلك} وفيها أيضا {ورضوان من الله أكبر ذلك هو} فجمع بين اثنين. وبعدهما {فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو} فجمع بين الثلاثة، تنبيها على أن الاستبشار من الله يتضمن رضوانه، والرضوان يتضمن الخلود فى الجنان قال تاج القراء:
    ويحتمل أن ذلك لما تقدمه من قوله: {وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن} فيكون كل واحد منهما فى مقابلة (واحد، وكذلك فى المؤمن تقدمه "فاغفر وقهم وأدخلهم"، فوقعت فى مقابلة) الثلاثة.
    قوله: {وطبع على قلوبهم} ثم قال بعد: {وطبع الله على قلوبهم} لأن قوله: (وطبع) محمول على رأس الآية، وهو قوله: {وإذا أنزلت سورة} فبنى مجهول على مجهول، والثانى محمول، على ما تقدم من ذكر الله تعالى مرات (وكان) اللائق: وطبع الله، ثم ختم كل آية بما يليق بها، فقال فى الأولى: لا يفقهون، وفى الثانية: لا يعلمون، لأن العلم فوق الفقه، والفعل المسند إلى الله فوق المسند إلى المجهول.
    قوله: {وسيرى الله عملكم ورسوله ثم تردون} ، وقال فى الأخرى: {وسيرى الله عملكم ورسوله وستردون} لأن الأولى فى المنافقين، ولا يطلع على ضمائرهم إلا الله تعالى، ثم رسوله بإطلاع الله إياه عليها؛كقوله: {قد نبأنا الله من أخباركم} والثانية فى المؤمنين، وطاعات المؤمنين وعباداتهم ظاهرة لله ولرسوله وللمؤمنين. وختم آية المنافقين بقوله: {ثم تردون} فقطعه عن الأول؛ لأنه وعيد. وختم آية المؤمنين بقوله: {وستردون} لأنه وعد، فبناه على قوله {فسيرى الله} .
    قوله: {إلا كتب لهم به عمل صالح} وفى الأخرى {إلا كتب لهم ليجزيهم الله} [لأن الآية الأولى] مشتملة على ما هو من عملهم، وهو قوله: {ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا} ، وعلى ما ليس من عملهم، وهو الظمأ والنصب والمخمصة، والله سبحانه بفضله أجرى ذلك مجرى عملهم فى الثواب، فقال: {إلا كتب لهم به عمل صالح} أى جزاء عمل صالح، والثانية مشتملة على ما هو من عملهم، وهو إنفاق المال فى طاعته، وتحمل المشاق فى قطع المسافات، فكتب لهم بعينه. لذلك ختم الآية بقوله: {ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون} لكون الكل من عملهم فوعدهم حسن الجزاء عليه وختم (الآية) بقوله: {إن الله لا يضيع أجر المحسنين} حين ألحق ما ليس من عملهم بما هو من عملهم، ثم جازاهم على الكل أحسن الجزاء.
    فضل السورة
    عن عائشة - رضى الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنه ما نزل على القرآن إلا آية آية، وحرفا حرفا، خلا سورة براءة، وقل هو الله أحد؛ فإنهما أنزلتا ومعهما سبعون ألف صف من الملائكة، كل يقول استوصوا بنسبة الله خيرا" وقال: من قرأ سورة الأنفال وبراءة شهدا له يوم القيام بالبراءة من الشرك والنفاق، وأعطى بعدد كل منافق ومنافقة منازل فى الجنة، ويكتب له مثل تسبيح العرش وحملته إلى يوم القيامة. وعنه: يا على من قرأ سورة التوبة يقبل الله توبته؛ كما يقبل من آدم وداود، واستجاب دعاءه، كما استجاب لزكريا. وله بكل آية قرأها مثل ثواب زكريا. الحديثان ضعيفان جدا.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد





    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (26)
    من صـــ 238 الى صـــ 244

    بصيرة فى.. الر. تلك آيات الكتاب
    اعلم أن هذه السورة مكية، بالاتفاق. عدد آياتها مائة وعشر آيات عند الشاميين، وتسع عند الباقين. وعدد كلماتها ألف وأربعمائة وتسع وتسعون كلمة. وحروفها سبعة آلاف وخمس وستون.
    والآيات المختلف فيها أربعة: {مخلصين له الدين} {وشفآء لما في الصدور} و {من الشاكرين} .
    ومجموع فواصلها (ملن) على اللام منها آية واحدة {ومآ أنا عليكم بوكيل} وكل آية على الميم قبل الميم ياء.
    وسميت سورة يونس لما فى آخرها من ذكر كشف العذاب عن قوم يونس ببركة الإيمان عند اليأس فى قوله: {فلولا كانت قرية آمنت فنفعهآ إيمانها إلا قوم يونس} .
    مقصود السورة: إثبات النبوة، وبيان فساد اعتقاد الكفار فى حق النبى صلى الله عليه وسلم والقرآن، وذكر جزائهم على ذلك فى الدار الآخرة،وتقدير منازل الشمس والقمر لمصالح الخلق، وذم القانعين بالدنيا الفانية عن النعيم الباقى، ومدح أهل الإيمان فى طلب الجنان؛ واستعجال الكفار بالعذاب، وامتحان الحق تعالى خلقه باستخلافهم فى الأرض، وذكر (عدم تعقل) الكفار كلام الله، ونسبته إلى الافتراء والاختلاف، والإشارة إلى إبطال الأصنام وعبادها، وبيان المنة على العباد بالنجاة من الهلاك فى البر والبحر، وتمثيل الدنيا بنزول المطر، وظهور ألوان النبات والأزهار، ودعوة الخلق إلى دار السلام، وبيان ذل الكفار فى القيامة، ومشاهدة الخلق فى العقبى ما قدموه من طاعة ومعصية، وبيان أن الحق واحد، وما سواه باطل، وإثبات البعث والقيامة بالبرهان، والحجة الواضحة، وبيان فائدة نزول القرآن، والأمر بإظهار السرور والفرح بالصلاة والقرآن، وتمييز أهل الولاية من أهل الجناية، وتسلية النبى صلى الله عليه وسلم بذكر شىء من قصة موسى، وواقعة بنى إسرائيل مع قوم فرعون، وذكر طمس أموال القبطيين، ونجاة الإسرائيليين من البحر، وهلاك أعدائهم من الفرعونيين، ونجاة قوم يونس بإخلاص الإيمان فى قوت اليأس، وتأكيد نبوة النبى صلى الله عليه وسلم، وأمره بالصبر على جفاء المشركين وأذاهم، فى قوله: {حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين} .
    الناسخ والمنسوخ
    المنسوخ فى هذه السورة خمس آيات {إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} م {ليغفر لك الله} ن {قل فانتظروا} م آية السيف ن {من اهتدى} إلى قوله: {وكيل} م آية السيف ن {فقل لي عملي} م آية السيف ن {واتبع ما يوحى إليك واصبر} م آية السيف ن.
    المتشابهات
    قوله: {إليه مرجعكم [جميعا] } وفى هود {إلى الله مرجعكم} لأن ما فى هذه السورة خطاب للمؤمنين والكافرين جميعا؛ يدل عليه قوله: {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا} الآية. وكذلك ما فى المائدة {مرجعكم جميعا} ؛ لأنه خطاب للمؤمنين والكافرين بدليل قوله: {فيه تختلفون} وما فى هود خطاب للكفار؛ يدل عليه قوله: {وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير} .
    قوله: {وإذا مس الإنسان الضر} بالألف واللام؛ لأنه إشارة إلى ما تقدم من الشر فى قوله: {ولو يعجل الله للناس الشر} فإن الضر والشر واحد. وجاء الضر فى هذه السورة بالألف واللام، وبالإضافة وبالتنوين.
    قوله: {وما كانوا ليؤمنوا} بالواو؛ لأنه معطوف على قوله: {ظلموا} من قوله: {لما ظلموا وجآءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا} وفى غيرها بالفاء للتعقيب.
    قوله: {فمن أظلم} بالفاء؛ لموافقة ما قبلها. وقد سبق فى الأنعام. قوله: {ما لا يضرهم ولا ينفعهم} سبق فى الأعراف.
    قوله: {فيما فيه يختلفون} وفى غيرها: {فيما هم فيه} بزيادة (هم) لأن هنا تقدم (فاختلفوا) ، فاكتفى به عن إعادة الضمير؛ وفى الآية {بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض} بزياة (لا) وتكرار (فى) لأن تكرار (لا) مع النفى كثير حسن، فلما كرر (لا) كرر (فى) تحسينا للفظ. ومثله فى سبأ فى موضعين، والملائكة.
    قوله {فلمآ أنجاهم} بالألف؛ لأنه وقع فى مقابلة {أنجينا} .
    قوله: {فأتوا بسورة مثله} وفى هود: {بعشر سور مثله} لأن ما فى هذه السورة تقديره: بسورة مثل سورة يونس. فالمضاف محذوف فى السورتين، وما فى هود إشارة إلى ما تقدمها: من أول الفاتحة إلى سورة هود، وهو عشر سور.
    قوله: {وادعوا من استطعتم} هنا، وكذلك فى هود، وفى البقرة {شهدآءكم} ؛ لأنه لما زاد فى هود {وادعوا} زاد فى المدعوين. ولهذا قال فى سبحان: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن} لأنه مقترن بقوله: {بمثل هاذا القرآن} والمراد به كله.
    قوله: {ومنهم من يستمعون إليك} بلفظ الجمع وبعده: {ومنهم من ينظر إليك} بلفظ المفرد؛ لأن المستمع إلى القرآن كالمستمع إلى النبى صلى الله عليه وسلم، بخلاف النظر (وكان) فى المستمعين كثرة فجمع ليطابق اللفظ المعنى، ووحد (ينظر) حملا على اللفظ إذ لم يكثر كثرتهم.
    قوله: {ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا} فى هذه الآية فحسب؛ لأن قبله قوله: {ويوم نحشرهم جميعا} وقوله: {إليه مرجعكم جميعا} يدلان على ذلك فاكتفى به.
    قوله: {لكل أمة أجل إذا جآء أجلهم فلا يستأخرون ساعة} فى هذه السورة فقط؛ لأن التقدير فيها: لكل أمة أجل، فلا يستأخرون إذا جاء أجلهم. فكان هذا فيمن قتل ببدر والمعنى: لم يستأخروا.
    قوله: {ألا إن لله ما في السماوات والأرض} ذكر بلفظ ما لأن معنى ما هاهنا المال، فذكر بلفظ ما دون من ولم يكرر ما اكتفاء بقوله قبله {ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض} .
    قوله: {ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض} ذكر بلفظ (من) وكرر؛ لأن هذه الآية نزلت فى قوم آذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزل فيهم {ولا يحزنك قولهم} فاقتضى لفظ من وكرر؛ لأن المراد: من فى الأرض هاهنا لكونهم فيها؛ لكن قدم ذكر (من فى السماوات) تعظيما ثم عطف (من فى الأرض) على ذلك.
    قوله: {ما في السماوات وما في الأرض} ذكر بلفظ (ما) فكرر؛ لأن بعض الكفار قالوا: اتخذ الله ولدا، فقال سبحانه: له ما فى السماوات وما فى الأرض، أى اتخاذ الولد إنما يكون لدفع أذى، أو جذب منفعة، والله مالك ما فى السماوات وما فى الأرض. (وكان) الموضع (موضع [ما وموضع] التكرار؛ للتأكيد والتخصيص.
    قوله: {ولاكن أكثرهم لا يشكرون} . ومثله فى النمل. وفى البقرة ويوسف والمؤمن: {ولاكن أكثر الناس لا يشكرون} . لأن فى هذه السورة تقدم {ولاكن أكثرهم لا يعلمون} فوافق قوله: {ولاكن أكثرهم لا يشكرون} وكذلك فى النمل تقدم {بل أكثرهم لا يعلمون} فوافقه. وفى غيرهما جاء بلفظ التصريح. وفيها أيضا قوله: {في الأرض ولا في السمآء} فقدم الأرض؛ لكون المخاطبين فيها. ومثله فى آل عمران، وإبراهيم، وطه، والعنكبوت. وفيها {إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون} بناء على قوله: {ومنهم من يستمعون إليك} ومثله فى الروم: {إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون} فحسب.
    قوله: {قالوا اتخذ الله ولدا} بغير واو؛ لأنه اكتفى بالعائد عن الواو والعاطف. ومثله فى البقرة على قراءة ابن عامر: {قالوا اتخد الله ولدا} .
    قوله: {فنجيناه} سبق. ومثله فى الأنبياء والشعراء.
    قوله: {كذبوا} سبق.
    وقوله: {ونطبع على} قد سبق.
    قوله: {من فرعون وملئهم} هنا فحسب بالجمع. وفى غيرها (وملإيه)لأن الضمير فى هذه السورة يعود إلى الذرية. وقيل: يعود إلى القوم. وفى غيرها يعود إلى فرعون.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  7. #27
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (27)
    من صـــ 245 الى صـــ 251


    قوله: {وأمرت أن أكون من المؤمنين} ، وفى النمل: {من المسلمين} ؛ لأن قبله فى هذه السورة {ننج المؤمنين} فوافقه، وفى النمل أيضا وافق ما قبله، وهو قوله: {فهم مسلمون} وقد تقدم فى يونس {وأمرت أن أكون من المسلمين} .
    فضل السورة
    فيه حديث أبى المتفق على ضعفه: من قرأ سورة يونس أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد من صدق بيونس، وكذب به، وبعدد من غرق مع فرعون. وعن جعفر الصادق: من قرأ سورة يونس كان يوم القيامة من المقربين: وحديث على يا على من قرأ سورة يونس أعطاه الله من الثواب مثل ثواب حمزة، وله بكل آية قرأها مثل ثواب خضر. ضعيف.
    بصيرة فى.. الر. كتاب أحكمت
    هذه السورة مكية بالإجماع. وعدد آياتها مائة واثتنان وعشرون عند الشاميين، وإحدى وعشرون عند المكيين والبصريين، وثلاث وعشرون عند الكوفيين. وكلماتها ألف وتسعمائة وإحدى عشرة كلمة. وحروفها سبعة آلاف وستمائة وخمس.
    والآيات المختلف فيها سبع {برياء مما تشركون} ، {في قوم لوط} ، {من سجيل} ؛ {منضود} ، {إنا عاملون} ، {إن كنتم مؤمنين} ، {مختلفين} .
    مجموع فواصلها (ق ص د ت ل ن ظ م ط ب ر ز د) يجمعها قولك (قصدت لنظم طبر زد) .
    وسميت سورة هود لاشتمالها على قصة هود - عليه السلام - وتفاصيلها.
    المقصود الإجمالى من السورة: بيان حقيقة القرآن، واطلاع الحق سبحانه على سرائر الخلق وضمائرهم، وضمانه تعالى لأرزاق الحيوانات، والإشارة إلى تخليق العرش، وابتداء حاله، وتفاوت أحوال الكفار، وأقوالهم وتحدى النبى صلى الله عليه وسلم العرب بالإتيان بمثل القرآن، وذم طلاب الدنيا المعرضين عن العقبى، ولعن الظالمين، وطردهم، وقصة أهل الكفر والإيمان، وتفصيل قصة نوح، وذكر الطوفان، وحديث هود، وإهلاك عاد، وقصة صالح، وثمود، وبشارة الملائكة لإبراهيم وسارة بإسحاق، وحديث لوط، وإهلاك قومه، وذكر شعيب، ومناظرة قومه إياه، والإشارة إلى قصة موسى وفرعون، وبيان أن فرعون يكون مقدم قومه إلى جهنم، وذكر جميع [أحوال] القيامة، وتفضيل الفريقين والطريقين، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاستقامة، والتجنب من أهل الظلم والضلال، والمحافظة على الصلوات الخمس، والطهارة، وذكر الرحمة فى اختلاف الأمة، وبيان القصص، وأنباء الرسل. لتثبيت قلب النبى صلى الله عليه وسلم، والأمر بالتوكل على الله فى كل حال.
    الناسخ والمنسوخ:
    المنسوخ فى هذه السورة ثلاث آيات {من كان يريد الحياة الدنيا} م
    {من كان يريد العاجلة} ن {اعملوا على مكانتكم} م آية السيف ن {وانتظروا إنا منتظرون} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله: {فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا} بحذف النون، والجمع، وفى القصص {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم} عدت هذه الآية من المتشابه فى فصلين: أحدهما حذف النون من (فإلم) فى هذه السورة وإثباتها فى غيرها. وهذا من فصل الخط. وذكر فى موضعه. والثانى جمع الخطاب هاهنا، وتوحيده فى القصص؛ لأن ما فى هذه السورة خطاب للكفار، والفعل لمن استطعتم، وما فى القصص خطاب للنبى صلى الله عليه وسلم، والفعل للكفار.
    قوله: {وهم بالآخرة هم كافرون} سبق.
    قوله: {لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون} ، وفى النحل: {هم الخاسرون} ؛ لأن هؤلاء صدوا عن سبيل الله، وصدوا غيرهم، فضلوا وأضلوا؛ فهم الأخسرون يضاعف لهم العذاب، وفى النحل صدوا، فهم الخاسرون. قال الإمام: لأن ما قبلها فى هذه السورة، (يبصرون، يفترون) لا يعتمدان على ألف بينهما، وفى النحل (الكافرون والغافلون) فللموافقة بين الفواصل جاء فى هذه السورة: الأخسرون وفى النحل: الخاسرون.
    قوله: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال} بالفاء وبعده: {فقال الملأ} بالفاء وهو القياس. وقد سبق.
    قوله: {وآتاني رحمة من عنده} وبعده {وآتاني منه رحمة} وبعدهما {ورزقني منه رزقا حسنا} ؛ لأن (عنده) وإن كان ظرفا فهو اسم فذكر فى الأولى بالصريح، والثانية والثالثة بالكناية؛ لتقدم ذكره. فلما كنى عنه قدم؛ لأن الكناية يتقدم عليها الاسم الظاهر نحو ضرب زيد عمرا فإن كنيت عن عمرو قدمته؛ نحو عمرو ضربه زيد. وكذلك زيد أعطانى درهما من ماله، فإن كنيت عن المال قلت: المال زيد أعطانى منه درهما. قال الإمام: لما وقع {آتاني رحمة} فى جواب كلام فيه ثلاثة أفعال كلها متعد إلى مفعولين ليس بينهما حائل بجار ومجرور وهو قوله: {ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك} و {نظنكم كاذبين} أجرى الجواب مجراه، فجمع بين المفعولين من غير حائل. وأما الثانى فقد وقع فى جواب كلام قد حيل بينهما بجار ومجرور، وهو قوله: {قد كنت فينا مرجوا} ؛ لأن خبر كان بمنزلة المفعول، لذلك حيل فى الجواب بين المفعولين بالجار والمجرور.
    قوله: {لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله} فى قصة نوح، وفى غيرها {أجرا إن أجري} لأن فى قصة نوح وقع بعدها (خزائن) ولفظ المال للخزائن أليق.
    قوله: {ولا أقول إني ملك} وفى الأنعام: {ولا أقول لكم إني ملك} ؛ لأن [ما] فى الأنعام آخر الكلام [بدأ] فيه بالخطاب، وختم به، وليس [ما] فى هذه السورة آخر الكلام، بل آخره {تزدري أعينكم} فبدأ بالخطاب وختم به فى السورتين.
    قوله: {ولا تضرونه شيئا} وفى التوبة) {ولا تضروه شيئا} ذكر هذا فى المتشابه، وليس منه؛ لأن قوله: {ولا تضرونه شيئا} عطف على قوله: {ويستخلف ربي} ، فهو مرفوع، وفى التوبة معطوف على {يعذبكم ويستبدل} وهما مجزومان، فهو مجزوم.
    قوله: {ولما جآء أمرنا نجينا هودا} فى قصة هود وشعيب بالواو،وفى قصة صالح ولوط: (فلما) بالفاء؛ لأن العذاب فى قصة هود وشعيب تأخر عن وقت الوعيد؛ فإن فى قصة هود: {فإن تولوا فقد أبلغتكم مآ أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم} وفى قصة شعيب {سوف تعلمون} والتخويف قارنه التسويف، فجاء بالواو والمهلة، وفى قصة صالح ولوط وقع العذاب عقيب الوعيد؛ فإن قصة صالح {تمتعوا في داركم ثلاثة أيام} ، وفى قصة لوط: {أليس الصبح بقريب} فجاء بالفاء للتعجيل والتعقيب.
    قوله: {وأتبعوا في هاذه الدنيا لعنة} وفى قصة موسى: {في هاذه لعنة} ؛ لأنه لما ذكر فى الآية الأولى الصفة والموصوف اقتصر فى الثانية على الموصوف؛ للعلم به والاكتفاء بما فيه.
    قوله {إن ربي قريب مجيب} وبعده {إن ربي رحيم ودود} ؛ لموافقة الفواصل. ومثله {لحليم أواه منيب} ، وفى التوبة {لأواه حليم} للروى فى السورتين.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  8. #28
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (28)
    من صـــ 252 الى صـــ 258


    قوله: {وإننا لفي شك مما تدعونآ إليه مريب} [وفى إبراهيم {إنا لفي شك مما تدعوننآ إليه مريب} ] ؛ لأن فى هذه السورة جاء على الأصل (وتدعونا) خطاب مفرد، وفى إبراهيم لما وقع بعده (تدعوننا) بنونين، لأنه خطاب جمع، حذف النون استثقالا للجمع بين النونات، ولأن فى سورة إبراهيم اقترن بضمير قد غير ما قبله بحذف الحركة، وهو الضمير المرفوع فى قوله: (كفرنا) ، فغير ما قبله فى (إنا) بحذف النون، وفى هود اقترن ضمير لم يغير ما قبله، وهو الضمير المنصوب، والضمير المجرور فى قوله: {فينا مرجوا قبل هاذا أتنهانآ أن نعبد ما يعبد آباؤنا} فصح كما صح.

    قوله: {وأخذ الذين ظلموا الصيحة} ثم قال {وأخذت الذين ظلموا الصيحة} التذكير والتأنيث حسنان، لكن التذكير أخف فى الأولى. وفى الأخرى وافق ما بعدها وهو {كما بعدت ثمود} قال: الإمام: لما جاءت فى قصة شعيب مرة الرجفة، ومرة الظلة، ومرة الصيحة، ازداد التأنيث حسنا.

    قوله: {في ديارهم} فى موضعين فى هذه السورة فحسب، لأنه اتصل بالصيحة، وكانت من السماء، فازدادت على الرجفة؛ لأنها الزلزلة، وهى تختص بجزء من الأرض فجمعت مع الصيحة، وأفردت مع الرجفة.
    قوله: {إن ثمودا} بالتنوين ذكر فى المتشابه. وثمود من الثمد، وهو الماء القليل، جعل اسم قبيلة، فهو منصرف من وجه، وممنوع من وجه، فصرفوه فى حالة النصب؛ لأنه أخف أحوال الاسم، ومنعوه فى حالة الرفع؛ لأنه أثقل أحوال الاسم، وجاز الوجهان فى الجر؛ لأنه واسطة بين الخفة والثقل.
    قوله: {وما كان ربك ليهلك القرى بظلم} وفى القصص: {مهلك القرى} ؛ لأن الله سبحانه وتعالى نفى الظلم عن نفسه بأبلغ لفظ يستعمل فى النفى؛ لأن هذه اللام لام الجحود، ولا يظهر بعدها (أن) ولا يقع بعدها المصدر، ويختص بكان، ولم يكن، ومعناه: ما فعلت فيما مضى، ولا أفعل فى الحال، ولا أفعل فى المستقبل، (وكان) الغاية فى النفى، وفى القصص لم يكن صريح ظلم، فاكتفى بذكر اسم الفاعل، وهو لأحد الأزمنة غير معين، ثم نفاه.
    قوله: {فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد} استثنى فى هذه السورة من الأهل قوله: {إلا امرأتك} ولم يستثن فى الحجر اكتفاء بما قبله، وهو قوله: {إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته} فهذا الاستثناء الذى انفردت به سورة الحجر قام مقام الاستثناء من قوله: {فأسر بأهلك بقطع من الليل} وزاد فى الحجر {واتبع أدبارهم} ؛ لأنه إذا ساقهم وكان من ورائهم علم بنجاتهم ولا يخفى عليه حالهم.
    فضل السورة
    يذكر فيه حديثان ساقطا الإسناد: حديث أبى: من قرأ سورة هود أعطى من الأجر بعدد من صدق نوحا، وهودا، وصالحا، ولوطا، وشعيبا، وموسى، وهارون، وبعدد من كذبهم، ويعطيه بعددهم ألف ألف مدينة فيها من الفوز والنعيم ما يعجز عن ذكره الملائكة ولا يعلم إلا الرب الغفور الودود الشكور، وحديث على: يا على من قرأ سورة هود يخرج من الدنيا كما يخرج يحيى بن زكريا طاهرا مطهرا، وكان فى الجنة رفيق يحيى، وله بكل آية قرأها ثواب أم يحيى.
    بصيرة فى.. الر. تلك آيات الكتاب المبين
    هذه السورة مكية بالاتفاق. وعدد آياتها مائة وإحدى عشرة، بلا خلاف. وكلماتها ألف وسبعمائة وست وسبعون. وحروفها سبعة آلاف ومائة وست وستون. وما فيها آية مختلف فيها.
    مجموع فواصل آياتها يجمعها قولك (لم نر) . منها آية واحدة على اللام: {قال الله على ما نقول وكيل} . وما لها اسم سوى سورة يوسف؛ لاشتمالها على قصته.
    مقصود السورة إجمالا: عرض العجائب التى تتضمنها: من حديث يوسف ويعقوب، والوقائع التى فى هذه القصة: من تعبير الرؤيا، وحسد الإخوة، وحيلهم فى التفريق بينه وبين أبيه، وتفصيل الصبر الجميل من جهة يعقوب، وبشارة مالك بن دعر بوجدان يوسف، وبيع الإخوة أخاهم بثمن بخس، وعرضه على البيع والشراء، بسوق مصر، ورغبة زليخا وعزيز مصر فى شراه، ونظر زليخا إلى يوسف، واحتراز يوسف منها، وحديث رؤية البرهان، وشهادة الشاهد، وتعيير النسوة زليخا، وتحيرهن فى حسن يوسف، وجماله، وحبسه فى السجن، ودخول الساقى والطباخ إليه، وسؤالهما إياه، ودعوته إياه إلى التوحيد، ونجاة الساقى، وهلاك الطباخ، ووصية يوسف للساقى بأن يذكره عند ربه، وحديث رؤيا مالك بن الريان، وعجز العابرين عن عبارته، وتذكر الساقى يوسف، وتعبيره لرؤياه فى السجن، وطلب مالك يوسف، وإخراجه من السجن، وتسليم مقاليد الخزائن إليه، ومقدم إخوته لطلب الميرة، وعهد يعقوب مع أولاده، ووصيتهم فى كيفية الدخول إلى مصر، وقاعدة تعريف يوسف نفسه لبنيامين، وقضائه حاجة الإخوة، وتغييبه الصاع فى أحمالهم، وتوقيف بنيامين بعلة السرقة، واستدعائهم منه توقيف غيره من الإخوة مكانه، ورده الإخوة إلى أبيهم، وشكوى يعقوب من جور الهجران، وألم الفراق، وإرسال يعقوب إياهم فى طلب يوسف، وأخيه، وتضرع الإخوة بين يدى يوسف، وإظهار يوسف لهم ما فعلوه معه من الإساءة وعفوه عنهم، وإرساله بقميصه صحبتهم إلى يعقوب، وتوجه يعقوب من كنعان إلى مصر، وحوالة يوسف ذنب إخوته على مكايد الشيطان، وشكره لله تعالى على ما خوله من الملك، ودعائه وسؤاله حسن الخاتمة، وجميل العاقبة، وطلب السعادة، والشهادة، وتعيير الكفار على الإعراض من الحجة، والإشارة إلى أن قصة يوسف عبرة للعالمين فى قوله: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} إلى آخر السورة.
    وهذه السورة ليس فيها ناسخ ولا منسوخ.
    المتشابهات: قوله: {إن ربك عليم حكيم} ليس فى القرآن غيره أى عليم: علمك تأويل الأحاديث، حكيم: اجتباك للرسالة.
    قوله: {قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل} فى موضعين، وليس بتكرار؛ لأنه ذكر الأول حين نعى إليه يوسف، والثانى حين رفع إليه ما جرى على بنيامين.
    قوله: {ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما} ومثلها فى القصص. وزاد فيها (واستوى) ؛ لأن يوسف عليه السلام أوحى إليه وهو فى البئر، وموسى عليه السلام أوحى إليه بعد أربعين سنة. وقوله (واستوى) إشارة إلى تلك الزيادة. ومثله {وبلغ أربعين سنة} بعد قوله: {حتى إذا بلغ أشده} .
    قوله: {معاذ الله} هنا فى موضعين، وليس بتكرار؛ لأن الأول ذكره حين دعته إلى المواقعة، والثانى حين دعى إلى تغيير حكم السرقة.
    قوله: {قلن حاش لله} فى موضعين: أحدهما فى حضرة يوسف، حين نفين عنه البشرية بزعمهن، والثانى بظهر الغيب حين نفين عنه السوء.
    قوله: {إنا نراك من المحسنين} (فى موضعين) ليس بتكرار؛ لأن الأول من كلام من صاحبى السجن ليوسف، والثانى من كلام إخوته له.
    قوله: {ياصاحبي السجن} فى موضعين: الأول ذكره يوسف حين عدل عن جوابهما إلى دعائهما إلى الإيمان. والثانى حين عاد إلى تعبير (رؤياهما) ؛ تنبيها على أن الكلام الأول قد تم.

    قوله: {لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون} كرر (لعلى) مراعاة لفواصل الآى. ولو جاء على مقتضى الكلام لقال: لعلى أرجع إلى الناس فيعلموا، بحذف النون على الجواب. ومثله فى هذه السورة سواء قوله: {لعلهم يعرفونهآ إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون} أى لعلهم يعرفونها فيرجعوا.

    قوله: {ولما جهزهم بجهازهم} فى موضعين: الأول حكاية عن تجهيزه إياهم أول ما دخلوا عليه. والثانى حين أرادوا الانصراف من عنده فى المرة الثانية. وذكر الأول بالواو؛ لأنه أول قصصهم معه، والثانى بالفاء، عطفا على {ولما دخلوا} وتعقيبا له.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  9. #29
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (29)
    من صـــ 259 الى صـــ 265

    قوله: (تالله) فى ثلاثة مواضع: الأول يمين منهم أنهم ليسوا سارقين، وأن أهل مصر بذلك عالمون، والثانى يمين منهم أنك لو واظبت على هذا الحزن والجزع تصير حرضا، أو تكون من الهالكين، والثالث يمين منهم أن الله فضله عليهم، وأنهم كانوا خاطئين.

    قوله: {ومآ أرسلنا من قبلك} وفى الأنبياء {ومآ أرسلنا قبلك} بغير (من) لأن (قبل) اسم للزمان السابق على ما أضيف إليه، و (من) يفيد استيعاب الطرفين، وما فى هذه السورة للاستيعاب. وقد يقع (قبل) على بعض ما تقدم؛ كما فى الأنبياء، وهو قوله: {مآ آمنت قبلهم من قرية} ثم وقع عقبه {ومآ أرسلنا قبلك} فحذف (من) لأنه هو بعينه.
    قوله: {أفلم يسيروا في الأرض} بالفاء. وفى الروم والملائكة بالواو؛ لأن الفاء يدل على الاتصال والعطف، والواو يدل على العطف المجرد. وفى هذه السورة قد اتصلت بالأول؛ كقوله تعالى: {ومآ أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا} حال من كذبهم وما نزل بهم، وليس كذلك فى الروم والملائكة.
    قوله: {ولدار الآخرة خير} بالإضافة، وفى الأعراف {والدار الآخرة خير} على الصفة؛ لأن هنا تقدم ذكر الساعة، فصار التقدير: ولدار الساعة الآخرة، فحذف الموصوف، وفى الأعراف تقدم قوله: {عرض هاذا الأدنى} أى المنزل الأدنى، فجعله وصفا للمنزل، والدار الدنيا والدار الآخرة بمعناه، فأجرى مجراه. تأمل فى السورة فإن فيها برهان أحسن القصص.
    فضل السورة
    لم يرد فيه سوى أحاديث واهية. منها حديث أبى: علموا أرقاءكم سورة يوسف؛ فإنه أيما مسلم تلاها وعلمها أهله، وما ملكت يمينه، هون الله عليه سكرات الموت، وأعطاه القوة ألا يحسد مسلما، وكان له بكل رقيق فى الدنيا مائة ألف ألف حسنة، ومثلها درجة، ويكون فى جوار يوسف فى الجنة. ثم قال: تعلموها وعلموها أولادكم؛ فإنه من قرأها كان له من الأجر كأجر من اجتنب الفواحش، وأجر من غض بصره عن النظر إلى الحرام. وقال: يا على من قرأ سورة يوسف تقبل الله حسناته، واستجاب دعاءه، وقضى حوائجه وله بكل آية قرأها ثواب الفقراء.
    بصيرة فى.. المر. تلك آيات الكتاب والذى أنزل اليك
    السورة مكية. وعدد آياتها سبع وأربعون عند الشاميين، وثلاث عند الكوفيين، وأربع عند الحجازيين، وخمس عند البصريين. وكلماتها ثمان مائة وخمس وستون. وحروفها ثلاثة آلاف وخمسمائة وستة أحرف.
    والآيات المختلف فيها خمس: (جديد، النور، البصير، وسوء الحساب، من كل باب) .
    وفواصل آياتها يجمعها قولك (نقر دعبل) منها على العين آية واحدة {إلا متاع} وما على النون فقبل النون واو، وسائر الآيات التى على الباء فقبلها ألف؛ نحو مآب، متاب، سوى (القلوب) ؛ فقبلها واو.
    وتسمى سورة الرعد؛ لقوله فيها: {يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته} .
    مقصود السورة: بيان حجة التوحيد فى تخليق السماوات والأرض، واستخراج الأنهار والأشجار والثمار، وتهديد الكفار، ووعيدهم، وذكر تخليق الأولاد فى أرحام الأمهات، على تباين الدرجات، ومع النقصان والزيادات، فى الأيام والساعات، واطلاع الحق تعالى على بواطن الأسرار، وضمائر الأخيار والأشرار، وذكر السحاب، والرعد، والبرق، والصواعق، والانتظار. والرد على عبادة الأصنام، وقصة نزول القرآن من السماء، والوفاء بالعهد، ونقض الميثاق، ودخول الملائكة بالتسليم على أهل الجنان، وأنس أهل الإيمان، بذكر الرحمة، وبيان تأثير القرآن، فى الآثار والأعيان، وكون عاقبة أهل الإيمان إلى الجنان، ومقر مرجع الكفار إلى النيران، والمحو والإثبات فى اللوح بحسب مشيئة الديان، وتقدير الحق فى أطراف الأرض بالزيادة والنقصان، وتقرير نبوة المصطفى بنزول الكتاب، وبيان القرآن فى قوله: {ويقول الذين كفروا لست مرسلا} إلى آخر السورة.
    الناسخ والمنسوخ:
    فى السورة آيتان {فإنما عليك البلاغ} م آية السيف ن {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم} م {إن الله لا يغفر أن يشرك به} ن وقيل: هى محكمة.
    المتشابهات:
    قوله: {كل يجري لأجل مسمى} ، وفى لقمان: {إلى أجل} لا ثانى له، لأنك تقول فى الزمان: جرى ليوم كذا، وإلى يوم كذا، والأكثر اللام؛ كما فى هذه السورة، وسورة الملائكة. وكذلك فى يس {تجري لمستقر لها} ؛ لأنه بمنزلة التاريخ؛ تقول: كتبت لثلاث بقين من الشهر، وآتيك لخمس تبقى من الشهر. وأما فى لقمان فوافق ما قبلها، وهو قوله: {ومن يسلم وجهه إلى الله} ، والقياس: لله؛ كما فى قوله: {أسلمت وجهي لله} لكنه حمل على المعنى، أى يقصد بطاعته إلى الله، كذلك: يجرى إلى أجل مسمى، أى يجرى إلى وقته المسمى له.
    قوله: {إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} وبعدها {إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} ؛ لأن بالتفكر فى الآيات يعقل ما جعلت الآيات دليلا له؛ فهو الأول المؤدى إلى الثانى.

    قوله: {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه} هاهنا موضعان. وزعموا أنه لا ثالث لهما. ليس هذا بتكرار محض؛ لأن المراد بالأول آية مما اقترحوا؛ نحو ما فى قوله: {لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض} الآيات وبالثانى آية ما، لأنهم لم يهتدوا إلى أن القرآن آية فوق كل آية، وأنكروا سائر آياته صلى الله عليه وسلم.

    قوله: {ولله يسجد من في السماوات والأرض} وفى النحل {ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دآبة والملائكة} وفى الحج {أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم} ؛ لأن فى هذه السورة تقدم آية السجدة ذكر العلويات: من البرق والسحاب والصواعق، ثم ذكر الملائكة وتسبيحهم، وذكر بأخرة الأصنام والكفار، فبدأ فى آية السجدة بذكر من فى السماوات لذلك، وذكر الأرض تبعا، ولم يذكر من فيها؛ استخفافا بالكفار والأصنام. وأما فى الحج فقد تقدم ذكر المؤمنين وسائر الأديان، فقدم ذكر من فى السماوات؛ تعظيما لهم ولها، وذكر من فى الأرض؛ لأنهم هم الذين تقدم ذكرهم. وأما فى النحل فقد تقدم ذكر ما خلق الله على العموم،ولم يكن فيه ذكر الملائكة، ولا الإنس تصريحا، فنصت الآية ما فى السماوات وما فى الأرض؛ فقال فى كل آية ما ناسبها.
    قوله: {نفعا ولا ضرا} قد سبق.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  10. #30
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (30)
    من صـــ 266 الى صـــ 272

    قوله: {كذلك يضرب الله} ليس بتكرار؛ لأن التقدير: كذلك يضرب الله للحق والباطل الأمثال، فلما اعترض بينهما (فأما) و (أما) وطال الكلام أعاد، فقال: {كذلك يضرب الله الأمثال} .

    قوله: {له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به} وفى المائدة {ليفتدوا به} ؛ لأن (لو) وجوابها يتصلان بالماضى، فقال: فى هذه السورة {لافتدوا به} وجوابه فى المائدة {ما تقبل منهم} وهو بلفط الماضى، وقوله: {ليفتدوا به} علة، وليس بجواب.
    قوله: {مآ أمر الله به أن يوصل} فى موضعين: هذا ليس بتكرار؛ لأن الأول متصل بقوله: (يصلون) وعطف عليه (ويخشون) ، والثانى متصل بقوله: (يقطعون) وعطف عليه (يفسدون) .
    قوله: {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك} ومثله فى المؤمنين ليس بتكرار. قال ابن عباس: عيروا رسول الله صلى الله عليه وسلم باشتغاله بالنكاح والتكثر منه فأنزل الله تعالى {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية} فكان المراد من الآية قوله: {وجعلنا لهم أزواجا وذرية} بخلاف ما فى المؤمنين؛ فإن المراد منه: لست ببدع من الرسل {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} .
    قوله: {وإن ما نرينك} مقطوع، وفى سائر القرآن: (وإما) موصول. وهو من الهجاء: (إن) و (ما) وذكر فى موضعين.
    فضل السورة
    يذكر فيه من الأحاديث الساقطة حديث أبى: من قرأ سورة الرعد أعطى من الأجر عشر حسنات، بوزن كل سحاب مضى، وكل سحاب يكون، إلى يوم القيامة، ودرجات فى جنات عدن، وكان يوم القيامة فى أولاده، وذريته، وأهل بيته من المسلمين. وعن جعفر الصادق: من قرأها لم تصبه صاعقة أبدا، ودخل الجنة بلا حساب، وحديث على: يا على من قرأ سورة الرعد كتب له بكل قطرة تمطر فى تلك السنة ثمانون حسنة، وأربع وثمانون درجة، وله بكل آية قرأها مثل ثواب من يموت فى طلب العلم.
    بصيرة فى.. الر. كتاب أنزلناه اليك
    السورة مكية إجماعا، غير آية واحدة: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} الآية. وعدد آياتها خمس وخمسون عند الشاميين، واثنتان عند الكوفيين، وأربع عند الحجازيين، وواحدة عند البصريين، وكلماتها ثمانمائة وإحدى وثلاثون. وحروفها ستة آلاف وأربعمائة وأربع وثلاثون.
    والآيات المختلف فيها سبع: {إلى النور} ، وعاد، وثمود، {بخلق جديد} ، {وفرعها في السمآء} {الليل والنهار} {عما يعمل الظالمون} .
    مجموع فواصل آياتها (آدم نظر، صب ذل) .
    وتسمى سورة إبراهيم؛ لتضمنها قصة إسكانه ولده إسماعيل بواد غير ذى زرع، وشكره لله تعالى على ما أنعم عليه من الولدين: إسماعيل وإسحاق.
    مقصود السورة: بيان حقيقة الإيمان، وبرهان النبوة، وأن الله تعالى أرسل كل رسول بلغة قومه، وذكر الامتنان على بنى إسرائيل بنجاتهم من فرعون، وأن القيام بشكر النعم يوجب المزيد، وكفرانها يوجب الزوال، وذكر معاملة القرون الماضية مع الأنبياء، والرسل الغابرين، وأمر الأنبياء بالتوكل على الله عند تهديد الكفار إياهم، وبيان مذلة الكفار فى العذاب، والعقوبة، وبطلان أعمالهم، وكمال إذلالهم فى القيامة، وبيان جزعهم من العقوبة، وإلزام الحجة عليهم، وإحال إبليس اللائمة عليهم، وبيان سلامة أهل الجنة، وكرامتهم، وتشبيه الإيمان (والتوحيد بالشجرة الطيبة وهى النخلة وتمثيل الكفر بالشجرة الخبيثة وهى الحنطة وتثبيت أهل الإيمان) على كلمة الصواب عند سؤال منكر ونكير، والشكوى من الكفار بكفران النعمة، وأمر المؤمنين بإقامة الصلوات، والعبادات، وذكر المنة على المؤمنين بالنعم السابغات، ودعائه إبراهيم بتأمين الحرم المكى، وتسليمه إسماعيل إلى كرم الحق تعالى. ولطفه وشكره لله على إعطائه الولد، والتهديد العظيم للظالمين بمذلتهم فى القيامة، وذكر أن الكفار قرناء الشياطين فى العذاب، والإشارة إلى أن القرآن أبلغ وعظ، وذكرى للعقلاء فى قوله: {هاذا بلاغ للناس} إلى آخر السورة.
    والسورة خالية عن المنسوخ فى قول. وعند بعضهم {إن الإنسان لظلوم كفار} م {إن الله غفور حليم} م.
    المتشابهات:
    قوله: {فليتوكل المؤمنون} وبعده {فليتوكل المتوكلون} لأن الإيمان سابق على التوكل.
    قوله: {مما كسبوا على شيء} والقياس على شىء مما كسبوا كما فى البقرة لأن على (من صلة القدرة، ولأن (مما كسبوا) صف لشىء. وإنما قدم فى هذه السورة لأن) الكسب هو المقصود بالذكر، وأن المثل ضرب للعمل، يدل عليه قوله: {أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء} .
    قوله: {وأنزل من السمآء مآء} وفى النمل: {وأنزل لكم من السمآء} بزيادة (لكم) ؛ لأن (لكم) فى هذه السورة مذكور فى آخر الآية، فاكتفى بذكره، ولم يكن فى النمل فى آخرها، فذكر فى أولها. وليس قوله: {ما كان لكم} يكفى من ذكره؛ لأنه نفى لا يفيد معنى الأول.
    قوله: {في الأرض ولا في السمآء} قدم الأرض؛ لأنها خلقت قبل السماء؛ ولأن هذا الداعى فى الأرض. وقدمت الأرض فى خمسة مواضع: هنا، وفى آل عمران، ويونس، وطه، والعنكبوت.
    قوله: {وليذكر أولوا الألباب} (خص أولى الألباب) بالذكر لأن المراد فى الآية التذكر، والتدبر، والتفكر فى القرآن، وانما يتأتى ذلك منهم، مثله فى البقرة {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} يريد فهم معانى القرآن، ثم ختم الآية بقوله: {وما يذكر إلا أولوا الألباب} ومثلها فى آل عمران {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات} وذكر فيه المحكمات والمتشابهات، وختمها بقوله: {وما يذكر إلا أولوا الألباب} ، ولا رابع لها فى القرآن.
    فضل السورة
    ذكروا فيه أحاديث ضعيفة واهية. منها: من قرأ سورة إبراهيم أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل من عبد الأصنام، وعدد من لم يعبدها، وفى لفظ: أعطى بعدد من عبد الأصنام مدينة فى الجنة، لو نزل بها مثل يأجوج ومأجوج لوسعتهم ما شاءوا من اللباس، والخدم، والمأكول، وسائر النعم، وحرم عليهم سرابيل القطران، ولا تغشى النار وجهه، وكان مع إبراهيم فى قباب الجنان، وأعطى بعدد أولاد إبراهيم حسنات ودرجات، وحديث على: يا على من قرأ سورة إبراهيم كان فى الجنة رفيق إبراهيم، وله مثل ثواب إبراهيم، وله بكل آية قرأها مثل ثواب إسحاق بن إبراهيم.
    بصيرة فى.. ألر. تلك آيات الكتاب وقرآن مبين
    السورة مكية إجماعا. وعدد آياتها تسع وتسعون بلا خلاف. وكلماتها ستمائة وأربع وخمسون. وحروفها ألفان وسبعمائة وستون.
    ومجموع فواصل آياتها (ملن) على اللام منها آيتان: {حجارة من سجيل} ، {فاصفح الصفح الجميل} .
    وتسمى سورة الحجر؛ لاشتمالها على قصتهم، وقوله: {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين} .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  11. #31
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (31)
    من صـــ 273 الى صـــ 278

    مقصود السورة إجمالا: بيان حقيقة القرآن، وحفظ الحق وبرهان النبوة وحفظ الحق كتابه العزيز من التغيير والتبديل، وتزيين السماوات بمواكب الكواكب وحفظهما برجوم النجوم من استراق الشياطين السمع، وتقديره تعالى الماء والسحاب من خزائن بره، ولطفه، وعلمه تعالى بأحوال المتقدمين فى الطاعة والمتأخرين عنها، وبيان الحكمة فى تخليق آدم، وأمر الملائكة المقربين بسجوده، وتعيير إبليس، وملامته على تأبيه واستكباره وجحوده، واستحقاقه اللعنة من الله بعصيانه وطغيانه، وجراءته بالمناظرة لخالقه ومعبوده، وبيان قسم الدركات (على أهل اللذات) والضلالات، وذكر المستوجبى الجنة من المؤمنين، وإخبار الله تعالى عباده بالرحمة والغفران، وتهديدهم بالعذاب والعقاب، والإشارة إلى ذكر أضياف الخليل عليه السلام، والنهى عن القنوط من الرحمة، وذكر آل لوط، وسكرتهم فى طريق العماية والضلالة، وتسلية النبى صلى الله عليه وسلم عن جفاء الكفار، وبذىء أقوالهم، والمن عليه صلى الله عليه وسلم بنزول السبع المثانى، ومشون القرآن العظيم، والشكوى عن الطاعنين فى القرآن، وذكر القسم بوقوع السؤال فى القيامة، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بإظهار الدعوة، والمن عليه بإهلاك أعداء دينه، ووصيته بالعبادة إلى يوم الحق واليقين فى قوله: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ أربع آيات {ذرهم يأكلوا ويتمتعوا} م آية السيف ن {وأعرض عن المشركين} م آية السيف ن {فاصفح الصفح الجميل} م
    آية السيف ن {لا تمدن عينيك} آية السيف ن.
    المتشابهات
    قوله: {لو ما تأتينا} وفى غيرها: (لولا) ؛ لأن (لولا) يأتى على وجهين: أحدهما امتناع الشىء لوجود غيره؛ وهو الأكثر. والثانى بمعنى (هلا) وهو التحضيض. ويختص بالفعل، و (لوما) بمعناه. وخصت هذه السورة بلوما؛ موافقة لقوله: (ربما) فإنها أيضا مما خصت به هذه السورة.
    قوله: {وإذ قال ربك للملآئكة إني خالق بشرا} ، وفى البقرة: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل} ولا ثالث لهما؛ لأن (جعل) إذا كان بمعنى (خلق) يستعمل فى الشىء يتجدد ويتكرر؛ كقوله: {خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور} ، لأنهما يتجددان زمانا بعد زمان. وكذلك الخليفة يدل لفظه على أن بعضهم يخلف بعضا إلى يوم القيامة. وخصت هذه السورة بقوله: {إني خالق بشرا من صلصال} إذ ليس فى لفظ البشر ما يدل على التجدد والتكرار، فجاء فى كل واحدة من السورتين ما اقتضاه ما بعدهما من الألفاظ.
    قوله: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} فى هذه السورة، وفى ص؛ لأنه لما بالغ فى السورتين فى الأمر بالسجود وهو قوله: {فقعوا له ساجدين} فى السورتين بالغ فى الامتثال فيهما فقال: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون} ليقع الموافقة بين أولاها وأخراها. وتمام قصة آدم وإبليس سبق.
    قوله هنا لإبليس: {اللعنة} وقال فى ص {لعنتي} لأن الكلام فى هذه السورة جرى على الجنس فى أول القصة فى قوله: {ولقد خلقنا الإنسان} {والجآن خلقناه} {فسجد الملائكة كلهم} لذلك قال: {اللعنة} وفى ص تقدم {لما خلقت بيدي} فختم بقوله {لعنتي} .
    قوله: {ونزعنا ما في صدورهم من غل} وزاد فى هذه السورة {إخوانا} لأنها نزلت فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما سواها عام فى المؤمنين.
    قوله فى قصة إبراهيم: {فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون} لأن هذه السورة متأخرة، فاكتفى بما فى هود؛ لأن التقدير: فقالوا: سلاما، قال: سلام، فما لبث أن جاء بعجل حنيذ، فلما رأى أيديهم لاتصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة، قال: إنا منكم وجلون. فحذف للدلالة عليه.
    قوله: {وأمطرنا عليهم} وفى غيرها {وأمطرنا عليها} قال بعض المفسرين: (عليهم) أى على أهلها، وقال بعضهم: على من شذ من القرية منهم. وقال تاج القراء: ليس فى القولين ما يوجب تخصيص هذه السورة بقوله: (عليهم) بل هو يعود إلى أول القصة، وهو {إنآ أرسلنآ إلى قوم مجرمين} ثم قال: {وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل} قال: وهذه لطيفة فاحفظها.
    قوله: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} بالجمع وبعدها {لآية للمؤمنين} على التوحيد. قال الإمام: الأولى إشارة إلى ما تقدم من قصة لوط [وضيف إبراهيم، وتعرض قوم لوط لهم] طمعا فيهم، وقلب القرية على من فيها، وإمطار الحجارة عليها، وعلى من غاب منهم. فختم بقوله: {لآيات للمتوسمين} أى لمن يتدبر السمة، وهى ما وسم الله به قوم لوط وغيرهم، قال: والثانية تعود إلى القرية: {وإنها لبسبيل مقيم} وهى واحدة، فوحد الآية. وقيل: ما جاء فى القرآن من الآيات فلجمع الدلائل، وما جاء من الآية فلوحدانية المدلول عليه. فلما ذكر عقبه المؤمنين، وهم مقرون بوحدانية الله تعالى، وحد الآية. وليس لها نظير إلا فى العنكبوت، وهو قوله تعالى {خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين} فوحد بعد ذكر الجمع لما ذكرت والله أعلم.
    فضل السورة:
    ذكروا أحاديث واهية. منها: من قرأ سورة الحجر كان له من الأجر عشر حسنات بعدد المهاجرين، والأنصار، والمستهزئين، بمحمد صلى الله عليه وسلم. وعن جعفر أنه قال: من قرأ سورة الحجر لا يصيبه عطش يوم القيامة. ومن قرأها فى ركعتى كل جمعة لم يصبه فقر أبدا، ولا جنون، ولا بلوى. وحديث على: يا على من قرأ سورة الحجر لا ينصب له ميزان، ولا ينشر له ديوان، وقيل له: ادخل الجنة بغير حساب. وله بكل آية قرأها مثل ثواب أصحاب البلاء.
    بصيرة فى.. أتى أمر الله
    هذه السورة مكية، إلا قوله: {وإن عاقبتم فعاقبوا} إلى آخر السورة. وقيل: أربعون آية منها مكية، والباقى مدنى. والأول أولى. عدد آياتها مائة وثمانية وعشرون. وكلماتها ألفان وثمانمائة وأربعون. وحروفها سبعة آلاف وسبعمائة وسبعة أحرف.
    ومجموع فواصل آياتها (نمر) منها اثنتان على الراء آخراهما {قدير} وسميت سورة النحل لما فيها من عجائب ذكر النحل.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  12. #32
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (32)
    من صـــ 279 الى صـــ 285

    معظم ما اشتملت عليه السورة: تخويف العباد بمجئ القيامة، وإقامة حجة الوحدانية، وذكر ما فى الأنعام من المنافع والنعم، وما فى المراكب من التجمل والزينة، وذكر المسيم والنبات والشجر، وتسخير الشمس والقمر، وتثبيت الأرض والجبال والحجر، وهداية الكواكب فى السفر والحضر، والنعم الزائدة عن (العد والإحصاء) ، والإنكار على أهل الإنكار، وجزاء مكر المكار، ولعنة الملائكة على الأشرار، عند الاحتضار، وسلامهم فى ذلك الوقت على الأبرار والأخيار، وبيان أحوال الأنبياء والمرسلين مع الأمم الماضين، وذكر الهجرة والمهاجرين، وذكر التوحيد، وتعريف المنعم، ونعمه السابغات، ومذمة المشركات بوأد البنات، وبيان الأسماء والصفات، والمنة على الخلائق بإنزال الرحمات، وعدها من الإنعام فى باب الأنعام والحيوانات، وبيان فوائد النحل، وذكر ما اشتمل عليه:
    من عجيب الحالات، وتفضيل الخلق فى باب الأرزاق والأقوات، وبيان حال المؤمن والكافر، وتسخير الطيور فى الجو صافات، والمنة بالمساكن والصحارى والبريات، وشكاية المتكبرين، وذكر ما أعد لهم من العقوبات، والأمر بالعدل والإحسان، والنهى عن نقض العهد والخيانات، وأن الحياة الطيبة فى ضمن الطاعات، وتعلم الاستعاذة بالله فى حال تلاوة الآيات المحكمات، ورد سلطان الشيطان من المؤمنين والمؤمنات، وتبديل الآيات بالآيات، لمصالح المسلمين والمسلمات، والرخصة بالتكلم بكلمة الكفر عند الإكراه والضرورات، وبيان التحريم والتحليل فى بعض الحالات، وذكر إبراهيم الخليل وما منح من الدرجات، وذكر السبت والدعاء إلى سبيل الله بالحكمة والعظات الحسنات، والأمر بالتسوية فى المكافآت بالعقوبات، والأمر بالصبر على البليات، ووعد المتقين والمحسنين بأعظم المثوبات، بقوله: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} .
    الناسخ والمنسوخ فى هذه السورة ثلاث آيات منسوخة م {تتخذون منه سكرا} م {إنما حرم ربي الفواحش} ن {فإنما عليك البلاغ} م آية السيف ن {وجادلهم بالتي هي أحسن} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    فيها فى موضعين {إن في ذلك لآيات} بالجمع. وفى خمسة مواضع: {إن في ذلك لآية} على الوحدة. أما الجمع فلموافقة قوله: {مسخرات} فى الآيتين؛ لتقع المطابقة فى اللفظ والمعنى. وأما التوحيد فلتوحيد المدلول عليه.
    من الخمس قوله: {إن في ذلك لآية لقوم يذكرون} وليس له نظير. وخص بالذكر لاتصاله بقوله: {وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه} ؛ فإن اختلاف ألوان الشىء وتغير أحواله يدل على صانع حكيم لا يشبهها ولا تشبهه، فمن تأمل فيها اذكر.
    ومن الخمس: {إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون} فى موضعين، وليس لهما نظير. وخصتا بالفكر؛ لأن الأولى متصلة بقوله: {ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات} وأكثرها للأكل، وبه قوام البدن، فيستدعى تفكيرا وتأملا، ليعرف به المنعم عليه فيشكره. والثانية متصلة بذكر النحل، وفيها أعجوبة: من انقيادها لأميرها، واتخاذها البيوت على أشكال يعجز عنها الحاذق منا، ثم تتبعها الزهر والطلى من الأشجار، ثم خروج ذلك من بطونها لعابا أو ونيما، فاقتضى ذلك فكرا بليغا، فختم فى الآيتين بالتفكر.
    قوله: {وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله} ، وفى الملائكة: {وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا} ، ما فى هذه السورة جاء على القياس؛ فإن (الفلك) المفعول الأول لترى، و (مواخر) المفعول الثانى، و (فيه) ظرف، وحقه التأخر. والواو فى (ولتبتغوا) للعطف على لام العلة فى قوله: {لتأكلوا منه} . وأما فى الملائكة فقدم (فيه) موافقة لما قبله، وهو قوله: {لتأكلوا منه لحما طريا} فقدم الجار والمجرور، على الفعل والفاعل، ولم يزد الواو على (لتبتغوا) لأن اللام فى (لتبتغوا) هنا لام العلة، وليس يعطف على شىء قبله. ثم إن قوله: {وترى الفلك مواخر فيه} و {فيه مواخر} اعتراض فى السورتين يجرى مجرى المثل، ولهذا وحد الخطاب،وهو قوله: (وترى) وقبله وبعده جمع، وهو قوله: (لتأكلوا) و (تستخرجوا) و (لتبتغوا) . وفى الملائكة: (تأكلون) و (تستخرجون) ، (لتبتغوا) ومثله فى القرآن كثير، منه {كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا} وكذلك {تراهم ركعا سجدا} ، {وترى الملائكة حآفين من حول العرش} وأمثاله. أى لو حضرت أيها المخاطب لرأيته فى هذه الصفة؛ كما تقول: أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، فتأمل فإن فيه دقيقة.
    قوله: {وإذا قيل لهم ماذآ أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين} وبعده: {وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا} إنما رفع الأول؛ لأنهم أنكروا إنزال القرآن، فعدلوا عن الجواب، فقالوا: أساطير الأولين. والثانى من كلام المتقين، وهم مقرون بالوحى والإنزال، فقالوا: خيرا، أى أنزل خيرا، فيكون الجواب مطابقا، و (خيرا) نصب بأنزل. وإن شئت جعلت (خيرا) مفعول القول، أى: قالوا خيرا ولم يقولوا شرا كما قالت الكفار. وإن شئت جعلت (خيرا) صفة مصدر محذوف، أى قالوا قولا خيرا. وقد ذكرت مسألة (ماذا) فى مواضعه.
    قوله: {فلبئس مثوى المتكبرين} ليس فى القرآن نظيره للعطف بالفاء على التعقيب فى قوله: {فادخلوا أبواب جهنم} واللام للتأكيد تجرى مجرى القسم موافقة لقوله: {ولنعم دار المتقين} وليس له نظير، وبينهما: {ولدار الآخرة خير} .
    قوله: {فأصابهم سيئات ما عملوا} هنا وفى الجاثية، وفى غيرهما {ما كسبوا} ؛ لأن العمل أعم من الكسب، ولهذا قال: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} وخصت هذه السورة (بالعمل) لموافقة ما قبله: {ما كنا نعمل من سواء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون} ولموافقة ما بعده وهو قوله: {وتوفى كل نفس ما عملت} ومثله: {ووفيت كل نفس ما عملت} فى الزمر. وليس لها نظير.
    قوله: {لو شآء الله ما عبدنا من دونه من شيء} قد سبق.
    قوله: {ولله يسجد ما في السماوات} قد سبق.

    قوله: {ليكفروا بمآ آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون} ومثله فى الروم و (فى) العنكبوت: {وليتمتعوا فسوف يعلمون} باللام والياء. أما التاء فى السورتين فبإضمار القول أى قل لهم: تمتعوا، كما فى قوله: {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} وكذلك: {قل تمتع بكفرك} .
    وخصصت هذه السورة بالخطاب لقوله: {إذا فريق منكم} وألحق ما فى الروم به. وأما [ما] فى العنكبوت فعلى القياس، عطف على اللام قبله، وهى للغائب.
    قوله: {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دآبة} وفى الملائكة: {بما كسبوا ما ترك على ظهرها} الهاء فى هذه السورة كناية عن الأرض، ولم يتقدم ذكرها. والعرب تجوز ذلك فى كلمات منها الأرض، تقول: فلان أفضل من عليها، ومنها السماء، تقول: فلان أكرم من تحتها، ومنها الغداة (تقول) : إنها اليوم لباردة. ومنها الأصابع تقول: والذى شقهن خمسا من واحدة، يعنى الأصابع من اليد. وإنما جوزوا ذلك لحصولها بين يدى متكلم وسامع. ولما كان كناية عن غير مذكور لم يزد معه الظهر لئلا يلتبس بالدابة؛ لأن الظهر أكثر ما يستعمل فى الدابة؛ قال صلى الله عليه وسلم: "المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" وأما فى الملائكة فقد تقدم ذكر الأرض فى قوله:
    {أولم يسيروا في الأرض} وبعدها: {ولا في الأرض} فكان كناية عن مذكور سابق، فذكر الظهر حيث لا يلتبس. قال الخطيب: إنما قال فى النحل: {بظلمهم} ولم يقل (على ظهرها) احترازا عن الجمع بين الظاءين؛ لأنها تثقل فى الكلام، وليست لأمة من الأمم سوى العرب. قال: ولم يجئ فى هذه السورة إلا فى سبعة أحرف؛ نحو الظلم والنظر والظل وظل وجهه والظفر والعظم والوعظ، فلم يجمع بينهما فى جملتين معقودتين عقد كلام واحد، وهو لو وجوابه.
    قوله: {فأحيا به الأرض بعد موتهآ} وفى العنكبوت: {من بعد موتهآ} وكذلك حذف (من) من قوله: {لكي لا يعلم بعد علم شيئا} وفى الحج {من بعد علم شيئا} فحذف (من) فى قوله: {بعد موتهآ} موافقة لقوله: {بعد علم شيئا} وحذف (من) فى قوله: {بعد علم شيئا} لأنه أجمل الكلام فى هذه السورة، فقال: {والله خلقكم ثم يتوفاكم} وفصله فى الحج فقال: {فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة} إلى قوله: {ومنكم من يتوفى} فاقتضى الإجمال الحذف، والتفصيل الإثبات. فجاء فى كل سورة ما اقتضاه الحال.
    قوله: {نسقيكم مما في بطونه} وفى المؤمنين {في بطونها} لأن فى هذه السورة يعود إلى البعض وهو الإناث لأن اللبن لا يكون للكل. فصار تقدير الآية: وإن لكم فى بعض الأنعام، بخلاف ما فى المؤمنين، فإنه لما عطف ما يعود على الكل ولا يقتصر على البعض - وهو قوله: {ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها} لم يحتمل أن يكون المراد البعض، فأنث حملا على الأنعام، وما قيل: إن (الأنعام) هاهنا بمعنى النعم لأن الألف واللام يلحق الآحاد بالجمع والجمع بالآحاد حسن؛ إلا أن الكلام وقع فى التخصيص. والوجه ما ذكرت. والله أعلم.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  13. #33
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (33)
    من صـــ 286 الى صـــ 292

    قوله: {وبنعمت الله هم يكفرون} وفى العنكبوت {يكفرون} بغير (هم) لأن فى هذه السورة اتصل (الخطاب) {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات} ثم عاد إلى الغيبة فقال:
    {أفبالباطل يؤمنون وبنعمت الله هم يكفرون} فلا بد من تقييده بهم لئلا يلتبس الغيبة بالخطاب والتاء بالباء. وما فى العنكبوت اتصل بآيات استمرت على الغيبة فلم يحتج إلى تقييده بالضمير.
    قوله: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم} كرر إن، وكذلك فى الآية الأخرى {ثم إن ربك} لأن الكلام لما طال بصلته أعاد إن واسمها وثم، وذكر الخبر.
    ومثله {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون} أعاد (أن) لما طال الكلام.
    قوله: {ولا تك في ضيق مما} وفى النمل: {ولا تكن} بإثبات النون. هذه الكلمة كثر دورها فى الكلام فحذف النون فيها تخفيفا من غير قياس بل تشبها بحروف العلة. ويأتى ذلك فى القرآن فى بضعة عشر موضعا تسعة منها بالتاء، وثمانية بالياء، وموضعان بالنون، وموضع بالهمزة.
    وخصت هذه السورة بالحذف دون النمل موافقة لما قبلها وهو قوله: {ولم يك من المشركين} والثانى أن هذه الآية نزلت تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم حين قتل حمزة ومثل به فقال عليه السلام: لأفعلن بهم ولأصنعن، فأنزل الله تعالى: {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون} فبالغ فى الحذف ليكون ذلك مبالغة فى التسلى، وجاء فى النمل على القياس، ولأن الحزن هنا دون الحزن هناك.
    فضل السورة
    روى المفسرون فى فضل السورة أحاديث ساقطة. منها حديث أبى الواهى: من قرأ سورة النحل لم يحاسبه الله بالنعم التى أنعم عليه فى دار الدنيا، وأعطى من الأجر كالذى مات فأحسن الوصية. وعن جعفر أن من قرأ هذه السورة فى كل شهر كفى عنه سبعون نوعا من البلاء، أهونها الجذام والبرص، وكان مسكنه فى جنة عدن وسط الجنان، وحديث على: يا على من قرأ سورة النحل فكأنما نصر موسى وهارون على فرعون، وله بكل آية قرأها مثل ثواب أم موسى.
    بصيرة فى.. سبحان الذى أسرى بعبده
    السورة مكية بالاتفاق. وآياتها مائة وخمس عشرة آية عند الكوفيين وعشر عند الباقين. وكلماتها ألف وخمسمائة وثلاث وستون. وحروفها ستة آلاف وأربعمائة وستون. والمختلف فيها آية واحدة {للأذقان سجدا} .
    فواصل آياتها ألف إلا الآية الأولى، فإنها راء. ولهذه السورة اسمان: سورة سبحان، لافتتحاها بها، وسورة بنى إسرائيل لقوله: فيها {وقضينآ إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين} .
    مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: تنزيه الحق تعالى، ومعراج النبى صلى الله عليه وسلم، والإسراء إلى المسجد الأقصى، وشكر نوح عليه السلام، وفساد حال بنى إسرائيل، ومكافأة الإحسان والإساءة، وتقويم القرآن الخلائق، وتخليق الليل والنهار، وبيان الحكمة فى سير الشمس والقمر ودورهما، وملازمة البخت المرء، وقراءة الكتب فى القيامة،وبيان الحكمة فى إرسال الرسل، والشكوى من القرون الماضية، وذكر طلب الدنيا والآخرة، وتفضيل بعض الخلق على بعض، وجعل بر الوالدين والتوحيد فى قرن واحد، والإحسان إلى الأقارب، والأمر بترك الإسراف، وذم البخل، والنهى عن قتل الأولاد، وعن الزناء، وقتل النفس ظلما، وأكل مال اليتيم، وعن التكبر، وكراهية جميع ذلك، والسؤال عن المقول والمسموع، والرد على المشركين، وتسبيح الموجودات، وتعيير الكفار بطعنهم فى القرآن، ودعوة الحق الخلق، وإجابتهم له تعالى، وتفضيل بعض الأنبياء على بعض، وتقرب المقربين إلى حضرة الجلال،
    وإهلاك القرى قبيل القيامة، وفتنة الناس برؤيا النبى صلى الله عليه وسلم، وإباء إبليس من السجدة لآدم، وتسليط الله إياه على الخلق، وتعديد النعم على العباد، وإكرام بنى آدم، وبيان أن كل أحد يدعى فى القيامة بكتابه، ودينه، وإمامه، وقصد المشركين إلى ضلال الرسول صلى الله عليه وسلم وإذلاله، والأمر بإقامة الصلوات الخمس فى أوقاتها، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، ووعده بالمقام المحمود، وتخصيصه بمدخل صدق، ومخرج صدق، ونزول القرآن بالشفاء، والرحمة، والشكاية من إعراض العبيد، وبيان أن كل أحد يصدر منه ما يليق به،
    والإشارة إلى جواب مسألة الروح، وعجز الخلق عن الإتيان بمثل القرآن، واقتراحات المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفصيل حالهم فى عقوبات الآخرة، وبيان معجزات موسى، ومناظرة فرعون إياه، وبيان الحكمة فى تفرقة القرآن، وآداب نزوله، وآداب الدعاء وقراءة القرآن، وتنزيه الحق تعالى عن الشريك والولد فى {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} إلى قوله: {وكبره تكبيرا} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فى هذه السورة آيتان منسوختان {وقضى ربك} إلى قوله: {ربياني صغيرا} الدعاء للميت م فى حق المشركين {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} ن {ربكم أعلم بكم} إلى قوله: {ومآ أرسلناك عليهم وكيلا} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله: {ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} وخصت سورة الكهف {أجرا حسنا} ؛ لأن الأجر فى السورتين الجنة، والكبير والحسن من أوصافها؛ لكن خصت هذه السورة بالكبير بفواصل الآى قبلها وبعدها، وهى (حصيرا) و (أليما) و (عجولا) وجلها وقع قبل آخرها مدة. وكذلك فى سورة الكهف جاء على ما يقتضيه الآيات قبلها، وبعدها وهى (عوجا) وكذا (أبدا) وجلها ما قبل آخرها متحرك. وأما رفع (يبشر) فى سبحان ونصبها فى الكهف فليس من المتشابه.
    قوله: {لا تجعل مع الله إلاها آخر فتقعد مذموما مخذولا} وقوله: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا} وقوله: {ولا تجعل مع الله إلاها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا} فيها بعض التشابه، ويشبه التكرار وليس بتكرار؛ لأن الأولى فى الدنيا، والثانية فى العقبى، والخطاب فيهما للنبى صلى الله عليه وسلم، والمراد به غيره، كما فى قوله: {إما يبلغن عندك الكبر} وقيل: القول مضمر، أى قل لكل واحد منهم: لا تجعل مع الله إلها آخر فتقعد مذموما مخذولا فى الدنيا وتلقى فى جهنم ملوما مدحورا فى الأخرى. وأما الثانية فخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم وهو المراد به. وذلك أن امرأة بعثت صبيا لها إليه مرة بعد أخرى، سألته قميصا، ولم يكن عليه ولا له صلى الله عليه وسلم قميص غيره، فنزعه ودفعه إليه، فدخل وقت الصلاة،
    فلم يخرج حياء، فدخل عليه أصحابه فرأوه على تلك الصفة، فلاموه على ذلك، فأنزل الله تعالى {فتقعد ملوما} يلومك الناس {محسورا} مكشوفا. هذا هو الأظهر من تفسيره والله أعلم.
    قوله: {ولقد صرفنا في هاذا القرآن "ليذكروا} ، وفى آخر السورة {ولقد صرفنا للناس في هاذا القرآن" من كل مثل} فزاد، (للناس) وقدمه على القرآن، وقال: فى الكهف {ولقد صرفنا في هاذا القرآن للناس} إنما لم يذكر فى أول سبحان (للناس) لتقدم ذكرهم فى السورة، وذكرهم فى (الكهف) إذ لم يجر ذكرهم، وذكر الناس فى آخر سبحان، وإن جرى ذكرهم؛ لأن ذكر الإنس والجن جرى معا، فذكر (للناس) كراهة الالتباس، وقدمه على {في هاذا القرآن} كما قدمه فى قوله: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هاذا القرآن لا يأتون بمثله} ثم قال: {ولقد صرفنا للناس في هاذا القرآن} وأما فى الكهف فقدم {في هاذا القرآن} لأن ذكره أجل الغرض.
    وذلك أن اليهود سألته عن قصة أصحاب الكهف، وقصة ذى القرنين، فأوحى الله إليه فى القرآن؛ وكان تقديمه فى هذا الموضع أجدر، والعناية بذكره أحرى وأخلق.

    قوله: {وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا} ثم أعادها فى آخر السورة بعينها، من غير زيادة ولا نقصان؛ لأن هذا ليس بتكرار؛ فإن الأول من كلامهم فى الدنيا، حين جادلوا الرسول،وأنكروا البعث، والثانى من كلام الله حين جازاهم على كفرهم، وقولهم ذلك وإنكارهم البعث، فقال {مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ذلك جزآؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا} .



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  14. #34
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (34)
    من صـــ 293 الى صـــ 299

    قوله {ذلك جزآؤهم بأنهم كفروا} وفى الكهف {ذلك جزآؤهم جهنم بما كفروا} اقتصر هنا على الإشارة؛ لتقدم ذكر جهنم (ولم يقتصر عليها [فى الكهف] وإن تقدم ذكر جهنم) بل جمع بين الإشارة والعبارة؛ لما اقترن بقوله: (جنات) فقال:
    {ذلك جزآؤهم جهنم بما كفروا} الآية ثم قال: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس} ليكون الوعد والوعيد كلاهما ظاهرين.
    قوله: {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه} وفى سبأ {قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله} لأنه يعود إلى الرب، وقد تقدم ذكره فى الآية الأولى، وهو قوله: {وربك أعلم} وفى سبأ لو ذكر بالكناية لكان يعود إلى الله، كما صرح، فعاد إليه، وبينه وبين ذكره سبحانه صريحا أربع عشرة آية، فلما طال الفصل صرح.
    قوله: {أرأيتك هاذا الذي} وفى غيرها {أرأيت} لأن ترادف الخطاب يدل على أن المخاطب به أمر عظيم. وهكذا هو فى السورة؛ لأنه - لعنه الله - ضمن احتناك ذرية آدم عن آخرهم إلا قليلا. ومثل هذا {أرءيتكم} فى الأنعام فى موضعين وقد سبق.
    قوله: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جآءهم الهدى} وفى الكهف زيادة {ويستغفروا ربهم} ؛ لأن ما فى هذا السورة معناه: [ما منعهم] عن الإيمان بمحمد إلا قولهم: أبعث الله بشرا رسولا، هلا بعث ملكا. وجهلوا أن التجانس يورث التوانس، والتغاير يورث التنافر. وما فى الكهف معناه: ما منعهم عن الإيمان والاستغفار إلا إتيان سنة الأولين. قال الزجاج: إلا طلب سنة الأولين (وهو قولهم: {إن كان هاذا هو الحق} فزاد: ويستغفروا ربهم، لاتصاله بقوله: سنة الأولين) وهم قوم نوح، وصالح، وشعيب، كلهم أمروا بالاستغفار.
    فنوح بقوله: {استغفروا ربكم إنه كان غفارا} وهود يقول: {وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} وصالح يقول: {فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب} وشعيب يقول: {واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود} فلما خوفهم سنة الأولين أجرى المخاطبين مجراهم.
    قوله: {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم} [وكذا جاء فى الرعد] وفى العنكبوت: {قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا} كما فى الفتح {وكفى بالله شهيدا} {وكفى بالله نصيرا} {وكفى بالله حسيبا} فجاء فى الرعد وفى سبحان على الأصل. وفى العنكبوت أخر {شهيدا} لما وصفه بقوله تعالى: {يعلم ما في السماوات والأرض} فطال.
    قوله: {أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر} وفى الأحقاف {بقادر} وفى (يس) {بقادر} ؛ لأن ما فى هذه السورة خبر أن، وما فى يس خبر ليس، فدخل الباء الخبر، وكان القياس ألا يدخل فى حم؛ لكنه شابه (ليس) بترادف النفى، وهو قوله: {أولم يروا} {ولم يعي} وفى هذه السورة نفى واحد. وأكثر أحكام المتشابه ثبت من وجهين؛ قياسا على باب مالا ينصرف وغيره.
    قوله: {إني لأظنك ياموسى مسحورا} قابل موسى كل كلمة من فرعون بكلمة من نفسه، فقال: {وإني لأظنك يافرعون مثبورا} .
    فضل السورة
    لم يرد فيه سوى أحاديث ظاهرة الضعف، منها: من قرأ هذه السورة كان له قنطار ومائتا أوقية، كل أوقية أثقل من السماوات والأرض، وله بوزن ذلك درجة فى الجنة، وكان له كأجر من آمن بالله، وزاحم يعقوب فى فتنه، وحشر يوم القيامة مع الساجدين، ويمر على جسر جهنم كالبرق الخاطف. وعن جعفر: إن من قرأ هذه السورة كل ليلة جمعة لا يموت حتى يدرك درجة الأبدال. وقال على: من قرأ سبحان لم يخرج من الدنيا حتى يأكل من ثمار الجنة، ويشرب من أنهارها، ويغرس له بكل آية نخلة فى الجنة.
    بصيرة فى.. الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب
    السورة مكية بالاتفاق. وعدد آياتها مائة وعشر عند الكوفيين، وست عند الشاميين، وخمس عند الحجازيين، وإحدى عشرة عند البصريين. وكلماتها ألف وخمسمائة وتسع وسبعون. وحروفها ستة آلاف وثلثمائة وست.
    المختلف فيها إحدى عشرة آية {وزدناهم هدى} {إلا قليل} {ذلك غدا} {زرعا} {من كل شيء سببا} {هاذه أبدا} {عندها قوما} {فأتبع سببا} ذريته (فى) موضع {الأخسرين أعمالا} .
    فواصل آياتها على الألف. وسميت سورة الكهف؛ لاشتمالها على قصة أصحاب أهل الكهف بتفصيلها.
    مقصود السورة مجملا: بيان نزول القرآن على سنن السداد، وتسلية النبى صلى الله عليه وسلم فى تأخر الكفار عن الإيمان، وبيان عجائب حديث الكهف، وأمر النبى صلى الله عليه وسلم بالصبر على الفقراء، وتهديد الكفار بالعذاب، والبلاء، ووعد المؤمنين بحسن الثواب، وتمثيل حال المؤمن والكافر بحال الأخوين الإسرائيليين، وتمثيل الدنيا بماء السماء ونبات الأرض، وبيان أن الباقى من الدنيا طاعة الله فقط، وذكر أحوال القيامة، وقراءة الكتب، وعرض الخلق على الحق، وإباء إبليس من السجود، وذل الكافر ساعة دخولهم النار، وجدال أهل الباطل مع المحقين الأبرار، والتخويف بإهلاك الأمم الماضية وإذلالهم، وحديث موسى ويوشع وخضر، وعجائب أحوالهم، وقصة ذى القرنين، وإتيانه إلى المشرقين والمغربين، وبنيانه لسد يأجوج ومأجوج، وما يتفق لهم آخر الزمان من الخروج، وذكر رحمة أهل القيامة، وضياع عمل الكفر، وثمرات مساعى المؤمنين الأبرار، وبيان أن كلمات القرآن بحور علم: لا نهاية لها، ولا غاية لأمدها، والأمر بالإخلاص فى العمل الصالح أبدا، فى قوله: {فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} .
    الناسخ والمنسوخ:
    أكثر المفسرين على أن السورة خالية من الناسخ والمنسوخ. وقال قتادة:فيه آية م {فمن شآء فليؤمن ومن شآء فليكفر} ن {وما تشآءون إلا أن يشآء الله} .
    المتشابهات:
    قوله: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم} بغير واو {ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم} بزيادة واو. وفى هذا الواو أقوال أحدها أن الأول والثانى وصفان لما قبلهما، أى هم ثلاثة رابعهم كلبهم. وكذلك الثانى أى هم خمسة سادسهم كلبهم. والثالث عطف على ما قبله، أى هم سبعة، ثم عطف عليهم {وثامنهم كلبهم} . وقيل: كل واحد من الثلاثة جملة، وقعت بعدها جملة فيها عائد يعود منها إليها. فأنت فى إلحاق واو العطف وحذفها بالخيار. وليس فى هذين القولين ما يوجب تخصيص الثالث بالواو. وقال بعض النحويين: السبعة نهاية العدد، ولهذا كثر ذكرها فى القرآن والأخبار، والثمانية تجرى مجرى استئناف كلام. ومن هاهنا لقبه جماعة من المفسرين بواو الثمانية. واستدلوا بقوله سبحانه: {التائبون} الآية وبقوله: {مسلمات}الآية وبقوله: {وفتحت أبوابها} ولكل واحدة من هذه الآيات وجوه ذكرت فى مباسيط التفسير.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  15. #35
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (35)
    من صـــ 300 الى صـــ 306

    وقيل: إن الله تعالى حكى القولين الأولين، ولم يرتضهما، وحكى القول الثالث فارتضاه. وهو قوله: {ويقولون سبعة} ثم استأنف فقال: {وثامنهم كلبهم} . ولهذا قال: عقيب الأول والثانى {رجما بالغيب} ولم يقل فى الثالث.
    فإن قيل: وقد قال فى الثالث: {قل ربي أعلم بعدتهم} فالجواب تقديره: قل ربى أعلم بعدتهم وقد أخبركم أنهم سبعة وثامنهم كلبهم؛ بدليل قوله تعالى: {ما يعلمهم إلا قليل} . ولهذا قال ابن عباس: أنا من ذلك القليل. فعد أسماءهم. وقال بعضهم الواو فى قوله: {ويقولون سبعة} يعود الى الله تعالى، فذكر بلفظ الجمع؛ كقوله إنا وأمثاله. هذا على سبيل الاختصار.
    قوله: {ولئن رددت إلى ربي} وفى حم: {ولئن رجعت إلى ربي} لأن الرد عن شىء يتضمن كراهة المردود، ولما كان [ما فى الكهف تقديره: ولئن رددت عن جنتى التى أظن أنها لا تبيد أبدا إلى ربى، كان لفظ الرد الذى يتضمن الكراهة أولى، وليس فى حم ما يدل على كراهة، فذكر بلفظ الرجع ليأتى لكل مكان ما يليق به.
    قوله: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها} [وفى السجدة {ثم أعرض عنها} ] لأن الفاء للتعقيب وثم للتراخى. وما فى هذه السورة فى الأحياء من الكفار، أى ذكروا فأعرضوا عقيب ما ذكروا، ونسوا ذنوبهم، و [هم] بعد متوقع منهم أن يؤمنوا. وما فى السجدة فى الأموات من الكفار؛ بدليل قوله: {ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم} أى ذكروا مرة بعد أخرى، وزمانا بعد زمان [بآيات ربهم] ثم أعرضوا عنها بالموت، فلم يؤمنوا، وانقطع رجاء إيمانهم.
    قوله: {نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر} والآية الثالثة {واتخذ سبيله في البحر} لأن الفاء للتعقيب والعطف، فكان اتخاذ الحوت السبيل عقيب النسيان، فذكر بالفاء [و] فى الآية الأخرى لما حيل بينهما بقوله: {ومآ أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} زال معنى التعقيب وبقى العطف المجرد، وحرفه الواو.
    قوله: {لقد جئت شيئا إمرا} وبعده {لقد جئت شيئا نكرا} لأن الإمر: العجب، والعجب يستعمل فى الخير والشر، بخلاف النكر؛ لأن النكر ما ينكره العقل، فهو شر، وخرق السفينة لم يكن معه غرق، فكان أسهل من قتل الغلام وإهلاكه، فصار لكل واحد معنى يخصه.
    قوله: {ألم أقل إنك} وبعده {ألم أقل لك إنك} لأن الإنكار فى الثانية أكثر. وقيل: أكد التقرير الثانى بقوله (لك) كما تقول لمن توبخه:لك أقول، وإياك أعنى: وقيل: بين فى الثانى المقول له، لما لم يبين فى الأول.
    قوله فى الأول: {فأردت} ، وفى الثانى: {فأردنا} وفى الثالث: {فأراد ربك} ؛ لأن الأول فى الظاهر إفساد، فأسنده إلى نفسه، والثالث إنعام محض، فأسنده إلى الله عز وجل. وقيل: لأن القتل كان منه، وإزهاق الروح كان من الله عز وجل.
    قوله: {ما لم تستطع} جاء فى الأول على الأصل، وفى الثانى {تسطع} على التخفيف؛ لأنه الفرع.
    قوله: {فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا} اختار التخفيف فى الأول؛ لأن مفعوله حرف وفعل وفاعل ومفعول، فاختير فيه الحذف. والثانى مفعوله اسم واحد، وهو قوله (نقبا) وقرأ حمزة بالتشديد، وأدغم التاء فى الطاء. وقرئ فى الشواذ: فما أسطاعوا بفتح الهمزة.
    ووزنه أسفعلوا ومثله أهراق ووزنه أهفعل، ومثلها استخذ فلان أرضا، أى أخذ، ووزنه اسفعل وقيل: استعل، من وجهين. وقيل: السين بدل من التاء، ووزنه افتعل.
    فضل السورة
    لم يذكر فيها سوى أحاديث واهية، وحديث صحيح. أما الحديث الصحيح فقوله صلى الله عليه وسلم "من حفظ عشر آيات من أول الكهف عصم من الدجال" وفى لفظ: من قرأ عشر آيات من سورة الكهف حفظا لم يضره فتنة الدجال، ومن قرأها كلها دخل الجنة. والأحاديث الواهية، منها: ألا أدلكم على سورة شيعها سبعون ألف ملكم حتى نزلت، ملأ عظمها بين السماء والأرض. قالوا: بلى يا رسول الله قال: هى سورة أصحاب الكهف. من قرأها يوم الجمعة غفر له إلى الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، ولياليها مثل ذلك، وأعطى نورا يبلغ السماء، ووقى فتنة الدجال. وعن جعفر: من قرأ هذه السورة فى كل ليلة جمعة لم يمت إلا شهيدا وبعث مع الشهداء، ووقف يوم القيامة معهم، ولا يصيبه آفة الدجال. وروى أن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أشركه الله فى ثواب أصحاب الكهف؛ لأنهم وجدوا الولاية يوم الجمعة، وأحياهم يوم الجمعة، واستجاب دعاءهم يوم الجمعة، والساعة تقوم يوم الجمعة، وقال: يا على من قرأ سورة الكهف فكأنما عبد الله عشرة آلاف سنة، وكأنما تصدق بكل آية قرأها بألف دينار.
    بصيرة فى.. كهيعص
    السورة مكية إجماعا. وعدد آياتها تسع وتسعون. وكلماتها ألف ومائة واثتنان وتسعون. وحروفها ثلاثة آلاف وثمانمائة واثنان.
    والآيات المختلف فيها ستة: (ع ص) {في الكتاب إبراهيم} {الرحمان مدا} .
    مجموع فواصل آياتها (مدن) الآية الأولى على الدال (صاد) . وما قبل ألف كل آية آخرها على الألف حروف زيد.
    ولهذه السورة اسمان: سورة كهيعص؛ لافتتاحها بها، وسورة مريم، لاشتمالها على قصتها مفصلة.
    مقصود السورة ومعظم المراد منها على سبيل الإجمال: وعد الله العباد بالكفاية والهداية، وإجابة دعاء زكريا، والمنة عليه بولد: يحيى، وإعطائه علم الكتاب، وذكر عجائب ولادة عيسى وأمه والخبر عن أحوال القيامة، ونصيحة إبراهيم لآزر (ومناظرة آزر له) والإشارة إلى قربة موسى، وذكر صدق وعد إسماعيل، وبيان رفعة درجة إدريس، والشكوى من الولد الخلف، وحكاية أهل الجنة، وذل الكفار فى القيامة، ومرور الخلق على عقبة الصراط، وابتلاء بعضهم بالعذاب، والرد على الكفار فى افتخارهم بالمال، وذل الأصنام، وعبادها فى القيامة، وبيان حال أهل الجنة والنار، وصعوبة قول الكفار فى جرأتهم على إثبات الولد والشريك للواحد القهار، والمنة على الرسول بتيسير القرآن على لسانه، وتهديد الكفار بعقوبة القرون الماضية، فى قوله: {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} .
    الناسخ والمنسوخ:
    أربع آيات منها منسوخة: م {فليمدد له الرحمان مدا} ن آية السيف م {فلا تعجل عليهم} ن آية السيف، م {وأنذرهم يوم الحسرة} ن آية السيف، م {فخلف من بعدهم خلف} ، والاستثناء فى قوله: {إلا من تاب} ن.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  16. #36
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (36)
    من صـــ 307 الى صـــ 313

    المتشابهات:
    قوله: {ولم يكن جبارا عصيا} وبعده {ولم يجعلني جبارا شقيا}لأن الأول فى حق يحيى. وجاء فى الحديث: ما من أحد من بنى آدم إلا أذنب أوهم بذنب إلا يحيى بن زكريا عليهما السلام، فنفى عنه العصيان؛ والثانى فى حق عيسى عليه السلام فنفى عنه الشقاوة، وأثبت له السعادة، والأنبياء عندنا معصومون عن الكبائر دون الصغائر.
    قوله: {وسلام عليه يوم ولد} فى قصة يحيى {والسلام علي} فى قصة عيسى، فنكر فى الأول، وعرف فى الثانى؛ لأن الأول من الله تعالى، والقليل منه كثير كقول القائل:
    قليل منك يكفينى ولكن ... قليلك لا يقال له قليل
    ولهذا قرأ الحسن {اهدنا صراطا مستقيما} أى نحن راضون منك بالقليل، ومثل هذا فى الشعر كثير، قال:
    وإنى لأرضى منك يا هند بالذى ... لو أبصره الواشى لقرت بلابله
    بلا، وبأن لا أستطيع، وبالمنى، ... وبالوعد حتى يسأم الوعد آمله
    والثانى من عيسى، والألف واللام لاستغراق الجنس، ولو أدخل عليه السبعة والعشرين والفروع المستحسنة والمستقبحة، لم يبلغ عشر معشار سلام الله. ويجوز أن يكون ذلك بوحى من الله عز وجل، فيقرب من سلام يحيى. وقيل: إنما أدخل الألف واللام لأن النكرة إذا تكررت تعرفت. وقيل: نكرة الجنس ومعرفته سواء: تقول: لا أشرب ماء، ولا أشرب الماء، فهما سواء.
    قوله {فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين كفروا} وفى حم {للذين ظلموا} ؛ لأن الكفر أبلغ من الظلم، وقصة عيسى فى هذه السورة مشروحة، وفيها ذكر نسبتهم إياه إلى الله تعالى، حين قال: {ما كان لله أن يتخذ من ولد} ، فذكر بلفظ الكفر، وقصة فى الزخرف مجملة، فوصفهم بلفظ دونه وهو الظلم.
    قوله: {وعمل صالحا} وفى الفرقان: {وعمل عملا صالحا} لأن ما فى هذه السورة أوجز فى ذكر المعاصى، فأوجز فى التوبة، وأطال (هناك فأطال) والله أعلم.

    فضل السورة
    فيه أحاديث ضعيفة، منها: من قرأ سورة مريم أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد من صدق بزكريا، ويحيى، ومريم، وموسى، وعيسى وهارون، وإبراهيم، وإسحاق، ويعقوب، وإسماعيل، عشر حسنات، وبعدد من دعا لله ولدا، وبعدد من لم يدع له ولدا، ويعطى بعددهم حسنات ودرجات، كل درجة منها كما بين السماء والأرض ألف ألف مرة ويزوج بعددها فى الفردوس، وحشر يوم القيامة مع المتقين فى أول زمرة السابقين.
    وعن جعفر أن من قرأ هذه السورة لا يموت ولا يخرج من الدنيا حتى [لا] يصيب الفتنة فى نفسه، وماله، وولده، وكان فى الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم، وأعطى من الأجر كملك سليمان بن داود. وقال: يا على من قرأ كاف ها يا ع ص أعطاه الله من الثواب مثل ثواب أيوب ومريم، وله بكل آية قرأها ثواب شهيد من شهداء بدر.
    بصيرة فى.. طه
    السورة مكية إجماعا. وعدد آياتها مائة وأربعون عند الشاميين، وخمس وثلاثون، عند الكوفيين، وأربع عند الحجازيين، وثنتان عند البصريين. وكلماتها ألف وثلاثمائة وإحدى وأربعون. وحروفها خمسة آلاف ومائتان واثنان وأربعون حرفا.
    والآيات المختلف فيها إحدى وعشرون آية: طه {ما غشيهم} {رأيتهم ضلوا} درثه موضع {نسبحك كثيرا} {ونذكرك كثيرا} {محبة مني} فتونا، لنفسى {ولا تحزن} {أهل مدين} {معنا بني إسرائيل} ولقد {أوحينآ إلى موسى} أسفا {إلاه موسى} {وعدا حسنا} {إليهم قولا} {السامري} فنسى، صفصفا {مني هدى} {زهرة الحياة الدنيا} .
    فواصل آياتها (يوما) وعلى الميم {ما غشيهم} وعلى الواو {ضلوا} .
    وللسورة اسمان: طه لافتتاح السورة، وسورة موسى؛ لاشتمالها على قصته مفصلة.
    مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: تيسير الأمر على الرسول صلى الله عليه وسلم، وذكر الاستواء، وعلم الله تعالى بالقريب والبعيد، وذكر حضور موسى عليه السلام بالوادى المقدس، وإظهار عجائب عصاه واليد البيضاء، وسؤال شرح الصدر وتيسير الأمر، وإلقاء التابوت فى البحر، وإثبات محبة موسى فى القلوب، واصطفاء الله تعالى موسى، واختصاصه بالرسالة إلى فرعون، وما جرى بينهما من المكالمة، والموعد يوم الزينة، وحيل فرعون وسحرته بالحبال والعصى، (وإيمان السحرة) وتعذيب فرعون لهم، والمنة على بنى إسرائيل بنجاتهم من الغرق، وتعجيل موسى، والمجىء إلى الطور، ومكر السامرى فى صنعة العجل، وإضلال القوم، وتعيير موسى على هارون بسبب ضلالتهم، وحديث القيامة، وحال الكفار فى عقوبتهم، ونسف الجبال، وانقياد المتكبرين فى ربقة طاعة الله الحى القيوم، وآداب قراءة القرآن.
    وسؤال زيادة العلم والبيان، وتعيير آدم بسبب النسيان، وتنبيهه على الوسوسة ومكر الشيطان، وبيان عقوبة نسيان القرآن، ونهى النبى عن النظر إلى أحوال الكفار، وأهل الطغيان، والالتفات إلى ما خولوا: من الأموال، والولدان، وإلزام الحجة على المنكرين بإرسال الرسل بالبرهان، وتنبيهه الكفار على انتظار أمر الله فى قوله {قل كل متربص} إلى آخر السورة.
    الناسخ والمنسوخ:
    المنسوخ فيها ثلاث آيات م {ولا تعجل بالقرآن} ن {سنقرئك فلا تنسى} م {فاصبر على ما يقولون} ن آية السيف م {قل كل متربص} ن آية السيف.
    المتشابهات:
    قوله: {وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى} ، وفى النمل: {إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون} وفى القصص {فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون} هذه الآيات تشتمل على ذكر رؤية موسى النار، وأمره أهله بالمكث، وإخباره إياهم أنه آنس نارا، وإطماعهم أن يأتيهم بنار يصطلون بها، أو خبر يهتدون به إلى الطريق التى ضلوا عنها، لكنه نقص فى النمل ذكر رؤية النار، وأمره بالمكث؛ اكتفاء بما تقدم. وزاد فى القصص قضاء موسى الأجل المضروب، وسيره بأهله إلى مصر؛ لأن الشىء قد يجمل ثم يفصل، وقد يفصل ثم يجمل.
    وفى طه فصل، وأجمل فى النمل، ثم فصل فى القصص، وبالغ فيه. وقوله فى طه: {أو أجد على النار هدى} أى من يخبرنى بالطريق فيهدينى إليها. وإنما أخر ذكر الخبر فيها (وقدمه فيهما) مراعاة لفواصل الآى فى السور جميعا. وكرر (لعلى) فى القصص لفظا، وفيهما معنى؛ لأن (أو) فى قوله {أو أجد على النار هدى} نائب عن (لعلى) و (سئاتيكم) يتضمن معنى (لعلى) وفى القصص {أو جذوة من النار} وفى النمل {بشهاب قبس} وفى طه {بقبس} ؛ لأن الجذوة من النار [خشبة] فى رأسها قبس به شهاب، فهى فى السور الثلاث عبارة عن معنى واحد.


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  17. #37
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (37)
    من صـــ 314 الى صـــ 320

    قوله: {فلما أتاها} هنا، وفى النمل: {فلما جاءها} ، وفى القصص {أتاها} لأن أتى وجاء بمعنى واحد، لكن لكثرة دور الإتيان هنا نحو (فأتياه) ، (فلنأتينك) (ثم أتى) (ثم ائتوا) (حيث أتى) [جاء (أتاها) ] ، ولفظ (جاء) فى النمل أكثر؛ نحو {فلما جآءهم} {وجئتك من سبأ} {فلما جآء سليمان} وألحق القصص بطه، لقرب ما بينهما.
    قوله: {فرجعناك إلى أمك} وفى القصص {فرددناه} لأن الرجع إلى الشىء والرد إليه بمعنى، والرد عن الشىء يقتضى كراهة المردود، وكان لفظ الرجع ألطف، فخص طه به، وخص القصص بقوله: {فرددناه} ؛ تصديقا لقوله: {إنا رادوه إليك} .
    قوله: {وسلك لكم فيها سبلا} ، وفى الزخرف: {وجعل} لأن لفظ السلوك مع السبيل أكثر استعمالا، فخص به طه، وخص الزخرف بجعل ازدواجا للكلام، وموافقة لما قبلها وما بعدها.
    قوله: {إلى فرعون} وفى الشعراء: {أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا} ، وفى القصص: {فذانك برهانان من ربك إلى فرعون} ؛ لأن طه هى السابقة، وفرعون هو الأصل، والمبعوث إليه، وقومه تبع له، وهم كالمذكورين معه، وفى الشعراء {قوم فرعون} أى قوم فرعون وفرعون، فاكتفى بذكره فى الإضافة عن ذكره مفردا. ومثله {أغرقنا آل فرعون} أى آل فرعون وفرعون، وفى القصص {إلى فرعون وملإيه} فجمع بين الاثنين، فصار كذكر الجملة بعد التفصيل.
    قوله: {واحلل عقدة من لساني} صرح بالعقدة هنا؛ لأنها السابقة، وفى الشعراء: {ولا ينطلق لساني} فكنى عن العقدة بما يقرب من الصريح، وفى القصص {وأخي هارون هو أفصح مني لسانا} فكنى عن العقدة كناية مبهمة؛ لأن الأول يدل على ذلك.
    قوله فى الشعراء: {ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون} وليس له فى طه ذكر؛ لأن قوله: {ويسر لي أمري} مشتمل على ذلك وغيره؛ لأن الله عز وجل إذا يسر له أمره لم يخف القتل.
    قوله: {واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي} صرح بالوزير؛ لأنه الأول فى الذكر، وكنى عنه فى الشعراء حيث قال: {فأرسل إلى هارون} أى ليأتينى، فيكون لى وزيرا. وفى القصص: {أرسله معي ردءا} أى اجعله لى وزيرا، فكنى عنه بقوله {ردءا} لبيان الأول.
    قوله: {فقولا إنا رسولا ربك} وبعده {إنا رسول رب العالمين} ؛لأن الرسول سمى به، فحيث وحده حمل على المصدر، وحيث ثنى حمل على الاسم. ويجوز أن يقال: حيث وحد حمل على الرسالة؛ لأنهما أرسلا لشىء واحد، وحيث ثنى حمل على الشخصين. وأكثر ما فيه من المتشابه سبق.
    قوله: {أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون} بالفاء من غير (من) ، وفى السجدة بالواو، وبعده (من) ؛ لأن الفاء للتعقيب والاتصال بالأول، فطال الكلام، فحسن حذف (من) ، والواو يدل على الاستئناف وإتيان (من) غير مستثقل وقد سبق الفرق بين إثباته وحذفه.
    فضل السورة
    روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يقرأ أهل الجنة من القرآن إلا طه ويس. وقال: من قرأ سورة طه أعطى يوم القيامة ثواب المهاجرين. وفى حديث على: يا على من قرأ سورة طه أعطاه الله من الثواب مثل ثواب موسى وهارون، وله بكل آية قرأها فرحة يوم يخرج من قبره.
    بصيرة فى.. اقترب للناس حسابهم
    السورة مكية بالاتفاق. وآياتها مائة واثنتا عشرة عند الكوفيين، وإحدى عشرة عند الباقين. وكلماتها ألف ومائة وثمانية وستون. وحروفها أربعة آلاف وثمانمائة وسبعون، المختلف فيها آية واحدة: {ولا يضركم} .
    مجموع فواصل آياتها (م ن) وسميت سورة الأنبياء لاشتمالها على قصصهم على إبراهيم، واسحاق، ويعقوب، ولوط، ونوح، وسليمان، وداود وأيوب، وإسماعيل، وصالح، ويونس، وزكريا، ويحيى، وعيسى.
    مقصود السورة:
    ما اشتملت عليه مجملا: من التنبيه على الحساب فى القيامة، وقرب زمانها، ووصف الكفار بالغفلة، وإثبات النبوة، واستيلاء أهل الحق على أهل الضلالة، وحجة الوحدانية، والإخبار عن الملائكة وطاعتهم، وتخليق الله السماوات والأرض بكمال قدرته، وسير الكواكب ودور الفلك، والإخبار عن موت الخلائق وفنائهم، وكلاء الله تعالى وحفظه العبد من الآفات، وذكر ميزان العدل فى القيامة، وذكر إبراهيم بالرشد والهداية، وإنكاره على الأصنام وعبادها، وسلامة إبراهيم من نار نمرود وإيقادها،
    ونجاة لوط من قومه أولى العدوان، ونجاة نوح ومتابعته من الطوفان، وحكم داود، وفهم سليمان، وذكر تسخير الشيطان، وتضرع أيوب، ودعاء يونس، وسؤال زكريا، وصلاح مريم، وهلاك قرى أفرطوا فى الطغيان، وفتح سد يأجوج ومأجوج فى آخر الزمان وذل الكفار والأوثان، فى دخول النيران، وعز أهل الطاعة والإيمان، من الأزل إلى الأبد فى جميع الأزمان، على علالى الجنان، وطى السماوات فى ساعة القيامة، وذكر الأمم الماضية، والمنزلة من الكتب فى سالف الأزمان، وإرسال المصطفى صلى الله عليه وسلم بالرأفة والرحمة والإحسان، وتبليغ الرسالة على حكم السوية من غير نقصان ورجحان، وطلب حكم الله تعالى على وفق الحق، والحكمة فى قوله {رب احكم بالحق وربنا الرحمان} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فى هذه السورة آيتان م {إنكم وما تعبدون من دون الله} إلى تمام الآيتين ن {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} .
    المتشابهات:
    قوله: {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث} وفى الشعراء {من ذكر من الرحمان محدث} خصت هذه السورة بقوله {من ربهم} بالإضافة، لأن (الرحمن) لم يأت مضافا، ولموافقة ما بعده، وهو قوله: {قل ربي يعلم} وخصت الشعراء بقوله {من الرحمان} ليكون كل سورة مخصوصة بوصف من أوصافه، وليس فى أوصاف الله تعالى اسم أشبه باسم الله من الرحمن؛ لأنهما اسمان ممنوعان أن يسمى بهما غير الله عز وجل، ولموافقة ما بعده، وهو قوله: {العزيز الرحيم} ؛ لأن الرحمن والرحيم من مصدر واحد.
    قوله: {ومآ أرسلنا قبلك إلا رجالا} وبعده {ومآ أرسلنا من قبلك من رسول} ، (قبلك) و (من قبلك) كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدم، إلا أن (من) إذا دخل دل على الحصر بين الحدين، وضبطه بذكر الطرفين. ولم يأت {ومآ أرسلنا قبلك} إلا هذه - وخصت بالحذف؛ لأن قبلها {مآ آمنت قبلهم من قرية} فبناه عليه لأنه هو؛ وآخر فى الفرقان {ومآ أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم} وزاد فى الثانى {من قبلك من رسول} على الأصل للحصر.
    قوله: {كل نفس ذآئقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} وفى العنكبوت: {ثم إلينا ترجعون} ؛ لأن ثم للتراخى، والرجوع هو الرجوع إلى الجنة أو النار، وذلك فى القيامة، فخصت سورة العنكبوت به. وخصت هذه السورة بالواو لما حيل بين الكلامين بقوله: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا} وإنما ذكرا لتقدم ذكرهما، فقام مقام التراخى، وناب الواو منابه، والله أعلم.
    قوله: {وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا} وفى الفرقان {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا} لأنه ليس فى الآية التى تقدمتها ذكر الكفار؛ فصرح باسمهم، وفى الفرقان قد سبق ذكر الكفار، فخص الإظهار بهذه السورة، والكناية بتلك.
    قوله: {ما هاذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنآ} وفى الشعراء {قالوا بل وجدنآ} ؛ لأن قوله: {وجدنآ آبآءنا} جواب لقوله: {ما هاذه التماثيل} وفى الشعراء أجابوا عن قوله {ما تعبدون} بقولهم {قالوا نعبد أصناما} ثم قال لهم {هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون} فأتى بصورة الاستفهام ومعناه النفى {قالوا بل وجدنآ} (أى قالوا لا بل وجدنا) عليه آباءنا، لأن السؤال فى الآية يقتضى فى جوابهم أن ينفوا ما نفاه السائل، فأضربوا عنه إضراب من ينفى الأول، ويثبت الثانى، فقالوا: بل وجدنا. فخصت السورة به.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  18. #38
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (38)
    من صـــ 321 الى صـــ 327

    قوله: {وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين} ، وفى الصافات {الأسفلين} ؛ لأن فى هذه السورة كادهم إبراهيم؛ لقوله: {لأكيدن أصنامكم} وهم كادوا ابراهيم لقوله: {وأرادوا به كيدا} فجرت بينهم مكايدة، فغلبهم إبراهيم؛ لأنه كسر أصنامهم، ولم يغلبوه؛ لأنهم (لم يبلغوا من إحراقه مرادهم) فكانوا هم الأخسرين. وفى الصافات {قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم} ، فأججوا نارا عظيمة، وبنوا بنيانا عاليا، ورفعوه إليه، ورموه [منه] إلى أسفل، فرفعه الله، وجعلهم فى الدنيا سافلين، وردهم فى العقبى أسفل سافلين. فخصت الصافات بالأسفلين.

    قوله: {فنجيناه} بالفاء سبق فى يونس. ومثله فى الشعراء {فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين} .

    قوله: {وأيوب إذ نادى ربه} ختم القصة بقوله {رحمة من عندنا} وقال فى ص {رحمة منا} لأنه بالغ (فى التضرع) بقوله {وأنت أرحم الراحمين} فبالغ سبحانه فى الإجابة، وقال {رحمة من عندنا} لأن (عند) حيث جاء دل على أن الله سبحانه تولى ذلك من غير واسطة. وفى ص لما بدأ القصة بقوله {واذكر عبدنا} ختم بقوله (منا) ليكون آخر الآية ملتئما بالأول.
    قوله: {فاعبدون وتقطعوا} وفى المؤمنين {فاتقون فتقطعوا} لأن الخطاب فى هذه السورة للكفار، فأمرهم بالعبادة التى هى التوحيد، ثم قال: {وتقطعوا} بالواو؛ لأن التقطع قد كان منهم قبل هذا القول لهم. ومن جعله خطابا للمؤمنين، فمعناه: دوموا على الطاعة. وفى المؤمنين الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بدليل قوله قبله {ياأيها الرسل كلوا من الطيبات} والأنبياء والمؤمنون مأمورون بالتقوى، ثم قال {فتقطعوا أمرهم} أى ظهر منهم التقطع بعد هذا القول، والمراد أمتهم.
    قوله: {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها} وفى التحريم (فيه) ؛ لأن المقصود هنا ذكرها وما آل إليه أمرها، حتى ظهر فيها ابنها، وصارت هى وابنها آية. وذلك لا يكون إلا بالنفخ فى جملتها، وبحملها، والاستمرار على ذلك إلى يوم ولادتها. فلهذا خصت بالتأنيث. وما فى التحريم مقصور على ذكر إحصانها، وتصديقها بكلمات ربها، وكان النفخ أصاب فرجها، وهو مذكر، والمراد به فرج الجيب أو غيره، فخصت بالتذكير.
    فضل السورة
    روى فيه أحاديث ساقطة ضعيفة. منها: من قرأ سورة اقترب للناس حسابهم حاسبه الله حسابا يسيرا، وصافحه، وسلم عليه كل نبى ذكر اسمه فى القرآن. وفى حديث على: يا على من قرأ هذه السورة فكأنما عبد الله على رضاه.
    بصيرة فى.. يأيها الناس اتقوا ربكم
    السورة مكية بالاتفاق، سوى ست آيات منها، فهى مدنية: {هاذان خصمان} إلى قوله: {صراط الحميد} . وعدد آياتها ثمان وسبعون فى عد الكوفيين، وسبع للمدنيين، وخمس للبصريين، وأربع للشاميين. وكلماتها ألفان ومائتان وإحدى وتسعون كلمة. وحروفها خمسة آلاف وخمسة وسبعون.
    والآيات المختلف فيها خمس: الحميم، الجلود، وعاد وثمود، {وقوم لوط} ، {سماكم المسلمين} . مجموع فواصل آياتها (انتظم زبرجد قط) على الهمزة منها {إن الله يفعل ما يشآء} .
    سميت: سورة الحج؛ لاشتمالها على مناسك الحج، وتعظيم الشعائر، وتأذين إبراهيم للناس بالحج.
    مقصود السورة على طريق الإجمال: الوصية بالتقوى، والطاعة، وبيان هول الساعة، وزلزلة القيامة، (والحجة) على إثبات الحشر والنشر،وجدال أهل الباطل مع أهل الحق، والشكاية من أهل النفاق بعد الثبات، وعيب الأوثان وعبادتها، وذكر نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإقامة البرهان والحجة، وخصومة المؤمن والكافر فى دين التوحيد، وتأذين إبراهيم على المسلم بالحج، وتعظيم الحرمات والشعائر، وتفضيل القرآن فى الموسم، والمنة على العباد بدفع فساد أهل الفساد، وحديث البئر المعطلة، وذكر نسيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسهوه حال تلاوة القرآن، وأنواع الحجة على إثبات القيامة، وعجز الأصنام وعبادها، واختيار الرسول من الملائكة والإنس، وأمر المؤمنين بأنواع العبادة والإحسان، والمنة عليهم باسم المسلمين، والاعتصام بحفظ الله وحياطته فى قوله {واعتصموا بالله هو مولاكم} إلى قوله {ونعم النصير} .
    الناسخ والمنسوخ:
    المنسوخ فيها آيتان: {إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} م {سنقرئك فلا تنسى} ن {الله يحكم بينكم} م آية السيف ن. والناسخ فى هذه السورة {أذن للذين يقاتلون} .
    المتشابهات:
    قوله: {يوم ترونها} وبعده {وترى الناس سكارى} محمول على: أيها المخاطب كما سبق فى قوله {وترى الفلك} .
    قوله: {ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} [فى هذه السورة، وفى لقمان: {ولا كتاب منير} ] لأن ما فى هذه السورة وافق ما قبلها [من الآيات، وهى: نذير، القبور، وكذلك فى لقمان وافق ما قبلها] وما بعدها وهى الحمير والسعير والأمور.
    قوله: {من بعد علم} بزيادة (من) لقوله {من تراب ثم من نطفة} الآيه وقد سبق فى النحل.
    قوله: {ذلك بما قدمت يداك} وفى غيرها {أيديكم} لأن هذه الآية نزلت فى نضر بن الحارث وقيل [فى] أبى جهل [فوحده، وفى غيرها] نزلت فى الجماعة الذين تقدم ذكرهم.
    قوله: {إن الذين آمنوا والذين هادوا "والصابئين والنصارى"} (قدم الصابئين لتقدم زمانهم. وقد سبق فى البقرة.
    قوله: {يسجد له من في السماوات} سبق فى الرعد.
    قوله: {كلمآ أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها} وفى السجدة {منهآ أعيدوا فيها} لأن المراد بالغم [الكرب] والأخذ بالنفس حتى لا يجد صاحبه متنفسا، وما قبله من الآيات يقتضى ذلك، وهو {قطعت لهم ثياب من نار} إلى قوله {من حديد} فمن كان فى ثياب من نار فوق رأسه جهنم يذوب من حره أحشاء بطنه، حتى يذوب ظاهر جلده، وعليه موكلون يضربونه بمقامع من حديد، كيف يجد سرورا ومتنفسا من تلك الكرب التى عليه وليس فى السجدة من هذا ذكر، وإنما قبلها {فمأواهم النار كلمآ أرادوا أن يخرجوا منهآ أعيدوا فيها} .
    قوله: {وذوقوا} ، وفى السجدة: {وقيل لهم ذوقوا} القول ها هنا مضمر. وخص بالإضمار لطول الكلام بوصف العذاب. وخصت سورة السجدة بالإظهار، موافقة للقول قبله فى مواضع منها {أم يقولون افتراه} {وقالوا أءذا ضللنا} ، و {قل يتوفاكم} و {حق القول} وليس فى الحج منه شىء. قوله: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار} مكررة. وموجب التكرار قوله: {هاذان خصمان} ، لأنه لما ذكر أحد الخصمين وهو {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار} لم يكن بد من ذكر الخصم الآخر فقال: {إن الله يدخل الذين آمنوا} .

    قوله: {وطهر بيتي للطآئفين والقآئمين} وفى البقرة {والعاكفين} وحقه أن يذكر هناك لأن ذكر العاكف هاهنا سبق فى قوله {سوآء العاكف فيه والباد} ومعنى {والقآئمين والركع السجود} المصلون. وقيل:(القائمين) بمعنى المقيمين. وهم العاكفون [لكن] لما تقدم ذكرهم عبر عنهم بعبارة أخرى.

    قوله: {فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر} كرر؛ لأن الأول متصل بكلام إبراهيم وهو اعتراض ثم أعاده مع قوله {والبدن جعلناها لكم} .
    قوله: {فكأين من قرية أهلكناها} وبعده {وكأين من قرية أمليت لها} خص الأول بذكر الإهلاك؛ لاتصاله بقوله: {فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم} أى أهلكتهم، والثانى بالإملاء؛ لأن قوله: {ويستعجلونك بالعذاب} دل على أنه لم يأتهم فى الوقت، فحسن ذكر الإملاء.
    قوله: {وأن ما يدعون من دونه هو الباطل} هنا وفى لقمان {من دونه الباطل} لأن هنا وقع بين عشر آيات كل آية مؤكدة مرة أو مرتين، ولهذا أيضا زيد فى هذه السورة اللام فى قوله: {وإن الله لهو الغني الحميد} وفى لقمان: {إن الله هو الغني الحميد} إذ لم يكن سورة لقمان بهذه الصفة. وإن شئت قلت: لما تقدم فى هذه السورة ذكر الله سبحانه وتعالى وذكر الشيطان أكدهما؛ فإنه خبر [وقع] بين خبرين. ولم يتقدم فى لقمان ذكر الشيطان، فأكد ذكر الله، وأهمل ذكر الشيطان. وهذه دقيقة.

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  19. #39
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد




    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (39)
    من صـــ 328 الى صـــ 334

    فضل السورة
    ذكر المفسرون فيه أحاديث واهية. منها: من قرأ من سورة الحج أعطى من الأجر كحجة حجها، وعمرة اعتمرها، بعدد من حج واعتمر، من مضى منهم ومن بقى، ويكتب له بعدد كل واحد منهم حجة وعمرة وله بكل آية قرأها مثل ثواب من حج عن أبويه.
    بصيرة فى.. قد أفلح المؤمنون
    السورة مكية إجماعا. وعدد آياتها مائة وثمانية عشر عند الكوفيين، وتسعة عشر عند الباقين. وكلماتها ألف ومائتان وأربعون. وحروفها أربعة آلاف وثمانمائة وواحد. المختلف فيها {وأخاه هارون} .
    مجموع فواصل آياتها (من) . وسميت سورة المؤمنين لافتتاحها بفلاح المؤمنين.
    مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: الفتوى بفلاح المؤمنين، والدلالة على أخلاق أهل الإسلام، وذكر العجائب فى تخليق الأولاد فى الأرحام، والإشارة إلى الموت والبعث، ومنة الحق على الخلق بإنبات الأشجار، وإظهار الأنهار، وذكر المراكب، والإشارة إلى هلاك قوم نوح، ومذمة الكفار، وأهل الإنكار، وذكر عيسى ومريم، وإيوائهما إلى ربوة ذات قرار، وإمهال الكفار فى المعاصى، والمخالفات، وبيان حال المؤمنين فى العبادات، والطاعات، وبيان حجة التوحيد وبرهان النبوات، وذل الكفار بعد الممات، وعجزهم فى جهنم حال العقوبات، ومكافأتهم فى العقبى على حسب المعاملات، فى الدنيا فى جميع الحالات، وتهديد أهل اللهو،واللغو، والغفلات، وأمر الرسول بدعاء الأمة، وسؤال المغفرة لهم والرحمات، فى قوله: {رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين} .
    الناسخ والمنسوخ:
    المنسوخ فيها آيتان {فذرهم في غمرتهم} م آية السيف ن {ادفع بالتي هي أحسن} م آية السيف ن.
    المتشابهات:
    قوله: {لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون} (فواكه) بالجمع و (منها) بالواو، وفى الزخرف {فاكهة} على التوحيد {منها تأكلون} بغير واو. راعى فى السورتين لفظ الجنة. وكانت فى هذه (جنات) بالجمع فقال: (فواكه) بالجمع، وفى الزخرف: {وتلك الجنة} بلفظ التوحيد، وإن كانت هذه جنة الخلد لكن راعى اللفظ فقال {فيها فاكهة} وقال فى هذه السورة {ومنها تأكلون} بزيادة الواو؛ لأن تقدير الآية: منا تدخرون، ومنها تأكلون، ومنها تبيعون، وليست كذلك فاكهة الجنة، فإنها للأكل فقط. فذلك قال: {منها تأكلون} ووافق هذه السورة ما بعدها أيضا، وهو قوله: {ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون} فهذا للقرآن معجزة وبرهان.
    قوله: {فقال الملأ الذين كفروا من قومه} وبعده {وقال الملأ من قومه الذين كفروا} فقدم (من قومه) فى الآية الأخرى، وأخر فى الأولى؛ لأن صلة (الذين) فى الأولى اقتصرت على الفعل وضمير الفاعل، ثم ذكر بعده الجار والمجرور ثم ذكر المفعول وهو المقول، وليس كذلك فى الأخرى، فإن صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مرة بعد أخرى، فقدم الجار والمجرور؛ لأن تأخيره يلتبس، وتوسيطه ركيك، فخص بالتقدم.
    قوله: {ولو شآء الله لأنزل ملائكة} (وفى حم السجدة: ( {ولو شآء ربك لأنزل ملائكة} ) لأن فى هذه السورة تقدم ذكر الله، وليس فيه ذكر الرب، وفى السجدة تقدم ذكر (رب العالمين) سابقا على ذكر لفظ الله، فصرح فى هذه السورة بذكر الله، وهناك بذكر الرب؛ لإضافته إلى العالمين وهم من جملتهم، فقالوا إما اعتقادا وإما استهزاء: لو شاء ربنا لأنزل ملائكة، فأضافوا الرب إليهم.
    قوله: {واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم} ، وفى سبأ {إني بما تعملون بصير} كلاهما من وصف الله سبحانه. وخص كل سورة بما وافق فواصل الآى.
    قوله: {فبعدا للقوم الظالمين} بالألف واللام، وبعده: {لقوم لا يؤمنون} ؛ لأن الأول لقوم صالح، فعرفهم بدليل قوله: {فأخذتهم الصيحة} ، والثانى نكرة، وقبله {قرونا آخرين} وكانوا منكرين، ولم يكن معهم قرينة عرفوا بها، فخصوا بالنكرة.
    قوله: {لقد وعدنا نحن وآبآؤنا هاذا من قبل} ، وفى النمل {لقد وعدنا هاذا نحن وآبآؤنا من قبل} لأن ما فى [هذه] السورة على القياس؛ فإن الضمير المرفوع المتصل لا يجوز العطف عليه، حتى يؤكد بالضمير المنفصل، فأكد (وعدنا نحن) ثم عطف عليه (آباؤنا) ، ثم ذكر المفعول، وهو (هذا) وقدم فى النمل المفعول موافقة لقوله (ترابا) لأن القياس فيه أيضا: كنا نحن وآباؤنا ترابا (فقدم "ترابا") ليسد مسد نحن وكانا متوافقين.
    قوله: {سيقولون لله} ، وبعده: {سيقولون لله} وبعده: {سيقولون لله} الأول جواب لقوله {قل لمن الأرض ومن فيهآ} جواب مطابق لفظا ومعنى لأنه قال فى السؤال: (قل لمن) فقال فى الجواب: (لله) وأما الثانى والثالث فالمطابقة فيهما فى المعنى؛ لأن القائل إذا قال لك: من مالك هذا الغلام؟ فلك أن تقول: زيد، فيكون مطابقا لفظا ومعنى. ولك أن تقول لزيد، فيكون مطابقا للمعنى. ولهذا قرأ أبو عمرو الثانى والثالث: (الله) (الله) ؛ مراعاة للمطابقة.
    قوله {ألم تكن آياتي تتلى عليكم} وقبله: {قد كانت آياتي تتلى عليكم} ليس بتكرار؛ لأن الأول فى الدنيا عند نزول العذاب وهو الجدب عند بعضهم، ويوم بدر عند البعض، والثانى فى القيامة، وهم فى الجحيم؛ بدليل قوله: {ربنآ أخرجنا منها} .
    فضل السورة
    يذكر فيه من الأحاديث الواهية حديث أبى: من قرأ سورة المؤمنين بشرته الملائكة بالروح، والريحان، وما تقر به عينه عند نزول ملك الموت، ويروى: أن أول هذه السورة وآخرها من كنوز العرش من علم بثمان آيات من أولها، واتعظ بأربع آيات من آخرها؛ فقد نجا، وأفلح، وحديث على: يا على من قرأها تقبل الله منه صلاته، وصيامه، وأفلح؛ وحديث على: يا على من قرأها تقبل الله منه صلاته، وصيامه، وجعله فى الجنة رفيق إسماعيل، وله بكل آية قرأها مثل ثواب إسماعيل.
    بصيرة فى.. سورة أنزلناها
    السورة مدنية بالاتفاق. عدد آياتها أربع وستون فى العراقى والشامى، واثنتان فى الحجازى. كلماتها ألف وثلثمائة وستة عشر. وحروفها خمسة آلاف وستمائة وثمانون. المختلف فيها آيتان: {بالغدو والآصال} و {يذهب بالأبصار} .
    مجموع فواصل آياتها (لم نرب) على اللام آية واحدة {بالغدو والآصال} وعلى الباء آيتان {بغير حساب} و {سريع الحساب} سميت سورة النور، لكثرة ذكر النور فيها (الله نور.. مثل نوره.. نور على نور يهدى الله لنوره.. ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  20. #40
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    41,324

    افتراضي رد: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي ----متجدد



    بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
    ـ مجد الدين محمد بن الفيروز آبادي
    المجلد الاول
    (40)
    من صـــ 335 الى صـــ 344

    مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه:

    بيان فرائض مختلفة، وآداب حد الزانى والزانية، والنهى عن قذف المحصنات، وحكم القذف، واللعان، وقصة إفك الصديقة، وشكاية المنافقين، وخوضهم فيه، وحكاية حال المخلصين فى حفظ اللسان، وبيان عظمة عقوبة البهتان، وذم إشاعة الفاحشة، والنهى عن متابعة الشيطان، والمنة بتزكية الأحوال على أهل الإيمان، والشفاعة لمسطح إلى الصديق، فى ابتداء الفضل والإحسان، ومدح عائشة بأنها حصان رزان، وبيان أن الطيبات للطيبين، ولعن الخائضين فى حديث الإفك، والنهى عن دخول البيوت بغير إذن وإيذان، والأمر بحفظ الفروج، وغض الأبصار، والأمر بالتوبة لجميع أهل الإيمان، وبيان النكاح وشرائطه، وكراهة الإكراه على الزنا، وتشبيه المعرفة بالسراج والقنديل، وشجرة الزيتون، وتمثيل أعمال الكفار، وأحوالهم، وذكر الطيور، وتسبيحهم، وأورادهم، وإظهار عجائب صنع الله فى إرسال المطر، وتفصيل أصناف الحيوان، وانقياد أمر الله تعالى بالتواضع والإذعان، وخلافة الصديق، وصلابة الإخوان، وبيان استئذان الصبيان، والعبدان، ورفع الحرج عن العميان، والزمنى، والعرجان، والأمر بحرمة سيد الإنس والجان، وتهديد المنافقين، وتحذيرهم من العصيان، وختم السورة بأن لله الملك والملكوت بقوله {ألا إن لله ما في السماوات والأرض} إلى قوله {عليم} .
    الناسخ والمنسوخ:
    فيها من المنسوخ ست آيات {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} م {إلا الذين تابوا} ن {والزانية لا ينكحهآ} م {وأنكحوا الأيامى} ن. وقيل: محكمة {والذين يرمون} م {والخامسة أن} ن {وقل للمؤمنات يغضضن} العموم فيه م {والقواعد من النسآء} ن الخصوص {عليه ما حمل} م آية السيف ن {ليستأذنكم} م {وإذا بلغ الأطفال} ن.
    المتشابهات:
    قوله تعالى {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم}محذوف الجواب، تقديره: لفضحكم. وهو متصل ببيان حكم الزانيين، وحكم القاذف وحكم اللعان. وجواب لولا محذوفا أحسن منه ملفوظا به. وهو المكان الذى يكون الإنسان فيه أفصح ما يكون (إذا سكت) .
    وقوله بعده: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم} فحذف الجواب أيضا. وتقديره: لعجل لكم العذاب. وهو متصل بقصتها رضى الله عنها، وعن أبيها. وقيل دل عليه قوله {ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في مآ أفضتم فيه عذاب عظيم} وقيل: دل عليه قوله: {ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا} وفى خلال هذه الآيات {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون} {لولا جآءوا عليه بأربعة شهدآء} {ولولا إذ سمعتموه قلتم} وليس هو الدال على امتناع الشىء لوجود غيره، بل هو للتحضيض؛ قال الشاعر:
    تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ... بنى ضوطرى لولا الكمى المقنعا
    وهو فى البيت للتحضيض. والتحضيض يختص بالفعل، والفعل فى البيت مقدر، تقديره: هلا تعدون الكمى، أو هلا تعقرون الكمى.
    قوله: {ولقد أنزلنآ إليكم آيات} ، وبعده: {لقد أنزلنآ آيات} ؛لأن اتصال الأول بما قبله أشد: فإن قوله: (وموعظة) محمول ومصروف إلى قوله: {وليستعفف} ، وإلى قوله: {فكاتبوهم} ، {ولا تكرهوا} فاقتضى الواو؛ ليعلم أنه عطف على الأول، واقتضى بيانه بقوله: (إليكم) ليعلم أن المخاطبين بالآية الثانية هم المخاطبون بالآية الأولى. وأما الثانية فاستئناف كلام، فخص بالحذف.
    قوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم} إنما زاد (منكم) ؛ لأنهم المهاجرون. وقيل: عام، و (من) للتبيين.
    قوله: {وإذا بلغ الأطفال} ختم [الآية] بقوله: {كذلك يبين الله لكم آياته} وقبلها وبعدها {لكم الآيات} ؛ لأن الذى قبلها والذى بعدها يشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها.
    وهى فى الأولى {ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشآء} وفى الأخرى {من بيوتكم أو بيوت آبآئكم أو بيوت أمهاتكم} الآية فعد فيها آيات كلها معلومة، فختم الآيتين بقوله {لكم الآيات} . ومثله {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات} يعنى حد الزانين وحد القاذفين، فختم بالآيات. وأما بلوغ الأطفال فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها، بل تفرد سبحانه بعلم ذلك، فخصها بالإضافة إلى نفسه، وختم كل آية بما اقتضاها أولها.
    فضل السورة
    فيه حديث أبى المستضعف "من قرأ سورة النور أعطى من الأجر عشر حسنات، بعدد كل مؤمن فيما مضى، وفيما بقى" وحديث: "لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن الغزل وسورة النور" وحديث على: "يا على من قرأ سورة النور نور الله قلبه، وقبره، وبيض وجهه، وأعطاه كتابه بيمينه وله بكل آية قرأها مثل ثواب من مات مبطونا".
    بصيرة فى.. تبارك الذى نزل الفرقان
    السورة مكية بالاتفاق. وعدد آياتها سبع وسبعون. وكلماتها ثمانمائة واثنتان وسبعون. وحروفها ثلاثة آلاف وسبعمائة وثلاث وثلاثون. مجموع فواصل آياتها (لا) على اللام منها آية واحدة: {ضلوا السبيل} سميت سورة الفرقان لأن فى فاتحتها ذكر الفرقان فى قوله {نزل الفرقان على عبده} .
    مقصود السورة ومعظم ما اشتملت عليه: المنة بإنزال القرآن، ومنشور رسالة سيد ولد عدنان، وتنزيه الحق تعالى من الولد، والشريك، وذم الأوثان، والشكاية من المشركين بطعنهم فى المرسلين، بأكل الطعام فى أخس مكان، واستدعائهم محالات المعجزات من الأنبياء كل أوان، وذل المشركين فى العذاب والهوان، وعز المؤمنين فى ثوابهم بفراديس الجنان، وخطاب الحق مع الملائكة فى القيامة تهديدا لأهل الكفر والطغيان، وبشارة الملائكة للمجرمين بالعقوبة فى النيران، وبطلان أعمال الكفار يوم ينصب الميزان، والإخبار بمقر المؤمنين فى درجات الجنان، وانشقاق السماوات بحكم الهول وسياسة العبدان، والإخبار عن ندامة الظالمين يوم الهيبة ونطق الأركان، وذكر الترتيب والترتيل فى نزول القرآن، وحكاية حال القرون الماضية، وتمثيل الكفار بالأنعام، أخس الحيوان، وتفضيل الأنعام عليهم فى كل شان، وعجائب صنع الله فى ضمن الظل والشمس وتخليق الليل، والنهار، والآفات، والأزمان، والمنة بإنزال الأمطار، وإنبات الأشجار فى كل مكان، وذكر الحجة فى المياه المختلفة فى البحار، وذكر النسب، والصهر، فى نوع الإنسان، وعجائب الكواكب، والبروج، ودور الفلك، وسير الشمس، والقمر، وتفصيل صفات العباد، وخواصهم بالتواضع، وحكم قيام الليل، والاستعاذة من النيران، وذكر الإقتار، والاقتصاد فى النفقة، والاحتراز من الشرك والزنى وقتل النفس بالظلم والعدوان، والإقبال على التوبة، والإعراض عن اللغو، والزور، والوعد بالغرف للصابرين على عبادة الرحمن، وبيان أن الحكمة فى تخليق الخلق التضرع والدعاء والابتهال إلى الله الكريم المنان، بقوله: {قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعآؤكم} الآية.
    المتشابهات:
    قوله: (تبارك) هذه لفظة لا تستعمل إلا لله تعالى. ولا تستعمل إلا بلفظ الماضى. وجاء فى هذه السورة فى ثلاثة مواضع {تبارك الذي نزل الفرقان} {تبارك الذي إن شآء جعل لك} {تبارك الذي جعل في السمآء بروجا} ؛ تعظيما لذكر الله. وخصت هذه المواضع بالذكر؛ لأن ما بعدها عظائم: الأول ذكر الفرقان، وهو القرآن المشتمل على معانى جميع كتاب أنزله الله، والثانى ذكر النبى الذى خاطبه الله بقوله: (لولاك يا محمد ما خلقت الكائنات) . والثالث ذكر البروج والسيارات، والشمس والقمر، والليل والنهار، ولولاها ما وجد فى الأرض حيوان، ولا نبات. ومثلها {فتبارك الله رب العالمين} {فتبارك الله أحسن الخالقين} {تبارك الذي بيده الملك} .
    قوله: {من دونه} هنا، وفى مريم، ويس: {من دون الله} ؛ لأن فى هذه السورة وافق ما قبله، وفى السورتين لوجاء (من دونه) لخالف ما قبله؛ لأن ما قبله فى السورتين بلفظ الجمع؛ تعظيما. فصرح.
    قوله: {ضرا ولا نفعا} قدم الضر؛ موافقة لما قبله وما بعده. فما قبله نفى وإثبات، وما بعده موت وحياة. وقد سبق.
    قوله: {ما لا ينفعهم ولا يضرهم} قدم النفع؛ موافقة لقوله تعالى: {هاذا عذب فرات وهاذا ملح أجاج} .
    قوله: {الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمان} ومثله فى السجدة يجوز أن يكون (الذى) فى السورتين مبتدأ (الرحمن) خبره فى الفرقان، و {وما لكم من دونه} خبره فى السجدة، وجاز غير ذلك.
    فضل السورة
    فيه الأحاديث الضعيفة التى منها حديث أبى: من قرأ سورة الفرقان بعث يوم القيامة وهو يؤمن أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من فى القبور، ودخل الجنة بغير حساب. ومن قرأ هذه السورة يبعث يوم القيامة آمنا من هولها، ويدخل الجنة بغير نصب، وحديث على: يا على من قرأ {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده} . فكأنما قرأ كل كتاب نزل من السماء، وكأنما عبد الله بكل آية قرأها سنة.
    بصيرة فى.. طسم. تلك الشعراء
    السورة مكية، إلا آية واحدة: {والشعرآء يتبعهم الغاوون} إلى آخره. عدد آياتها مائتان وسبع وعشرون فى عد الكوفى والشامى. وست فى عد الباقين. كلماتها ألف ومائتان وسبع وسبعون. وحروفها خمسة آلاف وخمسمائة وثنتان وأربعون: الآيات المختلف فيها أربع طسم {فلسوف تعلمون} {أين ما كنتم تعبدون} {وما تنزلت به الشياطين} .
    مجموع فواصل آياتها (ملن) على اللام أربع، آخرهن إسرائيل وسميت سورة الشعراء لاختتامها بذكر هم فى قوله: {والشعرآء يتبعهم الغاوون} .

    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •