الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الرسول المجتبى وبعد: قاعدة: كل راوٍ اختلف في توثيقه كبار الأئمة ولم يجرح جرحاً شديداً فحديثه حسن.
شرطا القاعدة:
(1) أن يقع الخلاف في تعديل الراوي بين كبار الأئمة.
وأما من جرحه كبار الأئمة كأحمد وابن معين والبخاري وغيرهم وعدله من عُرف بالتساهل، كابن حبان والحاكم وغيرهما، لا يكون حسن الحديث بل يرد حديثه .
(2) أن لا يكون جرح الراوي شديداً.
فمن جرحه كبار الأئمة كأحمد وأبي حاتم وابن معين والبخاري بالكذب أو الفسق ؛ وعدله بعض الكبار كأبي زرعة ومسلم ، لا يكون حسن الحديث بل يرد حديثه.
- من اجتمع فيه هذان الشرطان يسمى الصدوق، كعبدالله بن محمد بن عقيل مختلف في توثيقه بين كبار الأئمة ولم يجرح جرحاً شديداً، قال الترمذي والفسوي:عبدالله صدوق.
وقال ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل: الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحياناً فهذا يحتج بحديثه.
أي من كان بهذا الوصف احتج بحديثه.
أمثلة القاعدة:
المثال الأول:
عبدالله بن محمد بن عقيل، اختلف الأئمة في توثيقه.
قال الترمذي في جامعه (3): صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول:كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديثه، وقال محمد:هو مقارب الحديث.اهـ.
مقارب الحديث من ألفاظ التعديل، قاله العراقي والذهبي والسيوطي وغيرهم.
وذكر المباركفوري في التحفة (1/42):قال الذهبي في ترجمة عبدالله بن محمد بن عقيل بعد ذكر أقوال الجارحين والمعدلين:حديثه في مرتبة الحسن.
المثال الثاني:
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص.
اختلف الأئمة في توثيقه.
قال ابن الصلاح في علوم الحديث (22): محمد بن عمرو بن علقمة من المشهورين بالصدق والصيانة لكنه لم يكن من أهل الإتقان حتى ضعفه بعضهم من جهة سوء حفظه ووثقه بعضهم لصدقه، فحديثه من هذه الجهة حسن.
وعد الذهبي في الموقظة (14) أحاديث محمد بن عمرو من أعلى مراتب الحسن.
المثال الثالثة:
عبدالله بن نافع الصائغ، اختلف الأئمة في توثيقه، قال شيخ الإسلام في الإقتضاء(361): حديث عبدالله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعاً(لا تجعلوا بيوتكم قبوراً)إسناده حسن ورواته كلهم ثقات لكن عبدالله بن نافع أخرج له مسلم ووثقه ابن معين وأبو زرعة ولينه أبو حاتم وغيره، وهذه العبارات منهم تنزل حديثه من رتبة الصحيح إلى الحسن.
المثال الرابع:
بشر بن مهاجر الغنوي، اختلف الأئمة في توثيقه، قال ابن كثير في تفسيره(1/59): حديث بشر عن عبدالله بن بريدة عن أبيه مرفوعاً(تعلموا السورة البقرة) إسناده حسن، فإن بشراً هذا أخرج له مسلم ووثقه ابن معين والنسائي. وضعفه أحمد والبخاري وأبو حاتم والدارقطني.
وسار على هذه القاعدة جمع من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر في التقريب، في غالب من قال عنهم: صدوق. يعني تنازع الأئمة في توثيقه، كما هو في تهذيب التهذيب.
توضيح:
إذا قال البخاري: فلان صدوق، يقصد أنه ثقة، قال في إسماعيل بن أبان الوراق الأزدي- صدوق- وهو من رجال الصحيح وثقه أحمد والدارقطني وغيرهما كما في تهذيب التهذيب(1/270).