(أبيات مختارة من قصيدة الشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني
في ذِكْرَى المولد النبوي على صاحبه أزكى الصلاة وأتم التسليم)
بُشْرَى مِنَ الغَيبِ أَلْقَتْ فِي فَمِ الغَـارِ وَحْياً وَأَفْضَتْ إِلَـى الدُّنْيَـا بِأَسْـرَارِ
بُشْرَى النُّبُوَّةِ طَافَتْ كَالشَّـذَى سَحَـراً وَأَعْلَنَتْ فِي الرُّبَـى مِيـلاَدَ أَنْـوَارِ
وَشَقَّتِ الصَّمْتَ وَالأَنْسَـامُ تَحْمِلُهَـا تَحْـتَ السَّكِينَـةِ مِـنْ دَارٍ إِلـَى دَارِ
وَهَدْهَدَتْ "مَكَّةَ" الوَسْنَـى أَنَامِلُهَـا وَهَـزَّتِ الفَجْـرَ إِيذَانـاً بِإِسْفَـارِ
فَأَقَبَلَ الفَجْرُ مِنْ خَلْفِ التِّـلاَلِ وَفِـي عَيْنَيـهِ أَسْـرَارُ عُشَّـاقٍ وَسُمـَّارِ
كَأَنَّ فَيضَ السَّنَا فِي كُـلِّ رَابِيَةٍ مَـوجٌ وَفِـي كـُلِّ سَفْـحٍ جـَدْوَلٌ جـَارِي
تَدَافَعَ الفَجْرُ فِي الدُّنْيَـا يَـزُفُّ إِلَـى تَارِيخِهَـا فَجْـرَ أَجْيَـالٍ وَأَدْهَــارِ
وَفَاضَ بِالنُّـورِ فَاغَتَـمَّ الطُّغَـاةُ بـِهِ وَاللِّصُّ يَخْشَى سُطُوعَ الكَوكَبِ السَّارِي
وَالوَعْيُ كَالنُّورِ يُخْزِي الظَّالِمِينَ كَمَـا يُخْزِي لُصُوصَ الدُّجَى إِشْرَاقُ أَقْمَـارِ
نَادَى الرَّسُولُ نِدَاءَ العَـدْلِ فَاحْتَشَـدَتْ كَتَائِـبُ الجـَورِ تُنْضِـي كُـلَّ بَتَّـارِ
فَضَجَّ بِالحَقِّ وَالدُّنيَـا بِمَـا رَحُبَتْ تَهْـوِي عَلَيـهِ بِأَشْـدَاقٍ وَأَظْـفَـارِ
وَسَـارَ وَالـدَّرْبُ أَحْقـَادٌ مَسَلَّخَـةٌ كَأَنَّ فِي كُلِّ شِبْـرٍ ضَيغَمـاً ضـَارِي
وَهَبَّ فـِي دَرْبِـهِ المَرْسُـومِ مُنْدَفِعـاً كَالدَّهْـرِ يَقْـذِفُ أَخْطَـاراً بِأَخْـطَـارِ
فَأَدْبَرَ الظُّلْـمُ يَلْقَـى هَـا هُنَـا أَجَـلاً وَهَا هُنَـا يَتَلَقَّـى كَـفَّ ... حَفَّـارِ
رَأَى اليَتِيـمُ أَبُـو الأَيتَـامِ غَايَـتَـهُ قُصَوى فَشَـقَّ إِلَيهـَا كـُلَّ مِضْمَـارِ
وَامْتَدَّتِ المِلَّةُ السَّمَحَـا يَـرِفُّ عَلَـى جَبِينِهَـا تَـاجُ إِعْـظَـامٍ وَإِكْـبَـارِ
مَضَى إِلَى الفَتْحِ لاَ بَغْيَـاً وَلاَ طَمَعَاً لَكِـنْ حَنَـانـاً وَتَطْهِـيـراً لأَوْزَارِ
فَأَنْزَلَ الجـَورَ قَبْـراً وَابْتَنَـى زَمَنـاً عَـدْلاً ... تُدَبِّـرُهُ أَفْكَـارُ أَحْــرَارِ
يَا خَاتَمَ الرُّسْلِ هَـذَا يَومُـكَ انْبَعَثَـتْ ذِكْرَاهُ كَالفَجْرِ فـِي أَحْضَـانِ أَنْهَـارِ
يَا صَاحِبَ المَبْدَأِ الأَعْلَى، وَهَلْ حَمَلَتْ رِسَالـةَ الحَـقِّ إِلاَّ رُوحُ مُخْـتَـارِ؟
أَنَا ابنُ أَنْصَارِكَ الغُـرِّ الأُلَـى قَذَفُـوا جَيشَ الطُّغَـاةِ بِجَيـشٍ مِنْـكَ جَـرَّارِ
تَضَافَرَتْ فِي الفِدَى حَوْلَيـكَ أَنْفُسُهـُمْ كَأَنَّهُـنَّ قـِـلاَعٌ خـَلْـفَ أَسْــوَارِ
"طَهَ" إِلَيكَ صَلاَةَ الشِّعْـرِ تَرْفَعُهَـا رُوحِـي وَتَعْزِفُهَـا أَوتَـارُ قِيـثَـارِي
كتبه واختار أبياته وضبطها الفقير إلى عفو مولاه د. محمد يحيى قايد الدريب
مركز تنمية العلوم واللغات
Unissa