بسم الله الرحمن الرحيم ، عونك اللهم برحمتك
قال الإمام القاضي أبو بكر محمد بن عبدالله بن العربي - رضي الله عنه :
ذِكْرُ الله مقدمٌ على كل أمرٍ ذي بال، ومن لم يطع الله فعمره عليه وبال، فحق على كل متعاطي أمرٍ أن يجعله مفتتحه ومختتمه، عسى الله أن يسامحه فيما اجترمه، فما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله . ولو كنا مفيضين في غير الباب الذي تصدينا، وإياه انتحينا، لالتزمناه في كل فصل، وأعددناه ذخيرة ليوم الفصل، ولكنا بعون الله وتأييده وتوفيقه وتسديده، في كتابه نتكلم وبذكره سبحانه نبدأ ونختتم، ومتناولنا القول في جمل من علوم القرآن، وإن كانت علومه لا تحصى، ومعارفه - كما سبق بيانه مني - لا تستقصى ، وعلى الخبير سقطت فإنا جعلناه أيام طلبنا غرضنا الأظهر ومقصدنا الأكبر، لأنه الأول في المعلومات ، والآخر في المبادئ من المعارف والغايات.
وقد انتحى العلماء هذا الغرض الذي نحن فيه، فآخذ بحظ ومقصر في آخر، وربنا تعالى يعلم المستقدم من المستأخر، فالعلم مقسوم كما أن الرزق محتوم وهو فيه .
وقد نجز القول في القسم الأول من علوم القرآن وهو التوحيد، وفي القسم الثاني وهو الناسخ والمنسوخ على وجه فيه إقناع، بل غاية لمن أنصف وكفاية، بل سعة لمن سلم للحق واعترف، فتعين الاعتناء بالقسم الثالث وهو القول في أحكام أفعال المكلفين الشرعية ، وهو باب قرعه جماعة، فأولجوا وأغاروا فيه على صاحبه، فبحثوا فيه ما بحثوا واستخرجوا ، والفضل للمتقدم .
ولم يؤلف في الباب أحدٌ كتاباً به احتفال إلا محمد بن جرير الطبري، شيخ الدين فجاء بالعجب العجاب، ونشر فيه لباب الألباب ...)
--------------
أصل الموضوع هنا