تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 8 من 13 الأولىالأولى 12345678910111213 الأخيرةالأخيرة
النتائج 141 إلى 160 من 258

الموضوع: تذليل العقبات بإعراب الورقات

  1. #141
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قلت: الشرط في الاستثناء المنقطع: أن يكون بين المستثنى والمستثنى منه ملابسة كما في المثال: (قام القوم إلا حمارا) وهذه الملابسة لا توجد في (الثعبان والأسد ...الخ)
    قال: لم أفهم هذا، لماذا صحت الملابسة مع (الحمار)، ما وجْهُ صحة هذه الملابسة؟ ولماذا تصح مع (الثعبان والأسد ...الخ)؟ في الحقيقة لم أفهم شيئا
    قلت: هوِّن على نفسك؛ سأنبئك بالسر في ذلك
    قال: عَجِّلْ؛ فإني إلى جوابه بالأشواق
    قلت: اعلم أن بين (القوم) و(الحمار) ملابسة من جهة كونه مركوبَهم ويحملون عليه ونحو ذلك بخلاف (الأسد والثعبان ونحوهما) فإنه لا ملابسة بينها وبين (القوم) بل بينهما غاية المنافرة[1].

    ______________________________ _____
    [1] حاشية السوسي على قرة العين 104.

  2. #142
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    (2) الشرط
    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    وَالشَّرْطُ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنِ الْمَشْرُوطِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْمَشْرُوطِ.

    ______________________________ __________________

    (وَ): حرف عطف
    (الشَّرْطُ): مبتدأ
    (يَجُوزُ): فعل مضارع
    (أَنْ): حرف مصدري ونصب
    (يَتَأَخَّرَ): فعل مضارع منصوب بـ (أن) وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره (هو) يعود على (الشرط)،
    وجملة (يتأخر هو) من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب صلة (أَنْ)
    و(أنْ) وما دخلت عليه في تأويل مصدر تقديره (تأَخُّرُهُ) يقع فاعلا للفعل (يجوز)
    وجملة (يجوز أن يتأخر) من الفعل والفاعل وما تعلق بهما في محل رفع خبر للمبتدأِ (الشرط)
    وجملة (الشرط يجوز ...الخ) من المبتدإ والخبر لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة (والاستثناء إخراج ...الخ)
    (عَنِ الْمَشْرُوطِ): ظرف لغو متعلق بـ (يتأخر)
    (وَ): عاطفة
    (يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْمَشْرُوطِ): يعرف إعرابه مما سبق، والجملة في محل رفع معطوفة على جملة الخبر (يجوز أن يتأخر ...الخ)

  3. #143
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    المعنى

    هذا النوع الثاني من المخصص المتصل، وهو الشرط اللغوي، وهو: تعليق شيء بشيء بـ (إِنْ) الشرطية أو إحدى أخواتها نحو: إن جاء زيد أكرمته.
    والشرط المخَصِّص يجوز أن يتأخر عن المشروط نحو: أَكْرِمْ زيدًا إنْ جاءك
    ويجوز أن يتقدم الشرط على المشروط نحو: إِنْ جاء زيد فأكرمْه

  4. #144
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قال صاحبي

    قال: ذكر المصنفُ أن الشرط من أنواع المخصصات للعموم
    قلت: نعم
    قال: أليست الطهارةُ شرطا لصحة الصلاة ؟
    قلت: بلى
    قال: هل يمكن أن يوصف أحد بأنه عالم إذا لم يكن حيًّا ؟
    قلت: لا
    قال: فأنت تُقِرُّ بأن الحياة شرط للعلم
    قلت: نعم، وأي شيء في هذا ؟!
    قال: أردت أن أقول: إذا كانت الطهارة شرطا للصلاة، والحياةُ شرطا للعلم فأيُّ تخصيص في كون الطهارة شرطا للصلاة والحياةُ شرطا للعلم
    قلت: اعلم أن الشرط أنواع منها:
    - الشرط اللغوي: وهو ما تقدم ذِكْرُه
    - الشرط الشرعي: نحو اشتراط الطهارة للصلاة وقد تقدم في الأحكام الوضعية
    - الشرط العقلي: وهو ما لا يمكن وجود المشروط إلا به كاشتراط الحياة للعلم
    قال: فكان ماذا ؟
    قلت: كان أن تعلم أن الشرط المُخَصِّصَ هو الشرط اللغوي فقط وأما الشرط الشرعي والشرط العقلي فلا دخل لهما هنا
    قال: ذكرتَ أن الشرط اللغويَّ هو التعليق بـ (إِنْ) أو إحدى أخواتها
    قلت: نعم
    قال: فمَنْ أخواتها ؟
    قلت: أتظن أن أخواتها عقلاء ؟!
    قال: لا، ولِمَ ؟
    قلت: لقولك: ومَنْ أخواتها ؟
    قال: وأي شيء في هذا ؟
    قلت: ألا تعلم أن (مَنْ) للعاقل ؟
    قال: بلى
    قلت: إذن فلا تقلْ: فمَنْ أخواتها ؟
    قال: فكيف أقول ؟
    قلت: قل: فما أخواتها ؟
    قال: فما أخواتها ؟
    قلت: (إِنْ) الشرطية هي أُمُّ الباب
    وأما أخواتها فـ : (إذا)، و(ما) الشرطية، و(مَنْ)، و(أَيّ)، و(متى)، و(أيان)، و(أَنَّى)، و(مهما)، و(حيثما)، و(أينما)، و(إذما)

    و(إِنْ) حرف، وأخواتها أسماء إلا (إذما) فهي حرف عند سيبويه وظرف عند المبرد وابن السراج والفارسي.
    قال: فاضرب مثالا على كل أداة
    قلت:
    - (إِنْ) نحو قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284]


    - و(إذا) كقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11]


    - و(ما) نحو قوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} [البقرة: 197]


    - و(مَنْ) نحو قوله تعالى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } [النساء: 123]


    و(أي) نحو قوله تعالى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110]


    - و(متى) كقول الشاعر:
    متى تأْتِهِ تَعْشُو إلى ضَوْءِ نارِهِ *** تَجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ مَوقِدِ
    - و(أيان) كقول الشاعر:
    أيان نُؤَمِّنْكَ تَأْمَنْ غيرنا *** وإذا لم تُدْرِكِ الأَمْنَ مِنَّا لم تَزَلْ حَذِرَا
    - و(أنى) كقول الشاعر:
    خليلَيَّ أنَّى تأتياني تأتِيا *** أخا غيرَ ما يرضيكما لا يحاول


    - و(مهما) نحو: قوله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 132]
    - و(حيثما) كقول الشاعر:
    حيثما تستقِمْ يُقَدِّرْ لك الله *** نجاحا في غابر الأزمان

    - و(أينما) كقول الشاعر:
    *** أينما الريح تُمَيِّلْها تَمِلْ ***
    - و(إذما) كقول الشاعر:
    وإنك إذما تأْتِ ما أنت آمِرٌ *** به تُلْفِ مَنْ إياه تأمُرُ آتيا

  5. #145
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    (3) التقييد بالصفة
    قال المصنف رحمه الله تعالى:

    وَالْمُقَيَّدُ بِالصِّفَةِ يُحْمَلُ عليه الْمُطْلَقُ: كَالرَّقَبَةِ قُيِّدَتْ بِالْإِيمَانِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَأُطْلِقَتْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ؛ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ.
    ______________________________ ________________
    (وَ): عاطفة
    (الْمُقَيَّدُ): مبتدأ
    (بِالصِّفَةِ): متعلق بـ (المقيد)، أو بمحذوف حال منه والتقدير: والمقيد حالة كون التقييد كائنا بالصفة
    (يُحْمَلُ): فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة
    (عليه): متعلق بـ (يحمل)
    (الْمُطْلَقُ): نائب فاعل
    والجملة من الفعل ونائب الفاعل وما تعلق بهما في محل رفع خبر
    وجملة المبتدإ وخبره لا محل لها من الأعراب معطوفة على جملة (الاستثناء إخراج ... )
    (كَالرَّقَبَةِ): متعلق بمحذوف خبر لمبتدإ محذوف والتقدير: وذلك كائن كالرقبة، فـ (ذلك) مبتدأ، و(كائن) خبر وهو الذي تعلق به الظرف (كالرقبة)
    (قُيِّدَتْ): فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وتاء التأنيث الساكنة حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب
    ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره (هي) يعود على الرقبة
    والجملة من الفعل ونائب الفاعل وما تعلق بهما في محل جر صفة لـ (الرقبة)
    (بِالْإِيمَانِ): متعلق بـ (قيدت)
    (فِي بَعْضِ): متعلق بمحذوف حال والتقدير: حالة كون التقييد بالإيمان كائنا في بعض المواضع، و(بعض) مضاف
    (الْمَوَاضِعِ): مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة
    (وَأُطْلِقَتْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ): يعرف إعرابه مما سبق، والجملة في محل جر معطوفة على جملة (قيدت بالإيمان في بعض المواضع)
    (فَـ): فاء السببية
    (يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ): يعرف إعرابه مما سبق

  6. #146
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    المعنى

    هذا المخصص الثالث من المخصصات المتصلة التي تأتي مع العموم في خطاب واحد
    الأول- الاستثناء
    الثاني- الشرط
    وهذا الثالث- وهو التقييد بالصفة، وهو بحث المطلق والمقيد فإذا ورد اللفظ مطلقا من غير تقييد ثم ورد مقيدا حُمِلَ المطلق على المقيد في أحوال ستعرفها
    ______________________________ _
    [قال صاحبي]

    قال: أرأيت قوله: "التقييد بالصفة" ما المراد بالصفة؟
    قلت: المراد: ما أشعر بمعنى تتصف به أفراد العامّ[1].
    فنظرَ إليَّ كأنه لم يسمع شيئا، فعلمتُ أنه لم يفهم شيئا وأنه منتظر للجواب
    فقلت: المراد قَصْرُ الصفة على بعض أفراد العامّ
    قال: مثل ماذا ؟
    قلت: مثل قولك: (أكرم بني تميم العلماء)[2]. فـ (بني تميم) جمع مضاف (بني مضاف، وتميم مضاف إليه) فيعُمّ بني تميم كلهم فلما قال: (العلماء) قَصَرَ عموم هذا الجمع على بعض أفراده وهم (العلماء).
    قال: فهذا في التقييد بالصفة
    قلت: نعم
    قال: ولكني أجد التقييد بغير الصفة أيضا
    قلت: مثل ماذا ؟
    قال: مثل قوله صلى الله عليه وسلم : "في سائمة الغنم الزكاة".
    فسكتُّ قليلا ثم قلت: نعم، نعم، فهمت ما تريد، تريد أن تقول: إن (سائمة) هنا ليست صفة للغنم وإنما هي مضاف و(الغنم) مضاف إليه
    قال: نعم، هو ذاك
    قلت: ولكني لم أقف على الحديث بهذا اللفظ، ولكني ربما لم أراجع ألفاظه جيدا
    قال: فما لفظه الذي وقفتَ عليه
    قلت: لفظه: " ... وفي صدقة الغنم في سائمتها"[3].
    قال: فما إعراب: "في سائمتها"
    قلت: متعلق بمحذوف صفة لـ (صدقة) أي: صدقة الغنم الكائنة في سائمتها
    قال: فهي هنا صفة
    قلت: نعم
    قال: فأذكر لك مثالا آخر وقع التقييد فيه بغير الصفة
    قلت: هاتِ
    قال: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا } [آل عمران: 97]
    قلت: فأين التقييد بغير الصفة ؟
    قال: {الناس} لفظ عام يشمل الكبير والصغير والمستطيع وغير المستطيع، فلما قال بعد ذلك: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} خصَّصْنا هذا الحكم وقلنا: المراد المستطيع فقط
    قلت له: فهذا تقييد بماذا ؟
    فسكتَ، ثم قال: لا أدري ولكنه ليس تقييدا بالصفة
    قلت له: أين موضع الشاهد من الآية ؟
    فسكتَ مُرَدّدًا[4] وقال حائرا: {الناس}؟
    قلت له: أحسنت ...
    لو أكملتَ
    فسكتَ وقال: لا أدري
    قلت: {الناس ... مَنِ استطاع} فـ {مَنْ} بدل من {النَّاس} بدل بعض من كل
    قال: نعم، صحيح ... ولكن
    قلت: (ولكن) ماذا ؟
    قال: ولكن أين الرابط ؟
    قلت: مقدر تقديره: (منهم)
    قال: نعم، وهذا يدل على أن التقييد هنا ليس بالصفة بل بالبدل
    قلت: نعم، هو ما تقول
    قال: فالمصنف لم يذكر التقييد بالبدل مراعاة لحال المبتدئ المقصود بهذا الكتاب
    قلت: لا
    فتعجب ثم قال: فلماذا لم يذكر التقييد بالبدل ؟
    قلت: ومَنْ زعم أن المصنف لم يذكر ذلك ؟
    قال: أنت تمزح طبعا
    قلت: لا
    فقال متعجبا: أفتزعم أن المصنف ذكر التقييد بالبدل ؟
    قلت: نعم، أزعم ذلك
    قال: فأين ذَكَرَه ؟



    ______________________________ _______
    [1] غاية المأمول في شرح ورقات الأصول للرملي 168.
    [2] شرح الورقات لابن إمام الكاملية 138.
    [3] صحيح: رواه البخاري في مواضع منها (1454) وأطرافه تجدها في (1448)
    [4] مُرَدَّدًا: أي حائرا

  7. #147
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    فقال متعجبا: أفتزعم أن المصنف ذكر التقييد بالبدل ؟
    قلت: نعم، أزعم ذلك
    قال: فأين ذَكَرَه ؟
    قلت: هنا في قوله: "والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق".
    قال: فأين قال: والمقيد بالبدل ؟
    قلت: هو هذا
    قال: المصنف قال: "المقيد بالصفة" ولم يقل: "المقيد بالبدل"
    قلت: نعم، هذا ما أردت أن أبينه لك
    قال: إيهِ
    قال: قوله: "المقيد بالصفة" يريد به (الصفة) عند الأصوليين لا عند النحويين
    قال: فبينهما فَرْقٌ ؟
    قلت: نعم، (الصفة) عند النحويين هي (النعت)
    وأما (الصفة) عند الأصوليين فهي أوسع من ذلك؛ إذ تشمل (النعت) وغيره
    قال: إيهِ
    قلت: (الصفة) عند الأصوليين تشمل :
    1- النعت: نحو: أكرم الطلابَ المجتهدين
    2- الإضافة: كالحديث الذي ذكرتَه: "في سائمة الغنم الزكاة"
    3- البدل: كالآية السابقة: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]
    4- الحال: نحو: وَقَفْتُ على أولادي سالِكِي الطرقِ الحميدة، وأكرم مَنْ جاءك راكبا
    5- التمييز: نحو: له عندي مِلْءُ هذا ذهبا
    6- الظرف: نحو: أعطِ زيدا اليوم
    7- الجار والمجرور: نحو: أكرم زيدا في مكان كذا
    8- المفعول له: وهو يفيد التصريح بالعلة التي وقع الفعل لأجلها نحو: (ضربتُهُ تأديبا) فيفيد تخصيص ذلك الفعل بتلك العلة
    9- المفعول معه: وهو يفيد تقييد الفعل بما تضمنه من المعنى نحو: ضربْتُهُ وزيدا، فيفيد تقييد الضرب الواقع على المفعول به (الهاء في ضربته) بتلك الحالة أي حالة المصاحبة بين ضربه وضربِ زيدا.
    قال: أيُّ نوعٍ من أنواع البدل يُقَيِّد ؟
    قلت: بدل البعض من كل كما في الآية السابقة، وكقوله تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ} [المائدة: 71] فـ{كَثِيرٌ مِنْهُمْ} بدل بعض من كل من الضمير (الواو) في {عَمُوا وَصَمُّوا}.
    ويلحق بدل الاشتمال ببدل البعض في التخصيص أيضا لأن كل واحد منهما فيه بيان وتخصيص[1].
    قال: ذكرتَ أن (الحال) من المخصصات
    قلت: نعم
    قال: أرأيتَ وقوع حالٍ واحدة بعد جملتين أو أكثر، ترى أي جملة تخصصها؟
    قلت: مثل ماذا ؟
    قال: مثل قولك: أكرمْ بني تميم، وأعط بني هاشمٍ نازلين بك.
    قلت: تخصص الكلَّ على رأي الشافعي، والجملةَ الأخيرة فقط على رأي أبي حنيفة
    قال: وذكرتَ من المخصصات (الظرفَ والجار والمجرور)
    قلت: نعم
    قال: فلو جاء أحدهما بعد أكثر من جملة فبأيها يختص
    قلت: بالجميع على قول الشافعي، وبالأخيرة على قول أبي حنيفة
    قال: فلو توسط بين الجمل نحو: أعطيت زيدا يوم الجمعة وعمرا
    قلت: كلام الحنفية يقتضي أنه يتعلق بالثاني

    ______________________________ ____
    [1] إرشاد الفحول للشوكاني 2/ 674- 675، البحر المحيط 3/ 350.

  8. #148
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قال: حسنا، فلنَعُدْ إلى قول المصنف: "كالرقبة قيدت بالإيمان ...الخ"
    قلت: نعم
    قوله: "كالرقبة قيدت بالإيمان في بعض المواضع وأطلقت في بعض المواضع"
    قُيِّدَتِ الرقبة بالإيمان في كفارة القتل، قال تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } [النساء: 92]
    وأُطْلِقَت في ثلاثة مواضع:
    1- كفارة الحنث في اليمين في قوله تعالى: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [المائدة: 89]
    2- كفارة الظهار في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 3]
    3- اقتحام العقبة في قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ } [البلد: 11 - 18] والمراد باقتحام العقبة: شُكْرُ النعم التي أنعمها الله عز وجل عليه بها وهي قوله: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} [البلد: 8 - 10] فلم يشكر هذه النعم بالأعمال الصالحة من فكِّ الرقاب وإطعام الطعام ثم بالإيمان الذي هو أصل كل طاعة
    قال: فقوله: "فيحمل المطلق على المقيد"
    قلت: ذكر العلماء أن للمطلق مع المقيد أربع أحوال:
    1- أن يتحد النصان (المطلق والمقيد) في السبب والحكم: كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: 3] فـ (الدم) في هذه الآية مطلق غير مقيد بشيء، وقد جاء مقيدا بكونه مسفوحا في قوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ } [الأنعام: 145] وقد اتفق النصان (المطلق) (وهو الدم) في الآية الأولى، و(المقيد) وهو{أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} في الآية الثانية= اتفقا في السبب وهو ما في الدم من الإيذاء والمضرة، كما اتفقا في الحكم وهو تحريم تناول الدم؛ فيحمل المطلق في الآية الأولى على المقيد في الثانية فيكون المحرم هو الدم المسفوح
    2- أن يختلف النصان (المطلق والمقيد) في السبب والحكم: كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، وقوله تعالى في آية الوضوء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ } [المائدة: 6] فالأيدي في الآية الأولى مطلقة وفي الثانية مقيدة بكونها إلى المرافق، والسبب مختلف فيهما فالسبب في الآية الأولى: (السرقة)، وفي الآية الثانية: (إرادة القيام إلى الصلاة)، وكذلك الحكم مختلف: ففي الأولى (وجوب القطع) وفي الثانية (وجوب الغسل) ففي هذه الحالة لا يحمل المطلق على المقيد
    3- أن يتحد السبب بين النصين (المطلق والمقيد) ويختلف الحكم: كقوله تعالى في الوضوء: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ } [المائدة: 6] وقوله تعالى في التيمم: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ } [المائدة: 6] فقد قَيَّدَ غسل الأيدي إلى المرافق في الوضوء لكنه أطلق الأيدي في التيمم، وقد اتحد السبب في النصين كليهما وهو إرادة القيام إلى الصلاة، لكن الحكم مختلف ففي الوضوء غسل مقيد بكونه إلى المرافق وفي التيمم مسح مطلق، وفي هذه الحالة لا يحمل المطلق على المقيد
    4- أن يختلف السبب بين النصين (المطلق والمقيد) ويتحد الحكم: كقوله تعالى في كفارة القتل الخطأ: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } [النساء: 92] وفي كفارة الظهار: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 3] فقيدت الرقبة بالإيمان في الموضع الأول وأطلقت في الموضع الثاني، والسبب مختلف بين النصين فهو في الأول (القتل الخطأ) وفي الثاني (الظهار)، والحكم فيهما متحد وهو تحرير رقبة، فيحمل المطلق هنا على المقيد على رأي الجمهور وخالف الحنفية فقالوا: يعمل بكل نص كما ورد؛ فتجزئ عندهم الرقبة الكافرة في كفارة الظهار[1].
    قال: فهذا النزاع بين الجمهور والحنفية في جواز عتق الكافر في الكفارات؟
    قلت: نعم
    قال: أرأيته في غير الكفارات؟
    قلت: يجوز عتق الكافر بالإجماع في غير الكفارات
    قال: أخبرني: هل يجب التنافي بين المطلق والمقيد لكي نحمله عليه بحيث يكون أحدهما منفيا والآخر مثبتا ؟
    قلت: لا.

    ______________________________ ________
    [1] الشرح الوسيط على الورقات 94- 97، شرح الورقات سعد بن ناصر الشثري 113- 115.

  9. #149
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قال المصنف رحمه الله تعالى:
    وَيَجُوزُ: تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ، وَتَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ.
    وَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ، وَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ.
    وَتَخْصِيصُ النُّطْقِ بِالْقِيَاسِ.
    وَنَعْنِي بِالنُّطْقِ: قَوْلَ اللهِ تَعَالى، وَقَوْلَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
    ______________________________ _________

    (وَ): استئنافية
    (يَجُوزُ): فعل مضارع
    (تَخْصِيصُ): فاعل، ومضاف
    (الْكِتَابِ): مضاف إليه
    (بِالْكِتَابِ): متعلق بـ (تخصيص)، أو بمحذوف حال منه والتقدير: حالة كون التخصيص كائنا بالكتاب
    (وَ): عاطفة
    (تَخْصِيصُ): معطوف على (تخصيص) الأولى، ومضاف
    (الْكِتَابِ): مضاف إليه
    (بِالسُّنَّةِ): مثل: (بالكتاب)
    (وَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ): يعرف إعرابه مما تقدم
    (وَتَخْصِيصُ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ): يعرف إعرابه مما تقدم
    (وَتَخْصِيصُ النُّطْقِ بِالْقِيَاسِ): يعرف إعرابه مما تقدم
    (وَ): للاستئناف البياني؛ فإنه لما قال: "وتخصيص النطق بالقياس" كأن قائلا قال له: وما النطق؟ فقال: ونعني بالنطق ...الخ
    (نَعْنِي): فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها الثقل، والفاعل مستتر وجوبا تقديره نحن
    (بِالنُّطْقِ): متعلق بـ (نعني)
    (قَوْلَ): مفعول به، ومضاف
    (اللهِ): اسم الجلالة مضاف إليه
    (تَعَالى): فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره التعذر، والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على اسم الجلالة
    (وَ): عاطفة
    (قَوْلَ): معطوف على (قولَ الله)، وهو مضاف
    (الرَّسُولِ): مضاف إليه
    (صلى): فعل ماض مبني على فتح مقدر منع من ظهوره التعذر
    (الله): فاعل
    (عليه): متعلق بـ (صلى)، وجملة (صلى الله عليه) لا محل لها من الإعراب دعائية
    (و): عاطفة
    (سلم): فعل ماض والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى اسم الجلالة (الله)، وحذف (عليه) هنا لدلالة الأول عليه أي: وسلَّمَ عليه، والجملة من الفعل والفاعل وما تعلق بهما لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة (صلى الله عليه)

  10. #150
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    المعنى

    بعد أن انتهى من المخصص المتصل شرع في بيان المخصص المنفصل وأنواعه خمسة:
    1- تخصيص الكتاب بالكتاب: بأن يكون النصُّ العامّ من القرآن والمخصِّصُ من القرآن أيضا


    2- تخصيص الكتاب بالسنة: بأن يكون العامّ من القرآن والمخصص من السنة


    3- تخصيص السنة بالكتاب: بأن يكون العامّ من السنة والمخصص من الكتاب


    4- تخصيص السنة بالسنة: بأن يكون العام من السنة والمخصص من السنة أيضا


    5- تخصيص الكتاب أو السنة بالقياس: بأن يكون العامّ من الكتاب والمخصص من القياس أو العامّ من السنة والمخصص من القياس

  11. #151
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قال صاحبي

    قال: اضرب لي مثالا على كل نوع مما سبق
    قلت: أما تخصيص الكتاب بالكتاب فقوله تعالى: { والْمُطَلَّقَات ُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فهذه الآية عامة في كل مطلقة أن عليها عدة، وأن عدتها ثلاثة قروء.
    قال: مِن أين استفدنا العموم في الآية ؟
    قلت: من لفظ {المطلقات}
    قال: وكيف ذلك ؟
    قلت: لأنه جَمْعُ واااا
    فقاطعني قائلا: جمع مؤنث سالم وقد قلت إن جمع المذكر والمؤنث السالم من جموع القلة لا الكثرة
    قلت: نعم، ولكن كونهما من جموع القلة مشروط –كما تقدم- بألا يقترنا بـ(أل) التي للاستغراق وألا يضافا إلى ما يدل على الكثرة وإلا انصرفا إلى الكثرة نحو: {إِنَّ الْمُسْلِمينَ وَالْمُسْلِمَات ِ}
    قال: نعم نعم، تذكرت الآن، فتريد أن تقول إن {الْمُطَلَّقاتُ} في الآية جمع مقترن بـ(أل) الاستغراقية فيفيد العموم فيشمل المطلقةَ الحاملَ والحائلَ، والمدخولَ بها وغيرَ المدخول بها
    قلت: نعم، هو ذا.
    قال: أكمل
    قلت: فالحكم هنا وجوب العدة على المطلقة وقدرها ثلاثة قروء لكن خرج من هذا الحكم صنفان: المطلقة الحامل، والمطلقة قبل الدخول بها
    قال: فما دليل تخصيص الحامل ؟
    قلت: قوله تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4]
    قال: فالحامل تنتهي عدتها بوضع الحمل
    قلت: نعم
    قال: ولو وضعت بعد يوم
    قلت: نعم
    قال: فما دليل تخصيص غير المدخول بها ؟
    قلت: قوله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُن َّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عليهنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } [الأحزاب: 49]
    قال: فغيرُ المدخولِ بها لا عدة عليها
    قلت: نعم
    قال: قد فهمت تخصيص الكتاب بالكتاب، فاضرب لي مثالا على تخصيص الكتاب بالسنة
    قلت: أما تخصيص الكتاب بالسنة فكقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } [النساء: 11] فقوله: {أَوْلَادِكُمْ} جمع مضاف فيَعُمّ
    قال: يَعُمُّ ماذا ؟ أولادكم يعني أولادكم أيُّ عموم هنا ؟
    قلت: يعُمُّ الولد المؤمن والولد الكافر
    قلت: آآآآآآآآآآآ هذا ممكن، لم يَرِدْ هذا على ذهني،
    قلت: فخرج الولدُ الكافرُ من الميراث بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُ المسلمَ"
    قال: نعم، ولكن هل تخصيص الكتاب بالسنة عامّ ؟
    قلت: ما معنى عامّ ؟
    قال: أريد أن أقول: هل السنة المتواترة والآحاد تخصص الكتاب أم هذا مقصور على السنة المتواترة فقط؟
    قلت: أما السنة المتواترة فتخصص الكتاب بالإجماع
    وأما الآحاد فالأئمة الأربعة على أنها تخصص الكتاب أيضا
    قال: تقول إن السنة المتواترة تخصص الكتاب بالإجماع ؟
    قلت: نعم
    قال: أرأيت السنة المتواترة الفعلية ألا تعلم أن في التخصيص بها خلافا؟
    قلت: بلى، ولكن الخلاف ليس من حيث كونها سنة ولكن من حيث كونها سنة فعلية فمَنْ ذهب إلى أنها لا تخصص هو من ذهب إلى أن فِعْلَ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يُخَصِّص
    قال: نعم، أكمل
    قلت: وأما تخصيص السنة بالكتاب فكقوله صلى الله عليه وسلم: "ما قُطِعَ من البهيمة وهي حيةٌ فهو ميتةٌ" [1]. فهذا مخصوص بقوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إلى حِينٍ} [النحل: 80]
    قال: إيهِ
    قلت: وأما تخصيص السنة بالسنة فكقوله صلى الله عليه وسلم: "فيما سقت السماءُ العشر" [2] فهذا نص بأن كل ما سقته السماء ففيه العشر قليلا كان أو كثيرا ففيه العشر وإلى هذا ذهب الإمام أبو حنيفة [3] بيد أن هذا النص قد خصص بقوله صلى الله عليه وسلم : "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" [4].
    قال: بقي تخصيص النُّطْقِ بالقياس
    قلت: نعم
    قال: ولكن كيف نخصص كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بآرائنا واجتهاداتنا؟!
    قلت: للعلماء ثلاثة أقوال في تخصيص عمومات القرآن والسنة بالقياس:
    الأول – أنه جائز مطلقا وقالوا: إنه دليل من أدلة الشرع فيجوز التخصيص به مطلقا
    الثاني – أنه غير جائز مطلقا وهؤلاء هم نُفَاةُ القياس من الظاهرية ومن وافقهم
    الثالث – أن العلة إذا كانت منصوصة جاز التخصيص به، وأما إن كانت مستنبطة باجتهاد العلماء فلا يجوز التخصيص به (أي بالقياس)
    قال: كأن هذا الرأي الثالث هو الأظهر
    قلت: نعم، أظن ذلك؛ لأن النص على العلة يفيدنا وجود الحكم كلما وجدت هذه العلة
    قال: فاضرب لي مثالا على تخصيص الكتاب والسنة بالقياس
    قلت: نعم، مثال ذلك قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] فـ {الْبَيْع} مفرد مُعَرَّف بأل الجنسية فيفيد العموم فكل بيع حلال
    قال: نعم
    قلت: ثم ورد في السنة أنه صلى الله عليه وسلم *(نهى عن بيع المزابنة)[5]. فـَ فـَ فـَ
    فقاطعني قائلا: وما بيعُ المزابنة ؟
    قلت: هو بيعُ التمْرِ الجاف المكنوز بالرُّطَبِ الذي جُنِيَ حديثا من النخل
    قال: نعم، أكمل
    قلت: ففي الآية حِلُّ جميع أنواع البيوع وتحريم الربا، وفي الحديث تخصيص نوع من أنواع البيوع بالنهي عنه وهو بيع المزابنة
    قال: فهذا يصلُحُ مثالا لتخصيص الكتاب بالسنة
    قلت: نعم، بارك الله فيك
    قال: فأين التخصيص بالقياس هنا
    قلت: فإذا جاءت مسألة أخرى مشابهة لها فإننا نقيسها عليها
    قال: لم أفهم شيئا، أريد مثالا واضحا على ذلك
    قلت: لا بأس، قد جاءت مسألةٌ مشابهةٌ لبيع المزابنة المنهيِّ عنه في الحديث (وهو بيعُ التمْر الجافِّ المكنوز بالرُّطبِ المَجْنِيِّ حديثا من النخل)
    قال: وما هي ؟
    قلت: بيعُ العِنب بالزبيب: فالزبيبُ عنبٌ مجفف والعنب هو المَجْنِيُّ حديثا من الشجر، فحينئذ نقول: إن بيع العنب بالزبيب حرام قياسا على بيع الرطب بالتمر الجاف
    قال: قد تفرعت المسألةُ فأين التخصيص ؟
    قلت: هل فهمتَ - أولا - ما سبق ؟
    قال: نعم، فهمته
    قلت: فعلمتَ أن قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] عامٌّ ؟
    قال: نعم، عرفتُ ذلك
    قلت: وعرفتَ أن بيعَ العِنبِ بالزبيب منهيٌّ عنه قياسا على بيع الرطب بالتمر ؟
    قال: نعم، عرفت هذا أيضا
    قلت: فعلمتَ أن بيعَ العنب بالزبيب مستثنى من حِلِّ البيع الذي في الآية
    قال: نعم
    قلت: فهذا هو التخصيص، فقد خُصَّ عمومُ قوله تعالى: : {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] بالقياس في مسألة بيع العنب بالرطب على مسألة بيع الرطب بالتمر.
    قال: نعم نعم، فهمت هذا أيضا
    ثم قال: أرأيت قوله: "ونعني بالنطق: قولَ الله تعالى، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " ؟
    قلت: نعم، قد سار هنا على منهج أهل السنة والجماعة في أن القولَ هو النطق دون المعاني النفسية خلافا لمنهج الأشاعرة[6].

    ______________________________ _

    [1] حسن: رواه أبو داود (4/ 479/ رقم2858) ط. الرسالة، والترمذي (3/ 145/ رقم1480) ط. دار الغرب الإسلامي، وأحمد (36/ 233/ رقم21903، 21904) ط. الرسالة، وهو لفظه، من حديث أبي واقد الليثي.
    [2] صحيح: متفق عليه
    [3] الشرح الوسيط على الورقات 99.
    [4] صحيح: متفق عليه
    [5] صحيح: رواه مسلم (1539)
    [6] شرح الورقات د. سعد الشثري 120.

  12. #152
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قال المصنف رحمه الله تعالى:
    وَالْمُجْمَلُ: مَا يَفْتَقِرُ إِلَى الْبَيَانِ.
    وَالْبَيَانُ: إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ حَيِّزِ الْإِشْكَالِ إِلَى حَيِّزِ التَّجَلِّي.
    ______________________________ ___
    (وَ): عاطفة
    (الْمُجْمَلُ): مبتدأ
    (مَا): خبر
    (يَفْتَقِرُ): فعل مضارع والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على (ما)
    (إِلَى الْبَيَانِ): متعلق بـ (يفتقر) والجملة من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما لا محل لها من الإعراب معطوفة على قوله: "فأما أقسام الكلام"


    (وَ): عاطفة
    (الْبَيَانُ): مبتدأ
    (إِخْرَاجُ): خبر، ومضاف
    (الشَّيْءِ): مضاف إليه
    (مِنْ حَيِّزِ): متعلق بالخبر (إخراج) أو بمحذوف حالٍ منه أي حالة كون الإخراج كائنا من حيز، و(حيز) مضاف
    (الْإِشْكَالِ): مضاف إليه
    (إِلَى حَيِّزِ): متعلق بما تعلق به (من حيز) و(حيز) مضاف
    (التَّجَلِّي): مضاف إليه، والجملة من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة: "فأما أقسام الكلام"

  13. #153
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    المعنى

    تكلم المصنف هنا على أقسام الكلام من حيث الإبهام والبيان فقسمه إلى: مُجْمَلٍ ومُبَيِّنٍ، ثم عرف كلا منهما:
    فأما (المجمل)
    فهو في اللغة: مأخوذ من الجَمْل وهو الجَمْعُ، وجُمْلَةُ الشيء: مجموعه، فـ (المجمل) هو المجموع، ومقابله: المُفَصَّل.
    وفي الاصطلاح: هو ما افتقر إلى البيان


    وأما (البيان)
    فهو في اللغة: الظهور والوضوح
    وفي الاصطلاح: إخراج الشيء من حيز الإشكال (أي الخفاء والإبهام) إلى حيز التجلي (أي الوضوح والظهور)

  14. #154
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قال صاحبي

    قال: ما أسباب الإجمال؟
    قلت: الإجمال له أسباب كثيرة منها:
    1= غرابة اللفظ: كلفظ (هلوع) في قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] وقد بَيَّنَهُ الله تعالى بعده في قوله: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 20 -21]


    ومن ذلك أيضا لفظ (الرويبضة) وقد جاء تفسيره في الحديث بأنه الرجل التافه يتكلم في أمر العامَّة كما في الحديث: «سيأتي على الناس سنوات خداعات يُصَدَّقُ فيها الكاذب ويُكَذَّبُ فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويُخَوَّنُ فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة»[1].[2]


    2= تعدد المعاني للكلمة الواحدة: كلفظ (قُرْء) وهو لفظ مجمل يطلق على (الطُّهْرِ) و(الحيض) فذهب مالك والشافعي وأحمد في رواية عنه أن المراد بـ (القُرْء): الطُّهْرُ؛ وعلى هذا تكون عدة المطلقة التي هي من ذوات الحيض ثلاثةُ قروء أي ثلاثةُ أطهار.
    وذهب الأحناف وأحمد في رواية عنه، وأكثر الحنابلة عليها، إلى أن المراد بـ (القُرْء): الحيض، وعلى هذا تكون عدة المطلقة التي هي من ذوات الحيض ثلاثة قروء أي ثلاث حيضات[3].


    3= نقل اللفظ من معنى معروف في اللغة إلى معنى آخر غير معروف فيها: كلفظ (الصلاة) ومثله (الزكاة والصوم) ونحوها فهذه ألفاظ نقلها الشرع من حقائقها اللغوية إلى حقائق أخرى شرعية تفتقر إلى البيان، ففي قوله تعالى: {وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وآتُواْ الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] إجمال بيَّنتْه السُّنَّةُ من حيث تفاصيل أحكام الصلاة والزكاة[4].


    قال صاحبي: أليست هذه الألفاظ (الصلاة والزكاة والصوم) حقائق شرعية؟
    قلت: بلى
    قال: فكيف تكون من باب المجمل؟
    قلت: وما الذي يمنع ذلك؟
    فسكتَ
    قلت: إذا كان اللفظ له معنى معروف في اللغة فهذا معناه أنه لا يحتاج إلى بيان في اللغة، فإذا نُقِلَ إلى معنى شرعيِّ لم يكن له نفس المعنى اللغوي فهذا معناه أن المعنى الشرعيَّ يحتاج إلى بيان فهذا معناه أنه صار مجملا يعني أنت تعرف أن الصلاة في اللغة: الدعاء، فهذا لا يحتاج إلى بيان؛ فليس مجملا، وأما في الشرع: فأقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، فهذا يحتاج إلى بيان: فما هي هذه الأقوال؟ وكيف تقال؟ ومتى تقال؟ وما هي هذه الأفعال؟ وما صفتها؟ ومتى تفعل؟ ...الخ فهذا إجمال يحتاج إلى بيان


    قال: نعم، فهمت
    ثم قال: فإذا وجدتُ لفظا مجملا فماذا أفعل؟
    قلت: تتوقف عن العمل به حتى تجد دليلا يدل على المراد به، وهذا يسمى: (حكم العمل بالمجمل): وهو أنه لا يعمل به إلا بدليل يدل على المراد منه.
    قال: فهذا المجملُ، فما البيانُ؟

    ______________________________ __
    [1] صحيح: رواه بن ماجه وأحمد والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع (3650) والصحيحة (1888)
    [2] الشرح الوسيط على الورقات 104.
    [3] الأنجم الزاهرات 167 -168، والشرح الوسيط على الورقات 105.
    [4] الشرح الوسيط على الورقات 105.

  15. #155
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قال: فهذا المجملُ، فما البيانُ؟
    قلت: البيان: هو الذي يوضح المراد من الإجمال.
    قال: مثل ماذا؟
    قلت: مثل ما سبق، فمنه مثلا قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: 19] فقوله: {هَلُوعًا} مجمل، وقوله: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [المعارج: 20 -21] مبين، فالأول إجمال والثاني بيان
    قال: دع ما سبق وهات أمثلة أخرى
    قلت: ومثل قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } [المائدة: 1]، وقوله: {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [الحج: 30] فهذا مجمل جاء بيانه في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَ ةُ وَالْمَوْقُوذَة ُ وَالْمُتَرَدِّي َةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة: 3]
    قال: المصنف قال: "المجمل ما افتقر إلى البيان"
    قلت: نعم
    قال: فعلى أي شيء تقع (ما)؟
    قلت: فما تقول أنت؟
    قال: أقول: واقعة على (اللفظ)
    قلت: ولمَ؟
    قال: لأن اللفظ هو الذي يحتاج إلى بيان
    قلت: ولِمَ؟
    قال: لأن الإجمال لا يكون إلا في اللفظ
    قلت: من أخبرك هذا؟
    فسكتَ
    قلت: تعني أن الإجمال لا يكون في الفعل؟!
    فسكتَ، وطأطأ رأسَه
    فقلت: اعلم أن الإجمال كما يكون في اللفظ، يكون كذلك في الفعل، ومَثَّلَ له ابن الحاجب: بما إذا قام النبي صلى الله عليه وسلم من اثنتين تاركا التشهد الأول ولم يُعْلَمْ هل كان قيامُهُ عَمْدًا أو سهوا؛ فصار قيامُه مجملا لا يدل على عدم وجوب التشهد؛ لاحتمال أن يكون قيامُه سهوا، فالصوابُ أن يقال: (ما) في تعريف (المجمل) واقعة على اللفظ والفعل[1].
    قال: قلتَ: إن البيان هو الإخراج من حيز الإشكال إلى حيز التجلي
    قلت: لا
    قال متعجبا: (لا) ماذا؟
    قلت: لا، لم أقل هذا
    قال: كيف هذا لقد قلته آنفا
    قلت: لم أقله، ولكني نقلته عن إمام الحرمين فهو الذي قاله.
    قال: يا أخي أتعبتني، وأنسيتني ما كنت أريد أن أسألك عنه
    قلت: لا تحزن، إنما أمازحك
    قال: يَرِدُ على كلامك ... أقـ أقـ أقـ أقصد كلام المصنف (البيان) ابتداءً من غير وجود إشكال لِتَنْقِلَهُ من حَيِّزِهِ إلى حيز التجلي فهذا (بيان) وليس ثَمَّ إخراج من حيز الإشكال
    قلت: هذه مناقشة واهية كما قال العضد
    قال: ولِمَ؟

    ______________________________
    [1] حاشية السوسي على قرة العين 109، وانظر أيضا الشرح الكبير 282 و 285.

  16. #156
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قلت: لأن البيان ابتداء من غير سبق إشكال لا يسمى في الاصطلاح (بيانا) وإنما يسمى (بيانا) لغة[1].
    قال: فقد ذكر لفظ (الحيز) في التعريف ومعناه (المكان)، و(الإشكال والتجلي) صفات لا يمكن أن توجد في مكان، وهذا معناه أنه استعمل المجاز في التعريف، والمجاز لا يجوز أن يدخل في الحدود والتعريفات
    قلت: هذا ليس على إطلاقه، بل إنما يمتنع المجاز في التعريف إذا خلا عن القرينة[2]
    قال: فهنا لا توجد قرينة
    قلت: لا نسلم بعدم وجود قرينة هنا
    قال: فأين هي؟
    قلت: القرينة هنا هي الاستحالة العقلية أن تَحِلَّ الصفة؛ كـ (الإشكال) و(التجلي) هنا، في مكان حقيقي، إذ الصفة معنًى لا ذاتا فاستحال عقلا أن توجد منفردة مستقلة في مكان بل لابد من ذات تحل بها هذه الصفة
    قال: فالاستحالة العقلية هنا قرينةٌ مانعة من أن يراد بـ (الحيز) حقيقته
    قلت: نعم

    ____________________________
    [1] الشرح الكبير 287 -288.
    [2] حاشية السوسي على قرة العين 110 -111، والشرح الكبير 287.

  17. #157
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    النَّص

    وَالنَّصُّ: مَا لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنًى وَاحِدًا، وَقِيلَ: مَا تَاوِيلُهُ تَنْزِيلُهُ.
    وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ مِنَصَّةِ الْعَرُوسِ، وَهُوَ: الْكُرْسِيُّ.

    ___________________________

    (وَ): عاطفة
    (النَّصُّ): مبتدأ
    (مَا): خبر
    (لَا): نافية
    (يَحْتَمِلُ): فعل مضارع مرفوع والفاعل مستتر جوازا تقديره هو يعود على (ما)
    (إِلَّا): أداة استثناء
    (مَعْنًى): منصوب على الاستثناء وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها التعذر.
    ويجوز في (معنى) الرفع على أنه بدل من فاعل (يحتمل) وهو أولى من النصب على الاستثناء
    (وَاحِدًا): صفة لـ (معنى) وصفة المنصوب منصوبة
    وجملة (لا يحتمل إلا معنى واحدا) في محل رفع صفة (ما)
    وجملة (النص ما ...الخ) من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما لا محل لها من الإعراب معطوفة على قوله: "فأما أقسام الكلام"


    (وَ): استئنافية
    (قِيلَ): فعل ماض مبني للمجهول مبني على الفتح لا محل له من الإعراب
    (مَا): خبر لمبتدإ محذوف والتقدير: (هو ما) والجملة من المبتدإ والخبر في محل رفع نائب فاعل
    (تَأْوِيلُهُ): (تأويل) مبتدأ مرفوع، وهو مضاف والضمير مضاف إليه مبني على الضم في محل جر
    (تَنْزِيلُهُ): (تنزيل) خبر مرفوع، وهو مضاف والضمير مضاف إليه
    والجملة من المبتدإ والخبر وما تعلق بهما في محل رفع صفة لـ (ما)


    (وَ): استئنافية
    (هُوَ): ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ
    (مُشْتَقٌّ): خبر
    (مِنْ مِنَصَّةِ): متعلق بـ (مُشْتَقٌّ)، و(منصة) مضاف
    (الْعَرُوسِ): مضاف إليه


    (وَ): للاستئناف البياني فإنه لما قال: "منصة العروس" فكأن قائلا قال له: (وما منصةُ العروس؟) فقال: "وهو الكرسي"
    (هُوَ): مبتدأ
    (الْكُرْسِيُّ): خبر

  18. #158
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د:ابراهيم الشناوى مشاهدة المشاركة

    (إِلَّا): أداة استثناء
    (مَعْنًى): منصوب على الاستثناء وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها التعذر.
    ويجوز في (معنى) الرفع على أنه بدل من فاعل (يحتمل) وهو أولى من النصب على الاستثناء
    وقع خطأ هنا نبه عليه بعض الإخوة جزاه الله خيرا
    والصواب أن
    (إِلَّا): أداة حصر
    (مَعْنًى): منصوب على المفعولية أي مفعول به لـ "يحتمل"

  19. #159
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    المعنى

    ذَكَرَ هنا تعريف (النصِّ) وهو في اللغة مأخوذ من قولهم: (نَصَّ فلانٌ الشيءَ): أي رفَعَه، وَنَصَّ النِّسَاءُ الْعَرُوسَ نَصًّا: رَفَعْنَهَا عَلَى الْمِنَصَّةِ وَهِيَ الْكُرْسِيُّ الَّذِي تَقِفُ عَلَيْهِ فِي جِلَائِهَا.
    وأما في الاصطلاح فقد ذكر له تعريفين متقاربين:
    أحدهما – (أنه ما لا يحتمل إلا معنى واحدا) وذلك كقوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} [البقرة: 196] فلفظ {عَشَرَة} لا يحتمل إلا معنى واحدا فلا يحتمل أن يكون معناه تسعة مثلا وهذا معنى أن النص: ما لا يحتمل إلا معنى واحدا
    ثانيهما – أن النص هو (ما تأويلُهُ) أي معناه (تنزيلُه) أي بمجرد نزوله يُفهَم معناه ولا يتوقف فهم المراد منه على تأويل وتفسير لأنه لا يحتمل إلا معنى واحدا، والمراد من (النزول) في قولهم: (بمجرد نزوله) البلاغ والسماع أي بمجرد وصوله وسماعه.

  20. #160
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    1,396

    افتراضي

    قال صاحبي

    قال: ذكرتَ أن (معنًى) منصوب على المفعولية وعلامة نصبه فتحة مقدرة على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها التعذر
    قلت: نعم
    قال: ولكن الألف موجودة وليست محذوفة
    قلت: أين هي؟
    قال: أليس (معنًى) مُكَوَّنًا من (ميمٍ) و(عين) و(نون) و(ألف)؟
    قلت: فأين التنوين؟
    قال: نعم، و(تنوينٌ) أيضا
    قلت: كيف يجتمعان؟
    قال: ما هما؟
    قلت: حرف العلة والتنوين
    قال: وماذا فيه؟
    قلت: فيه أنهما ساكنان
    قال: وإِنْ
    قلت: رحم الله الشافعي
    قال: رحمه الله، ولكن لِمَ ذكرتَ ذلك؟
    قلت: لقوله رضي الله عنه: ما جادلني جاهل إلا غلبني
    قال: وكيف ذلك؟
    قلت: لأن الجاهل لا قواعد عنده يُرْجَعُ إليها فإذا جادلتَه واضطررته إلى المضايق قال لك: لا، لا أوافق على ما تقول، فتقول له: القاعدة كذا فيقول: لا، وهكذا.
    قال: فما لنا ولهذا؟
    قلت: ألم أقل لك: إنهما ساكنان فأجبتني: وإِنْ؟
    قال: بلى
    قلت: فما معناه؟
    قال: معناه: وإنْ كانا ساكنين
    قلت: هذا هو الشاهد؛ فإن القاعدة أنه إذا التقى ساكنان وجب حذف أحدهما
    قال: حقا!
    قلت: نعم، ألم تسمع قول الشاعر:
    يا ساكنا قلبي المُعَنَّى *** وليس فيه سواك ثانِ
    لِأَيِّ معنًى كَسَرْتَ قَلْبي *** وما التقى فيه ساكنان
    فضحك وقال: لله دَرُّهُ، فمَنْ هذا الظريفُ؟
    قلت: هو محمد بن سليمان التلمساني
    قال: لا أعرفُه
    قلت: من شعراء مصر في العصر المملوكي
    قال: لا أعرِفُهُ
    قلت: عاش في الفترة بين (661 -695 هـ)
    قال: فقد مات شابًّا
    قلت: نعم
    قال: رحمه الله، ولكني لا أعرِفُه
    قلت: يُلَقَّبُ بالشابِّ الظريفِ
    قال: حقا! هذا هو الشابُّ الظريف؟
    قلت: نعم
    قال: إذًا فأنا أعرِفُهُ لكني لم أكن أعلم عنه غير لَقَبِهِ هذا، فجزاك الله خيرا
    قلت: وجزاك، ولكن ألا يغضبك أنا قد استطردنا إلى الأدب قليلا
    قال: أما أنا فلا؛ فإني مِنْ مُحِبِّي الأدب كما تعلم، وهو يُرَوِّحُ عنّا بعض العناء الذي نلقاه في معاناة هذا العلم الصعب (أصول الفقه) ولكن ...
    قلت: ولكن ماذا؟
    قال: ولكني لا أدري ما حالُ غيري هل يُرْضيهِ هذا أو لا؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •