قلت: لا بأس فلنعُدْ إلى ما كنَّا فيه
قال: نعم، لِنَعُدْ
قلت: زعمتَ أن الألفَ في (معنًى) موجودة مع التنوين
قال: نعم، زعمتُ ذلك قبل أن أسمع الشاب الظريفَ وأما الآن فقد علمتُ أنهما لا يجتمعان
قلت: فاعلم أن النص هُـ هٌـ هُـ هو، فتتعتعتُ
وهو يشير إليَّ: حَسْبُك حَسْبُك
قلت: ماذا؟
قال: لم تُبَيِّنْ لي لماذا يُحْذَفُ أحدُ الساكنيْن إذا التقيا؟
قلت: لأنه لم يوجد ذلك في العربية
قال: فلماذا تُحذَف الألف دون التنوين؟
قلت: أأأ ...
فأشار إليّ صبرا صبرا
قلت: ماذا أيضا؟
قال: تقول: إذا التقى حرفان ساكنان حُذف أحدُهما
قلت: نعم، لماذا تعود إلى هذا ثانية؟
قال: فأين الحرفُ الثاني هنا؟
قلت: الألِفُ
قال: الأَلِفُ هو الحرف الأول بل والوحيد فأين الثاني؟
قلت: التنوين
فنظر إليَّ متعجبا وقال: ماذا؟ وهل التنوين حرف؟!
قلت: نعم
فقال ساخرًا: فهو الحرفُ الثلاثون في اللغة العربية
قلت: لا
قال: فأيُّ حرفٍ هو؟
قلت: النون
قال: تعني أن التنوين هو النونُ
قلت: نعم، لا.
قال: رجعتَ لها ثانية، فماذا تريد أن تقول؟
قلت: أما (نعم) فمرادي بها أن التنوين نونٌ ساكنةٌ، وأما (لا) فمرادي أن التنوين ليس نونا متحركة
قال: فالتنوين نصف حرف إذن
قلت: افهمه كما تشاء ولكن العلماء يقولون التنوين حرف
قال: قد علمتُ الآن أن التنوين حرفٌ وهو نونٌ ساكنة وأن هذه النون الساكنة قد التقت مع الألِف التي هي لامُ الكلمة (معنى) فلو وضحتَ لي ما حدث فيها من إعلال
قلت: كلمة (معنىً) تقرأ هكذا (مَعْنَانْ) النون الأخيرة هي نون التنوين الساكنة، قبلها الألف التي هي لام الكلمة وعلى الألف فتحة منع من ظهورها التعذر فالتقى ساكنان
فقاطعني قائلا: إذا كان على الأَلِفِ فتحةٌ فالألِفُ متحركةٌ فكيف تقول التقى ساكنان؟
فقلت: ما أَصْبَرِي! يا أُخَيَّ الأَلِفُ ساكنةٌ دائما لا تقبلُ الحركة بحال ولهذا تُقَدَّرُ عليها الحركةُ للتعذر، يعني لتعذر النطق بالحركة على الألِف
قال: نعم، نعم، أكمل
قلت: التقى ساكنان (الألف) و(نون التنوين الساكنة) فحذفت الألف
قال: لماذا حذفت الألِف ولم يحذف التنوين؟
قلت: لأنها حرف علة
قال: وماذا في هذا؟
قلت: فيه أن حرف العلة أضعف من غيره فهو أولى بالحذف من غيره. وأيضا لوجود الفتحة قبله، والفتحة دليل على الألِف.
قال: نعم، تريد أن تقول: لو حذفنا (الألِف) كان هناك دليل عليها وأما لو حذفنا التنوين فلا يوجد دليل على المحذوف فلا نعلم هل حُذِفَ شيء أو لا؟
قلت: أحسنت
قال: فصارت (معنًى) وتقرأ (مَعْنَنْ)
قلت: ما شاء الله، أحسنت
______________________________ __________
قال: أرأيت قوله: "وهو مشتق من منصة العروس وهو الكرسي" أليس الصواب أن يقول: (وهي الكرسي)
قلت: ولِمَ؟
قال: لأن (المِنَصة) مؤنثة والضمير في (وهو الكرسي) يعود عليها
قلت: فما تقول أنت؟
قلت: ما شاء الله، جهلٌ وتبجُّح وجرأة
قال: وكيف ذاك؟
قلت: أما الجهل فظاهر وذلك أنك لا تعرف القاعدة في مثل هذا
وأما التبجح والجرأة فبسبب الإقدام على تخطئة الإمام قبل البحث والتقصي
قال: فأنت ممن لا يؤمن بأن الإمام يخطيء؟ أو أنك ممن يقول بلسانه: (كلٌ يؤخذ من قوله ويُرَدُّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم يخالف ذلك بفعله فلا يُقْدِمُ على تخطئةِ إمامه أبدا ولو ظهر له خطؤه؟!
قلت: كلا، لستُ بذاك والحمد لله، ولكني ممن يعرف للأئمة قدرهم فلا يُقْدِمُ على التخطئة قبل البحث والتقصي والنظر في أقوال الموافقين والمخالفين
قال: هل أفهم من هذا أنك تزعم أن قوله: "وهو الكرسي" صحيح؟
قلت: نعم، صحيح
قال: فما توجيهه؟