تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: المتقون والمعاصي (1/5). د. حاتم العوني.

  1. افتراضي المتقون والمعاصي (1/5). د. حاتم العوني.

    أ.د. الشريف حاتم العوني
    الجمعة 24/01/2014
    علاقة المتقين بالمعاصي علاقة معقدة ! ليس من السهل إدراكها ؛ إلا إذا اغترفنا من معين القرآن الكريم غرفةً تروي ظمأ جهلنا .
    يقول الله تعالى {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} .
    فتبدأ الآية الكريمة بـ{الَّذِينَ} وهو اسم موصول ، والمقصود بهم في الآية هم (المتقون) ؛ لأن الآية قبل هذه الآية كانت هي قوله تعالى : {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} ، ثم ذكر صفات المتقين ، فقال سبحانه : { الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ، ثم قال تعالى { {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا الله ... } .
    فالآية إذن تذكر صفات أشرف درجات المؤمنين المسارعين إلى مغفرة الله تعالى ورضوانه والموعودين بجنة عرضها السموات والأرض : وهم المتقون .
    ولكن الغريب أن الآية لا تنزه هؤلاء المتقين من المعاصي ، كما قد يتوقع بعضنا ! بل إنها لا تنزههم حتى من الكبائر (الفواحش) ، كما قد يتوقعه كثيرون منا !! بل الآية لم تكتف بعدم تنزيه المتقين من المعاصي ، بل إنها لـتُـثني علىهم بارتكابها !! نعم .. تُثني عليهم بارتكاب المعاصي ، لكن في حالةٍ واحدة فقط : هي حيث يُتبعونها بالاستغفار الصادق ، الذي يستلزم فيما يستلزم : عدم العزم على الإصرار !! ولا تُثني عليهم بارتكاب المعاصي مطلقا (فهذا لا يمكن أصلا) ، ولا تُثني عليهم بعدم ارتكابها مطلقًا أيضًا (وهذا هو ما أحببت لفت الانتباه إليه) !!
    ومن هذه المقدمة ندخل في استلهام بعض فوائد هذه الآية ، فمن فوائدها :
    أولا : تُبيّنُ هذه الآيةُ أن المتقين ( وهم أصحاب هذا الوصف الشريف : المتقين ) لا ينحصرون في المعصومين فقط ! فالمعصومون هم أنبياء الله وحدهم ( عليهم الصلاة والسلام ) . ولا ينحصرون أيضًا في الذين يجتنبون الكبائر ، ممن لا تتجاوز معصيتهم الصغائر من الذنوب ، فليسوا محصورين في الذين لا يرتكبون الكبائر ولا يأتون الفواحش فقط ! فهذه الآية توضح أن المتقين قد يقترفون حتى الفاحشة ، وقد يقعون حتى في الكبيرة ؛ لكن الذي يميز هؤلاء المتقين من أهل الإيمان عن غيرهم ممن يقترفون الآثام (صغيرها وكبيرها) : هو أن المتقين يسارعون إلى طلب المغفرة ، أي إلى الاستغفار الحقيقي (بالقلب واللسان) .
    وذلك أن وصف الفاحشة لا يكون وصفا لصغائر الذنوب ، كما قال تعالى { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ } ، فجعل الله تعالى ( اللمم ) وهي الصغائر شيئا مخالفا للكبائر والفواحش ، مما يبين أن الفواحش جنس من الكبائر ، أو لقب آخر لها .
    ومن معاني هذه الفائدة : أن مجرد ارتكاب الكبيرة لا ينافي صفة التقوى ؛ إلا مع الإصرار (الذي سيأتي بيان المقصود به ) ، ومع عدم الاستغفار .
    ووازنوا كلام الله تعالى هذا بما يشيع بين كثير من المسلمين ، بسبب وَعْظ جهلة الوعاظ ، من استحالة أن يجتمع وصف المتقين مع ارتكاب فاحشة .
    ولذلك يكون الكلام الآتي للإمام أبي القاسم القشيري على جماله ، وعلى صحته (من وجه) ؛ لكنه ليس هو معنى الآية ! وذلك عندما قال (رحمه الله) في تفسيره : ((ويقال فاحشةُ كلِّ أحدٍ على حسب حاله ومَقامه ، وكذلك ظلمهم . وإن خُطور المخالفات ببال الأكابر ، كفِعلها من الأغيار !
    قال قائلهم [شعرًا] :
    أنت عيني وليس من حقِّ عيني
    غضُّ أجفانها على الأقذاءِ
    فليس الجُرم على البساط كالذّنب على الباب .
    ويُقال : فعلوا فاحشةً : بركونهم إلى أفعالهم ، أو ظلموا أنفسهم : بملاحظة أحوالهم ؛ فاستغفروا لذنوبهم ، بالتَّـبَـرِّي عن حركاتهم وسكناتهم ، علمًا منهم بأنه لا وسيلة إليه إلا به ، فخَلّصهم من ظلمات نفوسهم . وإن رؤية الأحوال والأفعال لَظُلُمَاتٌ عند ظهور الحقائق ، ومنْ طهَّره الله بنور العناية ، صانه عن التورط في المغاليط البشرية)) .
    فهذا كلام جميل جدا ؛ لكن لا ينبغي أن يخالف ظاهر الآية الواضح ، من أن المتقين قد يقعون في الكبيرة من كبائر الذنوب !
    وسنكمل بقية التعليق على هذه الآية الكريمة في مقال الأسبوع القادم بإذن الله تعالى .
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    الدولة
    المغرب_مراكش
    المشاركات
    187

    افتراضي رد: المتقون والمعاصي (1/5). د. حاتم العوني.

    جزاكم الله خيرا على الموضوع القيم الماتع النافع ،نسأل الله تبارك وتعالى أن يتجاوز عنها وعنكم وأن يسترنا وإياكم في الدنيا والآخرة بستره الجميل آمين
    نحن في انتظار بقية التعليق على الآية الكريمة بارك الله فيكم ،وشكر الله لكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •