تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مذاهب الفقهاء في اشتراط الكفاءة النَّسَبِيَّة في النكاح

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    137

    افتراضي مذاهب الفقهاء في اشتراط الكفاءة النَّسَبِيَّة في النكاح

    الكفاءة النسبية في النكاح

    ¤ المصطلحات والمفاهيم :
    تعريف الكفاءة :
    الكفاءة لغةً: أصل المكافأة المقاومة والموازنة؛ ومنه يقال: فلان كِفْئُ فلان وكُفُؤُه؛ ومنه قول الله جل وعز: {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، والكفاءة المصدر؛ يقال: كَفُؤَ كَفَاءَةً؛ ومنه قول الأحنف: لا أجيب من لا كفاءة له، ويقال: ما لي به قِبَلٌ ولا كِفَاءٌ؛ أي: ما لي طاقة به، وهو مصدر كافأته(1)، وَكَفَأْتُ الإناء كَفْأً: كَبَبْتُهُ وأَكْفَأْتُهُ لغةٌ، وَكَفُؤَ الخاطب كَفَاءَةً وكِفَاءً صار كَفِيئًا لمن خطب إليه(2)، وهو من المثلث العين على اختلاف في المعنى(3)، وهي هنا بمعنى المساواة بين الشيئين(4) .
    وفي اصطلاح الفقهاء: مساواة الرجل للمرأة فيمور أمور مخصوصة بحيث لا تُعَيَّرُ الزوجة ولا أولياؤها بزواجها منه(5)، ومن الفقهاء من عرفها بأنها: ((أمر يوجب عدمُهُ عارا))(6).
    خصال الكفاءة المرعية عند الفقهاء :
    مذهب الجمهور أنه يراعى في الكفاءة أريعة أشياء : الدين والحرية والنسب والصنعة؛ فلا تزوج فلا تزوج المسلمة من كافر، ولا الصالحة من فاسق، ولا الحرة من عبد، ولا المشهورة النسب من الخامل، ولا بنت تاجر أو من له حرفة طيبة ممن له حرفة خبيثة أو مكروهة، فإن رضيت المرأة أو وليها بغير كفء صح النكاح، وذهب مالك إلى أنه لا يراعى في الكفاءة إلا الدين وحده(7).
    وأما النَّسَبِيَّةُ: فمصدر صِناعيٌّ(8) من النَّسَبِ، والنَّسَبُ واحد الأنساب(9)، وهو: قرابة الرجل ممن ينتسبون إلى أصوله، وإن عَلَوْا؛ وفي قوله تعالى: {وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} إشارة إلى أن المعتبر في النسب الآباء دون الأمهات(10)، وقيل في تعريفه: الاشتراك من جهة أحد الأبوين، وذلك ضربان: نسب بالطول؛ كالاشتراك بين الآباء والأبناء، ونسب بالعرض؛ كالنَّسَب بين بني الإخوة وبني الأعمام، وفلان نسيب فلان أي قريبه(11).
    وأما الكفاءة النسبية فهي: مساواة الرجل للمرأة أو ارتفاعُهُ عنها؛ في مَكَانَةِ من تنتسب إليه؛ بحيث لا تعير الزوجة ولا أولياؤها بزواجها منه(12)، ويعبر الحنابلة عن الكفاءة النسبية بالمنصب(13).
    وتأسيسا على ما سبق من الخصال المرعية للكفاءة عند الجمهور ينتهي بنا القول إلى أن الكفاءة النسبية مرعية في صفات آباء الزوج مقارنة بأسلاف الزوجة؛ من حيث الدينُ والحريةُ والنسَبُ والصنعةُ(14)؛ فيقدم ابن العالم أو الصالح على ابن غيره(15)، والمعتق أبوه لا يكون كفؤا لامرأة لها أبوان في الحرية(16)، ويقدم الهاشمي والمطلبي ثم سائر قريش ثم العربي ثم العجمي(17).
    ¤ المصطلحات ذات الصلة:
    الحسب والحسيب:
    الحسَب بالتحريك السؤدد والشرف الكامل(18)، وفي الحديث: ((الحسب المال، والكرم التقوى))(19)، والحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن لهم آباء لهم شرف والشرف المجد لا يكونان إلا بالآباء(20)، وعليه فالحسب ما يحرزه المرء بنفسه من الفضائل وكريم الخصال وغيرها من أسباب المجد والفخر والسؤدد.
    والحسب مطرد استعماله عند فقهاء الحنفية والحنابلة بأفراد هذه الصفات من العلم والمال والمنصب والحشمة والجاه(21).
    ¤ مناط الكفاءة النسبية:
    مناط الكفاءة النسبية قائم على اعتبارين رئيسين: أحدهما داخلي؛ يتعلق بالصفات المرعية في نسب الزوج لتحقق الكفاءة، والثاني خارجي؛ يتعلق بالظروف والملابسات التي تشترط فيها الكفاءة، وهل الكفاءة شرط في الزوج فقط أو هناك حالات تشترط فيها الكفاءة في الزوجة أيضا، وفيما يلي تفصيل القول فيهما:
    الاعتبار الأول : الصفات المرعية في الكفاءة النسبية:
    ليس تفسير الكفاءة النَّسَبِيَّةِ قاصرا عند الفقهاء على عراقة النسب فحسب، بل يمتد إلى صفات أخرى مرعيَّة فيمن ينتسب إليهم الزوج؛ كالعلم والصلاح والحرفة؛ فيقدم ابن العالم والصالح على ابن غيره(22)، واستثنوا مع ذلك صفات الدنيا التي لا وزان لها عند أهل الديانة كرئاسة الظلمة، وأهل المظالم(23)، وقد سبق بيان الصفات المرعية في الكفاءة النسبية عند الحديث عن تعريف الكفاءة النسبية في المصطلحات والمفاهيم.
    فالحنابلة يفسرون الكفاءة النسبية بالمنصب والحرية واليسار(24)، وبعضهم يفسرها بالدين والمنصب(25).
    الاعتبار الثاني : المتعلق بظروف وملابسات اشتراط الكفاءة النسبية؛ وهي:
    أولا: اشتراط الكفاءة مرعيُّ في الزوج فقط دون الزوجة(26): أي: يشترط أن يكون الرجل كفؤا للمرأة، ولا يشترط أن تكون المرأة كفؤا للرجل؛ وذلك لأن النصوص الواردة في الكفاءة تتجه كلها إلى اشتراطها من جانب الرجل؛ ولأن العار لا يلحق أسرة الرجل إذا تزوج من خسيسة، وهو يلحق أسرة المرأة إذا تزوجت من خسيس، ولأن الرجل الرفيع في نظر الناس يرفع امرأته، والمرأة لا ترفع خسيسة زوجها إن كانت رفيعة، ولأن الرجل يملك الطلاق في كل وقت، فيستطيع دفع المغبة عن نفسه بخلاف المرأة؛ فإنها لا تملك إيقاع الطلاق؛ بل أقصى ما تملك أن تطلب من القاضي التفريق في أحوال استثنائية خاصة(27).
    ثانيا: اشترط فقهاء الحنفية الكفاءة في الزوجة في حالتين:
    الحالة الأولى: إذا كان الزوج فاقد الأهلية أو ناقصها، وزوَّجه أولياؤه البعيدون، أو زوَّجه الأقربون؛ كالابن أو الأب أو الجد إذا عُرِفوا بسوء الاختيار أو عدم النصح للمولى عليه(28).
    الحالة الثانية: وكذا إذا وكَّل الزوج من يزوجه توكيلا مطلقا(29).
    فإنه يشترط في هاتين الصورتين؛ (فِقدان أو نقصان الأهلية، ووكالة التزويج المطلقة) توافر الكفاءة في الزوجة، وإنما اشترطت الكفاءة في جانب الزوجة في هذين الموضعين لأن الولاية في الأولى محدودة مقيدة بالكفاءة؛ إذ الولي في هذه الحال مقيد بالمصلحة الظاهرة لعدم توافر الشفقة، أو عدم توافر الرأي الكامل والمصلحة الظزاهرة في التقييد بالكفاءة ومهر المثل حيث لا ضمان لمراعاة مصالح خفية وراءها، أما في الصورة الثانية فلأن العرف قيد الإطلاق بالمرأة الكفء؛ فهو ـ كالولي في الصورة الأولى ـ معزول عن التزويج بغير كفء(30).
    ثالثا: المعتبر في الكفاءة النسبية حال الأب، دون اعتبار حال الأم؛ فالعجمي أبا وإن كانت أمه عربية ليس كفء عربية أبا وإن كانت أمها أعجمية؛ لأن الله اصطفى العرب على غيرهم(31).
    رابعا: أن الذين اعتبروا الكفاءة شرطا في النكاح يجعلون العبرة بحال الزوج في وقت إنشاء العقد؛ وزوال الكفاءة بعد ذلك لا يضر، ويعبرون عن هذا الحكم بأن الكفاءة شرط لابتداء النكاح لا في البقاء؛ فلو تزوجها وهو كفء في الديانة، ثم صار داعرا لا يفسخ النكاح(32)، ولو أعسر الزوج أو انتفى نسبه لا يثبت الخيار(33).
    وعليه: فلا خيار لولي بحادث بالزوج بعد عقد النكاح لأن حقه في الكفاءة في الابتداء دون الدوام؛ لانتفاء العار فيه،؛ ومن فروعها: لو عتقت تحت قن ورضيت به لم تتخير(34).
    وخالف في ذلك الحنابلة على رواية في المذهب عند أكثر المتقدمين، مفادها اعتبار الكفاءة شرطَ صحةٍ في النكاح؛ حقا لله تعالى وللزوجة وللأولياء جميعا؛ فعلى هذه الرواية لو زالت الكفاءة بعد العقد فللمرأة فقط ـ دون أوليائها ـ حقُّ الفسخ؛ وخرجوا على هذه الرواية عتق المرأة تحت عبد(35).
    ولو وجدت الكفاءة في النكاح حال العقد؛ بأن يقول سيد العبد ـ بعد إيجاب النكاح ـ : قبلت له هذا النكاح وأعتقته، قال شيخ الإسلام: قياس المذهب صحته(36).
    خامسا: الخلاف في اعتبار الكفاءة النسبية في الرجل جار بين الفقهاء ما لم يُنَصَّ على اشتراطها في أحد طرفي عقد النكاح، فإذا شُرِطَت الكفاءة النسبية في أحد الزوجين على الآخر صح ذلك الشرط، ومَلَكَ المشترِط الفسخَ عند فوت شرطه في أصح روايتي أحمد(37)، وأصح وجهي أصحاب الشافعي(38)، وظاهر مذهب مالك، والرواية الأخرى: لا يملك الفسخ إلا في شرط الحرية والدين، وفي شرط النسب على هذه الرواية وجهان(39)، وسواء كان المشترط هو المرأة في الرجل، أو الرجل في المرأة؛ بل اشتراط المرأة في الرجل أوكد باتفاق الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم(40).
    ¤ مذاهب الفقهاء في اشتراط الكفاءة النسبيَّة:
    النسب من الخصال المعتبرة في الكفاءة عند الحنفية، والشافعية، والحنابلة.
    وذهب مالك وسفيان الثوري ـ على اختلاف في نقل مذهبه ـ إلى عدم اعتبار النسب في الكفاءة؛ قيل لمالك : إن بعض هؤلاء القوم فرقوا بين عربية ومولى , فأعظم ذلك إعظاما شديدا وقال : أهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء(41)، وكان سفيان الثوري يقول: ((لا تعتبر الكفاءة في النسب))(42)، وهو مذهب الكرخي(43) والحسن البصري(44)، والبخاري(45).
    ولجمهور الفقهاء القائلين باعتبار النسب في الكفاءة تفصيل:
    قالوا: قريش بعضهم لبعض أكفاء، والعرب بعضهم لبعض أكفاء، والموالي بعضهم أكفاء بعض:
    فالقرشي كفء للقرشية على اختلاف القبيلة، ولا يعتبر التفاضل فيما بين قريش في الكفاءة، فالقرشي الذي ليس بهاشمي؛ كالتيمي، والأموي، والعدوي، كفء للهاشمية؛ لحديث: ((قريش بعضهم أكفاء لبعض))(46)، وقريش تشتمل على بني هاشم وإن كان لبني هاشم من الفضيلة ما ليس لسائر قريش، لكن الشرع أسقط اعتبار تلك الفضيلة في باب النكاح، دليله فعلُ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإجماع الصحابة رضي الله عنهم؛ ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج ابنتيه من عثمان رضي الله تعالى عنه، وكان أمويا لا هاشميا، وزوج عليٌّ رضي الله عنه ابنته من عمر رضي الله عنه، ولم يكن هاشميا بل عدويا؛ فدل على أن الكفاءة في قريش لا تختص ببطن دون بطن.
    واستثنى محمد بن الحسن الشيباني ـ من كفاءة القرشيين بعضهم لبعض ـ بيتَ الخلافة، فلم يجعل القرشي الذي ليس بهاشمي كفئا له؛ فلو تزوجت قرشيةٌ من أولاد الخلفاء قرشيا ليس من أولادهم، كان للأولياء حق الاعتراض، وبعض الأحناف علل هذا الاستثناء بالرغبة في تسكين الفتنة وتعظيم أمر الخلافة، لا لانعدام أصل الكفاءة(47).
    والعرب بعضهم أَكْفَاءُ لبعض(48) بالنص، ولا تكون العرب كفئا لقريش؛ لفضيلة قريش على سائر العرب؛ ولذلك اختصت الإمامة بهم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الأئمة من قريش))(49).
    والموالي بعضهم أكفاء بعض بالنص، ولا تكون الموالي أكفاء للعرب(50).
    وموالي العرب أكفاء لموالي قريش(51).
    ومفاخرة العجم بالإسلام ـ عند الحنفية ـ لا بالنسب؛ فمن له أبوان في الإسلام فصاعدا فهو من الأكفاء لمن له آباء فيه، ومن أسلم بنفسه أو له أب واحد في الإسلام لا يكون كفئا لمن له أبوان في الإسلام؛ لأن تمام النسب بالأب والجد، ومن أسلم بنفسه لا يكون كفئا لمن له أب واحد في الإسلام(52).
    الأصح عند الشافعية اعتبار النسب في العجم كالعرب؛ قياسا عليهم؛ فالفرس أفضل من القبط؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ((لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس))، وبنو إسرائيل أفضل من القبط، ومقابل الأصح عندهم: أنه لا يعتبر النسب في العجم؛ لأنهم لا يعتنون بحفظ الأنساب ولا يدونونها بخلاف العرب(53).
    واختلفت الرواية عن أحمد؛ فروي عنه أن غير قريش من العرب لا يكافئها، وغير بني هاشم لا يكافئهم؛ لحديث : ((إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل , واصطفى قريشا من كنانة , واصطفى من قريش بني هاشم , واصطفاني من بني هاشم))، ولأن العرب فضلت على الأمم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقريش أخص به من سائر العرب، وبنو هاشم أخص به من قريش.
    والرواية الثانية عن أحمد أن العرب بعضهم لبعض أكفاء، والعجم بعضهم لبعض أكفاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنتيه عثمان، وزوج عليٌّ عمرَ ابنتَه أمَّ كلثوم رضي الله تعالى عنهم(54).
    ¤ أدلة المذاهب في اشتراط الكفاءة النسبية:
    أولا: أدلة مشترطي الكفاءة:
    أولا : الأدلة النقلية على اعتبار الكفاءة النسبية في النكاح:
    (1) قوله: صلى الله عليه وسلم ((قريش بعضهم أكفاء لبعض؛ بطن ببطن، والعرب بعضهم أكفاء لبعض؛ قبيلة بقبيلة، والموالي بعضهم أكفاء لبعض؛ رجل برجل)).
    (2) وفي حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((ألا لا يزوج النساء إلا الأولياء، ولا يزوجن إلا من الأكفاء)).
    (3) عن سلمان الفارسي قال ((نهانا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تنكح نساء العرب))، رواه الطبراني في الأوسط.
    (4) عن سلمان أيضا: نفضلكم بفضل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعني العرب لا ننكح نساءكم)).
    (5) عن ثابت البناني ((أن أبا الدرداء ذهب مع سلمان الفارسي يخطب امرأة من بني ليث فدخل فذكر فضل سلمان وسابقته وإسلامه وذكر أنه يخطب إليهم فتاتهم فلانة، فقالوا أما سلمان فلا نزوجه ولكنا نزوجك، فتزوجها ثم خرج فقال: إنه قد كان شيء وإني استحي أن أذكر ذلك، قال: وما ذاك؟ فأخبره أبو الدرداء بالخير، فقال سلمان: أنا أحق أن استحي منك أن أخطبها، وكان قد قضاها لك)).
    (6) عن عروة أن علي بن أبي طالب قال: ((يا بني لا تخرجن بناتكم إلا إلى الأكفاء، قالوا: يا أبانا، ومن الأكفاء؟ قال: ولد الزبير بن العوام)).
    (7) عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم))(55).
    ثانيا: الأدلة العقلية على اعتبار الكفاءة النسبية في النكاح:
    (1) ما زالت الكفاءة مطلوبة فيما بين العرب حتى في القتال، ففي النكاح أولى؛ بيانه: في قصة الثلاثة الذين خرجوا يوم بدر، للبِرَازِ عُتْبة وشَيبة والوليد، فخرج إليهم ثلاثة من فتيان الأنصار، فقالوا لهم: انتسبوا، فانتسبوا، فقالوا: أبناء قوم كرام، ولكنا نريد أَكْفَاءَنَا من قريش، فرجعوا إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبروه بذلك، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : صدقوا، وأمر حمزة وعليا وعبيدة بن الحارث ـ رضوان الله عليهم أجمعين ـ بأن يخرجوا إليهم؛ فلما لم ينكر عليهم طلب الكفاءة في القتال، ففي النكاح أولى؛ وهذا لأن النكاح يعقد للعمر، ويشتمل على أغراض ومقاصد من الصحبة والأُلفة والعشرة وتأسيس القرابات، وذلك لا يتم إلا بين الأكفاء، يضاف إلى هذا أن اعتماد العرف الكفاءةَ يجعلها معتبرة إذ العادة محكمة، والعرف من الأدلة التي نستفيد منها الأحكام على فرض عدم النص.
    (2) وفي أصل الملك على المرأة نوع ذلة؛ وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((النكاح رق؛ فلينظر أحدكم أين يضع كريمته))، وقال في حق النساء: ((فإنهن عوان بينكم))، أي: أسيرات، وإذلال النفس حرام , قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((ليس للمؤمن أن يذل نفسه))، وإنما جوز ما جوز منه؛ لأجل الضرورة، وفي استفراش من لا يكافئها زيادة الذل، ولا ضرورة في هذه الزيادة فلهذا اعتبرت الكفاءة.
    ثانيا: أدلة المانعين:
    (1) النصوص الدالة على تساوي الناس وأن التفاضل بينهم لا يكون إلا بالتقوى والعمل الصالح؛ من ذلك:
    قوله صلى الله عليه وسلم : ((الناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إنما الفضل بالتقوى))، وهذا الحديث يؤيده قوله تعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}، وقال صلى الله عليه وسلم : ((كلكم بنو آدم طف للصاع لم يملأ))، وقال: ((الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة واحدة))؛ فهذه الآثار تدل على المساواة، وأن التفاضل بالعمل، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه.
    (2) السنن العملية من فعل النبي صلى الله علايه وسلم ـ والصحابة مستفيضة بالتزويج مع عدم مراعاة الكفاءة النسبية؛ ومن ذلك:
    ـ خطب أبو طيبة امرأة من بني بياضة، فأبوا أن يزوجوه، فقال ـ صلى الله عليه وسلم*ـ : ((زوجوا أبا طيبة؛ إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير))، فقالوا : نعم وكرامة: وتأمل التعبير بفعل الأمر الدال على الوجوب دون إشارة إلى حق تلك المرأة ولا أوليائها في الكفاءة النسبية وقد انتفت هاهنا.
    ـ وخطب بلال رضي الله عنه إلى قوم من العرب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قل لهم: إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأمركم أن تزوجوني)).
    ـ زواج زيد بن حارثة من زينب بنت جحش الأسدية القرشية وأمها أميمة بنت عبد*المطلب بن هاشم بن عمرو بن عبد مناف فهي بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وجدت في نفسها؛ وهي الحسيبة النسيبة أول الأمر، ومع ذلك زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا .
    ـ زواج أسامة بن زيد بن حارثة من فاطمة بنت قيس بن خالد القرشية الفهرية(56) .
    ـ قصة تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ـ جُلَيْبِيبًا؛ عن أنس قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها ، فقال : حتى أستأمر أمها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فنعم إذا " قال : فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها ، فقالت : لاها الله إذا ، ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيبا وقد منعناها من فلان وفلان ؟ قال : والجارية في سترها تستمع . قال : فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فقالت الجارية : أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ؟ إن كان قد رضيه لكم ، فأنكحوه قال : فكأنها جلت عن أبويها ، وقالا : صدقت . فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن كنت قد رضيته فقد رضيناه . قال : " فإني قد رضيته " . فزوجها(57)
    ـ أن سلمان خطب بنت عمر رضي الله عنه فَهَمَّ أن يزوجها منه، ثم لم يتفق ذلك.
    (3) الدليل العقلي:
    وهو قياس الأولى؛ إذ إن الكفاءة غير معتبرة فيما هو أهم من النكاح؛ وهو الدماء؛ فلأن لا تعتبر في النكاح أولى.
    ثالثا: مناقشة أدلة مشترطي الكفاءة:
    (1) الاستدلال بحديث: ((قريش بعضهم أكفاء لبعض؛ بطن ببطن، والعرب بعضهم أكفاء لبعض؛ قبيلة بقبيلة، والموالي بعضهم أكفاء لبعض؛ رجل برجل)):
    لا ينهض الحديث للاستدلال به فالحديث موضوع أو أحسن أحواله أن يكون شديد الضعف؛ قال البيهقي بعد إخراج الحديث في السنن الكبرى: ((هذا منقطع بين شجاع، وابن جريج؛ حيث لم يسم شجاع بعض أصحابه، ورواه عثمان بن عبد الرحمن، عن علي بن عروة الدمشقي، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، وهو ضعيف، وروي من وجه آخر عن نافع وهو أيضا ضعيف بمرة))(58)، والحديث أخرجه البزار من حديث معاذ ، وفيه سليمان بن أبي الجون؛ قال الهيثمي: لم أجد من ذكره، وقال الحافظ: إسناده ضعيف(59)، وحكم عليه الألباني بالوضع(60).
    (2) وأما الاستدلال بحديث: وفي حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((ألا لا يزوج النساء إلا الأولياء، ولا يزوجن إلا من الأكفاء)):
    فالحديث رواه أبو يعلي، وفيه مبشر بن عتيك وهو متروك.
    (3) وأما حديث سلمان الفارسي قال: ((نهانا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن تنكح نساء العرب))، رواه الطبراني في الأوسط:
    فرواه الطبراني في الأوسط، وفي إسناد الأوسط السري ابن اسماعيل وهو متروك.
    (4) وأما حديث سلمان أيضا: نفضلكم بفضل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعني العرب لا ننكح نساءكم)):
    فرواه الطبراني، في الكبير ورجاله ثقات، إلا أنه موقوف على سلمان وقول الصحابي لا حجة فيه ما لم يجمعوا، كما أنه معارض بشواهد عدم اعتبار الكفاءة النسبية في فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة المذكورة في أدلة مانعي اشتراط الكفاءة وهي مشهورة مستفيضة.
    (5) وأما حديث ثابت البناني ((أن أبا الدرداء ذهب مع سلمان الفارسي يخطب امرأة من بني ليث فدخل فذكر فضل سلمان وسابقته وإسلامه وذكر أنه يخطب إليهم فتاتهم فلانة، فقالوا أما سلمان فلا نزوجه ولكنا نزوجك، فتزوجها ثم خرج فقال: إنه قد كان شيء وإني استحي أن أذكر ذلك، قال: وما ذاك؟ فأخبره أبو الدرداء بالخير، فقال سلمان: أنا أحق أن استحي منك أن أخطبها، وكان قد قضاها لك)):
    فرواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أن ثابتا لم يسمع من سلمان ولا من أبي الدرداء؛ فالحديث منقطع فلا يصلح للاحتجاج به.
    (6) وأما حديث عروة أن علي بن أبي طالب قال: ((يا بني لا تخرجن بناتكم إلا إلى الأكفاء، قالوا: يا أبانا، ومن الأكفاء؟ قال: ولد الزبير بن العوام)):
    فرواه الطبراني، وفيه عبدالله بن محمد بن يحيى بن عروة وهو متروك، وهو أيضا قول صحابي لا ينهض للاحتجاج ما لم يجمعوا.
    (7) وأما حديث واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم)):
    فالحديث في صحيح مسلم، لكنه مع صحته لا ينهض للاحتجاج به على اشتراط الكفاءة، إذ الدليل أعم من الدعوى؛ ولهذا ضعف الحافظ الاستدلال به على اشتراط الكفاءة النسبية؛ فقال: وفي الاحتجاج به نظر(61).
    وأما الأدلة العقلية التي استدل بها مشترطو الكفاءة النسبية فيَرِدُ عليها ما يلي:
    (1) الاستدلال بالعرف المعتمِد على طلب العرب للكفاءة :
    هذا الاستدلال مناقض بأنه عرف خاص، والعرف الخاص العمل به ضعيف:
    أما الأولى: فلأن مشترطي الكفاءة النسبية أنفسهم منعوا الكفاءة النسبية بين العجم وجعلوا مفاخرتهم بالإسلام، اعتمادا على أنهم ضيعوا أنسابهم، وهذا كاف في الدلالة على أن مراعاة الكفاءة عرف خاص.
    (2) الاستدلال بأن في النكاح نوع ذلة؛ فلا يباح منه إلا ما اقتضته الضرورة:
    هذا الاستدلال فيه نظر؛ حيث إن النصوص المفيدة أن النساء أسيرات عند أزواجهن مفسرة بمنع خروجهن من بيوتهن إلا بإذن أزواجهن، وليست العلاقة بين الزوج وزوجه من قبيل العلاقة بين العاني ومن أسره، فالمشبَّه لا يوافق المشبَّه به من كل وجه .
    رابعا: مناقشة أدلة المانعين:
    (1) المراد من الآثار التي احتجوا بها أحكام الآخرة؛ فإن التفاضل في الآخرة بالتقوى:
    ويجاب عن هذا الإيراد بعدم الممانعة، مع صحة إرادة المعنيين؛ فيكون التفاضل بين العباد في ميزان الشرع بالتقوى في أحكام الدنيا والآخرة، والأصل العموم إلا لدليل ما دام اللفظ يحتمل هذا العموم.
    (2) وتأويل حديث بني بياضة بالندب إلى التواضع وترك طلب الكفاءة لا الإلزام، قال السرخسب: وبه نقول : إن عند الرضا يجوز العقد:
    وهذا الدفع أيضا خفيف؛ لا سيما مع التعبير عن طلب تزويج أبي طيبة بفعل الأمر الدال على الوجوب، ولو كان للمرأة من بني بياضة أو لأوليائها الحق في الكفاءة النسبية لما ألزمهم النبي صلى الله عليه وسلم ـ هذا الإلزام القوي الذي لا انفكاك عنه، وكيف والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يلزم بريرة بعد أن عتقت من البقاء تحت زوجها مغيثٍ القنِ بل شفع له عندها فقط، حتى قالت له بريرة: يا رسول الله ، أتأمرني به؟ قال صلى الله عليه وسلم: إنما أنا شافع، قالت : فلا حاجة لي فيه(62).
    (2) قولهم: إن الكفاءة غير معتبرة فيما هو أهم من النكاح، وهو الدماء فلأن لا تعتبر في النكاح أولى:
    يرد عليه : أن هذا ليس بصحيح فإن الكفاءة غير معتبرة في الدين في باب الدم؛ حتى يقتلُ المسلمُ بالكافر؛ عند الحنفية، ولا يدل ذلك على أنه غير معتبر في النكاح.
    ويجاب عن هذا الإيراد بأن فيه مصادرة إذ إنه مبني على مذهب الحنفية في جواز قتل المسلم بالكافر وهو على خلاف قول الجمهور؛ فلا يصلح حجة على خصم لا يسلم به.
    ¤ الترجيح:
    اتضح من عرض مناقشة أدلة المذاهب الفقهية في الكفاءة النسبية ضعف أدلة مشترطيها من الجمهور، وقوة ما يرد عليها من إيرادات، ووجاهة أدلة مانعي اشتراط الكفاءة النسبية، يضاف إلى هذا أن القائلين باشتراط الكفاءة النسبية يقدمون عليها الحسب إذا توفر في الزوج صفات ترفعه من العلم أو المال أو الجاه فإنه يقدم كما سبق بيانه.
    لكن يبقى للكفاءة وجه في بعض الحالات التي لا يكون فيها للزوج ما يرفع مكانته ليستأهل الزواج من النسيبة مع تحقق الضرر على المرأة وأوليائها بمصاهرته، بما يلحقهم من العار في بعض الأعراف(63) فحينئذ يبقى لاشتراط الكفاءة النسبية وجه من الحقية ونصيب من الاعتبار.
    ¤ الحكمة من اشتراط الكفاءة النسبية:
    حكمة طلب الكفاءة وباعث الأولياء عليها دفع العار عن أنفسهم حتى لا ينسب إليهم بالمصاهرة من لا يكافئهم، أو من تعير المرأة وأولياؤها بمصاهرته(64).
    ¤ الحق في الكفاءة:
    ذهب الفقهاء القائلون باشتراط الكفاءة إلى أنها حق للمرأة وللأولياء:
    أما المرأة: فإن لها حقا في أن تصون نفسها عن ذل الاستفراش لمن لا يساويها في خصال الكفاءة؛ فكان لها الحق في الكفاءة.
    وأما الأولياء: فإنهم يتفاخرون بعلو نسب الختن، ويتعيرون بدناءة نسبه، فيتضررون بذلك؛ فكان لهم أن يدفعوا الضرر عن أنفسهم بالاعتراض على نكاح من لا تتوافر فيه خصال الكفاءة؛ فاقتضى ذلك تقرير الحق لهم في الكفاءة.
    وللفقهاء فيما وراء ذلك تفصيل قول:
    قال الحنفية: الكفاءة حق للمرأة والولي الأقرب فالأقرب، فليس للولي الأبعد المطالبة بحق الكفاءة ما دام الولي الأقرب موجودا وأهلا للمطالبة به، ولذلك إذا تزوجت المرأة، وهذا رأي محمد الذي يقول: ((إذا تزوجت المرأة غير كفء فرضي به أحد الأولياء جاز ذلك , ولا يكون لمن هو مثله في الولاية أو أبعد منه أن ينقضه إلا أن يكون أقرب منه فحينئذ له المطالبة بالتفريق))(65).
    هذا إذا كان الولي القريب واحدا، فإن تعدد الأقربون؛ كإخوة أشقاء ورضي بعضهم قبل العقد أو وقت إنشائه ولم يرض الأخرون، فقد قال أبو حنيفة ومحمد: رضا البعض يزيل حق سائرهم في الاعتراض؛ لأم الولاية حق لا يقبل التجزئة ، وسببه ألا هو القرابة لا يقبل التجزئة أيضا، فيثبت حق المطالبة بالكفاءة وغيرها من آثار الولاية لكل واحد من الأولياء كاملا؛ كحق الأمان، وحق العفو عن القصاص، فإذا قام به واحد فكأن الجميع قاموا به؛ فإذا رضي أحدهم بالعقد اعتبر ذلك رذا للجميع .
    وقال أبو يوسف وزفر: لا يسقط حق الأولياء المتساوين في الدرجة والقوة إذا رضي بعضهم بالعقد؛ لأن حق الكفاءة يثبت مشتركا بين الكل، فإذا رضي أحدهم فقد أسقط حقه، فلا يسقط حق الباقين قياسا على الدين المشترك، ولأن رضا أحدهم ليس أقوى من رضاها وهي صاحبة المبتلاة بالزواج، المعالجة لشئونه، ومع ذلك فإنها إذا أسقطت حقها في الكفاءة ورضيت لا يسقط حق الأولياء فلا يسقط حق بعض الأولياء برضا بعضهم من باب أولى .
    أما دعوى عدم قبول الولاية للتجزؤ وقياس حق الكفاءة على حق الأمان وحق العفو عن القصاص فقياس مع الفارق؛ فإن الذي لا يقبل التجزؤ إنما هو متعلقات الولاية المذكورة في الدليل من حق الأمان والعفو عن القصاص فإنهما اللذين لا يقبلان التجزؤ.
    وقال الشافعية: الكفاءة حق للمرأة والولي واحدا كان أو جماعة مستوين في درجة حق طلب الكفاءة؛ فلا بد مع رضاها بغير الكفء من رضا الأولياء به، لا رضا أحدهم؛ لأن لهم حقا في الكفاءة فاعتبر رضاهم بتركها كالمرأة، فإن لم يتفق الأولياء في طلب الكفاءة، فللولي الأقرب أن يزوجها بغير الكفء برضاها، وليس للولي الأبعد الاعتراض(66).
    وقال الحنابلة: الكفاءة حق للمرأة والأولياء العصبات كلهم قريبهم وبعيدهم، القريب والبعيد، حتى من يحدث منهم بعد العقد؛ لتساويهم في لحوق العار بفقد الكفاءة(67)، والرواية الأخرى عن أحمد، والتي خالف فيها الجمهور؛ أن الكفاءة حق لله فلا يصلح النكاح مع فراقها(68)، ولا تسقط بالإسقاط لا من الولي ولا من المرأة(69)، وذهب بعض الباحثين إلى أن هذه الرواية تقصر الكفاءة على التدين والتقوى(70)، إلا أن تمثيل الحنابلة لها بما إذا تزوج المولى العربية فرق بينهما يناقض هذا القول ويجعل الكفاءة حتى على هذه الرواية على عمومها لتشمل النسب وغيره.
    ¤ مسقطات حق الكفاءة النسبيَّة:
    مباشرة الأولياء العقد يكون مسقطا حقهم في طلب الكفاءة(71).
    وظاهر هذا القول بإسقاط الكفاءة بمباشرة الأولياء عقد النكاح ـ: إذا كان الأولياء عالمين بحكم الكفاءة وبحقهم في المطالبة بها، أما من لم يعرف ذلك من الزوجة والأولياء؛ كغالب العوام، فهل سكوته عنها كاف في إسقاطها وصحة العقد أو لا ؟:
    الظاهر عند الشافعية أخذا من كلامهم أن العقد صحيح إن وقع إذن من الزوجة في التزويج، وإلا فلا، وخلافه : إذا زوجها بعض الأولياء برضاها ورضا الباقين غيرَ كفء صح، وإن لم تعرف الكفاءة لا هي ولا وليها؛ لأنهم مقصرون بترك البحث عن ذلك(72).
    وهنا مسألة: إذا قال ولي المرأة: رضيت بزواجها من غير كفء، ولم يعلم بالزواج عينا، هل يكفي هذا الإطلاق في إبطال حق ذلك الولي في الكفاءة؟:
    الراجح في هذه المسألة عدم سقوط حق ذلك الولي بهذا الإطلاق؛ استنادا إلى أن هذا الإطلاق رضا بمجهول، والرضا بالمجهول لا يصح؛ وخرَّج الأحناف هذا الفرع على ما في فتاوى قاضي خان؛ ألا هي مسألة : ما إذا استأذنها الولي ولم يسم الزوج؛ فقال قاضي خان: الرضا بالمجهول لا يتحقق(73).
    ¤ مشروط الكفاءة (الصحة أو النفاذ أو اللزوم):
    اعتبر جمهور الفقهاء الكفاءة شرطا للزوم النكاح لا لصحته(74).
    وفي رواية الحسن المختارة للفتوى عند الحنفية(75)، ورواية عن أحمد، أن الكفاءة شرط لصحة النكاح(76).
    ¤ آثار انتفاء الكفاءة:
    المرأة العاقلة البالغة إذا زوجت نفسها(77) من غير كفء فقد اختلف الفقهاء في حكم هذا العقد بين الفساد أو الصحة أو الوقف على التفصيل التالي:
    الراجح عند الحنفية أن هذا العقد لا يكون صحيحا، وهو رواية محمد بن الحسن الشيباني عن أبي حنيفة، وذلك إذا كان لها ولي عاصب؛ ودليل هذا القول الاحتياط للعشرة الزوجية، ولأنه إن صح الزواج؛ فدخل بها ثم اعترض الولي ففسخ العقد مراعاة لحق ذلك الولي في الكفاءة، فقد يكون لها من الولد، أو يكون الزوج قد دخل بها، وبذلك يتقرر العار، ولا يمحوه فسخ العقد الذي شرع أصلا لرفع هذا العار عن أولياء المرأة، ويعلل الحنفية هذا الحكم بأن ((كثيرا من الأشياء لا يمكن دفعه بعد الوقوع، وليس كل وليٍّ يحسن المرافعة والخصومة،ولا كل قاض يعدل،ولو أحسن الولي،وعدل القاضي،فقد يترك آنفة للتردد على أبواب الحكام، واستثقالا لنفس الخصومات، فيتقرر الضرر، فكأنه منعه دفعا له))(78).
    والأحناف مع ذلك يقيدون هذا الحكم بما إذا كان للمرأة أولياء أحياء، لأن عدم الصحة إنما كان على ما وجه به هذه الرواية دفعا لضررهم فإنه قد يتقرر لما ذكرنا أما ما يرجع إلى حقها فقد سقط برضاها بغير الكفء))(79)
    وللحنفية رواية أخرى في المسألة مشهورة وإن كانت مرجوحة؛ ألا هي أن العقد يكون صحيحا، ولكن يكون للولي حق الاعتراض عليه وطلب نقضه، ولا ينقض إلا بحكم القاضي، ولا يسقط الولي في هذا الحق إلا بالرضا صراحة أو دلالة ؛ ومدرك هذه الرواية ومأخذها أن العقد وقع صحيحا، مستوفيا لشروطه وأركانه، ولكن ترتب عليه ما يمس حق غير العاقدين وهم الأولياء بالضرر، فيكون طلب نقض هذا العقد لرفع الضرر عن الأولياء.
    والرأي الثالث عند الحنفية: أن حق الولي في الاعتراض على هذا العقد وطلب فسخه ليس على إطلاقه، بل هو مقيد بما لم تلد المرأة، فإذا ولدت سقط حق الأولياء في الفسخ؛ ترجيحا لحق الولد، أن يحيا بين أبويه.
    ¤ التعارض بين الكفاءة النسبية والخصال الحسبية:
    روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن الذي أسلم بنفسه أو أعتق لو أحرز من الفضائل ما يقابل نسب الآخر كان كفؤا له(80)
    وقال ابن عابدين: ودل كلامه على أن غير العربي لا يكافئ العربي، وإن كان حسيبا، لكن في جامع قاضي خان قالوا: الحسيب يكون كفؤا للنسيب؛ فالعالم العجمي يكون كفؤا للجاهل العربي والعلوية؛ لأن شرف العلم فوق شرف النسب، وارتضاه في فتح القدير، وجزم به البزازي، وزاد: والعالم الفقير يكون كفؤا للغني الجاهل؛ والوجه فيه ظاهر؛ لأن شرف العلم فوق شرف النسب، فشرف المال أولى(81).
    وقال الإمام القرطبي: التقي المؤمن أفضل من الفاجر النسيب(82).
    ****************************** ****************************** *
    الهوامش:

    (1) ابن قتيبة: غريب الحديث: 2/197-198 .
    (2) ابن القطاع: الأفعال: 3/102 .
    (3) ابن مالك: إكمال الأعلام بتثليث الكلام: 2/546 .
    (4) الزَّبِيدِيّ: تاج العروس: 39/408 .
    (5) محمد سلام مدكور: الوجيز لأحكام الأسرة في الإسلام (القاهرة 1978م) : 52، وانظر في ذلك: الأزهري: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي: 304 ، ابن مفلح: المطلع على أبواب المقتع: 321، المطرزي: المغرب في ترتيب المعرب: 410، النووي: تحرير ألفاظ التنبيه: 226، الرصاع: شرح حدود ابن عرفة: 162، الجرجاني: التغريفات: مادة: 1181، القونوي: أنيس الفقهاء: 149، المناوي: التوقيف على مهمات التعاريف: 606، الأحمدي نكري: دستور العلماء: 3/89، وفي كتب الفروع: مغني المحتاج: 4/272، دقائق أولي النهى: 2/649، الموسوعة الفقهية: 34/266.
    (6) الخطيب الشربيني: مغني المحتاج: 4/272 .
    (7) سيأتي تفصيل الكلام في الصفات المرعية للكفاءة وأدلة كل قول في الكلام على مذاهب الفقهاء في الكفاءة النسبية.
    (8) المصدر الصناعي: أحد أنواع المصادر، به يتوصل إلى صوغ المصادر من الأسماء الجامدة وغيرها؛ بإضافة ياء النسب المشددة ثم التاء المعقودة؛ مأخوذا من المصدر كالخصوصية والفروسية والطفولية، أو من أسماء الأعيان؛ كالصخرية والخشبية وقد يؤخذ من المشتقات؛ كالقابلية والمسؤولية والحرية، أو من أداة من أدوات الكلام؛ كالكَمِّيَّة والكَيْفِيَّة والمَاهِيَّة. المعجم الوسيط: 1/525-526.
    (9) الرازي: مختار الصحاح: 273.
    (10) قال الجلال المحلي: الاعتبار بالأب فمن أبوه عجمي وأمه عربية , ليس كفؤا لمن أبوها عربي وأمها عجمية. شرح المنهاج (مع قليوبي وعميرة) : 3/236.
    (11) الجرجاني: التعريفات: 43، المناوي: التوقيف على مهمات التعاريف: 696.
    (12) وقد يقال في تعريف الكفاءة النسبية: انتساب الزوجة إلى أب تشرف بنسبتها إليه بالنظر إلى مقابله؛ من أب الزوج. انظر: حاشيتي قليوبي وعميرة: 3/236، وبعضهم قصر الكفاءة النسبية على الديانة؛ بالانتساب إلى أهل الصلاح؛ فعرفها بالاتصال بشجرة النبوة أو بالعلماء الذين هم ورثة الانبياء، أو بالمرموقين في الزهد والصلاح. القرطبي: 16/348.
    (13) انظر: ابن قدامة: المغني: 7/27، المبدع: 7/52، كشاف القناع: 5/67، دقائق أولي النهى: 5/87، السفاريني: غذاء الألباب: 2/408، مطالب أولي النهى: 5/85:
    على أن إطلاق المنصب على النسب ليس من باب الترادف أو من باب المتواطئ عند الأصوليون؛ بل هو من باب التعريف بذكر المثال؛ إذ النسب عند الحنابلة مفسَّر بالمنصب والحرية والسيار؛ كما في الفروع: 5/190، وبعضهم فسر الكفاءة النسبية بالدين والمنصب؛ الإنصاف: 8/107، وهذا كله داخل في مسألة الصفات المرعية في الكفاءة النسبية، التي ستأتي في بحث مناط الكفاءة النسبية.
    وإطلاق المنصب على النسب ليس مما اختص به الحنابلة وإن اشتهروا به؛ فقد أطلقه بعض الحنفية؛ ففسر النسب بالمنصب والجاه؛ كما فعله في المحيط البرهان: 3/189ب، وانتقده ابن عابدين في حاشيته: 3/92.
    هذا وإطلاق المنصب على النسب معروف عند السلف؛ أطلقه ابن أبي ليلى . انظر: المصنف لابن أبي شيبة: 3/467.
    (14) الكفاءة النسبية يتحدث الفقهاء عن اشتراطها في فرعين بلا اختلاف في مقوماتها في الموضعين، وهذان الموضعان هما الإمامة الكبرى والنكاح، انظر هذه المقومات في الفرعين في : الأنصاري: أسنى المطالب: 1/220، الهيتمي: تحفة المحتاج: 2/296، الخطيب الشربيني: مغني المحتاج: 1/487، الرملي: نهاية المحتاج: 2/183، حاشيتا قليوبي وعميرة: 3/236، الجمل على المنهج: 1/534، البجيرمي على الخطيب: 3/412.
    (15) انظر: أسنى المطالب : 1/220، تحفة المحتاج: 2/296، مغني المحتاج: 1/487، نهاية المحتاج: 2/183، حاشية الجمل على المنهج: 1/534، حواشي الشرواني وابن قاسم: 2/296.
    (16) المبسوط: 5/24-25.
    (17) سيأتي عند الحديث عن خصال الكفاءة أن الحرفة الراجح عند الحنفية عدم اشتراطها، ولم يشترطها أحد من غير الحنفية؛ لذلك لا ترى لها تمثيلا ها هنا.
    (18) ملا علي القاري: مرقاة المفاتيح: 5/184، المناوي: فيض القدير: 2/491.
    (19) أخرجه الترمذي في الذبائح، أبواب تفسير القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب : ومن سورة الحجرات، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث سلام بن أبي مطيع، وابن ماجه في كتاب الزهد، باب الورع والتقوى، والحاكم في المستدرك، كتاب النكاح، والدارقطني في سننه في كتاب النكاح، باب المهر، والبيهقي في الكبرى، كتاب النكاح، جماع أبواب اجتماع الولاة، باب اعتبار اليسار في الكفاءة، وأحمد في أول مسند البصريين، والطبراني في الكبير من اسمه سمرة، ما أسند سمرة بن جندب، والشهاب القضاعي، باب: الحسب المال، وابن أبي الدنيا في إصلاح المال، باب فضل المال، وفي مكارم الأخلاق له، ح (4) ، وأبو نعيم في الحلية، في ترجمة سلام بن أبي مطيع، وذكر أنه مما تفرد به سلام عن قتادة، ورواه الأئمة عن يونس عن سلام، وابن أبي عاصم في الزهد، والخطيب في الكفاية، باب ذكر بعض أحاديث من بين ما استثبت فيه غير الراوي؛ جميعهم من طريق سلام بن أبي مطيع عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه، والحديث صححه الألباني في الإراواء: 6/159-160، ح (1870)، وصحيح وضعيف الترمذي: ح (3271)، وصحيح وضعيف ابن ماجه، ح (4219) والجامع الصغير: ح: (5489)، وانظر شرح الحديث وما يستفاد منه من أحكام في: طرح التثريب: 7/20، فتح الباري: 9/135، فيض القدير للمناوي: 3/412، التيسير شرح الجامع الكبير له: 1/506.
    وأخرجه الدارقطني في السنن، في كتاب النكاح ، باب المهر قال: نا ابن صاعد، نا بندار، نا معدي بن سليمان، نا ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة ،،، به، وأخرجه الشهاب القضاعي؛ قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الكندي، ثنا يعقوب بن مبارك، ثنا إسماعيل بن محمود بن نعيم، ثنا الحسين بن عيسى البسطامي، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، ثنا الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه (يعني : بريدة بن الحصيب) به.
    (20) الحافظ العراقي وولده أبو زرعة: طرح التثريب: 7/20، السفاريني: غذاء الألباب: 2/426.
    (21) انظر عند الحنفية: فتح القدير: 3/297، البحر الرائق: 3/140، حاشية ابن عابدين: 3/92، وعند الحنابلة: المغني: 7/27.
    قال ابن عابدين: ،،، ((في جامع قاضي خان: قالوا: الحسيب يكون كفؤا للنسيب؛ فالعالم العجمي يكون كفؤا للجاهل العربي والعلوية؛ لأن شرف العلم فوق شرف النسب، وارتضاه في فتح القدير، وجزم به البزازي، وزاد: والعالم الفقير يكون كفؤا للغني الجاهل، والوجه فيه ظاهر؛ لأن شرف العلم فوق شرف النسب، فشرف المال أولى)) انظر: رد المحتار: الموضع السابق.
    (22) سبقت الإشارة إلى هذه الصفات عند الكلام على الصفات المرعية في الكفاءة النسبية.
    (23) انظر : حاشيتي قليوبي وعميرة: 3/236 .
    (24) ابن مفلح: الفروع: 5/190.
    (25) المرداوي: الإنصاف:8/107.
    (26) انظر: ابن قدامة: المغني: 7/151.
    (27) أبو زهرة: الأحوال الشخصية: 141، مدكور: الوجيز لأحكام الأسرة في الإسلام: 53 .
    (28) انظر: رد المحتار: 3/69.
    (29) انظر: تبيين الحقائق: 2/135.
    (30) أبو زهرة: الأحوال الشخصية: 141.
    (31) الخطيب الشربيني: مغني المحتاج: 4/273.
    (32) تبيين الحقائق: 2/128، البحر الرائق: 3/140، الخطيب الشربيني: مغني المحتاج: 4/273، الفتاوى الفقهية للهيتمي: 4/101، تحفة المحتاج: 7/278.
    (33) المبسوط: 5/99 .
    (34) انظر: قليوبي وعميرة: 3/264، تحفة المحتاج: 7/349، مغني المحتاج: 4/342، نهاية المحتاج: 6/311، البجيرمي على الخطيب: 3/432.
    (35) انظر: الإنصاف للمرداوي: 8/105-106، دقائق أولي النهى: 2/649.
    (36) القواعد لابن رجب: 96، الإنصاف: 8/110.
    (37) انظر: المغني: 7/71، أعلام الموقعين: 2/249، الفروع لابن مفلح: 5/211، الإنصاف للمرداوي: 8/154، شرح منتهى الإرادات: 2/664، كشاف القناع: 5/90، مطالب أولي النهى: 5/119.
    (38) انظر: الشافعي: الأم: 5/78-80.
    (39) انظر: المدونة: 2/131، المنتقى للباجي: 3/296.
    (40) انظر: ابن تيمية: الفتاوى الكبرى: 4/104-105، وفي شرح المنهاج للمحلي: ولو شرط في الزوج نسب شريف فبان خلافه فإن كان نسبه دون نسبها فلها الخيار كما شملته العبارة , وإن رضيت به , فلأوليائها الخيار لفوات الكفاءة , وإن كان نسبه مثل نسبها أو فوقه , فالأظهر وقطع به أنه لا خيار لها ولا للأولياء لانتفاء العار. شرح المنهاج: 3/267 .
    (41) المدونة: 2/107، التاج والإكليل للمواق: 5/108، منح الجليل للشيخ عليش: 3/236.
    (42) انظر : المبسوط: 5/22، بدائع الصنائع للكاساني: 2/317.
    ومن بديع ما قيل في المقارنة بين مذهبي الثوري وأبي حنيفة في اشتراط الكفاءة: إن الثوري كان من العرب فتواضع ورأى الموالي أكفاء له، وأبو حنيفة ـ رحمه الله تعالى ـ كان من الموالي فتواضع ولم ير نفسه كفؤا للعرب. انظر : المبسوط: 5/22.
    (43) بدائع الصنائع للكاساني: 2/317.
    (44) السابق.
    (45) الجامع الصحيح: كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين، وقوله : {وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا}، قال الحافظ في شرح هذه الترجمة: ((فكأن المصنف لما رأى الحصر وقع بالقسمين صلح التمسك بالعموم لوجود الصلاحية إلا ما دل الدليل على اعتباره وهو استثناء الكافر)). فتح الباري: 9/132.
    (46) حديث ضعيف أخرجه البيهقي في السنن كتاب النكاح، جماع أبواب اجتماع الولاة، باب اعتبار الصنعة في الكفاءة، وقال عَقِيبَهُ: ((هذا منقطع بين شجاع ، وابن جريج؛ حيث لم يسم شجاع بعض أصحابه، ورواه عثمان بن عبد الرحمن، عن علي بن عروة الدمشقي، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، وهو ضعيف، وروي من وجه آخر عن نافع، وهو أيضا ضعيف بمرة)) ، وقال الحافظ في الفتح: 9/133: ((لم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث)).
    (47) انظر : المبسوط: 5/24، بدائع الصنائع: 2/319، تبيين الحقائق: 2/129، الهداية (مع نصب الراية): 3/364، العناية شرح الهداية (مع فتح القدير): 3/297، الجوهرة النيرة: 2/11، درر الحكام شرح غرر الأحكام لملا خسرو: 1/339، البحر الرائق: 3/140.
    (48) انظر مذهب الحنفية في المراجع السابقة بالهامش: 1، وهو أيضا مذهب الشافعية؛ انظر: أسنى المطالب: 3/137، حاشيتي قليوبي وعميرة: 3/236، وهو رواية عن أحمد؛ انظر: مسائل الإمام أحمد للتميمي: 2/606، المغني: 7/28.
    (49) أخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم، في ذكر فضائل القبائل، ذكر فضائل قريش، وغيره من حديث علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأئمة من قريش أبرارها أمراء أبرارها، وفجارها أمراء فجارها، ولكلٍّ حقٌ فآتوا كل ذي حق حقه)).
    (50) العيني: عمدة القاري: 20/87، مسائل الإمام أحمد للتميمي: 2/606، ابن مفلح: المبدع: 7/52، شرح الزركشي على الخرقي: 2/337.
    (51) بدائع الصنائع: 2/319، تبيين الحقائق: 2/129، الجوهرة النيرة: 2/11، رد المحتار: 3/88.
    (52) بدائع الصنائع: 2/319.
    (53) انظر: أسنى المطالب: 3/137، الغرر البهية: 4/124، قليوبي وعميرة: 3/236، تحفة المحتاج: 7/280، مغني المحتاج: 4/274، نهاية المحتاج: 6/257، البجيرمي على المنهج: 3/352.
    (54) انظر: المغني: 7/28، الفتاوى الكبرى: 3/98، الفروع: 5/190، الإنصاف للمرداوي: 8/107، شرح منتهى الإرادات: 2/649-650.
    (55) صحيح مسلم - كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم.
    (56) صحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها.
    (57) مسند أحمد بن حنبل، مسند أنس بن مالك من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن كنانة بن نعيم، عن أبي برزة، ومن طريقه أخرجه مسلم بدون قصة زواج جليبيب .
    (58) السنن الكبرى للبيهقي: 7/134.
    (59) فتح الباري: 9/133.
    (60) إرواء الغليل: 6/268.
    (61) فتح الباري: 9/133.
    (62) صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في زوج بريرة.
    (63) يقول الألوسي في روح المعاني: 14/287: ((وما ذكره الفقهاء في باب الكفاءة مبني على عرف العامة لانتظام أمر المعاش ونحوه)).
    (64) المبسوط: 5/30.
    (65) المبسوط: 5/26.
    (66) يذكر الفقهاء هنا فرعا هو: لو كان الذي يلي أمر المرأة السلطانُ، فهل له تزويجها بغير الكفء إذا طلبته؟:
    قال النووي: قولان أو وجهان، أصحهما المنع؛ لأنه كالنائب؛ فلا يترك الحظ.
    (67) .
    (68) الفتاوى الكبرى: 3/98.
    (69) المغني لابن قدامة: 7/26.
    (70) أبو زهرة: الأحوال الشخصية: 142.
    (71) المبسوط: 5/131.
    (72) انظر: الغرر البهية: 4/127، قليوبي وعميرة: 3/234.
    (73) البحر الرائق: 3/118.
    (74) عند الحنفية انظر: بدائع الصنائع: 2/317، تبيين الحقائق: 2/128، فتح القدير: 3/291، البحر الرائق: 3/117، رد المحتار: 3/84.
    وعند الشافعية انظر: أسنى المطالب: 3/139، الغرر البهية: 4/127، الجمل على المنهج: 4/163، وخالف البجيرمي؛ فذكر أن الكفاءة شرط صحة في عقد النكاح؛ انظر: حاشية البجيرمي على إقناع الخطيب: 3/412، والبجيرمي على المنهج: 3/350،
    وعند الحنابلة: شرح منتهى الإرادات: 2/609، كشاف القناع: 5/67، دقائق أولي النهى: 2/663، غذاء الألباب للسفاريني: 2/407، مطالب أولي النهى: 5/83، 116.
    (75) انظر: تبيين الحقائق: 2/117، فتح القدير: 3/255، البحر الرائق: 3/138، رد المحتار: 3/57.
    (76) انظر: الإنصاف للمرداوي: 8/105-106، دقائق أولي النهى: 2/649، غذاء الألباب للسفاريني: 2/407.
    (77) تزويج المرأة البالغة نفسها صحيح على مذهب الحنفية خلافا للجمهور الذين يعتبرون الولي شرط صحة لعقد النكاح مطلقا للبكر والأيم، والأدلة في هذه المسألة تشهد لمذهب الجمهور، والمراد هاهنا أن تتزوج المرأة من غير الكفء دون علم الولي أو إذنه سواء أتزوجت بالولي الأبعد في وجود الولي الأقرب على مذهب الجمهور أو زوجت نفسها على مذهب الحنفية.
    (78) تبيين الحقائق: 2/117، فتح القدير: 3/255، البحر الرائق: 3/138، رد المحتار: 3/57.
    (79) تبيين الحقائق: 2/117.
    (80) المبسوط: 5/25.
    (81) رد المحتار لابن عابدين: 3/92. وانظر أيضا: الجوهرة النيرة: 2/11، فتح القدير: 3/297، البحر الرائق: 3/140.
    (82) تفسير القرطبي : 16/348.
    مصطفى حسنين عبد الهادي، أبو أسلم العدوي.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2007
    المشاركات
    7,909

    افتراضي رد: مذاهب الفقهاء في اشتراط الكفاءة النَّسَبِيَّة في النكاح

    جزاك الله خيرًا أبا أسلم على هذا البحث الماتع ، نفع الله بك.
    قال أبو عبدِ الله ابنِ الأعرابي:
    لنا جلـساء مـا نــمَلُّ حـدِيثَهم *** ألِبَّاء مأمونون غيبًا ومشهدا
    يُفيدوننا مِن عِلمهم علمَ ما مضى *** وعقلًا وتأديبًا ورأيا مُسدَّدا
    بلا فتنةٍ تُخْشَى ولا سـوء عِشرَةٍ *** ولا نَتَّقي منهم لسانًا ولا يدا
    فإن قُلْتَ أمـواتٌ فلـستَ بكاذبٍ *** وإن قُلْتَ أحياءٌ فلستَ مُفَنّدا


  3. #3

    افتراضي رد: مذاهب الفقهاء في اشتراط الكفاءة النَّسَبِيَّة في النكاح

    أبو محمد المصري

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •