من الأمور الظاهرة في القرآن اختفاء شخصية النبي صلى الله عليه وسلم فيه , ففي أكثر الأوقات لا يذكر شيئا عن نفسه , ويتجرد تماما من الإشارة إليها , وعندما يورد شيئا عن ذاته فإنما يذكره لكي يحكم على نفسه أو يضبط سلوكه أو يسيطر عليه , وفيما يتعلق بأفراحه وأحزانه , فإننا نعلم كم كان حزنه لوفاة أبنائه وأصدقائه وأصحابه , حتى أطلق عام الحزن على السنة التي مات فيها عمه وزوجته , وفقد بفقدهما العون المعنوي الذي كان يسانده , ومع ذلك كله لا نجد في القرآن أي صدى لهذه الأحداث الأليمة( ) وهي من أشد ما يؤثر في النفوس البشرية .


فلو كان القرآن / الوحي يتأثر بحالة النبي صلى الله عليه وسلم النفسية أو العقلية أو كان لحدة ذكائه أو لطبيعة حياته اليومية أو لقوة مخيلته أثر في جاء به من الوحي لظهر ذلك جليا في القرآن , وخاصة في مثل تلك الأحوال الاستثنائية , فعدم وجود مثل تلك الآثار دليل على أن مشاعر النبي صلى الله عليه وسلم ودواخله ليست مصدرا للوحي وليس لها أثر فيه , وإنما هو حقيقة نازلة عليه من الله في السماء .


سلطان العميري.



ومن بحث ( الوحي الإلهي والانزلاقات الحداثية ) لصاحبكم