طفأ الكهرب (آخر الصباح)، والغرفة مكتومة، النور فيها يسير.
المهم:...لما رجعوا بعد الساعة الواحدة، فإذا النور قد عمل، وإذا بالكتب قد أرجعها الأمين لأماكنها، وأرجع ذلك الكتاب الذي جاء بالغلط، لا يعرف اسمه ولا عنوانه، ولا رقمه ولا من أي مكتبة أتوا به، لم يستطع أن يطلبه ثانية.
حسرة.
مضى على هذا أربعون عاماً، وهو يوصي من يبحث عنه، فلم يأت به.
بعد أربعين عاماً: اتصل به واحد من الإمارات(هو مصري)، مهتم بالمخطوطات، طالب علم ويتصل به مراراً يسأل، فطلب منه العثيمين الحضور، فجاء ... بعد لأي.
ثم دخل عليه في هذا المجلس، (الامارات-مكة-المدينة-عنيزة).((قبل شهر من الآن))
وضع شنطته، وقال إني استفدت منك، وجرت سواليف من ذلك الباحث، منها أنه سأل ابن عثيمين: ما أغرب ما شفت؟
فقال العثيمين: الحسرة التي بقلبي على كتاب بخط أبي حيان، اسمه: معجم شيوخ بغداد[هذا الكلام قبل شهر من كتابة هذه الأسطر].
فقال الأخ المصري: أبو حيان الأندلسي؟
العثيمين: نعم.
فقام الأخ المصري لشنطته، وفتحها، وأتى له بصورة ذلك المخطوط نفسها!!!!!!!!!!
وهذا غريب جداً، قل أن يحدث.
-ثم حكى الشيخ الخضير قصةً(نظيرة لها) مع كشف الأسرار للبزدوي، أنه اشترى الجزء الثالث والرابع منه، طبعة تركية، عليه تعليقات بالقلم الأحمر لشخص واضح أنه شايب(لا أدري كيف عرف الشيخ أنه شايب)!!، أما الجزء الأول والثاني فلم يكن معها.
يقول: اشتريتها من بريدة، وأنا طالب بالثانوي[[شغف الشيخ بالكتب منذ الصغر]].
يقول: عندي نسخ أخرى من الكتاب، لكنه يترقب الأول والثاني من هذه الطبعة.
وبعد 40 سنة، وصل إليه المجلد الناقص، من تلك النسخة نفسها، وعليها تعليقات (هالشايب) نفسه!!!
قال: لكنه خربه عليه، لأنه كاتب عليه: وقف لله كسائر كتبي.
-رواية ذكرها الشيخ الخضير عن الشيخ ابن باز: ...
قال الشيخ الخضير: الشيخ ابن باز عجزوا عنه، قالوا له: البيهقي يباع بخمسة آلاف، والصورة طبق الأصل بمائة وخمسين، يريد السائل منه أن يقول هذا إسراف وحرام، فقال ابن باز: "أبداً، العلم ما فيه إسراف، والأصل يبقى أصلا ولو كان غالياً"
-أحد الحضور سأل الشيخ الخضير: ما أغلى ما اشتريت، هل يصل لخمسين ألف: فأجاب بالنفي.
الخضير: مقامات الحريري، الطبعة الأولى بباريس(1822م)، تحقيق المستشرق(دساسي)، والطبعة الثانية(1847م) وهو من أندر المطبوعات.
-جرى كلام عن كتاب الأنساب للسمعاني، الطبعة الهندية.
-تاريخ الأسكندرية طبعة الهند(اسمه: الإلمام) صاحبه من القرن السابع أو الثامن.
-كلام عابر عن مكتبة الأسكندرية.
-جلسة يظهر فيها تواضع العلماء، ومسامرتهم ومؤانستهم، ما أروعها.
*لكل علم عِلَلٌ.
-كلمة نفيسة ذكر الشيخ الخضير بعد ذكر د. العثيمين لقصة.
أما الكلمة: فهي قوله: ((لكل علم علل)).
وأما القصة، فهي قصة اكتشاف د.العثيمين لمخطوط نفيس، من مكتبة مغربية، لم يعلم أصحاب المكتبة بذلك المخطوط، لأنه لم تسجل معلوماته عليه.
ومن خلال اطلاع د. العثيمين عليه عندهم، اكتشف عنوانه ومؤلفه، بل اكتشف ان
المخطوط هو (صلة الصلة) لأبي جعفر بن الزبير الغرناطي.
قال العثيمين: وهو من شيوخ أبي حيان، وله كتاب في التفسير مهم جداً، حققه الملاح وغيره، طبعته دار الغرب.
كتاب (صلة الصلة)في سلسلة تواريخ الأندلس(طُبِعَ جزء يسير منه، طبعه المستشرقون).
قال العثيمين: جاء واحد من شيوخ المغاربة يبحث عنه، وقد وجد الجزء الأول، وجاء به للعثيمين(وهو فرحٌ به)، فقال له: عندي علم لك، فقال: ماذا؟!
قال العثيمين: عندي نسخة بخط أبي جعفر بن الزبير(المؤلف)، فانبهر ذلك المغربي، وقال مستحيل، وكاد ينكر......
.....
قال وأبشرك أيضا: هي نسخة من المغرب(صورتها من بلدك)،
قال: من أي مكتبة؟
قال : من المكتبة الملكية.
(العثيمين: المكتبة الملكية كان قائم عليها(العربي الخطابي).)
المهم...لم يعطه العثيمين المخطوطة.
فذهب هذا الشيخ للمغرب، وقلب المكتبة الملكية هو والقائم عليها(العربي) فلم يجده.
قال العربي الخطابي: وين نودي وجيهنا، إذا قيل إن هناك كتاب مفقود من المكتبة.
ثم قال الخطابي للرجل: من الذي قال هذا الكلام.
قال الشيخ: يقوله باحث من جامعة أم القرى بمكة.
قال العربي الخطابي: هو كذاب.....
إلا إن كان(ابن عثيمين)، (ابن عثيمين ما نقدرش عليه).
رجع الشخص لابن عثيمين، وقال: لم نجده.
العثيمين: هل أيست منه؟..... قال: نعم.
قال العثيمين: خذه، وأتى له بالمخطوط(وهذا في المرة الثالثة من رجوعه).
فرجع ذلك الشيخ للمكتبة الملكية، فوجده.!!!
ما السر؟
السر أنه لا يوجد عليه اسم، قال العثيمين: سقطت الورقة الأولى منه، لكني لما قرأته عرفت أنه هو.
((يقول العثيمين: أنا إذا قرأت الكتاب عرفت مؤلفه)) [لله دره]
يقول: بحكم التجربة، عرفت أن هذا الكتاب لأبي جعفر بن الزبير، وعرفت أن هذا الكتاب هو صلة الصلة...
عند هذا قال الشيخ عبد الكريم الخضير كلمته الذهبية: ((كلُّ فنٍّ له علل، وله خبراء))
قال العثيمين: لأنه يقول في الكتاب: (وأغفله صاحب الصلة)، فهذا يعني أن هذا الكتاب: صلة الصلة.
*تجارب د. العثيمين في البحث والتحقيق.
-جرى ذكر تجارب الشيخ د.العثيمين، هل دونها، فقال: نعم، كتبتها بمذكرات، وستطبع.[وذكر أحد الفضلاء أنها قرابة الثلاثة أجزاء].
-قال العثيمين: دَرَّست مناهج البحث والتحقيق لمدة عشرين سنة، في اللغة وفي الشريعة، وجمع الطلاب لي كلاماً كثيراً، فلم أرض به.
*جولة في مكتبة د. العثيمين.
فوائد من جولة الشيخين بمكتبة العثيمين.
مما دار في المكتبة.
الشيخ الخضير: عندي دور كتب وليست دار(بيوت من الكتب) ذكر ذلك على سبيل الاعتذار، لأنه تردد في بعض الكتب هل هو عنده أم لا، وقال: الكثرة تغلب الشجاعة.
الشيخ الخضير: الخزانة[خزانة الأدب للحموي]، طبعة الأولى بولاق، جاءتني تجليد أوروبا ناقصة الثالث، ملفق منه نسخة غير التجليد الأوروبي (الزين)
وبعد عشر سنوات تجيني نسخة، الثالث منها هو الثالث من هذه النسخة الأوروبية، قال: غرائب لا تخطر بالذهن، من توالف الكتب.
*مما جرى استعراضه على عجل(سأذكر ما أثنى عليه، فقط ):
-التدوين في أخبار قزوين.(طبعة هندية، ولبنانية مأخوذة من الهندية).
-تاريخ الإسلام، طبع القدسي منها عشر أجزاء لم تكتمل(الخضير: لو اكتملت لم ننظر لغيرها).
-المحرر الوجيز لابن عطية، العثيمين: هل عندك هذه الطبعة؟ الخضير: عندي واللي بعدها، واللي قبلها، وقد طبعة القطريون، صفوها صفاً جديداً، سبعة أجزاء.
-العثيمين: كتاب مفيد جداً: الفصوص لصاعد البغدادي.
هذه نبذ عابرة، من هذا اللقاء الشيق النافع، وفق الله الجميع لمرضاته.
دوَّنها: تميم بن عبد العزيز القاضي