من أسباب تعلّقي بالأدب
.............................. ......
بقلم / ربيع السملالي
من بين الأسباب التي دفعتني لحبّ الأدب والانصهار في بوتقته مقالةٌ في كتاب النّظرات للأديب البارع مصطفى لطفي المنفلوطي عنوانها ( دمعة على الإسلام ) ..إذ كنت قبل ذلك أدرسُ كتبَ الفقه والعقيدة الإسلامية المبنية على الكتاب والسنة..فوجدتُ هذه المقالةَ الباذخةَ التي تُنكر على عبّاد القبور عبادتهم لها من دون الله ، وغلوهم في المشايخ والأولياء ، وتقديم القَرَابين والنّذور والغالي والنّفيس لهذه العظام النخرة التي يستغلّها الذين لا يرقبون في الأمّيين السّذّج من النّاس رحمة ولا عطفًا ..كتبَها بأسلوب رائق سَلِسٍ أعجبني وصادف أهواءً في أعماقي ، فأعدت قراءَتها مرّات حتّى كدت أحفظها كما هي عادتي مع النّصوص التي تروق لي ..فقلت في نفسي حينها إن كانَ هذا هو الأدب وأهله فإنّه شيء جميل حقّا يبعث على الارتياح وعلى الاطمئنان كلّ الاطمئنان للارتواء من معينه الصّافي ، فصرت من ذلك الحين أقتني كلّ كتاب أجده في طريقي له صلة بالأدب ، ونسب بالفكر ، أقرأ كلّ ما تصل إليه يدي وأنا متسلّح بما منّ الله به عليّ قبل ذلك من فهم لأمور عقيدتي وديني ، بمعنى أنّني صرت أقرأ بعين ناقدة ، بعين تخوّلني الحكم على الشيء بمنظور إسلامي ..ورغم ما واجهت من نتوءات في طريقي وأنا أطالع بعض كتب المنحرفين الذين ينتسبون للأدب ، فإنّني بحمد الله لم أتأثّر بما يلقون من شبهات وأفكار خطيرة من خلال كلامهم النّاعم ، وأسلوبهم الخلاّب ، فأيقنتُ أنّ الله تعالى قد أحسن إليّ الإحسانَ كلّه ، إذ لم يجعلني أتوجّه لعالم الأدب مباشرة وأنا أجهلُ من الحُمُر الأهلية . ولو وكلني إلى نفسي هذه الأمّارة بالسوء لكنت الآن أسبّح بحمد الزّنادقة والكافرين بكرة وأصيلاً بدعوى الإبداع وحرّية الفكر والتّعبير ، كما هو حال الكثيرين من أبناء جلدتنا الذين ترهبهم الأسماء الرّنانة ، التي تملأ السّاحة الأدبية فسقًا وفجورًا ، واستهزاءً وسخرية بديننا الحنيف ..
إذًا كان المنفلوطي رحمه الله من بين الأسباب التي حبّبت إليّ هذا العالم الجميل الذي يُقال له ( الأدب) ، وعشقت كتاباته كلّها ، وقرأتها مرارًا دونَ ملل أو ضجر ، ولا أنكر أنّني تأثّرت بأسلوبه الإنشائي في مرحلة ما ، ولم أتخلّص منه وأكوّن لنفسي أسلوبًا خاصّا بي إلا بشقّ الأنفس . وذلك عن طريق كثرة القراءة لأساليب مختلفة لكبار الكتّاب ، كما فعل توفيقُ الحكيم حيث ذكرَ عن نفسه في كتابه ( زهرة العمر ) أنه قرأ رُكامًا من الكتب المختلفة من أجل البحث عن أسلوب يخصّه .
هذا ما عنَّ لي قوله في هذه العُجالة ، ولعلّي أنشَطُ لذكر الأسباب الأخرى في مقالاتٍ قادمة إن شاء الله متمنيّا وراجيًا أن ينفعَ الله بها كلّ من تصل إليه ..والله الموفّق .
............................
19 / 12 / 2013