بارك الله فيكم ، وأحسن إليكم وزادكم رفعة وعلما
آمين
بارك الله فيكم ، وأحسن إليكم وزادكم رفعة وعلما
آمين
في جامع أحكام النساء للشيخ مصطفى العدوي (1/145):
وإذا حاضت المرأة قبيل العصر مثلا ولم تكن صلت الظهر لم يلزمها إعادة صلاة الظهر على الصحيح من أقوال أهل العلم
* برهان ذلك أن النساء على رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يحضن في كل الأوقات، ولم يرد قط أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر امرأة منهن بعد طهرها أن تصلي صلاة فاتتها قبل نزول الحيض عليها.
وبهذا القول قال عدد من أهل العلم.
بارك الله فيكم .
ينظر هنا :
http://majles.alukah.net/t154628/#post827982
جزاكم الله خيرا
نعم، وما رجحه الشيخ العدوي هو الراجح. والله أعلم.
قَوْلُهُ: (وَمُعَيَّنٌ وَمُخَيَّرٌ): فَإِنَّ الْوَاجِبَ يَنْقَسِمُ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ الْمُكَلَّفِ بِهِ إِلَى:
أَوَّلًا:وَاجِبٌ مُعَيَّنٌ:وَهُوَ مَا لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامُهُ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُكَلَّفِ فِي نَوْعِهِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
الْوُضُوءُ، وغُسْلُ الْجَنَابَةِ، وَالصَّلَاةُ، وَالصِّيامُ، وَالزَّكَاةُ، وَالْحَجُّ، وَصِلَةُ الْأَرْحَامِ.
فَالْمَطْلُوبُ فِي هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ وَاحِدٌ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامُهُ، وَلَا خِيَارَ فِيهِ لِلْمُكَلَّفِ.
ثَانِيًا:وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ:وَهُوَ مَا خُيِّرَ فِيهِ الْمُكَلَّفُ، وَيَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامُهُ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
1- كَفَّارَةُ الْيَمِينِ: فَإِنَّ المُكَلَّفَ مُخَيَّرٌ فِيهَا حَالَ الِاسْتِطَاعَةِ بَيْنَ: الْإِطْعَامِ، أَوِ الْكِسْوَةِ، أَوِ الْعِتْقِ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿فَكَفَّارَتُه إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ﴾ [المائدة: ٨٩].
2- زَكَاةُ الْفِطْرِ: خُيِّرَ المُكَلَّفُ فِي أَدَائِهَا بَيْنَ عِدَّةِ أَصْنَافٍ.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ([1]).
3- التَّخْييرُ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ حَالَ الْإِحْرَامِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ﴾ [ المائدة: ٩٥].
4- التَّخْييرُ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ لِلْأَذَى بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ﴾ [ البقرة: ١٩٦] .
5 - تَخْييرُ الْإِمَامِ فِي حُكْمِ الْأَسْرَى بَيْنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء﴾ [ محمد: ٤ ].
6- التَّخْيِيرُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِين َ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [المجادلة: 3، 4].
7- تَخْييرُ الْمَرْأَةِ فِي التَّزْوُّجِ بَيْنَ كُفْئَينِ.
8- التَّخْييرُ بَيْنَ رَجُلَينِ كِلاَهُمَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ.
([1]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1506)، ومسلم (985).
مسألة: هَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الأُمُورِ الْمُخَيَّرِ بَيْنَهَا؟
الجواب: بَعْضُ الْأُمُورِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا؛ كَزَوَاجِ الْمَرْأَةِ مِنْ كُفْئَينِ، وَكَتَعْيينِ إِمَامَينِ.
وَبَعْضُهَا يَجُوزُ؛ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَفِدْيَةِ الْحَلْقِ لِلْأَذَى، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَكِفَائِيٌّ وَعَيْنِيٌّ): وَيَنْقَسِمُ الْوَاجِبُ بِاعْتِبَارِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ إِلَى:
أوَّلًا: وَاجِبٌ عَيْنِيٌّ: وَهُوَ: مَا يَجبُ أَدَاؤُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ بِعَيْنِهِ، وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ إِلَّا بِأَدَائِهِ بِنَفْسِهِ.
فَالْوَاجِبُ الْعَيْنِيُّ يَنْظُرُ فِيهِ الشَّارِعُ إِلَى ذَاتِ الْفَاعِلِ، وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَعَدِمِ الْحَاجَةِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
الصَّلَاةُ، وَالطَّهَارَةُ، وَالصَّوْمُ، وَالزَّكَاةُ, وَالْحَجُّ.
ثَانِيًا: وَاجِبٌ كِفَائِيٌّ: وَهُوَ: الْمَطْلُوبُ فِعْلُهُ مِنْ مَجْمُوعِ الْمُكَلَّفِينَ ، لَا مِنْ كُلِّ فَرْدٍ بِعَيْنهِ؛ بِحَيْثُ إنَّهُ إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْمُكَلَّفِينَ سَقَطَ الْإِثْمُ وَالْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ أَيُّ فَرْدٍ أثِمَ كُلُّ مَنْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ.
فَالْوَاجِبُ الْكِفَائيُّ يَنْظُرُ فِيهِ الشَّارِعُ إِلَى ذَاتِ الْفِعْلِ، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنِ الْفَاعِلِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ، وَتَكْفِينُهُ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَالْقَضَاءُ، وَالْإِمَامَةُ، وَالْإِفْتَاءُ، وَالْجِهَادُ، وَرَدُّ السَّلَامِ.
فهَذِهِ الْوَاجِبَاتُ مَطْلُوبٌ فِعْلُهَا وَوُجُودُهَا فِي الْأُمَّةِ، بِصَرْفِ النَّظَرِ عَنْ فَاعِلهَا.
والواجب الكفائي قد يتعين في بعض الأوقات أو بعض الحالات:
مِنْ ذلِكَ: أَنَّ الْعَدُوَّ إِذَا دَاهَمَ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ الْجِهَادَ – حِينَهَا - يَصِيرُ فَرْضًا عَيْنِيًّا عَلَى كُلِّ مَنْ يَسْتَطيعُ الْجِهَادَ.
وَكَذَلِكَ إِذَا اسْتَنْفَرَ إِمَامُ الْمُسْلِمِينَ رَجُلًا بِعَيْنِهِ؛ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ.
وَيَتَعَيَّنُ الْوَاجِبُ الْكِفَائِيُّ – أَيْضًا - في حَقِّ رَجُلٍ لَا يَصْلُحُ للإمَامَةِ غَيْرُهُ، وَرَجُلٌ لَا يَصْلُحُ لِإِقَامَةِ الْقَضَاءِ غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (وَمُقدَّرٌ وَغَيْرُ مُقَدَّرٍ): وَيَنْقَسِمُ الْوَاجِبُ أَيْضًا – مِنْ حَيْثُ مِقْدَارُهُ - إِلَى:
أَوَّلًا: وَاجِبٌ مُقَدَّرٌ:وَهُوَ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ؛ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ، إِلَّا إِذَا أَدَّاهُ بِالْقَدْرِ الَّذِي حَدَّدَهُ الشَّرْعُ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالزَّكَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَالْحَجُّ.
فَهَذِهِ الْوَاجِبَاتُ قَدْ حَدَّدَهَا الشَّارِعُ بِكَيْفِيَّاتٍ مُعَيَّنَةٍ، وَقَدَّرَهَا بِمِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ إِلَّا بِأَدَائِهَا عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي حَدَّدَهُ الشَّارِعُ.
ثَانِيًا: وَاجِبٌ غَيْرُ مُقَدَّرٍ: وَهُوَ مَا لَمْ يُحَدِّدْ لَهُ الشَّارِعُ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا؛ وَإِنَّمَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ بِأَدَائِهَا عَلَى أَيِّ مِقْدَارٍ؛ حَسْبَ سَدِّ الْحَاجَةِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ:
صِلَةُ الْأَرْحَامِ، وَبِرُّ الْوَالِدَينِ، وَالْإِنْفَاقُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالتَّعَاونُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى؛ فَكُلُّ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ لَيْسَ لَهَا مِقْدَارًا مُعَيَّنًا؛ وَإِنَّمَا تُؤَدَّى بِحَسَبِ الْحَاجَةِ.
الضَّابِطُ الْخَامِسُ: الْمُسْتَحَبُّ: مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَلَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ.
الشرح:
الْمُسْتَحَبُّ اصْطِلَاحًا: هُوَ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ فِعْلَهُ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
فَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: (مَا طَلَبَ الشَّارِعُ فِعْلَهُ): الْمُحَرَّمُ، وَالْمَكْرُوهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ نَهَى عَنْهُمَا.
وَخَــرَجَ بِــهِ أَيْضًا: الْمُبَاحُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يُطَالِبْ بِــهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ الـتَّخْييرُ.
وَخَـرَجَ بِقَولِنَا: (لَا عَلَى سَبِيلِ الْحَـتْمِ وَالْإِلْـزَامِ ): الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ طَالَبَ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
وَحُكْمُ الْمُسْتَحَبِّ وَثَمَرَتُهُ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (مَا يُثَابُ فَاعِلُهُ امْتِثَالًا، وَلَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ).
فَقَوْلُهُ: (امْتِثَالًا): أَيِ: امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى، وَأَنْ يَقْصِدَ بِفِعْلِهِ التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَفْعَلُ الْمُسْتَحَبَّ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ، لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ؛ كَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى، أَوْ كَمَنْ يَسْتَاكُ عِنْدَ دُخُولِ الْبَيْتِ عَادَةً، لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، أَوْ كَمَنْ يَنَامُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ عَادَةً، لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ.
وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ): لِأَنَّهُ تَرَكَ شَيْئًا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
كَمَا جَاءَ في حَدِيثِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ ﭬ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ، وَلَا نفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ، وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ»، فقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ، فقَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، وَذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الزَّكَاةَ، فقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا، فقَالَ: «لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ»، فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ مِنْهُ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ»([1]).
فَهَذَا رَجُلٌ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَنْ يَفْعَلَ الْمُسْتَحَبَّا تِ؛ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ.
([1]) متفق عليه: أخرجه البخاري (46)، ومسلم (11).
· أدلة الاستحباب:
يُسْتَفَادُ الِاسْتِحْبَابُ مِنْ:
أَوَّلًا: التَّرْغِيبُ فِي الْفِعْلِ:
نَحْوُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ»([1]).
وَقَوْلِهِ ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»([2]).
وَقَوْلِهِ ﷺ: «صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»([3]).
وَقَوْلِهِ ﷺ: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً»([4]).
ثَانِيًا: ذِكْرُ ثَوَابٍ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ تَكْفِيرِ ذُنُوبٍ:
نَحْوُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ الناس صَدَقَةٌ؛ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ عِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»([5]).
وَقَولِهِ ﷺ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ»([6]).
وَقْولِهِ ﷺ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»([7]).
وَقَولِهِ ﷺ: «مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»([8]).
وَحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ ﭬ، أَنَّ النَّبيَّ ﷺ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، قَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ» ؛ وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ»([9]).
ثَالِثًا: الْأَمْرُ مَعَ قَرِينَةٍ صَارِفَةٍ لَهُ عَنِ الْوُجُوبٍ:
وَمِنْ هَذِهِ الْقَرَائِنِ:
1- التَّخْييرُ بَعْدَ الْأَمْرِ: نَحْوُ قَوْلِهِ ﷺ: «صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ، صَلُّوا قَبْلَ الْمَغْرِبِ»، ثم قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ»([10]).
فَقَوْلُهُ ﷺ: «لِمَنْ شَاءَ» دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأمْرَ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوبِ.
2- أَنْ يَتْرُكَ ﷺ مَا أَمَرَ بِهِ، وَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهِ: نَحْوُ قَوْلِهِ تعَالَى: ﴿وَأَشْهِدُوْا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [ البقرة: 282].
فَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ ﷺ أنَّهُ اشْتَرَى وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى شِرَائِهِ، كَشِرَائِهِ جَمَلَ جَابِرٍ.
وَنَحْوُ قَولِهِ ﷺ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا»([11]).
فَهُنَاكَ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِهَذَا الأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ، وَهِي عَدَمُ مَدَاوَمَتِهِ ﷺ عَلَى ذَلكَ.
فعَنِ ابْنِ عُمَرَ ﭭ، أنَّ النَّبيَّ ﷺ كَانَ لَا يُصَلِّيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ([12]).
3- أَنْ يَفْعَلَ الصَّحَابَةُ مَا يُخَالِفُ الْأَمْرَ، وَيُقِرُّهُمُ النَّبيُّ ﷺ، وَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ: نَحْوُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿فَكَاتِبُوهُم إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ﴾ [ النور: ٣٣].
فَهُنَاكَ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِهَذَينِ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْوُجُوبِ إِلَى الِاسْتِحْبَابِ ؛ وَهِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُكَاتِبْ، وَلَمْ يُؤْتِ مَوَالِيهِ مِنْ مَالِهِ؛ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ؛ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَأَنْكَرَ عَلَيهِمُ النَّبِيُّ ﷺ.
رَابِعًا: فِعْلُ النَّبيِّ ﷺ المُجَرَّدُ لِمَا يُتَقَرَّبُ بِهِ، دُونَ دَلِيلٍ عَلَى الْوُجُوبِ:
كَصَوْمِهِ ﷺ يَوْمَيِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ([13]).
وَكَصَوْمِهِ ﷺ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ([14]).
وَاعْتِكَافِهِ ﷺ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ([15]).
وَكَصَلاتِهِ ﷺ أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ([16]).
وَصَلَاتِهِ ﷺ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا([17]).
· تفاوت المستحبات:
الْمُسْتَحَبَّا تُ مِنْهَا مَا هُوَ مُتَأَكَّدٌ؛ وَهُوَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبيُّ ﷺ وَلَمْ يَتْرُكْهُ؛ كَصَلَاةِ الْوِتْرِ، وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ.
وَمِنْهَا مَا دُونَ ذَلِكَ؛ وَهُوَ مَا فَعَلَهُ النَّبيُّ ﷺ أَحْيَانًا وَتَرَكَهُ أَحْيَانًا؛ كَصَلَاةِ الضُّحَى، وَصَلَاةِ أرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْعَصْرِ.
([1]) صحيح: أخرجه مسلم (1163).
([2]) صحيح: أخرجه مسلم (1164).
([3]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1979)، ومسلم (1159).
([4]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1923)، ومسلم (1095).
([5]) صحيح: أخرجه مسلم (720).
([6]) صحيح: أخرجه الترمذي (807)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجة (1746)، وأحمد (4/114)، وصحَّحه الألباني في «التعليق الرغيب» (2/95).
([7]) متفق عليه: أخرجه البخاري (38)، ومسلم (760).
([8]) صحيح: أخرجه مسلم (597).
([9]) صحيح: أخرجه مسلم (1162).
([10]) صحيح: أخرجه البخاري (1183).
([11]) صحيح: أخرجه مسلم (881).
([12]) صحيح: أخرجه مسلم (882).
([13]) صحيح: أخرجه الترمذي (745)، وقال: «حسن غريب من هذا الوجه»، وابن ماجه (1739)، وصحَّحه الألباني في «الإرواء» (4/105، 106).
([14]) صحيح: أخرجه مسلم (1160).
([15]) متفق عليه: أخرجه البخاري (2025)، ومسلم (1171).
([16]) صحيح: أخرجه البخاري (1182).
([17]) متفق عليه: أخرجه البخاري (1165)، ومسلم (729).
الضَّابطُ السَّادِسُ: الْحَرَامُ: مَا يُثَابُ تَارِكُهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ.
الشرح:
الْحَرَامُ لُغَةً: الْمَمْنُوعُ، وَالتَّحْريمُ: الْمَنْعُ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وحرمنا عليه المراضع﴾ [القصص: ١٢].
وَالْحَرَامُ اصْطِلَاحًا: مَا طَلَبَ الشَّارِعُ تَرْكَهُ عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
فَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: (مَا طَلَبَ الشَّارعُ تَرْكَهُ): الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبّ ُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ طَلَبَ فِعْلَهُمَا.
وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا: الْمُبَاحُ؛ لِأَنَّ فِيهِ التَّخْييرَ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: (عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ): الْمَكْرُوهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ طَلَبَ تَرْكَهُ، وَلَكِنْ لَا عَلَى سَبيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ.
وَحُكْمُ الْحَرَامِ وَثَمَرَتُهُ، ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: (مَا يُثَابُ تَارِكُــهُ امْتِثَالًا، وَيَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ).
فَقَوْلُهُ: (امْتِثَالًا): لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ قَدْ يَتْرُكُ الْحَرَامَ عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ، لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ؛ كَمَنْ تَرَكَ أَذِيَةَ جَارِهِ، أَوْ كَمَنْ تَرَكَ شُرْبَ الْخَمْرِ، وتَرَكَ الزِّنَا عَادَةً؛ لَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ.
وَقَوْلُهُ: (وَيَسْتَحِقُّ فَاعِلُهُ الْعِقَابَ): لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا طَلَبَ الشَّارِعُ مِنْهُ تَرْكَهُ عَلَى سَبِيلِ الْحَتْمِ وَالْإِلْزَامِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ [النساء: ١٤].
وَقَوْلُهُ: (يَسْتَحِقُّ): مِنْ غَيرِ جَزْمٍ؛ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ يَغْفِرُ لَهُ ذَنْبَهُ.
للرفع