تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تواتر أوجه الروم والإشمام ووقف حمزة

  1. #1

    افتراضي تواتر أوجه الروم والإشمام ووقف حمزة

    الروم والإشمام عند القراء .
    فقد سألني أحد إخواني هل الروم والإشمام قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم ؟
    الجواب :
    كل ما جاء عن القراء وقرئ به ، فهو متواتر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ،قال ابن الجزري في منجد المقرئين : وكيف يكون ما أجمع عليه القراء أمما عن أمم غير متواتر ؟)ا.هـ
    وحُقّ لابن الجزري أن يتساءل هذا السؤال ، وكيف يكون قرآنا من عند الله وفيه هذه الزيادات ؟ ألم يتكفل الله بحفظ كتابه ؟ وعجيب بعد ذلك أن يزعم زاعم أن الروم والإشمام ليستا منقولتين عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فالقراء هم أبعد الناس عن القراءة بغير منقول ، قال ابن الجزري في النشر :...ونعود بالله من قراءة القرآن بالرأي والتشهي وهل يحل لمسلم القراءة بما يجد في الكتابة من غير نقل ؟ )ا.هـ .
    فالمقروء على ثلاثة أقسام قال الإمام مكي القيسي في التبصرة : " فجميع ما ذكرت فى هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام : قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص فى الكتب موجود , وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجود فى الكتب , وقسم لم أقرأ به ولا وجدته فى الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية فى النقل والنص وهو الأقل " أ.هـ والكلام واضح بيّن لا يحتاج فيه لبيان .
    فأنواع الوقف في اللغة على أربع ، قال ابو الطيب ابن غلبون في (الإرشاد في القراءات عن الأئمة السبع ) : فالوقف على أربعة أوجه : الإشمام والإسكان والروم للحركة والتضعيف ..وقال أيضا بعد شرحه للإسكان والروم والإشمام: .. وأما التضعيف فلا يدخل في القرآن ، وإنما ذكرته لك لتعرفه أنه جائز في كلام العرب وهو نحو قولك : هذا خالدّ ـ وفرجّ.. وقال أيضا : وأما القراء فليس من عادتهم أن يروموا ولا يشموا في المنصوب والمفتوح ..)من ص235 : ص239 .
    فالشاهد من هذا الكلام أن القراء لم يأخذوا كل ما وجد في كلام العرب فقد تركوا وقف التضعيف ، وكذا أجمعوا على ترك الروم في المنصوب والمفتوح ، مع أن إمام النحو سيبويه الذي يعتمد عليه القراء في كثير من الأبواب مثل المخارج والصفات وغيرهما لم يأخذوا بمذهبه في جواز الوقف على المنصوب والمفتوح بالروم ، فدلّ ذلك أنهم يتبعون الأثر في القراءة وليس كل ما يجدونه في كلام العرب .

    الروم والإشمام وردتا نصا وتلاوة ورواية :
    قال أبو الطيب : وقد جاء عن بعض القراء ذكر الوقف ولم يأت عن بعضهم ممن جاء عنه إذا وقف أنه يشم ويروم فهو أبو عمرو وحمزة والكسائي منصوصا مرويا عنهم ، والباقون لم يأت عنهم استعمال الروم والإشمام ولا الترك .)ا.هـ238 فليس معنى أنه منصوص مروي عن هؤلاء الأئمة فقط أن غيرهم لا يصح لهم الروم والإشمام ؛ لأنه لم يرد عنهم الترك أيضا كما قال ابو الطيب ، ولذا قال رحمه الله في آخر كلامه : والاختيار عندي كما كان اكثر شيوخي أن يستعمل هذا في كل القراءات ، وإن وقف واقف بغير رواية أبي عمرو وحمزة والكسائي بالإسكان فلا بأس والاختيار ما عرفتك به على ما رسمت لك موفقا إن شاء الله )ا.هـ
    وقال الإمام مكي القيسي : فممن روى عنهم الروم والإشمام حمزة والكسائي ، وروي عن أبي عمرو من طريق البغداديين تلاوة ، والقراء بختارون أن يؤخذ لجميع الروايات بالروم والإشمام ؛ لأن فيه بيان إعراب .)ص106
    واختم كلامي بما قاله في النشر : وقد ورد النص في الوقف إشارتي الروم والإشمام عن أبي عمرو وحمزة والكسائي وخلف بإجماع أهل النقل واختلف في ذلك عن عاصم فرواه عنه نصاً الحافظ أبو عمرو والداني وغيره. وكذلك حكاه عنه ابن شيطا عن أئمة العراقيين. وهو الصحيح عنه وكذلك رواه الشطوي نصاً عن أصحابه عن أبي جعفر وأما غير هؤلاء فلم يأت عنهم في ذلك نص إلا أن أئمة أهل الأداء ومشايخ الإقراء اختاروا الأخذ بذلك لجميع الأئمة فصار الأخذ بالروم والإشمام إجماعاً منهم سائغاً لجميع القراء بشروط مخصوصة في مواضع معروفة)ا.هـ
    فهل بعد هذا الإجماع من مدع لغير ما تقدم ؟
    أوجه حمزة متواترة دون ريب .
    قد سبق الحديث عن تواتر الروم والإشمام وأنهما وردتا نصا ورواية وتلاوة ، وقد خرج علينا اليوم من يزعم بعدم تواتر الأوجه في وقف حمزة ، ظنا منه أن كثرة الأوجه دليل اجتهاد في المسألة .
    وقبل الحديث عن هذه الجزئية فلابد من تأصيل قاعدة في هذه المسألة ذكرها لنا الإمام ابن الجزري حيث قال في النشر : فقد قال فيه سفيان الثوري ما قرأ حمزة حرفاً من كتاب الله إلا بأثر) ، وهذا يدفع الشبه الواردة عن الإمام حمزة بشهادة قطب من أقطاب العلم وهو الإمام سفيان الثوري العالم المعروف ، وما يؤكد ذلك القصة الواردة في كتاب الكامل للهذلي (قال حَمْزَة يومًا للأعمش: للناس ينكرون عليك حرفين، قال: وما هما، قال : (الْأَرْحَامِ) و(بِمُصْرِخِيَّ) أو (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) و (بِمُصْرِخِيَّ) قال: ليس للنحويين هذا، قرأت على ابن وثاب على زر على عبد اللَّه على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -) ا.هـ وهل للنحاة سند مثل ذلك ؟
    وبعد أن تقرر أن الإمام حمزة ما هو إلا ناقل ما سمعه عن مشايخه بكل أمانة علمية ، نبحث فيمن وافق حمزة في مثل وقفه ..قال في النشر : (وقد وافق حمزة على تسهيل الهمزة في الوقف حمران ابن أعين. وطلحة بن مصرف، وجعفر بن محمد الصادق، وسليمان بن مهران الأعمش في أحد وجهيه، وسلام بن سليمان الطويل البصري وغيرهم. وعلى تسهيل المتطرف منه هشام بن عمار في أحد وجهيه وأبو سليمان عن قالون ...)ا.هـ
    فلم يكن حمزة رحمه الله منفردا بالتسهيل في الوقف ؛ بل هناك جمع من القراء نقلوا ما نقله ، ولعل القائلين بعدم تواتر هذا النوع من الوقف التبس عليهم قول ابن الجزري في منجد المقرئين حيث قال : كتقسيم وقف حمزة وهشام وأنواع تسهيله فإنه وإن تواتر تخفيف الهمز في الوقف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يتواتر أنه وقف على موضع خمسين وجها ولا بعشرين ولا بنحو ذلك وإنما إن صح شيء منها فوجه والباقي لا شك أنه من قبيل الأداء.)ا.هـ هناك فرق بين صحة الوجه على حدة ؛ كجواز التسهيل والإبدال والحذف (فهذه أوجه ثابتة في أصل القراءة ) وبين قراءتها مجتمعة أي الإتيان بجميع الأوجه مثل (السماءِ )فالتسهيل مع المد والقصر وكذا الإبدال ثابتتان عند القراء وكذا الحذف وغيرها من أحكام حمزة ، ثم إن ابن الجزري أقرّ بقية الأوجه أيضا حيث قال : والباقي لا شك أنه من قبيل الأداء.) والسؤال هنا ما هو تعريف الأداء عند القراء ؟ قال القسطلاني (923) اللآلي السنية شرح المقدمة الجزرية : ( والتلاوة هى : قراءة القرآن ، كالأوراد والأسباع والدراسة .
    والأداء هو : عبارة عن الأخذ عن الشيوخ
    والقراءة : أعمّهما فإن تطلق علي التلاوة والأداء . )ا.هـ صـ50
    فالأداء عبارة عن الأخذ عن الشيوخ ، تسلل عن الشيوخ ، ولا يلزم منه نص في المسألة ، كما هو في زماننا في مسالة الغنة المفخمة النصوص عن القدامى معدومة إلا أنها نقلت لنا أداء شيخ عن شيخ ..الخ . فقوله (والباقي لا شك أنه من قبيل الأداء) معناه أنه منقول عن شيوخه .
    قال ابن السبكي في كتابه "منع الموانع": .... فإذا عرفت ذلك فكلامنا قاض بتواتر السبع ومن السبع مطلق المد والإمالة وتخفيف الهمز بلا شك.)ا.هـ منجد المقرئين . وتخفيف الهمز لحمزة وغيره متواتر لا شك فيه ، قال الداني : وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة فلزم قبولها والمصير إليها.)ا.هـ
    فأوجه التخفيف في الهمز مثل التسهيل والإبدال والحذف والإدغام وردت عن كثير من القراء كما لا يخفى . ولقائل أن يقول : سلمنا بتواتره فما الذي دفع القراء للإختلاف في جواز الوجه ومنعه :

    ولقائل أن يقول : سلمنا بتواتره فما الذي دفع القراء للاختلاف في جواز الوجه ومنعه :

    الجواب : قال في النشر : وهو باب مشكل يحتاج إلى معرفة تحقيق مذاهب أهل العربية، وأحكام رسم المصاحف العثمانية. وتمييز الرواية، وإتقان الدراية ..)ا.هـ
    وهذا الكلام الذي قاله ابن الجزري ذكره كل من تكلم في هذا الباب ، صعوبة هذا الباب وكثرة إشكالاته سبب في الاختلاف إلا أنه ليس السبب الرئيسي في المسألة ؛ بل الشبب الرئيسي في المشكلة حكاه لنا الإمام الجعبري حيث قال : ..وهذا الباب يعمّ أنواع التخفيف ، ومن ثم عسر ضبطه متشعبا ، وآكد إشكاله أن الطالب قد لا يقف عند قراءته على شيخه فيفوته أشياء ، فإذا عرض له وقف بعد ذلك وسئل عنه لم يجد له أداء ، وقد لا يتمكن من إلحاقه بنظائره فيتحير ..)ا.هـ وهذا هو السبب الذي بسببه قد يختلف القراء ، فيأتي من يقوم بتقويم هذه الأخطاء التي نبعت من قلة التدريب على هذا النوع من الهمزات وهو ما حذر منه الأئمة ، قال الجعبري :... فينبغي للشيخ أن يبالغ في توقيف من يقرأ عليه عند المرور بالهمزة صونا للرواية .)ا.هـ
    وقوله (صونا للرواية ) دلالة على أن الأمر ليس اجتهادا كما يزعم البعض ؛ بل الرواية حاكمة عند الجميع ؛ ولكنهم قد يختلفون كلٌّ بحسب ما تلقاه .
    ويقاس على ذلك الوقف الرسمي أيضا ، فالوقف على رسم المصحف مما ورد نصا عن حمزة ، قال الجعبري : قال سليم عنه : وكان حمزة يتبع الوقف على الهمز خط المصحف" وهو معنى قول مكي :"موافقة السواد " وكثر في عبارته كراهة مخالفته ..))ا.هـ
    وقال في النشر : أحدهما أن أبا هشام وخلفاً رويا عن حمزة نصاً أنه كان يتبع في الوقف على الهمزة خط المصحف فدل على أن وقفه على ذلك كان بالواو وبالياء على حال رسمه دون الألف لمخالفتهما إياه، والجهة الثانية أن خلفاً قد حكى ذلك عن حمزة منصوصاً ثم حكى ذلك.)ا.هـ
    وقال أيضا : وهو ظاهر ما رواه ابن الأنباري نصاً عن خلف عن حمزة (من نبأ المرسلين))ا.هـ
    وهكذا جاء المسائل إما رواية أو نصا ،أو أداء .
    فلا ينبغي لأحد أن يزعم أن هذا الباب مفتوح لاجتهاد الأئمة ، ولي معنى الاختلاف بين القراء أنه استحسان ، وخاصة أن كثير من القراء لهم التخفيف في الهمز ، ولا ننسى أيضا ما قاله في النشر : فقد قال فيه سفيان الثوري ما قرأ حمزة حرفاً من كتاب الله إلا بأثر)، وقال الداني : وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل والرواية إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة لأن القراءة سنة متبعة فلزم قبولها والمصير إليها.)ا.هـ


    هذا ما من الله به علينا وأسأل الله السلامة من كل ذلك وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل آمين

  2. #2

    افتراضي

    بحث ماتع... ولست ادري السبب الذي جر كثيرا من المشتغلين بكتاب الله ممن تاخر إلى بحث مسائل لم يجر مثلها عند من تقدم فكانها من المسلمات عندهم.. وهل هذا أستاذنا من الترف العلمي المنبئ عن قلة الزاد المعرفي وضعف الهمم والاشتغال بما انقضى البحث فيه عن ما هو أهم منه؟؟؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    3,205

    افتراضي

    بارك الله فيكم
    بحث مفيد, نفع الله بكم

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •