تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: التفقه بشرط التمذهب” فكرة خطيرة على الشريعة

  1. افتراضي التفقه بشرط التمذهب” فكرة خطيرة على الشريعة

    جريدة المدنيه _ الرساله
    ربما هي من الدراسات القليلة، التي حفرت في قضايا فقهية فرعية مثلت مسارًا وانعطافًا في الأدبيات الفقهية على مستوى الاجتهاد وآليات الاستنباط وترجيح الأقوال، بل ومخالفة مسار فقهي تسبب مع عوامل أخرى في ضمور مدرسة الاجتهاد وشيوع مدرسة التقليد.. دراسة (حركة التصحيح الفقهي.. حفريات تأويلية في تجربة ابن تيمية مع فتوى الطلاق) للباحث والمحاضر في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور ياسر المطرفي، قدمت قراءة للحركة الفقهية السائدة في عصر ابن تيمية وما قبله، والتي تميزت بالتمذهب، بل والإلزام به في دوائر مختلفة، مما انعكس سلبًا ليس على الفقه وحسب بل وعلى آليات استنباطه، وأدوات العمل به، الأمر الذي دفع ابن تيمية لمراجعة شبه شاملة لكثير من تلك الأدوات، والمعايير التي كانت سائدة في عصره، منطلقًا من قضية (الطلاق) في تفكيك البنية الفكرية التي كان يقوم عليها الفقه في ذلك العصر، مما ترتب عليه مراجعة كثير من المفاهيم مثل الإجماع، والتمذهب... وغيرها من المفاهيم. حول هذه الدراسة وانعكاساتها في الوقت الحاضر كان لنا هذا الحوار في جزئه الأول مع مؤلف الكتاب، فإلى التفاصيل...
    هل ساهمت حركة الالتزام المذهبي من قبل الدول، والتي ترسخت منذ القرنين السادس والسابع الهجري وإلى يومنا هذا في انحسار حركات التصحيح والاجتهاد؟ وهل كانت حجج المعارضين لابن تيمية لها ما يبررها خاصة في الخوف من انفراط عقد المذاهب الفقهية والفقه عمومًا.
    بعد تَشَكُّل المذاهب الأربعة عادة ما التزمت الدول بمذاهب فقهية معينة وناصرتها؛ الأمر الذي أدى إلى انتشار مذهب معين على حساب غيره من المذاهب الفقهية الأخرى، وكثيرًا ما أنتج هذا الالتزام حالة من التعصب له، والمصادرة- وربما التضييق- على المذاهب الفقهية الأخرى، وإلى زمن قريب والأمة تعيش هذه الحالة التي أفرزت ما يُسمى في تاريخ الفقه الإسلامي مرحلة الجمود الفقهي، كل ذلك أدى بدون شك إلى إضعاف حركة الاجتهاد والتصحيح الفقهي.
    لم تكن المشكلة من التزام المذاهب، وإنما من جهة الإلزام بمذاهب معينة والتقيد بها، ومضايقة الاجتهاد الفقهي الآخر، الذي يخرج عن المذاهب الأربعة، وهذا أحد مواطن انتقاد الفقهاء لحركة ابن تيمية الفقهية، الذي لا يرى مسوغًا شرعيًا في حصر الحق في أربعة مذاهب، ولذلك يقول: «ولم يقل أحد من علماء المسلمين: إن الحق منحصر في أربعة من علماء المسلمين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد».

    مذاهب متنوعة
    في العصر الحديث لا تزال قطاعات عريضة في العالم الإسلامي تلتزم بمذاهب فقهية معينة، وهي تفرز ذات المشكلة السابقة، ولكن الجديد أنه نشأ إلى جانب ذلك على نحو واسع ما يُسمى بـ(فقه الدليل)، إلا أن هذا الفقه هو الآخر لم يَنشأ من خلاله حركة اجتهاد حقيقية، لأنه وإن كان أسس لمفهوم (اتباع الدليل) في مقابل (اتباع المذهب حتى ولو خالف الدليل) إلا أنه لم يؤسس لضوابط (تقبل التعدد والخلاف الفقهي)، وهذا الذي جعل حالة التعصب تنتقل من التزام المذاهب الفقهية إلى التعصب إلى ما يراه الفقيه الخاص اجتهادًا متوافقًا مع الدليل ومن ثَّم مصادرة الاجتهادات الأخرى باعتبارها مخالفة للدليل، وهذا الالتزام بالدليل في كثير من الأحيان هو التزام بترجيح رأي شيخ معين ومتابعته، مما يُشَكِّل هو الآخر سلطة تحد من حركة الاجتهاد كسلطة التزام المذاهب الفقهية الأربعة.
    أما بخصوص حجج المعارضين لابن تيمية- في خروجه عن المذاهب الأربعة- فقد كانت لهم حججهم وهي مُبررة – من وجهة نظرهم-؛ حيث يرون أنهم يمارسون دور المحافظة والخوف من الانفلات والشذوذ، لكن ميزة ابن تيمية أنه لم يستجب لهذا القلق الفقهي من التجديد والاجتهاد والتصحيح، بل حاول الخروج من هذا القلق بأدوات المجتهد العارف بأصول الاجتهاد، ولذلك فإن موطن التباين بين مدرسة ابن تيمية والمدرسة، التي كانت تعارضه، والتي يُمكن أن نطلق على منهج تعاطيها الفقهي: (التفقه بشرط التمذهب) وهي مدرسة التقليد، ويتفاوت هذا التقليد من فقيه لآخر، فتجد من الفقهاء من يجعل حدود حركة تصحيحه مشروط بموافقته للمذهب والمدرسة الخاصة، التي ينتمي إليها، فيؤدي ذلك به إلى الانغلاق في انتمائه الخاص، وهذا الانغلاق ربما يقود الفقيه لأن يسجن تفكيره في شيخه كما يقول أحد فقهاء الحنفية: «جعلتُ أبا حنيفة حجة بيني وبين الله تبارك وتعالى»، هذا الصنف كما يقول ابن تيمية عنه: «إذا أقيمت على أحدهم الحجة العقلية، التي يجب على طريقته قبولها ولم يجد له ما يدفعها به فرَّ إلى التقليد ولجأ إلى قول شيوخه».

    معارضة ابن تيمية
    لكن ثمة فقهاء آخرين– ممن عارض ابن تيمية- لا يرون الانغلاق إلى هذا الحد؛ بل يُوسِّعون الدائرة قليلًا، فلا يرون الخروج عن المذاهب الأربعة ويعتبرون الخروج عنها هو خروج عن الإجماع، كما يقول ابن نجيم الحنفي: «وما خالف الأئمة الأربعة مخالف للإجماع، وإن كان فيه خلاف لغيرهم، فقد صرَّح في التحرير أن الإجماع انعقد على عدم العمل بمنصب مخالفة للأربعة، لانضباط مذاهبهم، وانتشارها وكثرة أتباعهم».
    وهذه الرؤية تحولت من نظرية إلى تطبيق بفعل القرار السياسي، حيث يحكي المقريزي في تاريخه أن فقهاء الأمصار في زمن السلطان المملوكي الظاهر بيبرس (658-676هـ) أفتوا في سنة (665) هجرية بوجوب اتباع المذاهب الأربعة وتحريم ما عداها، ومنعوا تقليد غير الأئمة الأربعة، وكان عددهم كبيرًا من مختلف الأمصار.
    على مرِّ العصور أنتجت هذه المدارس (المتفاوتة في حدود التقليد) فكرة خطيرة على الشريعة وهي (إغلاق باب الاجتهاد)، كما قرَّر ذلك بعض فقهاء الحنفية «أن الاجتهاد المطلق في الأحكام ممنوع بعد فوات (400) سنة عن وفاة رسول الله - عليه الصلاة و السلام -، ليس حجرا على فضل الله، وإنما هو لئلا يدعي الاجتهاد من ليس أهله، فنقع في فوضى دينية واسعة، لذلك رأى العلماء الأتقياء إشفاقا على الأمة إقفال ذلك الباب أمام أدعياء الاجتهاد».
    هذه المدرسة لم تُشَغِّل أدوات النظام الفقهي بفاعلية؛ مما أدى إلى تعطيل حركة الاجتهاد كما سبق.. ميزة ابن تيمية –هنا- أنه جاء ليحرر أدوات النظام الفقهي من هذه النظر التي تُقيد حركته وتصحيحه بمذهب واحد أو أربعة مذاهب.

    تغول المذهب
    أشرت في كتابك إلى ما أسميته تغول «السلطة المذهبية»، التي منعت كثيرًا من الفقهاء عن الخروج على مذاهبهم ومحاولات التصحيح رغم غزارة علمهم، ما أبرز المعوقات التي تقيد الفقيه في وقتنا الحاضر؟
    لا يمكن عزل الفقيه عن البيئة، التي نشأ فيها، فبيئة الفقيه شديدة الصلة بطبيعة إنتاجه الفقهي، ومسار اختياراته وطبيعة نظره للمسائل، فليس كل مقولات الفقيه خاضعة للمعيار العلمي الموضوعي وحسب، بل البيئة لها تأثيرها سواء كان هذا التأثير سلبيًا أو إيجابيًا، هذه البيئة قد تُفرز عدة معوقات من شأنها أن تساهم في إضعاف حركة الفقيه.
    فثمة معوقات من داخل بيئة الفقيه، وهي المعوقات الداخلية، والتي نعني بها آليات تأهيله، فالمتابع لهذه الآليات يجد أنها لا تساعد الفقيه على امتلاك أدوات الاجتهاد التي تؤهله لمواجهة الكثير من النوازل والتحديات الجديدة، فالدرس الفقهي اليوم يعتمد في كثير من محاضنه على تلقين ذهن الفقيه بالأقوال، والراجح والمرجوح، وليس تأهيل وتدريب ذهنيته على آليات الاستنباط والتكييف والتنزيل.
    في القضاء هناك ما يُسمى (ملازم القاضي)، والذي من خلالها يتعلم هذا الملازم كيفية التعامل مع القضايا من خلال مجموعة من القضايا التي يتعامل معها القاضي، حتى يتدرب هذا الملازم على كيفية التعامل مع هذا النوع من القضايا، نحتاج نموذجًا مشابهًا لهذا النموذج في تدريب تنمية ذهنية الفقيه على كيفية التعامل مع المسائل الفقهية، ومع النوازل والمستجدات.
    ومنها معوقات خارجية، مثل: السلطة السياسية، التي ربما لا تتيح للفقيه أن يقول كل ما لديه بحرية تامة ودون خوف أو تردد من جهة، أو دون ضغوطات واملاءات من جهة أخرى. وأيضًا: المؤسسة الدينية الرسمية؛ فالفقيه الذي يقع خارج إطار المؤسسة الدينية الرسمية كثيرًا ما يتردد في الجهر بالاجتهاد الذي يقع خارج إطار هذه المؤسسة، خصوصًا في المسائل الحساسة والرمزية عند هذه المؤسسة.. ومن المعوقات الخارجية: الجماهير، فهم أيضًا يُشكلون سلطة ربما تؤثر على حركة الفقيه، خصوصًا عندما تكون هذه الجماهير تعودت على رأي فقهي معين، فالمخالفة له يُمكن أن تجلب عليه كثيرا من التشغيب والقيل والقال، مما يدعو الفقيه -أحيانًا- لأن يؤثر السلامة.كل ما سبق إذا تراكم على عقلية الفقيه فإنه سيحد كثيرًا من قدرته الفقهية على التجديد والتصحيح. وهناك كتاب أحب أشير إليه حاول تسليط الضوء على جانب من هذه القضية (حجاب الرؤية –قراءة في المؤثرات الخفية في الخطاب الفقهي-) للدكتور: عبدالله السفياني.
    برأيك هل هناك مسائل أو تجارب أخرى غير الطلاق يمكن أن تكشف عن خفايا ما يمكن أن يسمى علم «الاجتماع الفقهي» على غرار علم «الاجتماع السياسي» وغيره مما يكشف عن كوامن مجتمع الفقهاء والعلماء في كل عصر؟
    الباحث في التاريخ الفقهي لا يجد أنه احتفظ لنا بالكثير من الوقائع والمسائل الفقهية التفصيلية، التي حصل حولها تدافع فقهي بين الفقهاء، وإذا أوردها فإنما يذكرها على سبيل الاختصار والإجمال، ولا استحضر الآن مثالا في المدونة الفقهية قريب من مثال مسألة الطلاق، إلا أن الواقع اليوم يشهد العديد من النماذج التي تشبه نموذج الطلاق.
    وليس من الضروري أن نجد مثالا شديد الخصوصية كمثال مسألة الطلاق حتى نكتشف من خلاله ما يُمكن أن نسميه علم (الاجتماع الفقهي)، فنحن يمكن أن نقوم بذلك من خلال جمع شواهد متفرقة لمسائل عديدة، التي نرسم من خلالها مضمونا كاملا للفكرة التي نريد أن نسلط الضوء عليها، وكتب السير والتراجم مليئة بشواهد طريفة ومفيدة في هذا الجانب، وهو يحتاج إلى باحث متخصص يقوم بجمع ما فيها من نوادر.
    كما أن هناك شخصيات جدلية تحتاج إلى دراسة واقعها الاجتماعي وإدماجه برؤيتها الفقهية، بمعنى دراسة منهج تفكير الفقيه في ضوء واقعه الاجتماعي المحيط به، وكيف أثَّر فيه، وتأثر به ؟... مثل شخصية: الغزالي، ابن حزم، العز بن عبدالسلام، الشاطبي.
    بحث يدعو إلى (تجديد الفقيه) بدلًا من (تجديد الفقه)
    «مسألة الطلاق» من قضية فرعية إلى حركة تصحيحية
    يأتي كتاب (حركة التصحيح الفقهي.. حفريات تأويلية في تجربة ابن تيمية مع فتوى الطلاق) لمدير مركز نماء للبحوث والدراسات الدكتور ياسر المطرفي ليدرس واحدة من المسائل القلائل، التي احتفظ لنا التاريخ بعدد لا بأس به من تفاصيل جدلياتها مع الواقع وهي مسألة فتوى الطلاق.. يحاول الكتاب أن يكشف جوانب التجديد والإصلاح والتغيير التي أحدثها ابن تيمية من خلال هذه الفتوى، بعيدًا عن التركيز على مجرد اختياراته الفقهية.. وهي تجربة صراع فقهي ومنهجي خاضها ابن تيمية مع قامات فقهية وعلمية كبيرة مثل السبكي وغيره، إلا أنه اعتبرها معركة تصحيح منهجي وأصولي كانت تقوم عليه كثير من الآراء والاختيارات الفقهية. ويبين الكتاب الذي تجاوزت مراجعه (200) مرجع كيف تحولت قضية فرعية كالطلاق إلى رمز وعلامة فارقة في تجربة نال بسببها الأذى الجسدي والاغتيال المعنوي، تشبه إلى حد ما قضية خلق القرآن، الذي أوذي بسببها الإمام أحمد بن حنبل لكنها مثلت علامة فارقة في منهجه ومنهج أتباعه من بعده مع الفارق بين القضيتين في الاختصاص والتشابه في امتحان القائلين بها، وانتشار مقولتيهما بعد انقضاء محنتيهما. ويدرس المطرفي هذه القضية بحفرية اجتماعية تحاول تجميع السياق الذي انبثقت منه هذه القضية وبشيء من الإحاطة التاريخية والواقع الفقهي لتلك الحقبة، لذلك فهو يحاول دراسة تجربة بان تيمية في حركة التصحيح موضحًا الصفات التي تصنع صاحب الحركة التصحيحية، والموانع التي تعترض طريقه، والفاعلين الذين يقفون في وجه حركات التصحيح بكل فئاتهم وطبقاتهم بدءًا بالمؤسسات الدينية الفاعلة في ذلك الوقت ومرورًا بالاستقواء بالسياسي، بالإضافة إلى دور الجماهير والأتباع، كما أن الدراسة ترسم آليات عمل أولئك الفاعلين في عملية الممانعة لوقف حركة التصحيح الفقهي.
    ثم انتقل المطرفي إلى محاولة وضع أسس نظرية لحركة التصحيح الفقهي والحاجة لبناء نظرية واضحة ومحددة في ظل استناد كل الأطراف إلى النص والنص المضاد، والسلف والسلف المضاد والإجماع والإجماع المضاد، كما يبينه المطرفي دراسته.. كما يدرس في هذا الجزء مراحل التصحيح الفقهي من خلال تحرير محل النزاع والبحث في الإجماع الفقهي والخلاف الفقهي، كما أفرد مرحلة في فقه الاختيار والترجيح بناء على منهجيات استند عليها ابن تيمية وغيره عليها في حركتهم التصحيحية مثل استقراء نص الشريعة ومعرفة ما يحيط به من إطلاق وقيد، وأطر زمانية ومكانية تسهم في تحديد الحكم الفقهي من خلال النص الوراد في المسألة. كذلك تتم عملية الاختيار والترجيح وفق البناء المقاصدي وما تشمله من عملية تحقيق المناط واتساق النظر المقاصدي مع النص الظاهر.
    وفي ختام كتابه يوصي الباحث بالانتقال من (تجديد الفقه) إلى (تجديد الفقيه) من خلال التدريب على ملكة التفكير الفقهي وما تتضمنه من بناء التأصيل وتحقيق المناط والموازنة المقاصدية، والتدرب على مهارة قياس المصالح والمفاسد.. كما يدعو الباحث إلى بناء ملكة الاعتدال الفقهي ومهارات التواصل مع الجماهير الأمر الذي يتطلب لغة الإقناع والبرهان ومراعاة «العولمة الفقهية»، كما يصفها إضافة إلى «أممية الفقيه» التي لا تستغرق في المشكلات المحلية، بل تتجاوزها إلى مراعاة المشكلات التي يعاني منها المسلمون في بلدان أخرى.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    228

    افتراضي رد: التفقه بشرط التمذهب” فكرة خطيرة على الشريعة

    منقول من البحث أعلاها:

    ولكن الجديد أنه نشأ إلى جانب ذلك على نحو واسع ما يُسمى بـ(فقه الدليل)، إلا أن هذا الفقه هو الآخر لم يَنشأ من خلاله حركة اجتهاد حقيقية، لأنه وإن كان أسس لمفهوم (اتباع الدليل) في مقابل (اتباع المذهب حتى ولو خالف الدليل) إلا أنه لم يؤسس لضوابط (تقبل التعدد والخلاف الفقهي)، وهذا الذي جعل حالة التعصب تنتقل من التزام المذاهب الفقهية إلى التعصب إلى ما يراه الفقيه الخاص اجتهادًا متوافقًا مع الدليل ومن ثَّم مصادرة الاجتهادات الأخرى باعتبارها مخالفة للدليل، وهذا الالتزام بالدليل في كثير من الأحيان هو التزام بترجيح رأي شيخ معين ومتابعته، مما يُشَكِّل هو الآخر سلطة تحد من حركة الاجتهاد كسلطة التزام المذاهب الفقهية الأربعة.

    أرى أن الجهود التي بذلت لهدم الكيان الفهقي باسم الدليل لم تأت بثمارها كمايزعم أصحابها عبر التاريخ ...
    بل أصبحت الحرية العلمانية أخذت مكانها... والتي تستند إلى عدم وجوب الالتزام بمذاهب مجمع عليها فكان صوت عدم الالتزام بمذهب معين ـــــــــ الذي كان له علاقة بأصحاب العلم والاجتهاد ــــ لما انتشر بين عامة الناس ومن لم يدرك شأو الاجتهاد فاستغلوه لعدم الالتزام بشيء !
    فأرى أن القضاء على اتباع المذاهب الأربعة المتفق عليهافي الأمة لم يكن الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى يريدذلك بل ولامن بعده
    بل نرى اليوم أمثلة التعصب تدور بين حلقات من يدعي الدليل ولايعتقد المذاهب الأربعة فهم بأنفسهم لم يصبحوا مثلا نيرة لما يقولون ضد المتمذهبين بل أصحابهم يتعصبون لهم وينشأ بينهم اختلاف غير مرضي بأساليب غير مرضية والذي يقال عنه في سالف الأيام وعند دعاة القضاء على التمذهب : إنه من آثار التقليد والتمذهب !
    فدعاة الدليل نراهم يقطعون صلة الأمة المقلدة لهم بالمذاهب الأربعة ولكنهم أصبحوا مذهبا متشتتا ليس له أصول ولايستطيع بسد حوائج الأمة الإسلامية على أصول معينة خالصة لهم استنبطوها أصيلة من غيرتلفيق ! وعلى هذا يتعصب لهم كما يتعصب للمذاهب المتبوعة ــــــ على حد تعبير دعاة الاجتهاد ـــــ بل بأكثرمنهم
    فمن المعلوم بدهيا أن للأئمة الأربعة مكانة عالية وهؤلاء المتمجتهدون ماوصلوا إليها ولكن المقلدين لهم يعاملون معهم عندالاختلاف نفس المعاملة بل نراها تزيد حينا
    وأرى أن شيخ الإسلام رحمه الله تعالى على الرغم من إبدائه الرأي الأصيل في غير واحد من المسائل ولكنه لم يكن يريد مايريده دعاة الاجتهاد و دعاة الدليل والذين يستفيدون من المنجد والمورد والمعجم الوسيط في فهم معاني الكتاب والسنة !
    الحق عند أهل الحق المعروفون المشهودلهم بالخير والصلاح والتربية والاعتدال

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •