المسلمين لا يحرقون الحضارات لانهم علموا الدنيا الحضارة
الرد علي فرية حرق عمرو بن العاص رضي الله عنه لمكتبة الاسكندرية


من الاتهامات الشائعة التى يُرمى بها الإسلام والمسلمون هو إحراق عمرو بن العاص لمكتبة الأسكندرية. ويستشهدون ببعض
النصوص التى ذكرت فى بعض المراجع التاريخية التى كتبها بعض المؤرخين من المسلمين والنصارى وحجتهم فى ذلك ما كتبه عبد اللطيف البغدادى 1231 م فى كتابه (الإفادة والاعتبار فى الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر) ، والمقريزى يكاد ينقل ماذكره البغدادى حرفياً ، وكذلك ابن القفطى ( 1248 م ) فى كتابه “أخيار العلماء بأخبار الحكماء” ، وكذلك الكاتب النصرانى أبا الفرج الملطى ( 1277 م ) فى كتابه “مختصر الدول.”
من المعروف أن عمرو بن العاص قد فتح مصر عام 642 م، وقد تلاحظ من التواريخ أعلاه أن أول من كتب عن هذا هو عبد
اللطيف البغدادى بعد الفتح بزمن يبلغ تقريباً 600 عام. أضف إلى ذلك أن المؤرخين الذين سبقوه لم يشيروا إلى هذه التهمة أية
إشارة مع أنهم قد تكلموا فى كتبهم بإسهاب عن الفتح العربى لمصر، ومن هؤلاء المؤرخين سعيد بن البطريق ( 905 م ) تقريباً
والطبرى واليعقوبى والبلاذرى وابن عبد الحكم والكندى وغيرهم.
أضف إلى ذلك أن الكتاب فى القرنين السابقين للفتح العربى لم يذكروا شيئاً عن وجود مكتبة عامة فى الأسكندرية، وكذلك لم
يشر إليها حنا النقيوس ولا إلى إحراقها مع أنه كتب عن الفتح العربى.
أكَّدَ لوبون جوستاف فى كتابه “حضارة العرب” المطبوع عام 1884 بباريس (صفحة 208 ): أن المكتبة لم تكن موجودة عند
الفتح العربى ، إذ كانت قد أُحرِقَت عام 48 ق . م عند مجىء يوليوس قيصر إلى الأسكندرية.
07 وأضاف أن يوليوس قيصر كان محصوراً سنة 48 ق . م - وهذا ما أكده بتلر فى كتابه “فتح العرب لمصر” صفحة 303
فى حى البروكيون يحيط به المصريون من كل جانب تحت قيادة أخيلاس ، فأحرق السفن التى فى الميناء لقطع خط الرجعة على
يوليوس وقيل إن النيران امتدت إلى المكتبة (يقصد هنا مكتبة المتحف أو المكتبة الأم) وأحرقت المكتبة وأفنتها أو قد فنيت تماماً
فى القرن الرابع الميلادى .
ويواصل بتلر دفاعه قائلاً: أما المكتبة الوليدة التى قامت فى السيرابيوم فإنها كانت فى حجرات متصلة ببناء معبد السيرابيوم
وقد أحرق هذا المعبد فى عهد تيودوسيوس عام 391 م على يد المسيحيين الذين كان يقودهم رئيسهم تيوفيلوس.
-أكَّدَ جيبون فى كتابه “إضمحلال وسقوط الإمبراطورية الرومانية” الجزء التاسع (صفحة 275 ): أن المكتبة قد أُحرِقَت
395 م فى عهد تيودوسيوس. - عام 387 وقد مرت بنا جميع تلك الشهادات فى الفصل السابق .
43 ) نقلاً عن أبى الفرج الملطى (النصرانى) – – ذكر جرجى زيدان فى جزئه الثالث من كتابه التمدن الإسلامى (صفحة 42
وهذا مانقله المقريزى عنه بالحرف - أن يوحنا النحوى صرَّح أن المكتبة كان بها على عهد بطولماوس فيلادلفوس أكثر من 120
50 كتاباً وأن هذه الكتب تم احراقها فى ستة أشهر بعد أن وزعت على أربعة آلاف حمام.

ويعترض فريق من المؤرخين على رواية أبى الفرج لأسباب كثيرة لا يقرها العقل:
1-مات يوحنا النحوى قبل فتح العرب لمصر بحوالى 30 أو 40 سنة.
2-يف يعمل عمرو بن العاص على إحراق الكتب ثم يسلمها إلى الحمَّامات التى يقوم على خدمتها نصارى مصر – مع العلم
بوجود كتب ومقتنيات نفيسة فى هذه المكتبة؟
3-لم يكن فى استطاعة أصحاب الحمامات أن يبيعونها ويتربحوا منها؟
4-لم يكن فى استطاعة أحد الأثرياء من أمثال يوحنا النحوى أن يشتروها؟
5-نت الكتب تصنع من ورق الكاغد الذى لا يصلح لإيقاد النار.
6- المسلمون كانوا يعملون على نشر العلم منذ غزوة بدر، ولذلك كانوا يطلقون سراح الأسير إذا قام بتعليم عشرة من
المسلمين.
7- المدقق فى الحديث المنسوب ليوحنا النحوى لعمرو بن العاص حيث ذكر أن هذه الكتب نفيسة ولا تُقدَّر بمال. وما كان
لعمرو بن العاص أن يحرقها لأنها مال يخص أقباط مصر ، والعهد الذى أخذه عمرو على نفسه يقتضى حماية الأقباط وأموالهم.
8- دفع عمرو بن العاص للمصريين فى الوجه القبلى ثمن ما أتلفه الرومان فى هجومهم الثانى على مصر بسبب خطته التى
كانت ترمى إلى سحب القوات الرومانية بعيداً عن الأسكندرية. فيستبعد أن يكون قد أتلف ممتلكاتهم وأموالهم إبراراً بعهده
معهم.
9- رأى الرسول عليه الصلاة والسلام مع عمر بن الخطاب رقوقا من الكتاب المقدس ولم يأمره بحرقه أو التخلص منه.
كذلك سأل الرسول عليه الصلاة والسلام اليهود عن قول التوراة فى الزناة وقرأوا عليه من الكتاب الذى بأيديهم ، ولم يأمر
أحداً بنزعه منهم أو حرقه.
10 - على الرغم من أن الكتاب المقدس به بعض النصوص التى يراها المسلم شركاً بيناً أو كفراً صريحاً أو قذفاً لا مراء فيه فى
حق الأنبياء ، وعلى الرغم أن البعض قد يفهم النصوص التى تشير إلى زنا الأب ببناته ، أو زنا الحمى بكنته، إلا أنه لم يقم أحد
من المسلمين بحرق نسخة واحدة من الكتاب المقدس ولا توجد نصوص فى القرآن أو السنة تحض على ذلك.
11 - أنشأ المأمون عام 830 م فى بغداد “بيت الحكمة” وهو عبارة عن مكتبة عامة ودار علم ومكتب ترجمة، ويُعد بيت
الحكمة أعظم صرح ثقافى نشأ بعد مكتبة الأسكندرية. فيستبعد على مسلم أُمِرَ بالعلم والقراءة والبحث والتدبر أن يحرق
كتاباً للعلم.
12 - قيام الكثيرين من العرب بدراسة اللغات الأجنبية وترجمة كتب بعض مشاهير العلوم فى العصر الأغريقى، وإرسال
العلماء العرب على نفقاتهم الخاصة التجار إلى بلاد الهند وبيزنطة للبحث عن كتب العلم وشرائها.

فهل قابل الغرب هذا بالشكر؟ لا.
فقد طمسوا الهوية العربية حتى لا يظهر الإسلام متلألأً وسط الظلام الذى فرضه قساوسة وأساقفة وباباوات الدين النصرانى
على كل من أتى بحقيقة علمية تخالف الكتاب المقدس وتُظهر جهل من ألَّفوه.
أو ” Aristofolis وأسموْ ابن سينا“ أريستوفوليس ” Algorizmus فقد أسموْ الخوارزمى “ألجوريزموس ” Averoes وأسموْ ابن رشد “أفيروس Avicienne فى كتابه القيِّم: “العلم عند العرب:” Aldo Mieli ونختتم هذا الرد بقول ألدوميلى “فى القرن الأول من خلافة العباسيين [بداية القرن الثامن] كان المترجمون (من الأغريقية إلى السريانية ، ومن السريانية إلى العربية) هم الذين يحتلون المرتبة الأولى – على وجه الخصوص – من النشاط العلمى” وكان من بين هؤلاء العلماء والمترجمين نصارى ويهود احتضنتهم قصور الخلافة نفسها. فلا يُعقل أن نحرق كتبهم ونبيد علومهم ثم نحتضن علمائهم.
ومن أمثال هؤلاء العلماء تيوفيل بن توما الرهاوى وهو مسيحى مارونى توفى عام 785 م، وجرجس بن جبريل بن بختيشوع المتوفى عام 771 م ، وكذلك أبى يحيى البطريق المتوفى عام 800 م ، )صفحة 184 من شمس العرب تشرق على الغرب .
المصدر
كتاب أكذوبة حرق عمرو بن العاص - رضى الله عنه- لمكتبة الإسكندرية