تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: «الصاوي شعلان» الأعمى الذي رأى كل شيء!!

  1. Post «الصاوي شعلان» الأعمى الذي رأى كل شيء!!

    «الصاوي شعلان» الأعمى الذي رأى كل شيء!

    لم تكن محنة فقد البصر؛ محنة تتوقف بسببها حياة المرء، كما لم تكن كارثة تقضي على حياة المبتلين بها من أصحاب النفوس الطموحة؛ حتى وإن شعر صاحبها بألم التهكم وسخرية الآخرين.


    وقد صور شاعر النيل حافظ إبراهيم بأصدق تعبير، كيف أن هؤلاء العميان ضربوا في كل جانب من الحياة بأبلغ نموذج للنجاح، وقهر العاهة، فقال:
    كم رأينا من أكمهٍ لا يجارى
    وضريرٍ يرجى ليوم عبوس
    لم تقف آفة العيون حجازا
    بين وثباته، وبين الشموس
    عدِمَ الحِسَّ قائدا فحداه
    هدي وجدانه إلى المحسوس
    وصدق من قبله ابن عباس رضي الله عنهما -بعد أن فقد بصره- فيما أنشد له الجاحظ من شعر يقطر بالعبقرية والتفرد:
    إن يأخذ الله من عيني نورهما
    ففي لساني وسمعي منهما نور
    قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخلٍ
    وفي فمي صارم كالسيف مأثور
    وحديثنا ينصب الآن على الشيخ الصاوي علي شعلان (1901- 1982م) الذي فقد بصره صغيرا؛ فأصر على النبوغ، ومواصلة رحلة العلم، فأتم حفظ القرآن الكريم، في كُتَّاب قريته «سبك الأحد»، مركز أشمون بمحافظة المنوفية بمصر، ثم التحق بالأزهر الشريف، واجتاز المرحلة النهائية من التعليم الثانوي بسرعة لفتت الأنظار إليه، «حتى تحقق له، بجهد خارق، وإرادة حديدية الحصول على هذه الشهادة في عام واحد، وكان ترتيبه الأول على دفعته.. ثم حصل على شهادة «العالمية» وكان -أيضاً- الأول على القطر المصري» كما يقول أحمد مصطفى حافظ، في كتابه «شعراء ودواوين» الصادر عن هيئة الكتاب بالقاهرة.
    وتطلعت نفسه للاستزادة، فاتجه بفكره وقلبه نحو الجامعة المصرية لتحصيل الثقافة الحديثة؛ فالتحق بمعهد الدراسات الشرقية، ونال الدبلوم العالي، وأتقن طريقة «برايل» للخط البارز، وأمكنه إتقان عدة لغات هي: الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والتركية والفارسية، والأردية، وانكب على استيعاب ذخائر هذه الآداب؛ فترجم الكثير من قصائد شكسبير، وسعدي الشيرازي، وإقبال، وجلال الدين الرومي، والعطار، وطاغور، ونذر الإسلام شاعر البنغال.
    وذات مرة أتيح لكوكب الشرق أم كلثوم الاطلاع على رائعته «حديث الروح» التي ترجمها من شعر إقبال، والتي شدت بها، متعجبة من مقدرته الخارقة على جعل الشعر المترجم كأنه من بنيات أفكاره، والتي يستهلها بقوله:
    حديث الروح للأرواح يسري
    وتدركه القلوب بلا عناء
    هتفت به.. فطار بلا جناحٍ
    وشق أنينه صدر الفضاء
    ومعدنه ترابي.. ولكنـــ
    جرت في لفظه لغة السماء
    وعن ترجمة شعلان لإقبال وإعجابه بها، يقول العلامة عبدالوهاب عزام: «الذي قرأ شعر إقبال بالأردية، وعانى ترجمة الشعر نظما، يعجب كل الإعجاب بمقدرة المترجم».
    قال عنه العلامة حسين مجيب المصري: «كان آية من آيات الله في دقة الفهم والذكاء، والمقدرة على إتقان اللغات، وروعة الترجمة، في ثوب عربي مبين»!
    وللصاوي شعلان دور بارز في الحركة الوطنية، والنضال ضد المحتل؛ فقد كان من خطباء ثورة 1919م، وكان له وزنه وشهرته، بحنجرته القوية الهدارة. وكان الأستاذ العقاد يناديه بقوله: «يا خطيب الأمة».
    ويعد شعلان من أوائل من عرفوا الناس الأمور الدينية والثقافية في محطات الإذاعة الأهلية في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، وبعد إنشاء محطة الإذاعة المصرية الرسمية كان من السابقين للحديث فيها.
    وطالما حدثته نفسه الطموحة لتذليل العقبات أمام المكفوفين؛ فسعى جاهدا لتأليف لجنة لكتابة «القرآن الكريم» بطريقة برايل، كأول عربي يفكر في هذا الأمر، ورَأس اللجنة، وكان أكبر إنجازاته على الإطلاق هو «طبع المصحف الشريف كله، بالطريقة المذكورة، التي أفاد منها الملايين».
    مع هيلين كيلر!
    وعندما زارت الكاتبة الأميركية المشهورة هيلين كيلر -الصماء البكماء العمياء لجمعية النور لرعاية المكفوفين بالقاهرة؛حياها شعلان بقصيدة للدلالة على قدرة الخالق جل وعلا، فقال:
    رب عين لم تبصر النور يوما
    أرسل الكون من هداها، الشعاعا
    رب أذن لم تسمع القول لكن
    حيرت من بيانهـا الأسمـاعا
    هل رأيتم «هيلين» تقتحم
    السبـــعين سنا، ولا تمل الصـراعـا؟
    وتجوب الأقطار كالنجم في النور
    وكالعطر في الربيـع مذاعـا
    ولم يكتف الصاوي شعلان بذلـك، ولم يقف طموحه عند هذا الحد، فقد سجل أطروحته للدكتوراه بجامعة القاهرة، في الخمسينيات، بعنوان «نظم ألف بيت من مثنوي جلال الرومي، مع التحليل والدراسة»، وبعد أن أنجزها، واجتمعت اللجنة العلمية لمناقشتها، ترك الشيخ الصاوي شعلان القاعة، وآثر الانسحاب في هدوء؛ لخلاف حاد بينه وبين أستاذه، ولم تشفع الوساطات لثنيه عما عقد العزم عليه، تماما كما صنع محمود محمد شاكر (أبو فهر) في الربع الأول من القرن الماضي، عندما اختلف مع أستاذه طه حسين؛ فاعتزل الحياة والجامعة!
    واكتفى هذا العبقري بالعمل واعظا في مصلحة السجون، وقام بتدريس اللغة العربية في المعهد العالي للموسيقى العربية، وتعليم المناهج التاريخية بالمركز النموذجي للمكفوفين بالزيتون بالقاهرة. وأشرف على رياسة تحرير مجلة «المصباح»، واشترك في عدد من الجمعيات الخيرية، كجمعية مكارم الأخلاق، التي عمل رئيسا لتحرير مجلتها ولجنتها الدينية. وأحيل إلى المعاش في عام 1963م، وهو بوظيفة مدير عام الوعظ والتعليم بمصلحة السجون، وأهدته مصر وسام الاستحقاق من الطبقة الرابعة، ومنحته محافظة القاهرة شهادة تقدير عام 1972م. وللشيخ شعلان مؤلفات، منها: كتاب «والآن ماذا نصنع يا أمم الشرق»، الذي ترجمه عن إقبال، وكتاب «مختارات من مثنوي جلال الرومي» لم يطبعا حتى الآن! وله ديوان شعر بعنوان «ينابيع الحكمة» أصدرته هيئة الكتاب المصرية، ومايزال ديوانه «من وحي الإيمان» داخل مخازن الهيئة نفسها، يشكو الإهمال! وأثناء زيارته للاهور، مر بقبر محمد إقبال، فجاشت نفسه بأبيات خالدة، قال فيها:
    عجبت لنجم مشرق.. وهو غائب
    ومحتجب، مازال يبدو ويظهر
    ولم أر نجما قط بعـد احتجابـه
    يزيد ضياء في العيون ويبهر
    سل الجوهر المكنون في باطن الثرى
    متى عاد للأصداف.. قبلك جوهر!
    صلاح حسن رشيد - ناقد أدبي
    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    رحمه الله رحمة واسعة
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •