قوة الصبر الثلاثية :

من الناس من يشقُّ عليه الصبر على الطاعة ، وبعضهم بالعكس تسهل الطاعة عليه ، لكن ترك المعصية عليه شاق ، وبعض الناس يسهل عليه الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية ، لكنه ضعيف الصبر عند المصائب فيجزع ، وأعظم الصابرين من عرف الأنواع الثلاثة : ذاق الطاعة فواظب عليها ، وذاق المعصية فعافها ، ونزل به البلاء فاستقبله استقبال الأبطال.


- الصبر على ما بعد الصبر :

قد يصبر الإنسان على العمل الصالح حتى يؤديه ، لكنه يُعجب بعمله ويُتبِعه بالمنِّ فيكون هذا أضر عليه من كثير من المعاصي ، فمن الصبر عدم إبداء الصبر كما أن من الإخلاص إخفاء الإخلاص ، فمن صبر عن الحرام وجعل ذلك سرا بينه وبين ربه لم يُفشه أوتي أجره مرتين : ثواب الصبر وثواب الإخلاص ، وقد حقق هذين الأجرين كثير من الصالحين ولا يزالون ، فعن أبي عبدة العبدري :


" لما هبط المسلمون المدائن وجمعوا الغنائم أقبل رجلٌ بحُقٍّ معه ، فدفعه إلى صاحب الأقباض (بيت المال) ، فقال الذين معه : ما رأينا مثل هذا قط ما يعدله ما عندنا ولا يقاربه ، فقالوا له : هل أخذت منه شيئا؟! فقال : أما والله لولا الله ما أتيتكم به ، فعرفوا أن للرجل شأنا ، فقالوا : من أنت؟! فقال : لا والله لا أخبركم لتحمدوني ، ولا غيركم ليُقرِّظوني ، ولكني أحمد الله وأرضى بثوابه ، فأتبعوه رجلا حتى انتهى إلى أصحابه ، فسأل عنه فإذا هو عامر بن عبد قيس " .