01-12-2013 |
ذكرت أشراط الساعة في كل الكتب التي سبقت القران الكريم, ولكن لكون موعد الساعة معلوما في علم الله سبحانه, ومعلوم أنها ستتأخر إلى ما بعد ظهور النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم لم تكن بمثل الوضوح الذي وجد في القران والسنة لعدم حاجتهم لها مؤقت.


أشراط الساعة في الكتب السابقة في ضوء القران والسنة
الأستاذ الدكتور: عمر سليمان الأشقر
-----------------------
ذكرت أشراط الساعة في كل الكتب التي سبقت القران الكريم, ولكن لكون موعد الساعة معلوما في علم الله سبحانه, ومعلوم أنها ستتأخر إلى ما بعد ظهور النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم لم تكن بمثل الوضوح الذي وجد في القران والسنة لعدم حاجتهم لها مؤقتا, فأشراط الساعة في التوراة –الموجودة بين أيديهم حاليا- مجملة وغامضة وفي الإنجيل غير واضحة وغير معلومة وكذلك في الزبور, وإن أهم ما تحدثت فيه الكتب الثلاثة كأكبر واهم علامة للساعة هو ظهور نبي آخر الزمان صلى الله عليه وسلم وكذبك حديثهم عن الدجال ويأجوج ومأجوج وغيرها.
وقسم الكاتب الكريم كتابه إلى سبعة مباحث:
المبحث الأول: نبينا محمد مكتوب عند اليهود والنصارى في التوراة والزبور والإنجيل .
لا نحتاج لدليل لليقين بورود اسم الني محمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة لورود دليل يقيني عندنا في القران الكريم بذلك "وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ" الصف:6.
ورغم ذلك فهناك من النصوص في الكتب السابقة ما يؤكد ذلك الورود "(لقد أضاءت السماء من بهاء محمد، امتلأت الأرض من حمده،. . زجرك في الأنهار، واحتدام صوتك في البحار، يا محمد ادن، لقد رأتك الجبال فارتاعت) " [1].
وكذلك ذكر مكان مبعثه ومكان الوحي إليه والجهة التي يهاجر إليها وغير ذلك من النصوص الدالة عليه والمبشرة به صلى الله عليه وسلم التي ذكرها المؤلف.
المبحث الثاني: المسيح الدجال في التوراة والإنجيل.
فتنة الدجال هي شر فتنة تمر على الناس منذ خلق الله الخلق إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها, فالدجال يدعي النبوة أولا ثم يدعي الألوهية, فذكر الكاتب الأحاديث النبوية الصحيحة التي تخبرنا بالأحداث التي تحدث قبل ظهور الدجال وأثناءه وصفاته الخلقية والخلقية والفتن التي يأتي بها ويعلمنا رسول الله فيها باتباع الدجال وأعماله ومدة بقائه في الدنيا ودخوله كل مدن الدنيا ما عدا مكة والمدينة وسبل الوقاية من شروره وفتنه.
وجاء في الكتب السابقة تسمية حزقيال له بالنجس الشرير "25 «وَأَنْتَ أَيُّهَا النَّجِسُ الشِّرِّيرُ، رَئِيسُ إِسْرَائِيلَ، الَّذِي قَدْ جَاءَ يَوْمُهُ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ، 26 هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: انْزِعِ الْعَمَامَةَ. ارْفَعِ التَّاجَ. هذِهِ لاَ تِلْكَ. ارْفَعِ الْوَضِيعَ، وَضَعِ الرَّفِيعَ.27 مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا أَجْعَلُهُ! هذَا أَيْضًا لاَ يَكُونُ حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ فَأُعْطِيَهُ إِيَّاهُ." [2], وتحدث عنه حبقوق ودانيال في الرؤيا التي فيها ذكر لأنة الإسلام ولخروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام, وكذلك تحدث ارميا عن الدجال, فذكر الكاتب كل هذه النصوص وعلق عليها.
المبحث الثالث: نزول عيسى وقتله للدجال.
يستكمل هذا المبحث أدلة نزول عيسى عليه السلام من القران والسنة كعلامة من علامات الساعة الكبرى وأعماله ابتداء بقتل الدجال وكسر الصليب ونشر الإسلام ووضع الجزية وقتل الخنزير واهلاك كل الأديان فيما سوى الإسلام وعموم الرخاء في الأرض ومدة بقائه بعد نزوله.
ثم اتبع الكاتب ذلك نصوص الكتب السابقة التي تدل على نزول عيسى عليه السلام وتسميته بقضيب يهوذا في سفر التكوين وعن حديثه بنفسه عن نزوله للأرض ثانية كما في انجيل متى , وكذلك ما اخبر به زكريا عليه السلام في سفر زكريا وتسميته إياه بالملك الذي يقطع قوس الحرب ويتكلم بالسلام للأمم وكذلك في سفر اشعياء عن الأسد الذي يأكل التبن والحية تأكل التراب بعد نزول عيسى.
المبحث الرابع: خروج يأجوج ومأجوج.
ذكر الكاتب ما ورد في شأن ياجوج ومأجوج في القران والسنة وما جاء في شانهم مع ذي القرنين وانهما من ذرية ادم عليه السلام وانهما يخرجان آخر الزمان وتحدث عن صفة خروجهم بعد عيسى عليه السلام وأعمالهم.
ثم تحدث عن ذكرهم في الكتب السابقة في سفر يوئيل وكذلك سفر حزقيال الذي تحدث عنهم بحديث مسهب وتحدث عن مكان خروجهم وأعمالهم الشنيعة المنكرة في الأرض وعن سرعة إفنائهم, وتحدث عنهم ارمياء بمثل هذه التفصيلات المؤكدة لما جاء في القران الكريم.
المبحث الخامس: جمع بني إسرائيل من الشتات في آخر الزمان.
جاء هذا المعنى في القران الكريم إذ قال سبحانه "وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا" الاسراء:104, ورجح الكاتب ان جمع بني إسرائيل بعد نزول عيسى عليه السلام وسيكون جمعا على الشريعة الإسلامية, واستنكر ان يكون هذا الجمع الآن فجمعهم الآن على الشرور والمفاسد, وقد تحدث حزقيال عن هذا الجمع وكذلك اشعياء بأنهم سيكونون أمة واحدة وشعبا واحدا ويتركون ما هم عليه من الاختلاف والنزاع والفرقة فعصيهم ستصير عصا واحدة ويصبح لهم ملك واحد, ويكرر ارميا هذا المعنى بان الله سيأخذ عليهم عهدا جديدا غير العهد الأول حين خرجوا من مصر.
المبحث السادس: ذكر القران والسنة بعض ما انزل في الكتب السماوية السابقة.
حدثنا القران والسنة عن خمسة موضوعات أنها كانت موجودة في الكتب السابقة منها:
ـ مثل رسولنا وأصحابه في التوراة والإنجيل:
قال الله سبحانه "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" الفتح:29.
ـ ما اخبرنا الله عن وجوده في صحف إبراهيم وموسى: "إنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى" الاعلى:18-19.
ـ حكم الزاني والزانية وحكم القصاص في التوراة: فعنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَجِدُونَ التَّوْرَاةَ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟" قَالُوا : نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ وَجَعَلُوا يَقْرَءُونَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا, فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالَ: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ وَأَمَرَ بِهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا, فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنِي عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ".
وفي سفر التثنية ما نصه "‏23"إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُل، فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي الْمَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا، ‏24فَأَخْرِجُوه مَا كِلَيْهِمَا إِلَى بَابِ تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الْفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَصْرُخْ فِي الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ "[3].
ـ كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل: وهو من الآية الكريمة "كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ۗ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" آل عمران:93.
ـ إفساد بني إسرائيل في الأرض مرتين: "وَقَضَيْنَآ إِلَىَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنّ فِي الأرْضِ مَرّتَيْنِ وَلَتَعْلُنّ عُلُوّاً كَبِيراً" الاسراء:4.
ـ ما كتبه الله في الزبور من بعد الذكر: "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ" الانبياء:105.
المبحث السابع: أخبار يوم القيامة.
كان حديث التوراة والإنجيل عن يوم القيامة قليلا ومع قلته هذه إلا أن أنبياء بني إسرائيل تحدثوا عنه وأنه يوم قريب وعظيم ووصفوا شيئا من أهواله وما يوقعه من خراب ودمار وفناء للأرض بمن عليها وما عليها.
فتحدث فيه صفنيا وتحدث عنه اشعياء ووصف الأيام الأخيرة التي تسبقه وسماه يوم الرب وهناك نصوص من سفر اشعياء تخص اليوم الآخر هي غير مفهومة
إن خلاصة الكتاب التي استهدفها الكاتب هي أن هذه الغيبيات التي ذكرها الله عز وجل في قرانه جاءت اشمل وأوضح لأشراط الساعة ومقدماتها وما سيحدث قبل يوم القيامة, جاءت مصدقة لما ورد في الكتب السابقة ومفسرة لما جاء مجملا وموضحة لما جاء مبهما, جاءت لتدل على ان مصدر القران الكريم ومصدر الصحيح من هذه الكتب واحد وهو من عند الله سبحانه, إذ لم يطلع الني صلى الله عليه وسلم على مثل هذه الكتابات لأنه لم يكن قارئا للعربية فضلا عن اللغات الأخرى, وانه بم يجلس لمعلم ليعلمه فلم يكن هناك سبيل لمعرفة كل هذه التفاصيل إلا من الوحي الإلهي.
جزى الله الكاتب الكريم خير الجزاء
ـــــــــــــ
[1] الإصحاح الثالث من سفر حبقوق في النسخة المطبوعة في لندن قديماً سنة 1848 والأخرى المطبوعة في بيروت سنة 1884
[2] حزقيال اصحاح 1 – 25 : 27
[3] سفر التثنية 32 : 34