من وحي الهجرة النبوية
مهداةٌ إلى سيدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

شعر : طلعت المغربي
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
وعضو اتحاد كتَّاب مصر


يا صاحبَ الذكرى إليكَ تحيتي **وعليكَ يا خيرَ الوجودِ ثنائي

يزهو القصيدُ بذكركم يا سيدي **فمقامُكم يعلو على الإطراء
أهــــدي إليكَ قصــيدتي فلعلني **يومَ اللقا أنجو بذا الإهـــــداء
من وحي ســـيرتِكم أتتْ أبياتُها **والعذرُ إن لم أستطع إيفائي
أرجو شفاعتَكم إذا اجتمع الورى ** أرجو رضاكم يا أبا الزهراء
نفسي انجلت عنها الهمومُ بمدحكم ** وتبدلتْ أكــــــــــدار ُها بصفاء
نورُ النبيِّ ( محمدٍ) كشفَ الدجى **كالبدرِ عند الليلةِ الظلماءِ
نــــــــورٌ على نورٍ مديح ( محمدٍ )** حقاً برغم ِالأعينِ العمياء
فهو الســــراجُ وذاك وصفُ إلهِــنا **وضيا حبيبي فاقَ كلَّ ضياء
للعالمينَ أتيتَ ( أحمـــــدُ ) رحمةً **وأراكَ للكفـــــار ســـيفَ فناء
في السِــــــلْمِ خير ُمُسالمٍ يا سيدى **والفارسُ المغوارُ في الهيجاء
والصحبُ إن حميَ الوطيسُ ببأسِكم ** هــــــم يتقونَ وعندَ كلِ بلاء
هيهاتَ أن أظما وذكرُكَ سيدي ** للقلب فيه مدى الحياةِ روائي
***
يا ويحَ أربابَ الجــــــــهالة ِ أقبلوا **وقلوبُهم كالصخرةِ الصماء
جاءوا لعم المصطفى وحبيبِهِ **وتكلموا في غلظةٍ وجفاءِ
قالوا له ابنُ أخيك فرَّق بيننا **بل عابَ دينَ القوم ِوالآباءِ
ومضى يقـــــولُ بأنهُ يوحى له **مع أنه كبقيـــــــةِ الشعراءِ
إن كان ما يأتيهِ مساً.. جــــاءهُ ** منا أطبـــــــاءٌ بخير دواءِ
أو كان يبغي المالَ جئناكم به **حتى يضـــــيقَ بذلك الإثراءِ
أو كان يبغى الملكَ كان مليكَنا **وهو الرئيسُ وسيدُ الوجهاءِ
فارجعْ إلى ابنِ أخيكَ واعرفْ رأيَهُ ** جئنـــــا لكي لا نبتدي بعداءِ
وهنا يقـــــــــولُ المصطفى بثباتِهِ **ووقـــــــارِه ِ .. يا أرحمَ الآباءِ
والله يا عمَّاهُ لو وضعوا هنا ** شمساً أو البدرَ المنيرَ إزائي
ما كنتُ أتركُ ما أمرتُ بفعله **حتى أتممه ولو بفنــــــــــائ ي
وهنا يقولُ الكفرُ جئنا فاستمعْ ** سنحُــــلُ هذا الأمرَ دونَ عناءِ
خـــذ من تشا منا مكان(محمدٍ) **لا تحمه ِ .. واتركهُ دونَ وقاءِ
قد ساوموه لكي يسلم حبــــــه **عرضوا لهـذا الأمر ِدونَ حياءِ
ويقولُ عمُ المصــــطفى وحبيبُهُ **يا بئسَ ما عرضـــــوا له بغباءِ
بئستْ فعالُكمـــــــو وبئسَ مقالُكم ** لا تذكـــــروه فإنَّ فيهِ شقــــائى
أنا أطعــــمُ ابنكمو وأغذوهُ لكم **ثم المقابـــــــلُ تقتلونَ رجائى؟؟
(واللهِ لن يصلوا إليكَ بجمعِهم) **حتى أفــــــــارقَ عالَـــمَ الأحياءِ
***
ويموتُ عمُ المصطفى ونصيرُهُ ** يا موتُ هلاَّ جئتَ فى إبطاءِ
والزوجُ فارقـــــت الحياة َلربها ** فبقيتَ تبكيـــها أحـــرَّ بكـــاءِ
وظللتَ تذكـــــرها بخيرٍ دائماً **وحبوتَــها في العمر ِخيرَ وفاءِ
وقضيتَ عامَ الحزن ِبعدَ وفاتِهم **وإذا الحيــــاةَُ غدتْ بغير ضياءِ
وإذا بأهل ِالكفــــر زادوا كيدَهم **وتفننــــــــو ا في المكر ِوالإيذاءِ
قالــــوا إذا لم ترجعوا عن دينكم **سنحــــــــيلُ دنيــــاكم إلى أرزاءِ
سنصبُّ ألـــوانَ العذابِ عليكمو ** لن تظفــــــروا منا بأيِّ نَجَــــــاءِ
***
هــذا( بـــلالُ) قد ابتــــُلي بـ(أميةٍ) **قد عاشَ منــــه العمـــرَ في بلواءِ
يأتي بصخـــــرٍ فوقَ صدرٍ طاهرٍ ** ويجــــرهُ جراً على الرمضاءِ
وإذا العذابُ اشـــتدَ زادَ صلابةً **(أحـــدٌ) يقول(بلالُ) للأعداءِ
(أحـــدٌ ..أحدْ )هذا نشيدٌ خالدٌ **قد هــــزَّ أرضي بل وهزَّ سمائى
***
وأرى(صُهيب)الآن يبــغي هجرةً ** لكنــــــهم وقفـــوا له بجفـــاءِ
قد كنتَ صُــــعلوكاً فقيراً معدماً **لا.. لن تمـــــــرَّ بهذه الأشياءِ
وهنا يقول(صهيبُ ) قولة َواثقٍ ** أنا أفتـــــدي ديني ولو بدمائي
أنا لن أعـــودَ مدى الحياةِ إليكمو ** لو أنكــــم مزقتـــــمو أشلائي
أبشـــرْ (أبا يحيى) ببيعٍ رابحٍ ** أبشــــر فعنــدَ اللهِ خيرُ عطاءِ

***
وكذاك (عمارُ بنُ ياسر)مثلُهم وكذا (سميةُ) أولُ الشهداء
وأبوهُ ( ياسرُ) تلك عائلةٌ غدت **فوقَ الكلامِ وفوقَ كل ِثناءِ
(صبراً)تقولُ لآلِ(ياسر) تؤجروا **غــــــداً اللقاءُ بجنةٍ فيحاءِ
ويقولُ (عمارُ بن ياسرَ)سيدي ** إني أعيشُ الآنَ في الظلماءِ
طاوعتُهم يا سيدي في قولِهم ** لأصدَّ عني محنتي وبلائي
لكنَّ قلبيَ مؤمنٌ وموحِدٌ ** ما فيهِ غيرُ عقيدتي وولائي
وتقول يا (عمارُ)عُدْ إن عاودوا ** يوماً ولا تعبأ بذي الأشياءِ
ما دام قلبكَ مطمئناً لا تخفْ ** واذكرْ إلهكَ عشْ بخيرِ رجاءِ
***
ويجيئُ (خبابُ الأرت) مخاطباً **خيرَ البريةِ سيدَ الشفعاءِ
ويراكَ يا (مختارُ) تسندُ ظهرَكم ** لجدارِ هذي الكعبةِ الشمَّاءِ
ويقولُ (خبابُ الأرت) مقولة ** ألفاظها جاءت على استحياءِ
إنَّ العذابَ اشتدَّ زاد ضراوة ** لبست لنا الأيامُ ثوبَ شقاءِ
هلاّ دعوت الله ربكَ سيدي ** هلاَّ دعوتَ لنا على الأعداءِ
وتقولُ الاستعجالُ ذلك شأنكم **بل إنَّ ذلك شيمةُ الأحياءِ
قد كان فيما قبلكم أممٌ مضت **صبروا على البلوى بلا استثناءِ
مُشِطوا بأمشاطِ الحديد فمدَهم **هذا العذابُ بقوةٍ ومضاءِ
النصرُ آتٍ لا محالة َ فاصبروا** واستمسكوا بالشرعةِ الغراءِ
النصرُ من رب البرية قادمٌ ** فلتنضووا يا قومُ تحتَ لوائي
الدينُ يوماً ما سيسرى ضوؤهُ **وبقدرِ ما تمتدُ عينُ الرائي
ويسيرُ سائركم بأمنٍ دائمٍ **من (حضرموت) إلى رُبى (صنعاءِ)
ويسيرُ سائركم بأمنٍ دائمٍ **لم يخش إلا اللهَ ذا الآلاءِ
***
ما كنتَ تقدِرُ أنْ تُدافِعَ سيدي **يوماً عن الضعفاءِ والبؤساءِ
ها أنتَ تسجدُ مرةً فيجيئُكم **بسلا جزورٍ أخبثُ الخبثاءِ
***
وذهبت تبغي من (ثقيفٍ) نصرةً **فلعلَ فيها سامعاً لنداءِ
لكنهم كانوا الأراذلَ سيدي **لاقوكمو بجهالةٍ جهلاءِ
أغروا بكم صبيانَهم وعبيدَهم **تركوكمو فيها مع السفهاءِ
يرمونكم بحجارةٍ يا سيدي ** فتسيل من عقبٍ أعزُ دماءِ
ورفعتَ كفكَ للسماواتِ العلا **فإذا جميعُ الكونِ فى إصغاءِ
إنْ لمْ يكنْ بك ربنا غضبٌ عليَّ ** فذاكَ غايةُ مُنيتي ورضائي
إني استعذتُ بنورِ وجهكَ ربَنَا ** فبهِ إلهي أشرقتْ ظلمائي
وبه صلاحُ الدين ِوالدنيا معاً **وأخصهُ بالحمدِ والإطراءِ
عُتبى الأمورِ إليكَ حتى ترتضي ** يا ربَّنا يا واسِعَ النعماءِ
***
ويجيئ أمرٌ أن تهاجرَ سيدي **من عندِ ربكَ أرحمِ الرحماءِ
وتجمعَ القومُ اللئامُ ببابِكم **باللاتِ قدْ حلفوا وبالآباءِ
لا ينجونَّ (محمدٌ) من بيننا ** أو أننا نُمحى من الغبراءِ
شاهت وجوهُ القومِ يا خيرَ الورى ** ومضيتَ أنتَ بعزةٍ ومضاءِ
ومع الذي قد نالكم من كيدهم **ها أنتَ (أحمدُ) سيدُ الأُمناءِ
للقومِ عندي يا (عليُ) ودائعٌ ** أنا لا أخونهمو وهم أعدائي
نم يا عليُ لكي تردَّ ودائعاً ** أعظمْ بكمْ منْ قمةٍ شماءِ
أعظمْ بهذا الخُلْق ِأينَ مثالُهُ ** أعظمْ بها من منةٍ ووفاءِ
هم يمكرونَ .. يدبرونَ لقتلِكم **وتفكرونَ بردِ ذي الأشياءِ
***
وينامُ مشتملاً عليُ ببردِكم ** أنعمْ بهذي البُردةِ الخضراءِ
يفديكمو بالروحِ لم يعبأ بها** يفديكمو حقاً بخيرِ فداءِ
الموتُ خلفَ البابِ ينظرُ نحوه** لكنهُ يعلو عن النظراءِ
بشجاعةٍ فوقَ الشجاعةِ نفسها** وبهمةٍ تعلو ذرى العلياءِ
ما هابَ سيفاً مشهراً في وجههِ** ما كانَ يوماً ما من الجبناءِ
يا دهرُ سجلْ لا تكنْ متوانياً ** هذا النموذجُ عزَّ في دنيائي
***
وخرجت تبغي من يكون مؤازراً** ومضيت في حذرٍ من الرقباء
وخرجتَ تبغي في الأباعدِ نصرةً** إنَّ الأقاربَ أتعسُ التعساءِ
ونظرتَ خلفكَ والدموعُ غزيرة ** يا أرضَ (مكة) أطهرَ الأرجاءِ
يا بقعةً عندَ الإلهِ عزيزة **وكذاكَ عندي .. بلْ وأنتِ شفائي
واللهِ حبكِ أنتِ يجري في دمي ** لكنَّ أهلَكِ قرروا إقصائي
يا مهبطاً للوحي إني أرتجي** من عند ربي مِنَّةً بلقاءِ
***
إنَّ الذى فرضَ الكتاب عليكمو **سيردكم يوماً من السعداءِ
يوماً ستفتحُ ذلكَ البلدَ الذى **غادرتَهُ في حلكةِ الظلماءِ
***
هاجرتَ ( أحمدُ ) بعدما اشتدَّ الأذى **هاجرتَ تخفيفاً عن الضعفاءِ
وأرى (سراقة) راحَ يتبعُ خطوكم** ضلتْ خُطاهُ وتاهَ فى البيداءِ
وجوادُهُ رفضَ الرضوخَ لأمرهِ ** ساختْ قوائمهُ بذي الصحراءِ
لِمَ يا جوادُ اليومَ أنت خذلتني؟!** ما كنتَ يوماً ترتضي إيذائي
فخُطاكَ تسرعُ إنْ بَعُدنا عنهمو** وإذا قصدناهم ففي إبطاءِ
وكأنهُ قد قالَ ذا ركبُ الهُدى **من ذا يطاولُ ركبَهُ بغباءِ
حقاً فركب المصطفى لا يقتفى** بالسوءِِ ذاكَ تصرفِ البلهاءِ
فعنايةُ الرحمنِ تحرسُ ركبَهُ **وعناية الرحمنِ خيرُ وقاءِ
وهنا يقولُ (سراقة) اذهب سيدي** لا .. لن أناصبكم بأي عداءِ
هاتِ الأمانَ أيا ( محمدُ ) هاتِهِ ** فعطاؤكم والله خيرُ عطاءِ
أنا لن أدلهمو عليكم سيدي ** أبداً ومهما حاولوا إغرائي
ارجعْ (سراقة) لا غُبارَ عليكمو ** واسمعْ لِما سأقولُ من أنباءِ
يوماً ستلبسُ في يديكَ أساوراً ** هي مِلك (كسرى) صاحب الخيلاءِ
ارجع (سراقة) وانتظرْ ما قلتُهُ ** فهو القريبُ وليسَ ذا بالنائي
***
هي رحلةٌ هاجرتَ فيها سيدي ** أحداثُها جلتْ عن الإحصاءِ
عطرتَ (طيبة) سيدي بمجيئكم ** وملأتَ كلَّ الكونِ بالأضواءِ
وبنيتَ مجتمعاً يفيضُ محبة ** ومودةً.. يخلو من البغضاء
هجروا حظوظَ النفسِ حينَ أمرتهم **وسموا بأخلاق على الجوزاءِ
***
يا رب وامنحنا بفضلك هجرةً ** تعلو النفوس بها على الأهواء
ويكون فيها هجر كل رذيلةٍ ** كالحقد والبغضاء والشحناء
وأعد لأمتنا سوالفَ مجدِها ** واكتب لنا نصراً على الأعداء
ثبت إلهي كلَّ من قد جاهدوا ** وارفع لهم يا ربُ خيرَ لواء
واحقن دماءَ المسلمين جميعها ** لنكون يا ربي من السعداء


***