شعراء صدر الاسلام \ 16

بقلم - فالح الحجية

عمرو بن معد يكرب الزبيدي

هو ابو ثور عمرو بن معد بن يكرب بن عبدالله بن عمرو بن عاصم بن زبيد بن ربيعة بن سلمة بن مازن بن ربيعة بن زبيد من مذحج .

فارس اليمن وأحد شعرائها المعمرين وفرسانها الابطال ويعد احد فرسان العرب الخمسة المشهورين وهم( عنترة بن شداد وعامر بن طفيل و عتبة بن الحارث و السليك بن السلكة وعمرو بن معد كرب الزبيدي)
و قد امتاز عمرو بحلمه وذكائه وشجاعته .

ولد عمرو بن معد يكرب الزبيدي سنة خمس وسبعين قبل الهجرة النبوية اي في عام \ 547 ميلادية محمقا اكولا بين قومه .. لا يؤمل منه خير .. ولا تلحظ فيه السيادة .. على ضخامة جثته وحجم جسمه .. وجهارة صوته .. حتى بلغ أن قبيلة خثعم ستغير على زبيد .. فتأهبت رجال زبيد للقتال ودخل عمرو على أخته قال :
لها أشبعيني .. إن غداً الكتيبة .
فأخبرت أباها فقال :
- سلي هذا المائق مايشبعه.؟
فقيل فأكل عنزاً بثلاثة أصابع من الذرة وغارت عليهم قبيلة خثعم فتبلد حتى رأى لواء ابيه قد مال وانهزمت زبيد عندها هاج وماج وهجم على قبيلة خثعم وتراجع إليه قومه فهزمت خثعم وأصبح يسمى ب (فارس زبيد) وأشتهر بالشجاعة حتى هابته أبطال العرب وضرب به المثل في البسالة والاقدام وفي قصيدته هذه يفخر بقومه :

لَيْسَ الجَمالُ بِمِئْزَرٍ
فاعْلَمْ، وإِنْ رُدِّيتَ بُرْدَا

إِنَّ الجَمالَ مَعادِنٌ
ومَناقِبٌ أَوْرَثْنَ مَجْدَا

أَعْدَدْتُ لِلحَدَثَانِ سا
بِغَةً وعَدَّاءً عَلَنْدْى

نَهْداً، وذا شُطَبٍ يَقُ
دُّ البَيْضَ والأَبْدَان قَدَّا

وَعِلْمِتُ أَنِّي يومَ ذا
كَ مُنازِلٌ كَعْباً ونَهْدَا

قَوْمٌ إِذا لَبِسُوا الحَدِي
دَ تَنَمَّرُوا حَلَقاً وقِدَّا

كُلُّ امْرِئٍ يَجْرِي إلى
يَوْمِ الهِياجِ بِما اسْتَعَدَّا

لَمَّا رَأَيْتُ نِساءَنا.
يَفْحَصْنَ بالمَعْزاءِ شَدَّا

وبَدَتْ لَمِيسُ كأَنَّها.
قَمَرُ السَّماءِ إِذا تَبَدّى

وبَدَتْ مَحاسِنُها التي
تَخْفَى، وكانَ الأَمْرُ جِدّا

نازَلْتُ كَبْشَهُمُ ولَمْ
أَرَ مِن نِزالِ الكَبْشِ بُدّا

هُمْ يَنْذِرُونَ دَمِي، وأَنْ
ذِرُ إِنْ لَقِيتُ بأَنْ أَشُدّا

كَمْ مِن أَخٍ لِيَ صالِحٍ
بَوَّأْتُهُ بِيَدَيَّ لَحْدا

ما إِنْ جَزِعْتُ ولا هَلِعْ.
تُ ولا يَرُدُّ بُكايَ زَنْدا

أَلْبَسْتُهُ أَثْوابَهُ. وخُل
ِقْتُ، يومَ خُلِقْتُ، جَلْدا

أُغْنِي غَناء الذَّاهِبي
نَ، أُعَدُّ لِلأَعْداءِ عَدّا

ذَهَبَ الذينَ أُحِبُّهُمْ
وبَقِيتُ مَثْلَ السَّيْفِ فَرْدا

وفيه يقول الشاعر أبو تمام:

اقدام عمرو .. في سماحة حاتم
في حلم أحنف ... في ذكاء أياس

وفد عمرو مع وفد عشيرته زبيد الى المدينة المنورة فقال حين دخلها وهو اخذ بزمام راحلته ( من سيد هذه البحرة من بني عمرو بن عامر )؟ فقيل له: سعد بن عبادة فاقبل يقود راحلته حتى اناخ بباب سعد فخرج اليه سعد ورحب بهم وامر برحلهم فحط واكرمهم وحياهم ثم راح بهم الى النبي صلى الله عليه وسلم.

فاسلم واقام في المدينة المنورة اياما واجازه النبي صلى الله عليه وسلم مع وفد زبيد كما كان يجيز الوفود وانصرف راجعا الى بلاده

بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتد عمرو وانضم الى المرتدين .

وفي حروب الردة اسر عمرو بن معد فاطلقه الخليفة ابو بكر وعفا عنه لما عرف مكانته عند قومه فحسن اسلامه واصبح قائدا الجيوش الاسلامية الى الشام فأسهم في معركة اليرموك وابى بلاءا حسنا فيها وقد حدّث مالك الخثمي قائلا :

ما رايت اشرف من رجل رايته يوم معركة اليرموك انه خرج عليه علج فقتله ثم اخر فقتله ثم الاخر فقتله ثم انهزموا فتبعهم وتبعته فانصرف الى راحله فنزل فدعا بالجفان ولم اكن اعرفه ودعا من حوله فقلت:
- من هذا ؟
- فقالوا هذا عمرو بن معد يكرب الزبيدي

وفي وصف الحرب يقول:

الحَرْبُ أوّلَ مَا تَكونُ فُتَيّة
ً تَبْدُو بِزِينَتِهَا لِكُلّ جَهُولِ

حتى إذا حَمِيّتْ وَشُبّ ضِرَامُها
عادتْ عجوزاً غيرَ ذاتِ خليلِ

شَمطاءُ جَزّتْ رَأسَها وَتَنَكّرَتْ
مكروهة ً للشَّمِّ والتقبيلِ

اما في معركة القادسية فقد طلب سعد بن ابي وقاص من الخليفة عمر بن الخطاب اربعة الاف فارس فارسل الخليفة إلى سعد رجلين فقط، هما: عمرو بن معد يكرب، وطليحة بن خويلد وقال في رسالته لسعد: إني أمددتك بألفي رجل. رواه الطبراني.

وظل يقاتل حتى أتمَّ الله تعالى النصر للمسلمين. وقد قاتل قتالا شديدا واغار على مواضع الجيش الفارسي متسللا لوحده عدة مرات و كان من اوائل الذين هاجموا الفيلة التي وضعها الفرس في مقدمة جيوشهم لارهاب خيل جيوش المسلمين فقطعوا اشفارها وخراطيمها وولت بالفرار وانتصر المسلمون ثم استمر في قتاله مع جيوش المسلمين و كان ابرز فرسانها حتى الاقوال وفي ذلك يقول :

قد علمت سلمى وجاراتها
ما قطَّر الفارس إلا أنـا
شككت بالرمح حيازيمه
والخيل تعدو زيما بيننـا
.
وقد وصف انه طويل القامة وقوي البنية وقال عمر بن الخطاب
قال فيه: الحمد الله الذي خلقنا وخلق عمرو تعجبا من عظم خلقته.

و في معركة اليرموك حارب في شجاعة واستبسال يبحث عن الشهادة حتى انهزم الأعداء وفروا أمام جند الله. وقبيل معركة القادسية طلب قائد الجيش سعد بن أبي وقاص مددًا من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ليستعين به على حرب الفرس فأرسل أمير المؤمنين إلى سعد رجلين فقط، هما: عمرو بن معد يكرب، وطليحة بن خويلد وقال في رسالته لسعد: إني أمددتك بألفي رجل..

وعندما بدأ القتال ألقى عمرو بنفسه بين صفوف الأعداء يضرب فيهم يمينًا ويسارًا، فلما رآه المسلمون؛ هجموا خلفه يحصدون رؤوس الفرس حصدًا، وأثناء القتال وقف عمرو وسط الجند يشجعهم على القتال قائلاً:
-يا معشر المهاجرين كونوا أسودًا أشدَّاء، فإن الفارس إذا ألقى رمحه يئس.

فلما رآه أحد قواد الفرس يشجع أصحابه رماه بنبل، فأصابت قوسه ولم تصبه، فهجم عليه عمرو فطعنه، ثم أخذه بين صفوف المسلمين، واحتز رأسه، وقال للمسلمين: اصنعوا هكذا.

وقيل ان عمرو بن معد هو من قتل رستم قائد الفرس بموقعة القادسية ضربه بسيفه ( الصمصامة ) وفي ذلك يقول :

والقادسية حين زاحم رستم
كنا الحماة بهن كالأشطـان

الضاربين بكل أبيض مخذّم
والطاعنين مجامع الأضغان
.
ا لا انه قيل الذي اجهز عليه وقطع راسه هو ابو محجن الثقفي حيث قال مقولته المشهورة ( قتلت رستم ورب الكعبة ) وهناك من يقول أن الذي أجهز عليه هو هلال بن علقمة بيد ان الروايات تُجمع أن الضربة الأولى كانت لعمرو بن معد يكرب الزبيدي حيث لشدة فرحته بالنصر العظيم كان أول من جاء ببشارة النصر إلى الخليفة عمر بن الخطاب
وفي ذلك قيل :

إذا مات عمرو قلت للخيل اوطئي
زبيداً فقد أودى بنجدتها عمرو

وانشد عمرو بن معد يكرب الزبيدي قصيدته يفخر بها قومه ومنها :

نحن بنو كهلان أرباب العلى
نسل الملوك عمومتي من حمير

مايقحم السرحان شلو طريحاً
عليه من عود القنا المتكسر

ولولا زعامتنا وشطر سيوفنا
لما صاح بالأكوان صوت مكبر

ولو أن الثريا تطاول مجدنا
لكنا فوق الثريا بأعلى منزل

وقيل لما فرغ عمرو من قصيدته هذه سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا :
-(بم بلغتم هذا ياعمرو ؟)
فرد عليه قائلاً:
- بك يارسول الله .

استشهد عمرو بن معد كرب في معركة نهاوند بعد الانتصار في معركة القادسية واليرموك ومعارك كثيرة وذك سنة احدى وعشرين للهجرة المباركة اي في عام \642 ميلادية على الارجح .

واذكر من شعره هذه القصيدة :

أفاطم لو شــــــهـــدتِ ببطن خبتٍ
وقــــد لاقى الهــــــزبرُ أخاك بشرا

إذاً لـــرأيتِ لـــيـــثـــاً أمّ لـــيـــثـــاً
هـــزبـــراً أغـــلـــباً لاقـــى هـــزبـــرا

تبـهــنس إذا تقاعس منه مهري *
مـــحـــاذرةً ، فـــقـــلـت عقرت مهرا

أنـــلْ قــــدميّ ظـــــهـــر الأرض إني
رأيـــتُ الأرض أثـــبـــت منك ظهرا

فحـــيـــن نـــزلـــت مـــدّ إليّ طـــرفاً
يُخـــال المـــوتُ يلـــمـــع منه شزرا

وقـــلـــتُ لـــه وقــــد أبــدى نصالاً
مـــحــــددة ووجــهــــا مـكـــفهرا

تــدل بمخلـــب و بحــد نـــــاب
وبللحظــات تحسبهــن جمــــرا

وفي يــمـنـــاي ماضـي الحد أبقى
بــمضـربه قــراعُ الـحـــرب أثرا

ألــم يــبــلــغــكَ مــافــعــلتْ ظباه
بــكــاظــمــةٍ غــداة لقيــتُ عمرا

وقــلــبــي مثلُ قلبك ليس يخشى
مــصاولةً فـكـيــــف يخاف ذُعرا

نـصــحـتك فالتمس يا ليث غيري
طعامــاً إن لـحـمــي كـــــان مــــرّا

فـلـمّــا ظــنّ أن الــنــصـحَ غـــــشٌ
فــخــالـفــنـي كــأنــي قـلـتُ هُـجـرا

خــطــا وخـطــوتُ مـن أسدين راما
مـــراما كــــان إذ طـلبــاه وعــــرا

يــكـــفــكــف غـــيـلة إحدى يديه
ويــبـســـطُ للوثــــوب إليّ أخـــرى

هـــززتُ له الحـــسـامَ فــخـلتُ أني
شـــقـقـت بـه مــن الظـلـماءِ فجرا

وأطــلــقــتُ الــمــهــنـدَ من يميني
فــقــدّ لــه مــن الأضـــلاع عـشــــرا

فــخـــرّ مــضـــرجـــاً بـــدمٍ كــــــأني
هـدمــتُ بــــه بــنــاء مــشــمخِــرا

فــقــلــتُ لــه يــعـــزُّ عـــلــيّ أنــــي
قـــتـــلتُ مــمــاثلي جـلـداً وقهــرا

ولكـــن رمـــتَ أمـــراً لــم يــرمـــهُ
ســـواك فـــلــم أطــق ياليث صبرا

تـــحـــاولُ أن تــعـلـمــني فــراراً
لعــمـــرُ أبــيـــك قـد حاولت نُكرا

فــأن تـك قــد قتلـت فليــس عــارا
فقــد لا قيـــت ذا طرفيـن حُـــرا

فالح نصيف الحجية
الكيلاني
العراق- ديالى - بلدر وز

**********************