البحث الفقهي اللغة والأسلوب


الهدف من الكتابة في أي بحث هو إيصال المعلومات للقارئ بأجمل العبارات وأفصح الكلمات وأوضح الأساليب ذلك أن الألفاظ قوالب المعاني فالمعنى الرفيع في الأسلوب الرصين المشرق يكسب النص حيوية، ويوجد تيارا من التفاعل الفكري لدى القارئ.


البحوث الفقهية أكثر البحوث حاجة إلى اختيار العبارات السهلة الفصيحة والأساليب الأدبية المشوقة ليسهل على القارئ إدراك المعاني المقصودة في وضوح ويسر. الوسيلة إلى هذا هي قراءة كتب الأدب، والاطلاع على فنونه في مصادره القديمة والحديثة؛ ليعتاد الباحث حسن السبك وفصاحة اللفظ وتوليد المعاني والأفكار وتنويع الأسلوب في غير تكلف


أحس العلماء قديما حاجة الفقهاء الملحة لدراسة الأدب والتمرس بالأساليب ذات الأغراض المختلفة بقصد أن يستقيم الفقه استنباطا للأحكام، وعرضا في التأليف والتدريس، وهو ما عبر عنه العلامة البطليوسي رحمه الله تعالى قائلا:


"...إن الطريقة الفقهية مفتقرة إلى الأدب، مؤسسة على أصول كلام العرب"([1])


تتواقر المقالات من كبار الفقهاءبالتأكيد على طلاب العلوم الشرعية بعامة، والفقه بخاصة في العناية بعلوم اللغة والأدب، يقول العلامة الحافظ أبو عمر بن عبد البر رحمه الله :


"ومما يستعان به على فهم الحديث ما ذكرناه من العون على كتاب الله عز وجل وهو العلم بلسان العرب ومواقع كلامها وسعة لغتها وأشعارها ومجازها وعموم لفظ مخاطبتها وخصوصه وسائر مذاهبها لمن قدر فهو شيء لا يستغنى عنه."([2])


إن إجادة اللغة العربية وأساليبها وآدابها أحد المعايير العلمية على كفاءة الفقيه وصحة استنباطاته، وعلى قدر إجادته لها وتمرسه بها تعرف كفاءته الفقهية، ومدى سلامة استنباطاته الشرعية،وهو ما يقرره الإمام أبو إسحاق الشاطبي قائلا:


إن الشريعة عربية وإذا كانت عربية فلا يفهمها حق الفهم إلا من فهم اللغة العربية حق الفهم لأنهما [الكتاب الكريم والسنة] سيان في النمط ما عدا وجوه الإعجاز فإذا فرضنا مبتدئا في فهم العربية فهو مبتدئ في فهم الشريعة أو متوسطا فهو متوسط في فهم الشريعة والمتوسط لم يبلغ درجة النهاية فإن انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة فكان فهمه فيها حجة كما كان فهم الصحابة وغيرهم من الفصحاء الذين فهموا القرآن حجة..."([3])


([1]) الإنصاف في أسباب الاختلاف.


([2])جامع بيان العلم وفضله



([3])الموافقات - (ج 4 / ص 115)

منقول.