لأئمة المسلمين ( كالأئمة الأربعة وأئمة السنة ) حق كبير على هذه الأمة ، جزاء ما قدموا من خدمة للإسلام والمسلمين ؛ إذ بهم حفظ الله تعالى الدين ، وبهم تم وعد الله باستمرار بلاغه لأجيال الأمة .
لكن ليس حقهم هو أهم ما يدعونا للرد على المتطاول عليهم ، مع أن حقهم يستوجب ذلك .
ولسنا نرد على المتطاول عليهم لأنهم عندنا معصومون ولا لأنهم منزهون من الخطأ ، وإن كان عدم عصمتهم لا يجيز التطاول عليهم ، كما لم تكن بشرية العالم يوما سببا لتخطيء أهل الجهالة له ، ولا لمحاولة مزاحمته في علمه بعدم علمهم ، ولا للوقوف معه في صف أولي الأحلام والنهى ممن حقه التأخر في آخر صفوف أهل التعلم والطلب ، إن كان أهلا للتعلم والطلب .
ومع ذلك فليس هذا فقط هو سبب ردنا على المتطاول على أئمة المسلمين .
السبب الأهم هو العلم ، والعلم وحده يكفي لكي نغار عليه كل الغيرة من تطاول الجهلة الأغرار .
إن العلم الذي أسسوا أصوله ورفعوا بنيانه ، حتى إذا تم واستوى على سوقه ، يعجب الزراع ليغيظ به الكفار ، جاء هؤلاء يطمعون بهدم بنائه ، ومحو معالمه !
ألا شاهت منهم الوجوه ، وشُلت الأيمان ، قبل أن تحقق غايتها السفيهة هذه !
ولا يشفع لهم جهلهم ، بعد أن تصدروا للخطابة وادعاء التعليم ، ولا يشفع لهم حسن نيتهم بعد أن بالغوا في الغرور واعتقاد استحقاقهم لمنزلة الهدم باسم التجديد .