تساؤل أجاب عنه أساتذة الإعلام..
الصحافة الإسلامية.. هل هي دون المستوى؟!
شريف أبوالوفا
القاهرة - دار الإعلام العربية
تلعب الصحافة الإسلامية دورًا مهمّا باعتبارها أحد المنابر المؤثرة في الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ومع تعدد الأسماء في عالم الصحافة الإسلامية بين جرائد ومجلات أسبوعية أو شهرية وقليل منها يومي، فإنها تعتبر «رمانة الميزان» التي تعيد إلى الفرد صلته بربه في مواجهة كثير من الممارسات الصحفية التي تهدم ولا تبني.. وعلى الرغم من أهمية دور الصحافة الإسلامية فإن كثيرين يأخذون عليها بعض السلبيات وأوجه القصور. فهل هي حقًّا دون المستوى؟
«الوعي الإسلامي» طرحت السؤال على عدد من أساتذة الإعلام وجاءتكم بالإجابة بالتفصيل.


«بالفعل هي دون المستوى بالمفهوم المهني».. بهذه الكلمات بدأ عميد كلية الإعلام جامعة الأزهر د.عبدالصبور فاضل، وأرجع ذلك إلى أسباب واعتبارات متعددة، منها ضعف الإمكانات التكنولوجية والمادية، لاسيّما أن الجهات التي تصدر عنها الصحف والمجلات الإسلامية لم تصبح بعد في شكل مؤسسات اقتصادية، وأيضًا لحداثة تجربتها نسبيًّا، فحتى الآن لا تكاد توجد مؤسسة في مجال الصحافة الإسلامية بشكل دوري يومي، ويغلب عليها الإصدار الأسبوعي أو الشهري وربما الفصلي، أيضًا من أسباب القصور في الصحافة الإسلامية عدم توفر الهياكل البشرية الخاصة بها، إنما تعتمد على إنتاج صحفيين من مجالات متعددة.
ويرى د.فاضل أن هناك مؤسسات يجب أن يكون لها دور فاعل وداعم لهذه النوعية من الصحافة، ويأتي في مقدمتها المنظمات الدولية الإسلامية، مثل الأزهر الشريف الذي يصدر صحيفة أسبوعية ومجلة شهرية، وكذا رابطة العالم الإسلامي، ومن المهم أيضًا أن تتبنى الشركات والمؤسسات المختلفة دعم المنابر الصحفية الإسلامية؛ لإعطائها قوة دفع تساعدها في الوصول إلى المستوى المنشود مقارنة بالصحافة الاجتماعية والسياسية.
ضغوط
أما مدرس الإعلام والصحافة بجامعة الأزهر، د.محمد بسيوني جبريل فيقول: نحن نظلم الصحافة الإسلامية حين ننظر إليها خارج السياق، فهي في نهاية المطاف أبنية شرعية للواقع، فإذا افترضنا أنها وعاء للفكر الإسلامي فإن نضج الفكر نفسه سيؤدي حتمًا إلى نضج الصحافة، فهي تعبير عن واقع الفكر الإسلامي في هذه المجتمعات، وليس خفيًّا أن الفكر الإسلامي- خاصة في مجتمعاتنا العربية- يتعرّض للتهميش؛ نتيجة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية أدت إلى أن ينحصر الإسلام في الشعائر والعبادات، ويبتعد عن الحياة بمفهومها الواسع، وجاءت عملية تجزيء العقل الإسلامي لتضع إشكالية أخرى أمام الصحافة الإسلامية، فالذي يدرس الدين لا صله له بعلوم الحياة السياسية والاقتصادية، والذي يدرس النظريات السياسية والاقتصادية بضاعته في الدين مزجاة.. كل هذه الاعتبارات أدّت إلى أن يتحول الدين إلى طقوس، ويتحول إسهامه في الحياة السياسية والاقتصادية إلى شعارات براقة لا تحمل مغزًى ولا مضمونًا.
ويحدد بسيوني عددًا من الضغوط تعاني منها الصحافة الإسلامية، تكمن في تهميشها وعدم وصولها إلى المستوى المنوط بها، إضافة إلى الضغوط السياسية، وكذا ضغوط أخرى تتعلق بالتمويل، وظاهرة رفض الإعلان بحجة أنه لا يتناسب مع توجه الصحيفة وموضوعاتها وسياستها التحريرية، وبجانب هذا وذاك تأتي مشكلة غياب المهنية عند أغلب القائمين على الصحف الإسلامية، فلم يتم إعدادهم مهنيّا بالطريقة العلمية الجيدة، فالذي له صلة بالعلوم الدينية لم يدرس الأصول المهنية للصحافة، وفي المقابل من درس الصحافة كمهنة يفتقد المعرفة الدينية القوية، فهذه إشكالية كبيرة تواجه الصحافة الإسلامية كمهنة، والحل يكمن في إعداد دورات تدريبية وإنشاء كليات متخصصة في الإعلام الإسلامي، وحسنًا فعلت جامعة الأزهر أخيرًا بإطلاق أول كلية متخصصة في الإعلام الإسلامي هذا العام.
تميز وجاذبية
أما أستاذ الإعلام والصحافة بجامعة القاهرة د.أحمد إبراهيم، فيؤكد أن الصحافة الإسلامية لها مهمة واضحة لكنها غائبة، وهي أن تكشف للمسلمين عن المفهوم السليم للإسلام في كل قضايا المجتمع، وأن تقدم للناس وجهة نظر الإسلام المتميز في مختلف هذه القضايا، وأن تقوم برسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتصحيح الصحيح بالأخذ بالوسطية والسير على منهج {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، وبعيدًا عن التعصب والتطرف والجمود والمذهبية، وينبغي أن تؤمن هذه النوعية من الصحافة بالوحدة الإسلامية وأن تدعو لها.
ويضيف أن طريقة التناول في معظم المطبوعات الإسلامية ينقصها عنصر مهم وهو تبسيط المعاني والمفاهيم الإسلامية، وربطها بالواقع الحالي؛ حتى يجد الشباب فيها الحل السديد لمشكلاتهم.. وعليها أيضًا أن تنتهج البساطة في التناول بما يتناسب مع تفكير وثقافة المسلم العادي، أيضًا ينبغي على هذه الصحافة أن تحرص على التنوع في موضوعاتها، وعرضها بطريقة مشوقة لتجذب القارئ، وعدم تكرار موضوعات بعينها ما يهدد بانصراف القرّاء عنها.
وسائل عصرية
ويرى مدير الإعلام بمجمع البحوث الإسلامية حمزة عبدالحميد باشا أن الصحافة الإسلامية عانت سابقًا من قصور شديد في كيفية تناولها للقضايا الأولى بالرعاية التي تهم أمر المسلمين، فلم تكن توجد مواد تحريرية متعمقة تناقش الأفكار المستوردة.. بل كان التناول يقتصر على أساليب خطابية جوفاء، بينما ينبغي عليها أن تناقش معتنقي هذه الأفكار بطريقة الحجة وليس الاتهام واستسهال تكفير أصحابها، وهو ما بدأ يظهر في بعض الصحف والمجلات الإسلامية التي تبنت حديثًا الوسائل العصرية، كتدشين مواقع إلكترونية لها لتكون حلقة وصل بين القارئ والمطبوعة، وهو الأمر الذي جعل لها دورًا مؤثرًا، ومن المتوقع تزايده خلال الفترة المقبلة.. مؤكدًا أن على الإعلام الإسلامي بصفة عامة- كي يصل إلى المستوى المنشود- أن يتبنى موضوعات حول مشكلات وطموحات المسلم اليومية، وما طرأ على حياته نتيجة المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية السياسية.
غياب الرؤية
بدوره، يوضح أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة د.سامي الكومي أن الصحف الإسلامية ينقصها الوسطية، ويغيب عنها الرؤية المحددة لرسالتها، وينحسر دورها في نشر العبادات والعقائد، ولا بأس في هذا لكن من الضروري أن تعي أن لها دورًا أكبر في تحسين صورة الإسلام والمسلمين لدى الآخر، وذلك بترجمة ما تنشره من مواد صحفية وعرضها على وسائل إعلام الدول غير الإسلامية، لإظهار سماحة وقوة الإسلام في عمله وعقيدته واقتصاده وتجارته. ويغيب عن الصحافة الإسلامية نشر التقدم الإسلامي في مجال الاقتصاد والسياسة والتجارة، إذ تقصر دورها في إطار محدد.
الدعم المادي والكوادر الصحفية والإخراج الفني.. أبرز نقاط الضعف