السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والخليل عالم جليل ، ومفكر عملاق ، وباحث متعمّق ، صاحب بصيرة نفّاذة ، خلّف لمن بعده ثروة كبيرة في شتّى أنواع العلوم والمعارف ، فقد كان واسع المعرفة ، غزيـر الثّقافة ، اطّلع على شتّى أنواع العلوم وبرع في معظمها ، وله الفضل في تأسيـس بعضها ، وفضل عظيم في دراسة ما وجد أمامه من علوم وجمع شتاتها ، كان شديد الحبّ للعلم والتعلّم ، اهتمّ بنشره وإذاعته بين طلاّب العلم ، حتى كثر طلاّبه ومريدوه ، ودرس على يديه كثير من علماء المدرستين ( البصريّة ، والكوفية ) ، فكان قبلة للعلماء ، يردون إليه لمناقشته والإفادة من علمه .
والخليل صورة صادقة للعصر الّذي عاش فيه ، فقد عاش في القرن الثّاني الهجريّ ، ذلك العصر الّذي ازدهرت فيه الحضارة الإسلامية أيّما ازدهار ، وأينعت فيه شتّي العلوم والمعارف ، وظهر فيه عدد كبير من العلماء العرب الأفذاذ ، ومع ذلك فإنه إذا ذكر الخليل بينهم قدّموه عليهم جميعاً ، قـال أبو محمد التَّوَّجيّ ( ويقال : التَّوَّزيّ ) : « اجتمعنا بمكة ، أدباء كلّ أفق ، فتذاكرنا أمر العلماء ، فجعل أهل كلّ بلد يرفعون علماءهم ويصفونهم ويقدّمونهم حتّى جرى ذكر الخليل ، فلم يبق أحد إلا قال : الخليل أذكى العرب ، وهو مفتاح العلوم ومصرّفها » .
ولم يذكر علم خاضه الخليل إلا برع فيه ، فإذا ذكرت علوم الدين ، فهو القارئ المقرئ ، العالم بالحديث ، وإذا ذكرت اللغة فهو إمامها ، وإذا ذكر النحو فهو من جمع شتاته ، وعلل وقاس ووضع القواعد ، وإذا ذكرت العروض فهو منشؤها وواضـع علمها ، وإذا ذكرت الموسيقا فهو صاحب كتاب ( النغم ) الذي تذكر الروايات أنه أول كتاب ألف في هذا الفن ، وكان له علم بالحساب والفلك وغيرهما .
أرجو المشاركة ، ولكم جزيل الشكر
.