وقد وهم عبد الله بن نافع في حديث مس الذكر منقض للوضوء.
فرواه عن ابن أبي ذئب بإسناده عن ابن ثوبان عن جابر، فأخطأ في وصله؛ لأن حديث ابن ثوبان عن جابر مشهور.
قال الشافعي في الأم [1 : 30]:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، وَابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، [فذكر حديثا مرسلا].
قال الشافعي :وَزَادَ ابْنُ نَافِعٍ فَقَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَسَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْحُفَّاظِ يَرْوِيهِ، وَلَا يَذْكُرُ فِيهِ جَابِرًا. اهـ.
قال أبو داود كما في مسائله لأبي داود [2000]: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ:
ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
قَالَ: "هَذَا مِنَ ابْنِ نَافِعٍ، كَانَ لَا يُحْسِنُ الْحَدِيثَ". اهـ.
قال الطحاوي في شرح معاني الآثار [286]:
وَإِنِ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا، [روى من طريق] عَبْد اللَّهِ بْن نَافِعٍ الصَّائِغُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قِيلَ لَهُمْ: هَذَا الْحَدِيثُ كُلُّ مَنْ، رَوَاهُ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنَ الْحُفَّاظِ، يَقْطَعُهُ وَيُوقِفُهُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
فَمِنْ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ.
فَهَؤُلاءِ الْحُفَّاظُ، يُوقِفُونَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيُخَالِفُونَ فِيهِ ابْنَ نَافِعٍ، وَهُوَ عِنْدَكُمْ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ بِحُجَّةٍ عَلَيْهِمْ.
فَكَيْفَ تَحْتَجُّونَ بِحَدِيثٍ مُنْقَطِعٍ فِي هَذَا، وَأَنْتُمْ لا تُثْبِتُونَ الْمُنْقَطِعَ؟ وَإِنِ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ". اهـ.
وقال أبو حاتم كما في العلل (1/428) : "هَذَا خطأٌ؛ الناسُ يروونه عَنِ ابْنِ ثَوْبَان، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مُرسَلاً؛ لا يذكرون جابرًا". اهـ.
وكذلك وهم عبد الله بن نافع في حديث ءاخر خرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار [2380] من طريق مُحَمَّد بْن رَافِعٍ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا جَاءَ بِخَمْسَةِ أَوَاقٍ، إلخ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ،
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَاهُ رَجُلٌ بِخَمْسَةِ أَوَاقٍ مِنْ مَعْدِنِ: فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا ". اهـ.
خرجه عبد الرزاق في مصنفه [19759]، وقال:
أَخبَرنا مَعْمَرٌ، عَن إِسْمَاعِيلَ بنِ أُمَيَّةَ، عَن سَعيدٍ المَقْبُرِيِّ، قَالَ: أَحْسَبُهُ عَن أَبِي هُرَيرَةَ، به.
وزيادة أبي هريرة شك من عبد الرزاق أو معمر؛ لأن المقبري من المكثرين عن أبي هريرة ومشهور بالرواية عنه.
والصواب أنه عن سعيد مرسلا، كما دلت رواية الشافعي.
ووهم عبد الله بن نافع في حديث ءاخر خرجه الطبراني في المعجم الأوسط [1900]، من طريق أَحْمَد بْن صَالِحٍ، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِذَا مَرِضَ الْمُؤْمِنُ أَخْلَصَهُ ذَلِكَ كَمَا يُخْلِصُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ "،
قال الطبراني: "لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ إِلا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ". اهـ.
ورد في العلل للدارقطني [٣٤٨٢]:
وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: إذا اشتكى المؤمن نقي من الذنوب، كما ينقي الكير خبث الحديد.
فقال: يرويه ابن أبي ذئب، واختلف عنه:
فرواه ابن أبي فديك، وأبو غزية، عن ابن أبي ذئب، عن جبير بن أبي صَالِحٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ، عَنْ ابن أبي ذئب، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، والقول قول ابن أبي فديك، ومن تابعه. اهـ.
وانظر في صنيع الإمام أحمد فيما خرجه في مسنده [8587]، فقال:
حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِمَأْخَذِ الْأُمَمِ وَالْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ "، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمَا فَعَلَتْ فَارِسُ وَالرُّومُ؟
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " وَهَلْ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ ". اهـ.
قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، يَعْنِي مِثْلَهُ. اهـ.
فإيراد الإمام أحمد متابعة لعبد الله بن نافع دال على أنه لا يحتج به إلا في المتابعات.
فهو ذو فقه وليس متوسعا في الحديث كما قال الذهبي، لذلك لم أجد له عن ابن أبي ذئب حديثا موقوفا أو مقطوعا.
وقال البَرْقانِيّ: سألت الدَّارَقُطْنِي ّ عن عبد الله بن نافع الصائغ، فقال: مدني فقيه، يعتبر به. (256).