ضوابط رفع الجهالة.
1- ليس للأئمة - عند التحقيق والاستقراء- قاعدة مطردة في قانون رفع جهالة الرواة، والمشهور أنهم يعتمدون على عدد مَن روى عن الراوي، لكنهم لا يتقيدون باثنين أو ثلاثة، فقد يكفي اثنان، وقد لا يكفي أكثر من ذلك؛ لأنه قد يضاف إلى العدد اعتبارات أخرى، كمنزلة من روى عنه، وهل ينتقي شيوخه أم يروي عن كل من هب ودرج؟
فليست رواية من نصوا على أنه لا -أو لا يكاد- يروي إلا عن ثقة، كغيره ممن وُجد في شيوخه متروكون وضعفاء و من لا يعرفون إلا من طريقه.
وانفراد أمثال هؤلاء -ولو كانوا جماعة- عن الراوي غالبًا لا تفيد في رفع جهالته التي هي معرفة حاله من العدالة والضبط والسماع.
وانفراد أمثال هؤلاء أيضًا عن الراوي إذا انضاف إليها غرابة ما رووا عنه من الحديث مما يزيده جهالة بل ووهنا، لأن الراوي المجهول غالبا ما ينفرد برواية الغرائب والمناكير، فيتجنبه أهل الاحتياط والثقة، ويقبل عليه أهل التساهل والضعف.
ولذلك فإن الراوي المجهول إذا روى خبرين غريبين أو منكرين فإنه ينتقل من حيز الجهالة إلى حيز الضعف بل والسقوط، لأن روايته دلت على حاله وإن لم ينص أحد على ذلك.
وكثير من المشتغلين بهذا العلم يعتبرون الجهالة سببا هينا من أسباب الجرح، فأقول: أحيانا تدل روايته على الوهن الشديد.