تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: المعتزلة: لماذا اعتزلوا جماعة المسلمين؟

  1. Post المعتزلة: لماذا اعتزلوا جماعة المسلمين؟

    11-09-2013 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
    دخل رجل على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركناً من الإيمان


    يروى أن "واصل بن عطاء" قد خالف شيخه "الحسن البصري" في مسألة (سأل عنها سائل) وهو في المسجد إلى جوار الحسن، ثم قام واصل واعتزل إلى اسطوانة من اسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعْتَزَلَنا واصل، فسُمِّي هو وأصحابه "المعتزلة".
    فمن واصل بن عطاء، وما المسألة التي خالف فيها، وعليها اعتزل طريقة الحسن البصري، وما طريقة المعتزلة في باب الدين والعقائد؟
    هذه الأسئلة وغيرها سنجيب عنها في هذا التقرير، والذي جاء تحت عنوان: (المعتزلة: لماذا اعتزلوا جماعة المسلمين؟).
    أصل التسمية بـ"المعتزلة":
    ورد في كتب الملل والنحل عدة قصص بلا إسناد تعلل سبب تسمي "المعتزلة" بهذا الاسم، تدور كلها حول المعنى اللغوي لكلمة الاعتزال: (اعْتَزَلَ الشيءَ وعنه: بَعُد وتنحَّى)، ومن هذه القصص:
    * القصة الأولى: يُرْوى أنه "دخل رجل على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، وهم وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركناً من الإيمان، فلا يضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟ ففكر الحسن في ذلك وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول أن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثم قام واعتزل إلى إسطوانة من إسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعْتَزَلَنا واصل، فسمي هو وأصحابه المعتزلة"(1).
    * القصة الثانية: يرويها أبو الحسن الملطي في كتابه التنبيه والرد، يقول: "وهم سموا أنفسهم معتزلة، وذلك عندما بايع الحسن بن علي عليه السلام معاوية، وسلم إليه الأمر، اعتزلوا الحسن ومعاوية وجميع الناس- وكانوا من أصحاب علي- ولزموا منازلهم ومساجدهم، وقالوا: نشتغل بالعلم والعبادة، فسموا بذلك معتزلة"(2).
    والقصة الأولى أشهر في كتب التراجم والعقائد والملل، وإن لم يكن لها ولا للقصة التي تليها سند صحيح، لكن على أي حال يفهم من القصتين أن المعتزلة سموا بهذا الاسم لخلافهم مع ما كان عليه الحسن البصري وجماعة المسلمين (أهل السنة والجماعة) في بعض المسائل العقدية.
    وهذا ما ذهب إليه الذهبي في السير عند ترجمته لواصل بن عطاء حيث قال- دون الخوض في جزئيات قصة الاعتزال- قال: "وهو [يعني واصل] وعمرو بن عبيد رأسا الاعتزال، طرده الحسن عن مجلسه لما قال: الفاسق لا مؤمن ولا كافر، فانضم إليه عمرو، واعتزلا حلقة الحسن، فسموا المعتزلة"(3).
    من هو واصل بن عطاء:
    كان من عادة علمائنا في كتب التراجم والسير أنهم لا يطيلون الحديث في تراجم أهل البدع والزيغ، ولذلك قل كلامهم في ترجمة واصل ابن عطاء وغيره من أهل الكلام، بعكس حديثهم عن أئمة أهل السنة ورواة حديثهم ونقلة علومهم.
    فمما جاء في ترجمة واصل بن عطاء، ما قاله الذهبي في ميزان الاعتدال أنه: واصل بن عطاء البصري الغزال، المتكلم البليغ، المتشدق الذي كان يلثغ بالراء، فبلاغته هجر الراء، وتجنبها في خطابه، سمع من الحسن البصري وغيره، وقال أبو الفتح الأزدي رجل سوء كافر، قلت [والكلام للذهبي] كان من أجلاء المعتزلة، ولد سنة ثمانين بالمدينة.
    وله من التصانيف كتاب "أصناف المرجئة" وكتاب "التوبة" وكتاب "معاني القرآن"، وكان يتوقف في عدالة أهل الجمل، ويقول إحدى الطائفتين فسقت، لا بعينها فلو شهدت عندي عائشة وعلي وطلحة (رضي الله عن الجميع) على باقة بقل لم أحكم بشهادتهم، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة(4).
    وقال الذهبي في السير كما سبق ذكره: "وهو وعمرو بن عبيد رأسا الاعتزال، طرده الحسن عن مجلسه لما قال: الفاسق لا مؤمن ولا كافر، فانضم إليه عمرو، واعتزلا حلقة الحسن، فسموا المعتزلة"(5).
    تعريف عام بالمعتزلة:
    المعتزلة فرقة إسلامية نشأت في أواخر العصر الأموي، وازدهرت في العصر العباسي، وقد اعتمدت على العقل المجرد في فهم العقيدة الإسلامية، لتأثرها ببعض الفلسفات المستوردة، مما أدى إلى انحرافها عن عقيدة أهل السنة والجماعة، وقد أطلق عليها أسماء مختلفة، منها: المعتزلة، والقدرية، والعدلية، وأهل العدل والتوحيد، والمقتصدة، والوعيدية(6).
    ظروف النشأة والتأسيس(7).
    * تختلف الأقوال حول أسباب ظهور الفكر الاعتزالي في الوسط الإسلامي، فيرى فريق من العلماء أن السبب الرئيس في نشأة المعتزلة يرجع إلى اختلاف مؤسسي هذه الفرقة مع علماء المسلمين في بعض المسائل العقدية، كمسألة الحكم على مرتكب الكبيرة، والحديث في القدر.
    * بينما يرى فريق آخر أن السبب في نشأة الاعتزال سبب سياسي محض، حيث يرى أصحاب هذا الرأي أن المعتزلة كانوا من شيعة علي رضي الله عنه، وأنهم اعتزلوا الحسن عندما تنازل لمعاوية رضي الله عنه، أو أنهم وقفوا موقف الحياد بين شيعة علي ومعاوية فاعتزلوا الفريقين.
    * أما المعتزلة ذاتهم، فيدعون أنهم سموا بهذا الاسم لأنهم اعتزلوا الشر، بحسب ما جاء عن القاضي عبد الجبار مؤرخ المعتزلة.
    * والواقع أن نشأة الاعتزال كان ثمرة تطور تاريخي لمبادئ فكرية وعقدية وليدة النظر العقلي المجرد في النصوص الدينية وقد نتج ذلك عن التأثر بالفلسفة اليونانية والهندية والعقائد اليهودية والنصرانية.
    - فأخذ المعتزلة نفي الصفات عن اليهود، وفرقة السمنية الهندية، ويوحنا الدمشقي.
    - وقيل أنهم أخذوا نفي القدر عن نصراني يدعى "أبو يونس سنسويه".
    - وتأثر المعتزلة بفلاسفة اليونان في موضوع الذات والصفات.
    * ومن أشهر دعاة المعتزلة واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وأبو الهذيل العلاف، و إبراهيم النظام، وبشر بن المعتمر، ومعمر بن عباد السلمي، وعيسى بن صبيح، وثمامة بن أشرس النميري، وعمرو بن بحر، وأبو الحسين الخياط، والقاضي عبد الجبار.
    أصول الفكر الاعتزالي:
    * تعد مسألتا "القدر"، و"حكم مرتكب الكبيرة"، أعظم مسألتين في الفكر الاعتزالي وبسببهما نشأة هذه الفرقة، حيث رأى كبراء المعتزلة ومنهم "غيلان الدمشقي" أن الإنسان مختار بشكل مطلق في كل ما يفعل، لأنه الخالق لأفعاله، ولذلك كانت التكليف.
    * كما رأي المعتزلة أن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، فلا هو كافر ولا هو بالمؤمن، وسموه فاسقا ولا مانع عندهم من إبقاء صفة الإسلام ملازمة له باعتباره ينطق الشهادتين، وهذا حاله في الدنيا، أما في الآخرة، فهو عندهم مخلد في النار.
    * ثم حرر المعتزلة مذهبهم في أصول خمسة، عليها قام مذهبهم، وعليها دار جُلُّ خلافاتهم مع أهل السنة، وعن هذه الأصول يقول ابن أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية:
    "وقيل إن واصل بن عطاء هو الذي وضع أصول مذهب المعتزلة، وتابعه عمرو بن عبيد تلميذ الحسن البصري، فلما كان زمن هارون الرشيد صنف لهم أبو الهذيل كتابين وبين مذهبهم وبنى مذهبهم على الأصول الخمسة التي سموها العدل والتوحيد وإنفاذ الوعيد والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولبسوا فيها الحق بالباطل إذ شأن البدع هذا اشتمالها على حق وباطل"(8).
    ثم أخذ ابن أبي العز الحنفي في شرح هذه الأصول فقال:
    فأما العدل: فستروا تحته نفي القدر، وقالوا إن الله لا يخلق الشر، ولا يقضي به، إذ لو خلقه ثم يعذبهم عليه يكون ذلك جورا والله تعالى عادلا لا يجور، ويلزم على هذا الأصل الفاسد أن الله تعالى يكون في ملكه ما لا يريده، فيريد الشيء، ولا يكون، ولازمه وصفه بالعجز تعالى الله عن ذلك.
    وأما التوحيد: فستروا تحته القول بخلق القرآن، إذ لو كان غير مخلوق، لزم تعدد القدماء ويلزمهم على هذا القول الفاسد أن علمه وقدرته وسائر صفاته مخلوقة أو التناقض.
    وأما الوعيد: فقالوا إذا أوعد بعض عبيده وعيدا فلا يجوز أن لا يعذبهم ويخلف وعيده؛ لأنه لا يخلف الميعاد، فلا يعفو عمن يشاء، ولا يغفر لمن يريد عندهم.
    وأما المنزلة بين المنزلتين: فعندهم أن من ارتكب كبيرة يخرج من الإيمان، ولا يدخل في الكفر.
    وأما الأمر بالمعروف: فهو أنهم قالوا علينا أن نأمر غيرنا بما أمرنا به، وأن نلزمه بما يلزمنا، وذلك هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضمنوه أنه يجوز الخروج على الأئمة بالقتال إذا جاروا(9).
    موضع العقل في فكر المعتزلة:
    إن سبب الانحراف في فهم كثير من أمور الاعتقاد عند المعتزلة عائد في المقام الأول إلى اعتمادهم في الاستدلال على مسائل الاعتقاد على العقل بشكل كلي، وتقديمه على النص الشرعي، ولهذا أولوا الصفات بما يتوافق مع عقولهم، ورموا الصحابة بالكذب واتهموهم في دينهم، وشذوا في أمور كثيرة سيما الأمور الاعتقادية، حتى صارت مسائل الدين عبارة عن "مجموعة من القضايا العقدية والبراهين المنطقية، وذلك لتأثرهم بالفلسفة اليونانية عامة وبالمنطق الصوري الأرسطي خاصة"(10).
    ولقد ظهر حديثا ثلة من الكتاب والمفكرين، حاولوا إحياء فكر الاعتزال، تحت ستار التجديد، وإعمال العقل، والتنوير، والتحرر، إلى غير ذلك من المسميات الموهمة الخادعة التي تخفي خلفها أباطيل المعتزلة الممزوجة بضلالات العلمانية والمذاهب الفكرية الغربية، ومن هؤلاء الدعاة سعد زغلول، وقاسم أمين، وطه حسن، وغير هؤلاء ممن جاءت على أيديهم الانتكاسة الفكرية والأخلاقية التي حلت في ربوع عالمنا الإسلامي في العصر الحديث.
    وقد رد العلماء على أصول المعتزلة وبينوا ما جاء بها من باطل وزيف، كما ردوا على باقي معتقداتهم التي خالفوا فيها أهل السنة، ومنها تقديمهم للعقل على النص الشرعي، وكان من أشهر من رد عليهم وفنَّد حججهم الإمام أبو الحسن الأشعرى الذي، والإمام أحمد بن حنبل الذي اكتوى بنار فتنتهم المتعلقة بخلق القرآن، كما رد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الماتع "درء تعارض العقل والنقل".
    ــــــــــ
    الهوامش:
    (1) الملل والنحل للشهرستاني: (1/48)- دار المعرفة- بيروت.
    (2) التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع لأبي الحسن الملطي: (1/36)- المكتبة الأزهرية للتراث- القاهرة.
    (3) سير أعلام النبلاء للذهبي: (5/464)-مؤسسة الرسالة- 1413هـ- بيروت.
    (4) ميزان الاعتدال للذهبي: (7/118)- دار الكتب العلمية- بيروت- 1995م.
    (5) سير أعلام النبلاء للذهبي: (5/464).
    (6) الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة: (1/64)- إشراف د: مانع الجهني- دار الندوة.
    (7) ينظر المرجع السابق، بتصرف.
    (8) شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي: (ص:589)- المكتب الإسلامي- بيروت- 1391هـ.
    (9) المرجع السابق، الصفحة نفسها.
    (10) الموسوعة الميسرة: (1/69).

    أبو عاصم أحمد بن سعيد بلحة.
    حسابي على الفيس:https://www.facebook.com/profile.php?id=100011072146761
    حسابي علي تويتر:
    https://twitter.com/abuasem_said80

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المشاركات
    11,596

    افتراضي

    هل صحت قصة ( اعتزلنا واصل ) عن الحسن البصري ؟
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
    أما بعد :


    فمن القصص المشهورة ، بل والمشهورة جداً قصة اعتزال واصل بن عطاء للحسن البصري بعد قوله بالمنزلة بين منزلتين ، وقول الحسن ( اعتزلنا واصل ) أو ( اعتزل عنا واصل )، وقد بلغ من شهرة هذه القصة أن بعض الأفاضل شرع يشرحها ويذكر فوائدها

    وقد من الله عز وجل علي بالشروع في جمع آثار الحسن البصري في الزهد والرقائق والأدب ، واقتضى ذلك مني النظر في عدد من تراجمه في الكتب المتقدمة ( خصوصاً المسند منها كالطبقات والحلية ) فلفت نظري أن هذه القصة لا وجود لها في مشاهير الكتب التي اعتنت بذكر أخبار الحسن البصري
    فقررت ان أبحثها بشكل مستقل ، فلم أجد بعد البحث الطويل هذه القصة مسندةً بل ولم أجدها في شيء من المصادر المعتمدة
    بل ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء أن الحسن هو الذي طرد واصلاً حيث قال (5/464) :" وهو وعمرو بن عبيد رأسا الاعتزال، طرده الحسن عن مجلسه لما قال: الفاسق لا مؤمن ولا كافر، فانضم إليه عمرو، واعتزلا حلقة الحسن، فسموا المعتزلة "
    وحتى هذا الخبر لم أجد له إسناداً ، والسبب في قلة أخبار واصل في كتب التراجم القديمة ، أنهم لم يكونوا يعتنون بمن لا رواية له وإنما يذكرون أهل البدع ويشردون بهم ، وأما عمرو بن عبيد لما كان له رواية قليلة كان أخباره أكثر وأشهر ، وهذا مسلك السلف في التراجم فلم يكونوا يعتنون بالترجمة للملوك والشعراء والمجان ، على عادة المتأخرين الذين يجمعون الكتب الكبيرة في التراجم يجمعون فيها تراجم الأولياء والأشقياء ، حتى أن بعضهم ترجم لجنكيز خان !
    ولا شك أن مسلك السلف هو المتعين ، إذ أن العمر القصير والتوسع في تراجم الشعراء والملوك وذكر محاسن أهل البدع ، لو سلمنا جوازه فهو ملهي عما هو خيرٌ منه من النظر في علوم الكتاب والسنة وسير الصالحين
    كيف وفي هذا المسلك ما فيه فإن تراجم الملوك والمجان والشعراء فيها كثيرٌ مما يجب كتمه ويعد ذكره من إشاعة الفاحشة ، وتعديد محاسن أهل البدع والتوسع في ذلك له مضاره التي لا تخفى
    وعوداً على بحثنا أقدم من رأيته ذكر القصة وبلا إسناد الشهرستاني
    حيث قال في الملل والنحل (1/52) :" دخل رجل على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة وهم وعيدية الخوارج، وجماعة يرجئون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم لا تضر مع الإيمان، بل العمل على مذهبهم ليس ركناً من الإيمان، فلا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟ ففكر الحسن في ذلك وقبل أن يجيب قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول أن صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثم قام واعتزل إلى إسطوانة من إسطوانات المسجد يقرر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعْتَزَلَنا واصل، فسمي هو وأصحابه المعتزلة".
    والقصة فيها نكارة فالمرجئة القائلون (فلا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأمة ) إن أراد بذلك أنه لا يضره مطلقاً لا في الدنيا ولا في الآخرة فهذا قول الغلاة من المرجئة وهؤلاء لم يدركهم الحسن ، وإن أراد ( لا يضر مع الإيمان معصية ) بمعنى لا ينقصه فهذا قول مرجئة الفقهاء وعامة المرجئة
    قد خولف الشهرستاني في سبب تلقيبهم بالمعتزلة
    فقال أبو الحسين الملطي المتوفى سنة 377 ه في " التنبيه والرد " وهو أقدم مصدر يبين وجه تلقيبهم بالمعتزلة: وهم سموا أنفسهم معتزلة، وذلك عندما بايع الحسن بن علي عليه السلام معاوية وسلم إليه الامر، اعتزلوا الحسن ومعاوية وجميع الناس - وكانوا من أصحاب علي - ولزموا منازلهم ومساجدهم، وقالوا: نشتغل بالعلم والعبادة، فسموا بذلك معتزلة"
    وهذا فيه نظر أيضاً فإن المعتزلة إنما ظهروا بعد انقراض عصر الصحابة
    ولعل قائلاً يقول : ما داعي هذا التشدد في خبر مروي في السيرة ، وقد كان من هدي العلماء التسامح في المقطوعات والسير
    فيقال : هذا التسامح لا يعني قبول قصة لا إسناد لها ، ثم تصير هذه القصة أشهر من الثابت وما فائدة كل تلك الأسانيد المذكورة في الكتب القديمة إذا كنا سنعامل المسند وغير المسند معاملةً واحدة ، وما فائدة علم الجرح والتعديل إذا كنا سنعامل الثقة والكذاب معاملةً واحدة
    هذا وأنا لا أجزم أن القصة لا إسناد لها لكن بحدود بحثي لم أجد لها إسناداً
    هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم


    أعده الأخ/أبو جعفر عبد الله الخليفي







الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •